شبكة ذي قار
عـاجـل










 المدخل :

علينا أن لا ننسى الألغام، التي زرعها المستعمر الصهيوني حولنا منذ أمد بعيد، ثم توسع في زرعها في أقطارنا، ثم باتت روائح بارودها تفوح بين مدننا وبين شعبنا وبين أسرنا، وربما في مخادعنا نحن أمة العرب .. والصهاينة يعزفون "دعوهم يقتلون بعضهم بعضًا" .. اليقظة الآن إلى أقصى الحدود.!!

- مقاربات جيو- سياسية في ضوء واقع التمدد الأيراني :

- ملامح الأستراتيجية الأمريكية لأدارة ( ترامب ) :

- سياسة محاربة الأرهاب .. المدخلات والمخرجات، في واقع التحولات؟ :

1- مقاربات جيو- سياسية :

إستراتيجية النظام الفارسي في التمدد الخارجي تتمثل في مقولة " علي خامنئي" .. ( نحن نقاتل الأرهاب في العراق وسوريا وفي أي مكان لكي لا نقاتله على أراضي الأمة الأيرانية ) .. وهي فرضية سياسية خطيرة تشكل العمود الفقري للأستراتيجية العسكرية الفارسية .. دعونا نحلل مضامينها :

- إن خط الدفاع لأي دولة لا يبدأ من خارج حدودها الأقليمية .. وإن أي مفهوم من هذا القبيل، يعني أن الدولة تتبنى ( المجال الحيوي ) في سياستها الخارجية .. وهذا المجال يقع في خارج حدودها المعترف بها قانونيًا وسياديًا .. ومن الصعب تقبله في القانون الدولي، لأي سبب أو ذرائع أو مقاصد تتعارض مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة .. وهنالك شواهد في التاريخ : لقد تبنى هتلر سياسة المجال الحيوي وأعتبر حدود ألمانيا الدفاعية تبدأ من خارجها .. وموسليني ونابليون بونابيرت كانا على هذه السياسة، وكذلك ( موشي دايان ) ، الذي قال " أن حدود إسرائيل حيث تقف الدبابة الأسرائيلية " .. الآن، نظام طهران يقول ( نحن نقاتل الأرهاب في العراق وسوريا وفي أي مكان لكي لا نقاتله على أراضي الأمة الأيرانية ) .!!

- إن الأمتدادات الدينية والمذهبية لا تعني ولا ترتب في القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة حقوقًا مكتسبة .. وإلا فأن دول العالم معظمها سيتمزق نظرًا لوجود أقليات دينية ومذهبية وإثنية تقطن فيها منذ مئات السنين، مثلا : في فرنسا، الآن أكثر من خمسة ملايين مسلم، وفي ألمانيا قرابة أربعة ملايين مسلم .. فهل يسوغ هذا الواقع للدول الأسلامية أو إحداها أن تدعي أو تعتبر أن وجود المسلمين على الأراضي الفرنسية والألمانية ( إمتدادًا ) لها ويخولها فرض نفوذها على الدولة الفرنسية والألمانية؟!

وما ينطبق على فرنسا وألمانيا ينطبق على بقية الدول ومنها على وجه التحديد أمريكا وإيران ومجتمعهما المتعدد الأجناس والأديان.!!

- أما الأقليات القومية والجماعات، التي تقطن في بلدان أخرى أو مجاورة منذ فترات زمنية متباعدة هاجرت إليها- بسبب الحروب أو بسبب الكوارث الطبيعية- فهي الأخرى لا يرتب وضعها وصاية تسوغ التدخل والتمدد تحت أغطية عنصرية بما يخرق سيادة الدولة وإستقلالها الوطني، أو أي أشكال من شأنها أن تعرض وحدة التراب الوطني إلى الخطر- وإن الأتفاقيات الثنائية بين دولتين تعد محرمة وباطلة، إذا كانت تستهدف مثل هذا التدخل، كما يحصل الآن بين النظام الفارسي ونظام دمشق- كما أنه من الصعب إعتبار فعل الوصاية من هذا النوع مكفولاً من لدن القانون الدولي، حتى لو جاء في صيغة إتفاق ثنائي بين دولتين، لباتت دول العالم في معظمها تعلن وصايتها وتمارس التدخل بغطاء الدين والمذهب والعرق عن طريق القوة .. عندها تعج الفوضى ويختل الأمن الأقليمي والدولي ويتزعزع الأستقرار في العالم .. فيما ينتهي فعل القانون الدولي وتتسيد عليه القوانين التي تشرعها النخب الحاكمة .. فأمريكا على سبيل المثال : يتشكل مجتمعها من خليط كبير من الأعراق والأديان، فهل يسوغ واقعها الراهن لدولها الأم ، أوربا وأفريقيا وآسيا والهند الصينية والأقطار العربية وغيرها من مناطق العالم وصايتها عليها وتسمح بتدخلها والتمدد بالضد من حدود سيادتها الأقليمية بدعوى حماية العرق أو الدين أو المذهب؟!

مفهوم المجال الحيوي يصطدم بالعرف كما يصطدم بالقانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة في إطار النظام الدولي :

- هنالك، قانون دولي وهناك نظام دولي .. لا نظام دولي بدون قانون دولي .. هذا ما أجمعت عليه دول العالم من أجل تنظيم العلاقات الدولية، منذ تأسيس عصبة الأمم ومنظمة الأمم المتحدة.

- القانون الدولي غاب منذ أن سقط الأتحاد السوفياتي، وبغيابه أختل النظام الدولي ولم يعد قادرًا على ضبط حركة العلاقات الدولية في إطار هذا النظام- رغم أن النظام الدولي في ظل القطبية الثنائية لم يكن مثاليًا - .

- النظام الدولي الأحادي تعمد الأستفراد في قرارات الحرب والسلم الدوليين .. فأجهض مطالبات الدول والشعوب بحقوقها المشروعة .. الأمر الذي جعل صانع القرار في هذا النظام منحازًا لمصالحه أكثر أحكام النظام ولا يعير لضرورة إحياء القانون الدولي وقواعده النافذة ومبادئ ميثاق المتحدة أي إهتمام .

- إن نظام القطبية الأحادية، مهما استفرد لن ينجح، لأن إستفراده مؤسس بالضد من إرادة الشعوب وإرادة الأقطاب الدولية الأخرى .. والنجاح أيضًا لا يكمن في القطبية الثنائية .. أما القطبية المتعددة فهي كفيلة نسبيًا بإحلال الأمن والسلم الدوليين ومنع الحروب والتهديد بأستخدامها .

- نظام القطبية الأحادية حطم التوازن الدولي بوحشية في مناطق معينة من العالم، ومنها على وجه التحديد، منطقة الشرق الأوسط التي هي قلب العالم جيو- ستراتيجيًا .

- الأختلال في التوازن الدولي ثم الأقليمي قد استولد إنهيارات في توازنات القوى وتوازنات المصالح، اللتين أديتا إلى إضطرابات، كما نتج عنهما ( فراغات ) أمن في ساحات إقليمية تمتد بأختلاف شدتها من أقصى العمق الآسيوي إلى العمق العربي فالأفريقي، حتى أضطرب العالم كله .. حيث جاءت هذه الفراغات نتيجة لتدمير عناصر القوة في مركز التوازن، العراق.

- الدول الأقليمية، في ظل هذا الزلزال باتت متحفزة في صيغة ( دفاع ) وفي صيغة ( هجوم ) ، والغريب في الأمر، أن أختلطت مفاهيم الدفاع بمفاهيم الهجوم لدى الكثيرين، تحت تفسيرات وذرائع مختلفة .. بيد أن الحالة من الناحية التحليلية لا تعدو ان تكون غير تغليف لدوافع سياسية خارجية للدولة الأقليمية وهي تطبق إستراتيجيتها .. هذه الدوافع لا تستمر في تعاطيها مع الموقف ولا مع معطياته، لأن محفزات ردود الأفعال لا تسمح بذلك، وخاصة مساعي الوصول إلى الأهداف المرسومة سلفًا .

- تركيا دولة اقليمية كبيرة، قادرة على الفعل الأستراتيجي بسبب عمقها ( الغربي- الأطلسي ) ، فضلاً عن إمتلاكها قدرات وامكانات لآعب اقليمي، كما إنها تمتلك عناصر الحركة في محيطها وبيئتها الآسيوية والشرق أوسطية، ولا تسمح بالأختلالات المتعمدة في توازنات القوى في المنطقة وخاصة التي تمس أمنها القومي وخطوط عمقها الأستراتيجي الذي حددته السياسة الخارجية التركية، ليس على أساس التمدد، ولكن دون إغفال دوافع ( العثمنة ) الخارجية.!!

- إيران دولة إقليمية كبيرة لا تمتلك القدرات على الفعل الأستراتيجي .. فأن منهجها الخارجي يختبئ خلف قوى خارجية ( أمريكا ) و ( روسيا ) وربما في ما بعد ( الصين ) لبلوغ أهدافها، حيث توافقت مع أمريكا منذ عام 1979 بمجيء خميني على إحتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني، ولولا أمريكا لما استطاعت إيران الوصول إلى العراق .. وتوافقت مع ( روسيا ) من أجل بلوغها الأراضي السورية عبر العراق ومحاولاتها تثبيت موضع قدم على سواحل المتوسط .. إذن ، إيران لا تمتلك قدرات الفعل الأستراتيجي إلا من خلال قوى كبرى أو عظمى خارجية تشكل رأس الرمح في الفعل العسكري والأستراتيجي .. بسبب كون الواقع الأيراني، الأجتماعي السوسيولوجي والأقتصادي والبنيوي هش وقابل للتفكك .. والنظام الفارسي يشعل الحروب الخارجية من أجل شد الداخل الأيراني .. وهو سلاح ذو حدين.!!

- الأهداف التي ترسمها الدول ينبغي أن تكون ممكنة وتتناسب مع القدرات والأمكانات، وخلاف ذلك هو الفشل .. كما أن تبرير وصول الدولة إلى أهدافها يشترط أن تكون الأهداف ( واضحة وممكنة ومعقولة ) في ضوء واقع الدولة ذاتها والعلاقات الدولية والنظام الدولي القائم على مبدأ المساواة في السيادة، بغض النظر عن حجم الدولة وقوتها.

- إن طموح الدول لا يبنى على اساس عدم ملائمة ( الأهداف مع الوسائل ) ، فالوسائل المشروعة ينبغي أن تتلائم مع الأهداف المشروعة للدولة لكي تتتمكن من مجال تنمية المصالح المتبادلة والمشتركة مع غيرها من الدول على وفق مبدأ المعاملة بالمثل ( Reciprocity ) .. فأذا كانت الأهداف والوسائل تتعارض وتتصادم مع بعضها وغيرها، فهذا يعني فشلاً وإرتدادًا وتأزمًا، ليس فقط للدولة المعنية بهذه السياسة، إنما حيال الدول الآخرى، لأن أي دولة لا تعيش لوحدها إنما مع غيرها ويجب أن يكون التعايش سلميًا لكي تتمكن الدولة وغيرها من إرساء دعائم الأمن والأستقرار والتنمية .

- فالأتراك ليسوا وحدهم في ساحة تتزاحم فيها وتتشابك مصالح العالم، كما الأيرانيون، فأن أي دولة اقليمية تضخم طموحاتها على اساس الواقع وحساباته وقواه وامكاناته وقدراته، فأن طموحاتها ستصطدم بواقع يظهر لها خارج حساباتها ولن تصل إلى نتيجة .. دعونا نؤشر هشاشة طموحات إيران المبنية ليس على قداراتها وإمكاناتها الذاتية :

أولاً- إيران تستنزف خزينة العراق من أجل توظيفها لأغراض نشاطاتها العسكرية والأستخباراتية .. وهذا يعني أن قدراتها المالية ضعيفة.

ثانيًا- إيران تجند جيوش مليشياوية من غير الفرس ( أفغانيين وباكستانيين وعراقيين وغيرهم على أساس المذهب ) لأغراض سياستها الخارجية التوسعية. وهذا يعني أن النظام في طهران يتحاشى أن يزج بجيوشه الرسمية والنظامي عدا المستشارين العسكريين والحرس وعناصر إستخباراته، وذلك خوفًا من إنفجارات الشعوب الأيرانية حين تصلها مئات جثث قتلاها بتوابيت تلفها الأعلام الفارسية.!!

ثالثًا- إيران تجند أذرعها المليشياوية المسلحة في جنوب لبنان ( حزب الله ) ، ومليشيات أحزابها في العراق ( الحشد الشعوبي ) ، وقوات نظام دمشق الطائفية، ومليشيات الحوثيين في اليمن، وكافة تنظيمات المؤسستين الدينية- المذهبية والأستخباراتية الفارسية في الخارج.

رابعًا- إيران توظف سفارات العراق لأغراض إستخبارية وتحريك واقع العلاقات الخاصة تحت غطاء تلك السفارات والقنصليات والملحقيات التجارية والثقافية والدينية .. والمعنى في هذا السلوك : إن إيران تتحاشى أن توظف إمكاناتها الذاتية بصورة مباشرة أهداف سياستها الخارجية، بما فيها تأمين التغطية على أفعال إرهاب الدولة الأيرانية في الخارج.!!

- في ضوء حقائق التاريخ والجغرافيا نجد أن مشاريع الدول الكبرى والعظمى والأقليمية، وفي مقدمتها ( المشروع الفارسي والأسرائيلي والتركي والأمريكي ) الموجهة نحو المنطقة العربية منذ أمد بعيد يأخذ تنفيذها مراحل تتأسس على عقود كمشروع ( مقررات مؤتمر قم الذي رسم خمسة عقود لتنفيذه .. فيما رسمت الصهيونية، مقررات حكماء صهيون، لمشروعها منذ قرون وحسب متطلبات التنفيذ للوصول إلى أهداف المشروع المرسومة ) ، هذان المشروعان يلتقيان عند هدف مشترك إضعاف المنطقة وتفكيكها والهيمنة عليها وإلغاء هويتها ونهب ثرواتها .. ولكن مثل هذه المشاريع الأستعمارية واجهتها إرتدادات مقاومة عنيفة لم تحقق لها نجاحات تذكر، سوى تعطيل دور الأمة العربية في تجميع عناصر قوتها ووحدتها وتنميتها الأقتصادية والبشرية والحضارية .. هذه الأرتدادات ستستمر في المقاومة وستضرب في عمق المشروع الفارسي المتراجع والصهيوني الغربي الخائر، كلما تصاعدت حدة التحديات.!!

- ملامح الأستراتيجية الأمريكية لأدارة ترامب :

- محاربة الأرهاب .. المدخلات والمخرجات في عالم يتحول :

يتبـــــــــــــع ....





الثلاثاء ٢٥ رمضــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / حـزيران / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة