شبكة ذي قار
عـاجـل










الإنسان والقائد القومي ينظر إلى خارطة الأمة كلاً لا يتجزأ. وإذا دقق في التفاصيل فإنه يستحضر ثقل الفعل القومي وحضوره وممكنات الارتقاء به وسبل توظيف الثقل أينما حضر لتقديم العون وفرش الأرضيات ان كانت مفقودة أو مغيبة فقط دون أن يخل بالتقييم العام.

إذا أردنا أن نجري مسحاً للمهام القومية فإننا سنواجه فوراً بمهمة وحدة الأمة في كل معانيها وقوائم ارتكازها وبناها التحتية والفوقية. ووحدة الأمة تعني تكاملها العضوي والحياتي بكل التصريفات المعروفة. والوحدة تتطلب تحرير الأرض العربية المحتلة :

الجولان .. على القوميون أن يستحضروا دائمًا تاريخ احتلالها ومعه سؤال ثابت: لم لم تحرر رغم انها تقع ضمن الجغرافية العربية التي يحكمها نظام يدعي المقاومة ويوظف العديد من رجال القومية ومنظريها.؟

الأحواز العربية التي احتلتها إيران لأهميتها الأستراتيجية وثرواتها قبل ان تحتل الصهيونية فلسطين بما يقارب قرنين من الزمان ولا زالت عربية وأهلها عرب وأرضها عربية تتفجر غيضاً وكمداً وقهر ومقاومة باسلة.

جزر الإمارات الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبي موسى التي تحتلها إيران أيضًا.

لواء الاسكندرونة : وهنا أيضًا يجب أن يكون الرجل والقائد القومي صريحاً واضحاً في تحديد الزمن الذي ضاعت فيه هوية هذا الجزء من الأمة.
سبتة ومليلة.

فلسطين : اغتصبتها الصهيونية العالمية تماماً كما اغتصبت إيران الأحواز والجزر الثلاث.
العراق : تحتله أميركا وبريطانيا وإيران والكيان الصهيوني منذ عام ٢٠٠٣م.

كل هذه الأرض عربية ولا يمكننا الحديث عن قومية عربية ووحدة قومية إلا ان نضعها كلها كأهداف للتحرير فهدف الوحدة ليس هدفاً آلياً ميكانيكياً يقصد به جمع الأجزاء بل هو هدف أخلاقي وروحي وديني واجتماعي وسياسي واقتصادي يناضل الأحرار من أجله لكي يعز الإنسان العربي و تعاد له كرامته وهيبته ولكي تصبح الأمة في مسارها ومكانها ودورها السليم والمحمود بين دول العالم. هذا يعني ان الوحدة في جوهرها مصممه للإنسان وليس للأرض فقط ولا يجوز للقائد أو المفكر القومي أن يكرس رؤاه وجهده لسوريا دون مصر ولا للجزائر دون عمان ولا لليمن دون العراق. النظرية القومية السليمة هي التي تعنى بالإنسان العربي وتسقط الهوية السايكس بيكوية.

وإذا دخلنا على هدف آخر من الأهداف القومية التي لا يجوز التفريط بها أو عزلها عن سواها تحت أي ظرف كان ألا وهو أمن الإنسان العربي.

أمن الإنسان العربي يقصد به سلامة الإنسان العربي والحضور الدائم لقيمته كثروة قومية وحقوقه المختلفة في التعليم والصحة والحياة الكريمة. والقائد القومي لا ينظر في تفاصيل الحياة والخيارات الشخصية لمن يؤدي واجبات الخدمة القومية لهم. فالقائد لا يعنيه دين الإنسان العربي لأن الدين خيار شخصي في حين ان الانتماء القومي جيني وراثي وطبعاً لا يعنيه مذهبه ولا طائفته ولا يعنيه أيضًا عرقه فأبناء الأمة العربية من بينهم بشر ينتمون إلى الشراكة القومية في الأرض والتاريخ والمقدرات والثقافة والإرث والموروث الحضاري غير انهم ينتمون إلى أعراق ليست عربية. والقائد القومي لا يمييز أبناء الأمة على أسس طبقية ولا عشائرية. مسؤولية القادة القوميون شاملة في بندها الاجتماعي كما هي شاملة في بندها السياسي.

لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يوصف فرد أو حزب أو منظمة أو مؤتمر بالسمة القومية وهو يسقط من واجب التحرير أياً من الأرض العربية المحتلة والمغتصبة. لا يجوز للقوميين مناقشة تحرير فلسطين كحق وواجب ويسقطون لأسباب مزاجية أو سياسية أو غيرها تحرير العراق مثلاً. والعراق بالذات له هنا أولوية وأرجحية للأسباب الموضوعية الآتية :

أولاً : لان غزو العراق واحتلاله قد تم بآليات دولية مختلفة عن احتلال كل الأرض العربية. الاحتلال هنا فيه تمويه وخداع ومناورات معززة بقوة القهر.

ثانياً : لأن الدول التي غزت العراق قد شاركت بدرجات متفاوتة في تمثيل نفسها بوسائل مباشرة أو غير مباشرة وتم توزيع العراق بينها كل حسب أهمية وخطورة الدور الذي لعبه ويلعبه في ترتيبات الغزو وما تبعها. فالصهيونية وقواها المخابراتية والاستخبارية لها حصة الأسد رغم انها ليست ظاهرة كثيراً في المشهد الحكومي أو البرلماني الذي صنعه الاحتلال واعتمدت آليات الإعلان التدريجي عن نفسها وصولاً إلى جعل العراق الآن ساحة معلنه للنشاط الماسوني الصهيوني. تلي الأدوات الصهيونية في احتلال العراق الأداة الفارسية لدولة الولي الفقيه التي تتستر وتنفذ عبر ادعاء التمثيل لمذهب من مذاهب العرب المسلمين وتعمل على السيادة على العرب وأرضهم ومقدراتهم من خلال سيادة مزعومة على هذا المذهب. إيران تستخدم سلطتها المذهبية المزعومة للسيطرة على الأرض العربية تماماً كما تدعي الصهيونية حقها التاريخي المزعوم في فلسطين ووصولاً لما بين النيل والفرات. ولبريطانيا حضور طبعاً في احتلال العراق.

ثالثاً : الخصوصية الأخرى التي تضع العراق في موضع الأرجحية القومية للتحرير هو الخديعة الكبرى التي مارستها الدول الغازية للعراق حيث نصبت كسلطة مدنية للاحتلال قوى وأحزاب وأشخاص يوصفون بأنهم ( عراقيون ) وهم في جوهرهم إما من أصول فارسية ومنظمون ( عقائدياً ) في جيوش وميليشيات إيرانية وتقودها إيران. وآخرون هم ( وكلاء ) للمخابرات الأجنبية. وهنا مكمن من مكامن الخطورة الكبيرة حيث ان الاحتلال الإيراني مخاتل ولا يعلن عن كينونته وصيرورته الكاملة.

رابعاً : عمدت دول الغزو إلى إجراء انتخابات صورية ومزورة ومحسومة النتائج سلفاً في العراق المحتل وهي خديعة خطيرة تكاد تنطلي على الكثير من العراقيين ومعظم العرب وكل الدول التي دعمت الغزو وساهمت ولا زالت تساهم في تكريس نتائجه الكارثية في العراق. ان تستر الاحتلال خلف اليافطة الديمقراطية هو منهجية احتلالية جديدة هي الأخرى ويراد لها ان تتماهى وتتناظر مع ( الديمقراطية الصهيونية المزعومة التي يتعالى بها المغتصبون على العرب ).

خامساً : ميزة أخرى من ميزات احتلال العراق هي إدامة الفوضى والاضطرابات والفساد عبر الإرهاب وقوى الإرهاب المختلفة والفتن الطائفية والعرقية والمحاصصات، الأمر الذي يجعل العراق عرضة للتشظي وضياع الهوية القومية العربية بل وحتى ضياع الدين والقيم والمنظومات الأخلاقية. ونزعم متيقنين ان الخراب والاقتتال الأهلي الذي غرسته آلات وأدوات الاحتلال في العراق سيزداد إذا أقدم الاحتلال على تقسيم العراق على عكس ما يروج له الإقليميون الفيدراليون ومن يساندهم.

وإذا كان بعض ( الأخوة القوميون ) لا يعولون على تقييمنا لحال العراق بحكم كوننا معارضين ومقاومين للاحتلال وعمليته السياسية المجرمة فإننا نحيلهم إلى بعض ( رموز ) الاحتلال الناشطين في عمليته السياسية ومنهم مثلاً أياد علاوي وغيره الذين يعلنون يومياً تقريباً ان القرار في العراق تصدره إيران.

إذن :
رسالتنا مجدداً .. لا قومية تدافع عن جزء من الهوية والوجود القومي بل ان القومية ورجالها تقع عليهم مسؤولية شاملة للوطن العربي بكل جغرافيته وبكل بشره. فليغادر المجزئون المشهد القومي الذي يحاولون تشويهه بتشظية الوطن والأمة والإنسان. لا قومية ولا نظرية قومية ولا فعاليات قومية إلا التي تشمل كل الأمة وإلا فإننا نقولها كقوميين عرب بلا عناوين طنانة ورنانة ان من يهمل العراق ويدير ظهره ويغض طرفه عن حقيقة العراق المحتل ليس قومي. وليس قومي ولا جاد ولا صادق في ادعاءات تحرير فلسطين من لا يجييش العرب لتحرير العراق أولاً.

العرب كلهم يدركون الآن ان لا أرض عربية ستحرر بدون عودة العراق حراً سيداً عربياً.
  





الخميس ٢٢ شعبــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / أيــار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة