شبكة ذي قار
عـاجـل










في واحدة من أروع المشهديات العربية التي غابت عن اللبنانيين وأبناء طرابلس منهم بشكل خاص، لسنين طويلة جداً، شهدت مدينة طرابلس في الفترة الواقعة ما بين الأول والسادس من شهر أيار لهذا العام أسبوع الدعم لفلسطين، القضية المركزية الأولى لأمة العرب، من خلال الانتصار لثورة الأسرى الفلسطينيين على السجانين الصهاينة واعتمادهم الإضراب عن الطعام كوسيلة نضالية مبتكرة تدفع المحتل الغاصب إلى تحسين ظروف اعتقالهم على الأقل في المعركة التي توافق الجميع على تسميتها بـ "الامعاء الخاوية".

وكان أسبوع الدعم لفلسطين وأسراها، قد تقرر قبل إقامته بيومين أثر المبادرة التي أطلقها نائب الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي المناضل الدكتور عبد المجيد الرافعي، فالتقت في دارته بطرابلس أكثر من سبعين ممثلة وممثلاً لأحزاب ومنظمات وفصائل لبنانية وفلسطينية وأعضاء مجالس بلدية ومخاتير وشخصيات وناشطين في المجتمع المدني في طرابلس والشمال توافقوا على توحيد الرؤية المعبرة عن التضامن مع فلسطين وقضيتها كبوصلة للنضال العربي الراهن، والدعم والمؤازرة للأسرى الفلسطينيين داخل معتقلات العدو الصهيوني وهم يخوضون معركة لإمعاء الخاوية في مواجهة الغطرسة الصهيونية وجبروتها.

وقد خلص المجتمعون إلى تشكيل لجنة متابعة لتنفيذ المقترحات والتوصيات التي تم مناقشتها عبر أكثر من ثلاث وعشرين مداخلة حول ما تقدم،
لتعقد هذه اللجنة اجتماعها في اليوم التالي في مركز منظمة كفاح الطلبة بطرابلس وتبدأ بسلسلة من الحراك الميداني تحت مسمى ( لقاء طرابلس التضامني مع فلسطين والأسرى ) عبر إطلاق أسبوع التضامن مع القضية الفلسطينية التي هي قضية كل العرب والأحرار وقبلة المؤمنين ومهد سيدنا عيسى ومسرى رسول الله محمد عليهما السلام، ولأن الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام هم المعبرين في تحركهم عن نبض الأمة في المقاومة والجهاد، دفاعاً عن الحقوق والأرض والمقدسات، حيث أن الواجب القومي والنضالي يفرض على كل المؤمنين به أن يكونوا كالجسد الواحد في معركة المصير والدم العربي الواحد، كما جاء في البيان الأول الصادر عن اللقاء.

ولأجل ذلك، نُصبت في ساحة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر في محلة التل بطرابلس خيمة الاعتصام التي تم افتتاحها عصر يوم الاثنين 1/5 بمشاركة شبه جماعية لبنانياً وفلسطينياً، ليتحدث بداية ويقدم الخطباء منسق حركة شباب لبنان المحامي رامي إشراقية الذي اعتبر أن إضراب الأسرى في فلسطين هو إضرابنا، وجوعهم جوعنا، ووجعهم وجعنا وقضيتهم قضيتنا، وبأمثالهم من المناضلين بإمعاء خاوية وصدور عارية تبقى قضية فلسطين قضية العرب الأولى،
ليُعطى الكلام إلى ممثل حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي عضو القيادة القطرية الأستاذ رضوان ياسين الذي اعتبر أن معركة الصمود في الإمعاء الخاوية، وصرخات النساء المدافعات بأجسادهن عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كانت الصوت الذي قطع الصمت الدولي وشق الصمت العربي.

ثم كانت كلمة حركة التحرر الوطني الفلسطيني (فتح) في الشمال التي ألقاها الأخ مصطفى أبو حرب مسؤول الإعلام الذي دعا إلى أوسع تضامن عربي ودولي مع الأسرى الأحرار ولاستعادة وحدة الصف الفلسطيني فذلك يعيد القضية إلى موقعها الطبيعي في صدارة النضال العربي ويساعد في تحقيق وحدة الضفة وغزة.
وكانت كلمة الختام للمحامي عبد الناصر المصري مسؤول المؤتمر الشعبي اللبناني في الشمال الذي أكد ان قضيتنا اليوم مع فلسطين وأسراها هي فعل إيمان بأهمية وجدوى خبار المقاومة والجهاد، فمع الأعداء الصهاينة لا سبيل سوى المواجهة ولا لغة تعلو على لغة القوة.

... برقية من الدكتور الرافعي :
وقبل أن يتم الإعلان عن البرنامج اليومي لأسبوع التضامن والتوقيع على العريضة التضامنية، ألقى الأستاذ رضوان ياسين على الحضور البرقية المرسلة من الدكتور عبد المجيد الرافعي التي حيا فيها جهود المشاركين لدعم الأسرى الأبطال العاملين على انتزاع مطالبهم من العدو الصهيوني، وليحث فيها المعتصمين على إرسال البرقيات إلى الأحزاب العربية والجامعة العربية لتأخذ دورها في دعم هذه القضية الوطنية القومية الإنسانية الكبرى.

وباستمرار فعاليات أيام الأسبوع الأخرى التي تلت افتتاح اللقاء التضامني الواسع تُرك المجال لكل الأطراف المشاركة من فصائل وتنظيمات وجمعيات لبنانية وفلسطينية يوم الثلاثاء للكلام والتعبير عن تضامنها ومواقفها، ليستكمل يوم الاربعاء باعتصام حاشد أمام مقر الصليب الأحمر الدولي في طرابلس صباحاً تكلم فيه عضو مجلس بلدية طرابلس الأستاذ محمد تامر والمحامي عبد الناصر المصري ومسؤول حركة فتح أبو جهاد فياض والمسؤول الدوري للفصائل في مخيم البداوي أبو عدنان عودة، ثم إلى اللقاء الشعري في المساء الذي أحياه الشعراء سعد الدين شلق، شحادة الخطيب، لينا السحمراني وهشام يعقوب وأسماء قلادون وليتبع ذلك في اليوم التالي لقاء شعري آخر لشعراء شباب نظمته السيدة علياء محفوظ تكلم فيه شاعر الميناء الشعبي مصطفى غنوم والشعراء محمد الحسن، رنا رسلان، حسن العلي، محمد حبلص، إيمان عثمان، محمد العلي، أحمد خلوف، والطفلة سيدرا التي الهبت مشاعر الحضور بكلماتها ونبراتها وحماستها، وليستكمل النشاط يوم الجمعة بأنشطة مميزة للجمعيات الكشفية وفرقة الوعد الانشادية، إلى اللقاء الشعري الآخر للشعراء الشباب عادل حيدر، فؤاد البنا، ثائر العبار، رياض ملحم وأية ناصر إضافة إلى براعم من الفتية الذين القوا على الحضور من الحماسة والعنفوان ما يؤكد أن عروبتنا بخير وأن أمتنا ولاّدة لا محال، وأن فلسطين باقية في القلب والوجدان إلى الأبد، وقد تجلى كل ذلك في الوقفات التضامنية الأخرى التي عمت الجامعة اللبنانية في طرابلس والمدارس والثانويات والمهنيات فيها وانتقال النشاطات إلى الأقضية الأخرى التي كان لها النصيب الوافر من المشاركة.

الوقفة النسائية :
ومن الجدير ذكره في هذا المجال هو الوقفة التضامنية المميزة لجمعيات نسائية فلسطينية ولبنانية شاركت في الاعتصام بحضور وفود من جمعية التضامن الفرنسي والاتحاد العمالي العام حيث كانت قصيدة معبِّرة لشاعرة الأسرى أسماء قلاوون، وكلمات لكل من خديجة تليس باسم الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني، ونعمت الحاج باسم تجمع المرأة اللبنانية ونوال الحسن باسم قطاع المرأة في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسين وصفاء نابلسي باسم ناشطو اللواء أشرف ريفي، وآمال الحلو باسم مكتب المرأة في حركة فتح والإعلامية ليلى تيشوري، ووفاء شتلي عن لجان المرأة الشعبية الفلسطينية وبهية الحسن باسم المنتدى القومي العربي وعبير العدس عن مؤسسات المؤتمر الشعبي اللبناني،
وشددت الكلمات التي تولت التعريف عن أصحابها الناشطة السيدة ناريمان الشمعة، على ضرورة تفعيل التحركات المتضامنة مع الأسرى الأبطال لرفع الظلم عنهم ومحاكمة العدو الصهيوني على جرائمه المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.

حضور ميداني لقيادات لبنانية وفلسطينية :
هذا وشهدت خيمة الاعتصام خلال أيام إطلاقها سلسلة من الزيارات لقيادات حزبية لبنانية وفلسطينية كانت أبرزها الزيارة التي قام بها وفد القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي الذي تكلم باسمه نائب رئيس الحزب المحامي حسن بيان ناقلاً إلى المعتصمين تحيات المناضل الدكتور عبد المجيد الرافعي الذي يعيش فلسطين وقضيتها بكل جوارحه وأخذ زمام المبادرة لإطلاق هذه الحملة التضامنية المباركة مع الأسرى الأبطال الذين يواجهون الاحتلال الصهيوني وغطرسته بإمعائهم الخاوية.

وأكد المحامي بيان أن فلسطين التي استشهد القائد صدام حسين وهو يقول عاشت فلسطين عاشت الأمة العربية قبل أن يردد الشهادتين، ستبقى في ضمير ووجدان البعثيين حتى تحريرها من رجس المحتل الغاصب وتعود إلى حضن الأمة حرة مستقلة، وأن المطلوب من الأخوة الفلسطينيين اليوم الوحدة ثم الوحدة من أجل توحيد الموقف الفلسطيني والبندقية الفلسطينية المتجهة نحو التحرير والنصر المؤزر.

كما زار خيمة الاعتصام الأسير الفلسطيني المحرر صلاح الدين العواودة الذي خرج للحرية في صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، كما شارك المحامي المتخصص في ملاحقة العدو الصهيوني أمام المحاكم الدولية زياد تبال وهو من جنوب افريقيا.

وألقى الأسير المحرر العواددة كلمة وجه فيها التحية لأبناء طرابلس لأن هذه الوقفة التضامنية تشكل دعماً مهماً للأسرى الصامدين الذين يمثلون عنوان الحرية والكرامة، وعرض لمعاناة الأسرى في سجون العدو الصهيوني الذين خاضوا العديد من الاضرابات عن الطعام وسقط منهم الشهداء وأصيبوا بالأمراض وضُربوا وعُذبوا.

كما ألقى المحامي الجنوب افريقي تبال كلمة اعتبر فيها أن العدو الصهيوني يمارس الجرائم البشعة بحق الأسرى وكل الشعب الفلسطيني وهذا العدو هو كيان عنصري إرهابي.

كما كانت كلمة لمسؤول الشؤون الدينية في المؤتمر الشعبي اللبناني الدكتور أسعد السحمراني استلهم فيها معاني الجهاد والصمود البطولي التي يجب أن نتعلمها جميعاً من صمود الأسرى.

ومن زوار الخيمة، الأخ أبو جهاد فياض أمين سر الفصائل الفلسطينية في الشمال مسؤول حركة فتح، الذي شكر الدكتور عبد المجيد الرافعي على مبادرته تجاه الأسرى في فلسطين وشكر طرابلس الوفية لعروبتها وهذا ليس غريباً عليها وعلى تاريخها النضالي المشرق.

كما كانت للسيد أحمد الأسدي مسؤول ملف الأسرى في حركة حماس كلمة في الاعتصام شكر فيها أبناء طرابلس على احتضانهم هذه المبادرة القومية الرائعة المعبرة عن التلاحم اللبناني الفلسطيني.

كما ألقى ممثل حركة الجهاد الإسلامي في الشمال أبو لواء موعد كلمة حيا فيها أبناء طرابلس على وقفتهم التضامنية وقال أن الأسرى قدموا زهرة أعمارهم وحرياتهم واليوم يقدمون أرواحهم من أجل حريتنا وكرامتنا.

وتكلم أيضاً مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الشمال الأخ أحمد غنومي مثنياً على كلمات رفاقه في الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية.

هذا وكان قد تكلم في اللقاءات المتتالية التي شهدتها خيمة الاعتصام كل من أمين صندوق الاتحاد الوطني للعمال والمستخدمين في الشمال النقيب شادي السيد الذي حضر على رأس وفد من الاتحاد والسيد درويش مراد مسؤول التنظيم القومي الناصري، والسيد بسام مرحبا باسم اللجان والروابط الشعبية والأخ أبو رامي خطار من اللجنة الشعبية الفلسطينية في مخيم البداوي والسيد طلال ندا الذي ألقى كلمة جمعية شباب العزم، والسيد علي صبحة باسم شباب اللواء أشرف ريفي، والأخ عمر المصري عن اتحاد الشباب الوطني، إلى السيد فؤاد رنو باسم الكشاف الفلسطيني ورئيس رابطة المخاتير القدامى السيد ربيع مراد والطالب طلال العتري عن ثانوية مواهب اسطى الرسمية والسيد بسام مراد عن الحملة الأهلية لدعم فلسطين وقضايا الأمة إلى غيرهم من الذين شاركوا وتكلموا ومنهم من أعلن الإضراب عن الطعام والاكتفاء بالماء والملح لثلاثة أيام كمبادرة تضامنية إنسانية مع الأسرى.

أضف إلى كل ما تقدم، التعميم الذي أصدره سماحة مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار على خطباء الجمعة يحثهم فيه على ضرورة توحيد خطب الجمعة دعماً لقضية فلسطين والأسرى المضربين عن الطعام، الأمر الذي دفع وفداً من أعضاء اللقاء التضامني إلى زيارة المفتي لشكره على هذا الموقف.

الرافعي يستقبل وفد الحملة الدولية للدفاع عن الأسرى
وكان الدكتور عبد المجيد الرافعي قد استقبل في منزله بطرابلس وفد الحملة الدولية للدفاع عن الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني والذي ضم الأستاذ فهد الحسين المنسق العام للحملة والأستاذ محمد أبو شقرا مسؤول العلاقات العامة والشيخ محمد الحج أمين عام هيئة علماء فلسطين في الخارج كما ضم الوفد الأسير الفلسطيني المحرر صلاح الدين العواودة الذي تحدث عن معاناة الأسرى داخل سجون الصهاينة ومقارعتهم لصنوف التعذيب النفسي والجسدي، وقد أعرب الوفد عن عظيم مودته وسروره للمبادرة التي أطلقها الدكتور الرافعي بمشاركة قوى وفعاليات المدينة في أسبوع التضامن، وقد أعرب الرافعي بدوره عن استعداده لبذل كل جهد يساعد على جعل قضية الأسرى في سجون الاحتلال في منزلتها التي تستحق شاكراً للوفد زيارته ولرمزية الهدية التي قدمها له والتي تمثلت بلوحة فنية لخارطة فلسطين.

.... ويستقبل أيضاً أعضاء لجنة المتابعة للقاء :
وفي اليوم الأخير للاعتصام، استقبل الدكتور الرافعي أعضاء لجنة المتابعة للقاء طرابلس التضامني مع فلسطين والأسرى الذي حياه على إطلاقه أسبوع التضامن مع أسرى فلسطين الأبطال الذين يواجهون الصهاينة بإمعائهم الخاوية ومواقفهم النضالية الصلبة التي عجزت الأنظمة عن تحقيقها فكان الإضراب عن الطعام أكبر صفعة في وجه هذه الأنظمة المتخاذلة المنبطحة أمام الكيان الصهيوني الذي يًمعن في قضم الأراضي الفلسطينية وتهويدها كمقدمة لإنهاء القضية الفلسطينية ومنع حق العودة لأبنائها.

بدوره شكر الرافعي الوفد على الجهود الخيرة التي بُذلت في سبيل إنجاح أسبوع التضامن حيث فاق النجاح اللافت الذي تم تحقيقه كل التوقعات، ليس بمشاركة أبناء المدينة وحسب، وإنما أيضاً في انتقال أسبوع التضامن إلى الجامعات والثانويات والمدارس والمهنيات وتوسع التحرك التضامني إلى باقي أقضية الشمال، وهذا ما يؤكد أن قضية فلسطين لم تزل حية تنبض في قلوب ووجدان اللبنانيين بالرغم من كل محاولات التيئيس والتشويه التي لا تنفك قوى الشر الأميركي الصهيوني تمارسها لفك ارتباط أبناء الأمة بقضيتهم المركزية الأولى وتدمير كل أمل في مواصلة النضال في المواجهة واستمرار الفعل العربي الفلسطيني المقاوم.
وأضاف قائلاً، أن ما يثلج صدورنا أن فلسطين لم تزل هي البوصلة لكل أحرار العروبة وشرفائها وأن الإرادة العربية المصممة على القتال والتحرير هي التي ستحقق التوازن في الصراع العربي الصهيوني وهي التي ستحرر فلسطين كما سيتحرر العراق وكل أرض عربية محتلة ولن يهدأ لنا بال حتى تحقيق ذلك.





الاربعاء ١٤ شعبــان ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / أيــار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة