شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ إعلان زمرة العمالة والإرهاب والطّائفيّة والمشكّلة للعمليّة السّياسيّة المخابراتيّة الجاسوسيّة القذرة في العراق بقيادة حزب الدّعوة الإيرانيّ عن نيّتها البدء فيما تسمّيه استعادة الموصل وتحريرها من داعش، لم ننفكّ عن التّحذير من أنّ استخدام مصطلح التّحرير بكلّ وقعه الموجع وذكريات الأمّة العربيّة المكلومة معه والتي تستحضر في كلّ مرّة يٌرفع فيه وقع الأهوال والمصائب التي حلّت بالعراق منذ عام 2003 عقب غزوه وتدميره وتخريبه والعبث بمصائر شعبه ومدّخراته وثرواته والاستهتار الجنونيّ بحضاراته وآثاره بذات حجّة التّحرير الذي استخدمه لأوّل مرّة المجرم بوش الصّغير، ومعاودة الاستناد عليه إنّما يندرج في استكمال المخطّط الجهنّميّ الشّيطانيّ الأمريكو – صهيو - امبرياليّ الذي يستهدف العراق ويرنو للقضاء عليه وعلى منجزاته التّاريخيّة المعروفة والمشهود بها على مرّ التّاريخ وإنهاء دوره القوميّ العربيّ بما له من محوريّة وأهميّة استراتيجيّة كبرى، وهي المهمّة الأشدّ قذارة التي تكفّلت بها إيران الفارسيّة الصّفويّة الخمينيّة المسكونة بالأحقاد والثّارات على العراق بكلّ مدنه وأريافه وقراه وعلى ما تضمره من كره دفين للعروبة وبغض شديد لها وتعهّدت باستكمال فصولها وتسريع وتيرتها متّكئة على سلاحها الطّائفيّ المتوزّع بين المراجع الدّينيّة الخائنة والمبتذلة وميليشيّاتها الرّعناء ممتهنة التّقتيل على الهويّة والمدمنة لتفكيك النّسيج الاجتماعيّ وتقويض أسس ترابطه وتماسكه ناهيك عن بقيّة وسائلها من استخبارات عسكريّة وحرسها الثّوريّ وجيوش وفيالق تعمل على نشر الثّورة الإسلاميّة الخمينيّة الواهية بالقوّة في العراق وبقيّة الأقطار العربيّة الأخرى من أقصى الماء لأقصى الماء. كما شدّدنا وكرّرنا في كلّ مرّة رؤيتنا وقراءتنا لهذه الادّعاءات انطلاقا من الإلمام الشّامل الدّقيق والمتابعة الحثيثة والدّراية المستوفاة بخطط الأعداء على تلويناتهم ورهاناتهم من احتلال العراق، فضلا عن معرفتنا المتكاملة والموضوعيّة بعقيدة الفرس التّوسّعيّة الاستيطانيّة الشّعوبيّة العنصريّة وبمغذّيات سياساتهم ومحرّكاتها على امتداد عشرات القرون الطّويلة، على أنّ هذا التّحرير المزعوم والملغوم لا يزيد في جوهره وفي حقيقته عن السّعي عن مزيد إنهاك العراق أو ما تبقّى منه وذلك بتعميم الخراب والدّمار في ربوعه وتذبيح أهله وتهجير شعبه وتشريدهم للوصول لأخطر ما في حلقات السّلسلة التّصفويّة لقلعة حضاريّة ألا وهي سياسة التّغيير الدّيموغرافيّ لإفراغ العراق من سكّانه الأصليّين وإغراقه بأقوام غرباء مستقدمين من شتّى أصقاع الدّنيا، وهو النّزر القليل ممّا يتطلّبه انتقام إيران والفرس من العراق والعرب على حدّ سواء وفق نظرتهم السّاديّة العنصريّة الاستعلائيّة لهم.

وها هي الأحداث تتكرّر وتتلاحق يوما بعد يوم لتؤكّد نظرتنا وقراءتنا لما يجري في العراق، حيث استنسخ الفرس وعملاؤهم من أقزام العمليّة السّياسيّة المتهالكة في العراق نفس سياساتهم الإجراميّة ومناهجهم الطّائفيّة وممارساتهم الوحشيّة في كلّ المدن والقرى العراقيّة التي استباحوها وانتهكوا حرماتها وسطّروا فيها أخسّ الفظاعات مستفرغين كلّ ما في صدورهم من عداء ولؤم ودناءة، وهو ما تحدّث به الأحداث في بيجي والأنبار وديالى وتكريت والفلّوجة والموصل وغيرها.

فكما تعرّضت هذه المدن للاقتحامات غير المسبوقة من حيث التّحريض والتّحشيد والأسلحة الفتّاكة المستخدمة والكمّ الهائل من الجرائم المرتكبة بحقّ المدنيّين العزّل والمنهوكين المتعبين بفعل تواصل الحرب الطّاحنة لأكثر من أربعة عشر سنة من الاحتلال المزدوج وغياب أدنى مقوّمات احترام الذّات البشريّة وما خلّفه ذلك من استهداف آلاف الشّهداء معظمهم من الرّضع والأطفال والنّساء والشّيوخ، وكما تعرّضت للحصار والتّجويع والتّقتيل البطيئ بفعل حرمان السّكّان من أبسط مستلزمات الحياة من ماء وأدوية وأطعمة بلغت في بعض الأحيان مدّتها ما يزيد عن العامين كما حدث في الفلّوجة مثلا، ومثلما اضطرّ الأهالي المحاصرين للاقتتات على الأعشاب وما أدّى لتضاعف عدد الشّهداء في صفوف الرّضع بعد أن نضبت أثداء الأمّهات بفعل الجوع وسوء التّغذية، ومثلما رفعت الهتافات الطّائفيّة وأٌطلق العنان للميليشيّات الطّائفيّة لتعيث في الأرض فسادا ولتقطع الأعناق والأرزاق بعد سرقة كلّ ممتلكات الأهالي على غرار ما يمارسه المغتصبون الصّهاينة في فلسطين السّليبة، كان حال الموصل مشابها لحدّ كبير بل وفاقت الأحوال فيها ما حلّ بغيرها من حيث كارثيّة الأوضاع ومأساويّة المعاناة المفتوحة التي يرزح تحتها أهل الموصل.

لقد كان تحرير الموصل من خطر داعش، كفيلا بالسّماح لحكومة العملاء والجواسيس وأعداء الحياة ومصّاصي الدّماء وجنود الشّيطان في الأرض، ليصبّوا جام غضبهم ويفرغوا كلّ منسوب البطش فيهم على الموصليّين انتقاما منهم لصمودهم بوجه الاحتلالين الأمريكيّ والفارسيّ الصّفويّ عقابا لهم على أدائهم المقاوم البطوليّ الذي واجهوا به الغزاة وبيادقهم ومرتزقتهم طيلة سنوات الغزو. وشكّل دافع الحرب على الإرهاب بوّابة لتتفصّى فيها تلكم العلوج من أيّ ذرّة من حياء ولارتكاب كلّ المحظورات وهتك ستر البشر بلا رادع وانهالت حمم الموت من كلّ صوب وحدب على رؤوس المدنيّين الأبرياء العزّل فتزهق أرواحهم أو تطيل عذاباتهم لحين بفل مكابدتهم ومشاقّهم وسط انقطاع الماء والكهرباء والغذاء وأيّ مقوّم من مقوّمات العيش في الحدود الدّنيا.

وظلّ خطر الإرهاب الدّاعشيّ جسر أعداء العراق لمزيد تعميق جراح العراقيّين ومطيّة بيّاعي الضّمائر والأوطان لمضاعفة حملة إبادتهم العرقيّة للعراقيّين وسط صمت دوليّ مخزي ابتلعت فيه منتديات وجمعيّات حقوق الإنسان وجماعات التّبشير بتعميم نعيم الدّيمقراطيّة الكاذبة للشّعوب بغية تمدينها وتخليصها من مضطهديها ألسنتهم جميعا، لتعانق ملايين العراقيّين العرب أبشع مراتب الأهوال فداحة وقتامة ومرارة والتي بلغت كلّ حدود الصّبر وطاقات الاحتمال التي يمكن أن يتخيّلها العقل البشريّ، وهي المأساة التي لم يعرف لها التّاريخ مثيلا.
 





الاربعاء ٣٠ رجــب ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / نيســان / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة