شبكة ذي قار
عـاجـل










التشظي في أولويات النضال العربي ومهامه واختلاف الرؤى والمواقف في تحديد الأولويات قد يتحول إلى إسفين من تلك التي تدق في الجسد القومي وتعبيراته التحررية وفي وحدة القوى المنفذة والمتصدية لمهام الثورة القومية التحررية.

الردة الشباطية عام ١٩٦٦ في سوريا نتج عنها خط استقطاب للتشظي القومي أضيف إلى الخط الناصري وبها أيضاً فرضت قوة استقطاب رافضة ومقاومة للردة الشباطية جاءت نتيجة وجود البعث في العراق كقوة وطنية وقومية فاعلة وتمتلك حضوراً جماهيرياً واسعاً وقام باستقبال الشرعية البعثية التي استهدفتها ردة شباط بعد ثورته المجيدة عام ١٩٦٨.

لسنا هنا في مهمة إدانة طرف من الأطراف فلقد أدى التاريخ دوره وسجل ما سجل لكل طرف من الأطراف التي ادعت أنها الممثل الصحيح لتطلعات الشعب العربي وسجل ما سجل عليها أيضاً حتى انتهى القرن العشرون ودخلنا الألفية الجديدة وقد اغتيل العراق بتجربته القومية مضرجاً بدمائه نتيجة الغزو والاحتلال وظلت الردة في سوريا تستقطب الأنظار لتحقق أعلى ما طمحت به وهو التفرد على الساحة القومية بكل ما فيها من علل وأمراض وتشوهات خلقية وسلوكية.

لم يصرخ العراقيون في إدانة الدور المشبوه للردة السورية في الوصول إلى ما وصل إليه العراق ولا في استثماره بشكل بشع سواءً عبر احتواء ما يقرب من مليون لاجئ عراقي منهم كادر بعثي عراقي وكادر إداري وضباط كبار والعمل عليهم مخابراتياً بشكل مكثف للتأثير السلبي باستخدام الظرف الملجئ.

ولم يلتفت كثير من العرب إلى الدور اللئيم للنظام السوري في ذبح التجربة القومية العراقية لأسباب كثيرة سكنت في خيام اللاجئين العراقيين في سوريا و(فضائل) استقبالهم وسكنت أيضاً خلف سرية العمل المخابراتي الذي قامت به أجهزة النظام ضد الكوادر العراقية المختلفة، ولم يربط كثيرون بين الصلة العضوية للنظام الإيراني مع الغزو ومنتجاته السياسية (كمرحلة أولى) مع النظام السوري، ولم يتوقف العرب- ربما تحت تأثير الصدمة - بين نوع القوى التي اعتمدها الاحتلال كواجهة مدنية لسلطته التي أقامها على أنقاض سلطة الدولة القومية البعثية العراقية والتي كان معظمها محتضناً من النظام السوري ومغذياً لها بنفسه أو عبر التعاون مع إيران كما هو الحال مع حزب الدعوة العميل والذي تصدر مشهد سلطة الاحتلال أحد زعمائه وهو نوري المالكي الذي كان موظفاً عند المخابرات السورية أو في أقل التقديرات محمياً من قبلها وكذا وصف عائلة الحكيم وعميدها محمد باقر وكذا الخائن المركب أحمد الجلبي الذين كانوا يعملون ضد العراق من دمشق.

وصدق كثيرون لعبة القط والفأر التي لعبها الخبيث المجرم نوري المالكي في التقاطع المسرحي مع نظام بشار واتهامه بالإرهاب وفتح الحدود للإرهابين للدخول إلى العراق وإرباك سلطة (التحرر الأمريكية) ثم ما لبث الأمر أن ظهر واضحاً على جوهره وحقيقته في حقبة لاحقة وقد عاشها الجميع وأظهرت صورة التحالف الحقيقي بين إيران وأدواتها الاحتلالية في سلطة الخضراء والنظام السوري وخاصة بعد أن واجه النظام السوري ثورة الشعب لإسقاطه بالحديد والنار ولما يزل .

ثلاثة تجارب قومية: الناصرية في مصر ذابت وتلاشت وتشظت وضعفت بعد رحيل المرحوم عبد الناصر إلى بارئه.. والعراق اغتيلت تجربته البعثية بالغزو عام ٢٠٠٣ ولم تنجو إلى الآن غير الردة الشباطية.

نجت الردة ونظامها وهو الذي تحالف مع النظام الإيراني في الحرب العدوانية التي شنتها ايران واستمرت باصرار ايراني لثمان سنوات وهو الذي شارك بغزو العراق سراً ثم احتل العراق بالكامل علناً بإرادة أمريكية صهيونية معروفة للجميع.

فهل يستطيع كائن من يكون أن يثبت للعرب أن تحرير فلسطين وإبقاء قضيتها في صدر أولويات النضال العربي بدون تحرير العراق وعودة مصر إلى قناعات ما قبل كامب ديفيد.؟ هل يوجد عربي واحد يصدق أن نظام الردة الشباطية الذي لم (يوفق) في تحرير الجولان ووقف عسكرياً مع إيران ضد العراق وأدخل النظام الإيراني شريكاً عسكرياً في قتل شعب سوريا للحفاظ على سلطته وأشرك المليشيات الطائفية الإيرانية من العراق ولبنان وغيرها في الحرب المذهبية التي شنها ولا زال يشنها لحماية بقائه يمكن أن يكون (قوة قومية عربية تحررية).؟

وهل من المنطق أن يتحرك بعض العرب تحت خيمة قومية الردة الشباطية للأسد وهم والعرب كلهم يعرفون حقيقة هذه الخيمة أو البؤرة التي وضعت الأمة تحت أقدام سلطتها المجرمة، على أن قضية فلسطين هي مركز النضال العربي ويديرون ظهورهم للعراق الذي حل به ما حل:

العراق محتل من أميركا وأميركا مكنت إيران من إدارة العراق المحتل. وبعيداً عن الجدل العقيم، لنسأل إخوتنا قوميي الممانعة: هل أن ذبح التجربة القومية في العراق وتمزيق العراق إرباً بجيوش غزو قادتها أميركا وبريطانيا كان مطلباً (قومياً)؟ وهل أن تجربة البعث القومية في العراق كانت تضع هدفاً مركزياً لها غير القضية الفلسطينية وتحرير فلسطين وعودة لاجئيها لكي يغض قوميو الممانعة الأطراف والجماجم عن احتلال العراق ويمدوا أيديهم للسلطة الإيرانية التي تحكمه بحماية أمريكية؟

حلفاء الردة الشباطية ونظام الأسد هم من يسوسون العراق بعد احتلاله وبحماية أمريكية صهيونية إيرانية: فهل أن بعض (إخوتنا قوميو الممانعة) كانوا على صلة بحراك حزب الدعوة ومجلس آل الحكيم ومؤتمر الجلبي لإسقاط النظام القومي في العراق وهم كانوا علناً وعلى رؤوس الأشهاد أشقاء مقربين بل وفي أحضان بغداد ورجالها؟.

نقول الآن للذين يشتغلون السياسة تحت ستار التعقيدات التي يظنون أن سواد العرب لا يقدرون على فك شفراتها.. نقول: لم لا تجرمون سلطة الاحتلال في بغداد لكي نرى في أنفاقكم نقطة ضوء تدل على (قوميتكم)؟ وإذا كان تجريم هذه السلطة وقتلها لشعب العراق وتهجيره وتغييرها المستمر للبيئة السكانية لصالح الخط الإيراني الذي تعرفونه عز المعرفة هو تعبير عن خضوعكم لوقائع الأمر الواقع في العراق فكيف ستحررون فلسطين إذن وأنتم القابلون بنتائج غزو العراق واحتلاله؟ وإذا كان فيكم من يتجرأ ويقول إن العراق ليس محتلا فإننا نطالبه بوصف القاعدة العسكرية الأمريكية في الخضراء ووصف قواعد أميركا في جنوب ووسط وشمال العراق ووصف سلطة حزب الدعوة ووصف سلطة الحرس الثوري والسفير الإيراني وقاسم سليماني مثلاً.. ونطالبه بوصف العلاقات القائمة بين طهران وسلطة الاحتلال ويتم من خلالها نقل ثروات العراق إلى طهران خاماً ونقداً وذهباً..

نطالب (الأخوة قوميي الممانعة) بأن يعلنوا صراحة أنهم مع غزو العراق لأن مواقفهم وتأييدهم وتعاطيهم الفعلي مع سلطة الاحتلال كلها تبرهن أنهم مع نتائج الغزو!!…

وإذا كنا لا نستنتج ولا نحلل بل نزعم بدلائل وقرائن أن مواقفهم كلها تبرهن بالنتيجة وبالسببية أنهم مع غزو العراق واحتلاله فكيف يمكن لنا وللشعب العربي أن يصدق ويثق أنكم (قوميون) وأنكم تنافحون وتقاتلون من أجل فلسطين وقضيتها؟..

القومية ونظريتها وتطبيقاتها لا تقبل بفكرة مزج الرمل بالماء فالحصى والرمل لا يمتزجان مع الماء.. إيران حصى والقومية ماء يا سادة..

إننا نتوجه بالخطاب إلى شعبنا العربي من المحيط إلى الخليج وقد تيقنا ويأسنا من زمن بعيد من هؤلاء الذين ينتمون إلى قومية تدعيها قوة ردة ومتحالفة ضد الأمة مع إيران وتخاذلت في دعم تحرير أرضها وأرض فلسطين.. نتوجه لجماهير شعبنا في كل مكان ونقول:

مركزية القضية الفلسطينية لا تتحقق بدون عراق قومي. والعراق القومي ذبح بالغزو والاحتلال ولا يعود إلا بمقاومة عراقية عربية شرسة.. ولهذا نقول بأرجحية وأولوية تحرير العراق الآن.

ومن يخالفنا فهو مؤيد لغزو العراق واحتلاله شاء أم أبى وأياً كانت مسوغاته التي تتنفس الآن تحت الماء وفي طريقها للاختناق غرقاً.

وليعلم الجميع أن البيئة القومية في مصر لم ولن تموت وأن العراق سيتحرر بإرادة شعبه وطلائعه الوطنية والقومية والإسلامية وجذوة عروبته مشرقة الإضاءة ولن تنطفئ وما يخيل للبعض من انتصار وبقاء لسلطة الردة الشباطية هو وهم سينتهي وسراب سيكتشف اللاهثون أو المستفيدون منه أن عمره أقصر مما يتصورون تماماً كما هو عمر العملية السياسية الاحتلالية في خضراء بغداد المغتصبة.

الموقف القومي الجدي والحقيقي يجب أن يتضمن ويعلن:

أولاً: أن إيران تحتل العراق وأرضاً عربية أخرى منها لبنان و جزر الإمارات والأحواز وتتدخل بطريقة غير مشروعة داعمة الغلو والتطرف المذهبي الذي يتسبب بنزيف عربي متواصل في معظم بلادنا العربية.

ثانياً: لا قيامة تقوم للقضية الفلسطينية بدون تحرير العراق.

ثالثاً: أي عربي أو نظام عربي يتعاون مع إيران ليس قومي بل عدو للقومية والنظام السوري الشباطية مثالا.

رابعاً: أي عربي أو نظام يتعاطى ويصمت أو يؤيد العملية السياسية في العراق خائن للأمة وقضاياها المصيرية وموافق ضمناً وعلناً على احتلال العراق ومتفق مع السياسة الأمريكية والإيرانية والصهيونية. ولذلك نحن نقدر الأنظمة العربية التي بدأت بتفهم المشروع الفارسي وتجابهه ونأمل أن يتطور موقفها في خطين هما خط فعلها الوطني والخط الثاني هو خط تغيير بوصلة النظم العربية التي لم تفتح عيونها بعد على الخطر الفارسي الذي يعبر عن ذاته ويعبر عنه عمار الحكيم والعبادي وسواهم من عبيد الاحتلال.





الاربعاء ٣٠ رجــب ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / نيســان / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة