شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

السياسة الأمريكية .. بين الأتحاد الأوربي و ( الناتو ) :

1 - تناقضات وتعارضات .

2 - مستقبل ( الناتو ) والأتحاد الأوربي .. والعلاقات الأمريكية معهما، في ضوء التحولات التي تجري في العالم .

إن من أهم المؤثرات التي طرأت على ( الحلف الأطلسي ) منذ الحرب العالمية الثانية وبالتحديد عام 1949 حتى الوقت الراهن، يمكن حصرها بالآتي :

إولاً - بروز النزعة الأوربية ( الفرنسية - الألماني ) إلى الأستقلالية، ومحاولة إرخاء القبضة الأمريكية على الحلف، بإقتراح فرنسي لقيادة ثلاثية تتشكل من فرنسا وبريطانيا وأمريكا، وإظهار الرغبة في عدم التدخل الأمريكي في الشأن الأوربي.

ثانيًا - توسع في قاعدة إنتماء الناتو من ( 12 ) دولة أسسته بعد الحرب العالمية الثانية وبالتحديد عام 1949 ، انضمت إليه ( 16 ) دولة .. هذا التوسع بات، كما تقول موسكو يهدد مجالها الحيوي، وهو حلف قديم صنعته نخب الحرب - وموسكو جزء من نخب الحرب - ويعود إلى حقبة الحرب الباردة.!!

رابعًا - خروج حلف ( الناتو ) عن أهم قاعدة أو مبدأ يحكمه، وهو الدفاع عن جغرافية القارة الأوربية، حيث إنساق ( الناتو ) خلف الحروب الأمريكية عام 1991 و 2003 ، فيما توجد قواته في أفغانستان، وشارك بقوة تحت قيادة أمريكية في الحرب على ليبيا .. إذن ، أن مهام ( الناتو ) قد انتقلت من أحكام دفاعية عن القارة الأوربية إلى كسر قاعدة الدفاع والخروج على الجغرافيا الأوربية والأنسياق وراء دوافع سياسية إستراتيجية أمريكية.. هذا التحول قد وضعها في حالة الأستنزاف.

خامسًا - إحجام أعضاء الـ ( ناتو ) بعد حرب 1991 وحرب 2003 والحرب على ليبيا عن الأنسياق وراء ما يسمى ( الشراكة الأستراتيجية ) ، والتي من دونها ليس بإستطاعة أمريكا شن الحروب حيث تحتاج إلى حشد القوى وحشد الرأي العام العالمي وحشد الموارد البشرية والمالية وحشد هائل للأعلام والأستخبارات.. فقد انفرط عقد الحشد الأستراتيجي الذي حاكته أمريكا لحروبها ، بسبب من شعور دول أوربا بتورطها في هذه الحروب وعدم قدرتها على تحمل إستنزاف مواردها البشرية والمالية وضغوطات شعوبها، وربما باتت تشعر بإهمية العودة لأحترام قاعدة الدفاع لحماية القارة الأوربية من التهديد الروسي، وليس الأنجرار إلى الصيغة ( الهجومية ) التي تريدها أمريكا عن طريق التوسع شرقًا أيضا .

سادسًا - تدرك أمريكا الراهنة أهمية إحتواء القوة العسكرية الألمانية وتعطيل دور فرنسا، بإعتبار أن محور ميزان توازن القوى الأوربي يكمن في القوة ( الألمانية والفرنسية ) في مسألة الأستقلالية وبناء أوربا موحدة تتجه نحو القطبية.. وهذا النهج الأستراتيجي لا يرضي أمريكا .!!

سابعًا - تحول أعضاء الـ ( الناتو ) بإعطاء الأولوية من الأنفاقات العسكرية إلى الأنفاقات الأجتماعية، فضلاً عن الأنفاق على ملايين اللآجئين والمهجرين نتيجة الحروب الأمريكية - الأيرانية، التي زادت من أعباء الأقتصادات الأوربية المتضعضعة أصلاً .. فيما تطالب أمريكا من أعضاء الـ ( ناتو ) زيادة الأنفاقات العسكرية.. وهو الأمر الذي وضع أوربا والأتحاد الأوربي ولـ ( الناتو ) بين فكي كماشة :

1 - مظلة الحماية الأمريكية على أوربا، 2 - الأنفاقات العسكرية الباهظة، في ظل وضع إقتصادي متدهور، تعاني منه معظم دوله، نتيجة لسلوك أمريكا في حروبها العبثية وغير الضرورية.!!

ثامنًا - إن توسع الـ ( الناتو ) شرقًا يعني إتساع المساحات الجغرافية التي تتطلب إنفاقات دفاعية ولوجستية باهظة .. وهذا يزيد من معدل الأنفاقات العسكرية.

تاسعًا - أعضاء الـ ( ناتو ) يحبذون، ربما ، ناتو دفاعي ، ولا يريدون ناتو عالمي ينساق ويُسَخَرْ لأغراض الأستراتيجية الأمريكية ويَستنزِفْ مواردهم البشرية والمالية ، إلا في حالة تعرض مصالح أعضائه إلى الخطر وضرورة حشد القوى لحماية هذه المصالح، كما هو حاصل الآن في وضع التهديد الأيراني للمصالح الأقليمية والدولية على حدِ سواء.!!

مؤتمر أمن ميونيخ :

يبحث في تحديات الأمن في العالم .. وينطلق من رؤية واقعية تفيد بـ ( أن العالم يهتز إهتزازًا عنيفًا ) ، وهو في مخاض يمهد لولآدة نظام دولي جديد .. ولكن هل أن القوى الكبرى والعظمى الراهنة ( أمريكا وروسيا والصين ) وغيرها ستقف مع أحكام القانون الدولي وتدعم المؤسسات الدولية، أم أن كلا منها سيرعى مصالحه الخاصة دون إعتبار لأي نظام قانوني أو تنظيم دولي، ما دامت تمتلك حق النقض الفيتو في مجلس الأمن؟ وكيف سيكون عليه التوازن الدولي في القوة، والتوازنات الأقليمية؟

الأمر الذي يقتضي :

أولاً - توسيع تمثيل قارات العالم في مجلس الأمن الدولي ومنع إحتكار المجلس وقراراته من قبل النخبة .

ثانيًا - أن تتنازل القوى الكبرى والعظمى قليلاً عن ( سيادتها ) لصالح النظام والتنظيم الدوليين .. لكي تتبلور وتتأسس قاعدة رصينة تحفظ السيادة الوطنية للدول وتحترم مصالحها وأمنها وإستقرارها وخياراتها في بناء أنظمتها السياسية والأقتصادية والأجتماعية في ضوء القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

ثالثًا - إجراء تعديلات على ميثاق الأمم المتحدة بما يتلائم مع التمثيل القاري الجديد والتطورات والتحولات التي جرت في بنية المجتمعات الدولية وتطلعاتها وتوجهاتها على أساس الأعتزاز بمكوناتها وبموروثها الحضاري والثقافي، واحترام سيادتها الوطنية وعدم التدخل في شؤونها لأي سبب كان أو أي غطاء أو تفسير أو تأويل.

السياسة الخارجية الأمريكية بين الـ ( الناتو ) والأتحاد الأوربي.. تناقضات وتعارضات ، وتسويق إلتزامات :

1 - أمريكا الراهنة تعلن أنها تلتزم في إطار حلف شمال الأطلسي .. وهي الحليف الأكبر للأوربيين، ولكن عليهم تخصيص 2% من إجمالي الناتج المحلي للنفقات العسكرية ودفع ما يترتب من إلتزامات ومشاركة في الأعباء.. حيث وضعت نهاية عام 2017 سقفًا للدول الأعضاء في الناتو لرفع معدل إنفاقاتها الدفاعية، لتحقيق الحد الأدنى وهو 2% من ناتجها القومي الأجمالي ( G.N.P ) ، ويبدو أن أمريكا تفرق بين اثنين :

الأول - حلف شمال الأطلسي، الذي تلتزم حياله بشرط المشاركة في الأعباء.. وهذا خيار قد لا تجد امريكا بعض أعضائه ( اليونان - البرتغال - أسبانيا - إيطاليا - وغيرها ) قادرًا على الدفع أو تحمل أعباء الأنفاقات العسكرية.

الثاني - الأتحاد الأوربي، الذي تعمل أمريكا تفريغه كما باركت بريطانيا على الخروج منه وشجعت آخرون على الأنسحاب .. والهدف من ذلك منع تراكم قاعدة القوة الأوربية لترتقي إلى القطبية الأوربية التي لا تريدها أمريكا .. وهنا يبدو الوضع يتسم بالتناقض .. لأن مجمل أعضاء حلف الـ ( ناتو ) هم أعضاء في الأتحاد الأوربي .. وإن الرغبة الأمريكية لتفكيك الأتحاد الأوربي تعني أن لا مانع من تفكيك حلف الأطلسي - الذي يرى فلاديمير بوتين " أن لا جدوى منه، وهو من مخلفات الحرب الباردة " .. والمقاربة هنا بين واشنطن وموسكو جاءت ليست بالصدفة .

2 - فيما يتضح المطب الأمريكي، هل أن أمريكا فعلاً بحاجة إلى حلف شمال الأطلسي من عدمه في حالة الصراعات أو التصعيد أو الحشد الأستراتيجي لمجابهة ( حرب إقليمية ) تتطلب ( شراكة إستراتيجية ) كما كان الوضع في عام 1991 حين شنت حربها العدوانية على العراق وحربها العدوانية على العراق عام 2003 وحربها العدوانية على أفغانستان وليبيا ..إلخ ، أم أن أمريكا قادرة على الأستغناء عن قدرات ( الناتو ) والقيام بأعباء الردع الكامل والشامل والمؤكد المنفرد؟ أم أن أمريكا ستستمر في تعاملاتها خلط الأوراق وإبقاء حالة التوتر الدولي والأقليمي على حافة الحرب دون الأقدام على إشعالها لآعتبارات عديدة تتعلق بالمرحلة الأستراتيجية التي طوتها أمريكا بخروج ( أوباما ) من البيت الأبيض وما تعنيه فترة رئاسته من مواقف وخطوات مهدت لمرحلة جديدة تتبناها الأدارة الأمريكية الجديدة ؟

ثم ماذا عن السياسة - الأستراتيجية الأمريكية الجديدة حيال ملفات المنطقة العربية الساخنة .. وما هو سيناريو ما يسمى بـ ( الناتو العربي ) الذي يقابل ( الناتو الأيراني ) ؟!

يتبـــــــــــــــع ....





الاربعاء ٢٥ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة