شبكة ذي قار
عـاجـل










عانت الأحواز العربيّة طويلا من النّسيان والخذلان. فهي وإن كانت على مرّ التّاريخ عربيّة وينافح شعبها ويكابد من أجل الحفاظ على أصالتهم وهويّتهم العربيّة، فإنّها لم تحظ بما يتوافق مع أهمّيتها التّاريخيّة والاستراتيجيّة من اهتمام عربيّ ونصرة ذوي القربى وتضامنهم مع مظلمتها.

ورغم المظلمة التي تعرّضت لها الأحواز حيث سلّمها الاحتلال البريطانيّ الغاشم للفرس في صفقة خسيسة عام 1925 في سابقة لم تتكرّر إلاّ من خلال تسليم بريطانيا فلسطين للعصابات الصّهيونيّة، فإنّ الأحواز أرضا وشعبا وتاريخا ظلّت خارج اهتمامات العرب، ولم يولوها ما تستحقّ من دعم أخلاقيّ وسياسيّ واقتصاديّ وقانونيّ وإعلاميّ وثقافيّ وغير ذلك.

واستمرّ هذا التّجاهل العربيّ خصوصا في شقّه الرّسميّ لمظلمة الأحواز العربيّة مع تنامي التّهديدات الفارسيّة الجّديّة لكلّ العرب بعدما تكشّفت مرامي إيران التّوسّعيّة الشّعوبيّة على حسابهم بعد غزو العراق وإسقاط نظامه الوطنيّ.

فما تشهده الأحواز طيلة الاحتلال الفارسيّ البغيض وما يٌرتكب بحقّها، هو تحديدا ما يٌطبّق في العراق منذ تنفّذ الفرس فيه بعد اندحار الأمريكان، وهو بلا شكّ ما سيمارس مستقبلا في أيّ قٌطر عربيّ آخر تنجح إيران في النّفاذ إليه.

فالأحواز تعيش منذ تسعة عقود كاملة على وقع الإرهاب الميليشياويّ الطّائفيّ والتّقتيل على الهويّة كما تتعرّض حلمة ممنهجة ومستمرّة لطمس عروبتها وتدمير معالمها الأثريّة والتّاريخيّة واستبدال أسماء مدنها العربيّة بأخرى فارسيّة مكذوبة لا سند لها في التّاريخ، ناهيك عمّا يعانيه شعبها من كوراث مأساويّة شاملة تنطلق بتحجير استخدام اللّغة العربيّة – فالأحوازيّون يحتلّون المرتبة الثّانية بعد العراقيّين من حيث استخدام المفردات العربيّة الأصيلة في اللّهجة اليوميّة المستخدمة - وهي اللّغة الأمّ والأصل، في الإدارات وكافّة المعاملات الرّسميّة ناهيك عن منع تسمية المواليد بأسماء عربيّة، دون إغفال الممارسات العنصريّة ضدّ الأحوازيّين الأمر الذي يترجمه تردّي الخدمات التّعليميّة والصّحيّة والبيئيّة وحرمانهم من ثروات بلادهم التي يتمتّع بها الفارسيّ حصرا من خلال العوائد أو العمل، ووصلت وحشيّة الفرس لتعطيش الأحوازيّين بجرف نهر الكارون وتحويل مساره في حملة إبادة عرقيّة ممنهجة. هذا ويبقى التّغيير الدّيموغرافيّ أبشع الأسلحة التي يستخدمها الفرس ضدّ شعب الأحواز وما هو في الواقع إلاّ نتيجة للممارسات السّابقة التي ترنو إيران من ورائها لحمل الأحوازيّ على الهجرة ما يفتح الباب على مصراعيه لاستقدام المستوطنين الفرس للانتصاب على أرض العرب في الأحواز والإجهاز على القضيّة الأحوازيّة.

إنّ الصّادم حقّا أن يترك العرب وخاصّة في شقّهم الرّسميّ الأحواز العربيّة وحيدة تواجه مصيرها بلا أدنى دفع أو إسناد، مع أنّ عيون الفرس تقع عليهم الواحد تلو الآخر، وتعمل الماكينة الفارسيّة الاستيطانيّة الشّعوبيّة على ابتلاعهم وتهشيم عظامهم تباعا. وإنّ في دعم الأحواز ومؤازتها واحتضان مقاومتها الباسلة المتصاعدة فعلا وأداء ورقعة جغرافيّة، مفتاح كسب الصّراع مع إيران الفارسيّة بل وتمثّل الأحواز بوّابة العرب لغزو إيران وقلب كلّ المعادلة رأسا على عقب، فهي مطمور الثّروة والموارد الطّاقيّة والمائيّة الذي تعتاش عليه إيران وهي الرّئة التي تتنفّس بواسطتها وبالتّالي فإنّ القطع الفوريّ مع خذلان الأحواز والتّهاون والتّخاذل في نجدتها سبيل العرب لضرب عصفورين بحجر واحد أوّلهما تحرير قٌطر عربيّ أصيل من ربق الاستعمار الفارسيّ البغيض ورفع المعاناة المهينة عن شعبها، وثانيهما تقليم أظافر العدوّ الإيرانيّ الفارسيّ الصّفويّ ودرء أخطاره وقبر مؤامراته العدوانيّة الخسيسة.





الاثنين ١٦ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة