شبكة ذي قار
عـاجـل










سألني بعض الإخوة والأخوات عن موقفنا في حركة اليسار التقدمي في العراق وفي الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية من مشاريع "التسوية السياسية" و "المصالحة الوطنية" و "المصالحة المجتمعية" و "المصالحة التاريخية" وغيرها من المسميات والمصطلحات التي يروج لها أصحابها هذه الأيام في المزادات السياسية المختلفة فاستذكرت قولا ورأيا وجيها للمجاهد الجزائري الكبير الراحل عبد الحميد مهري، الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير ، والأمين العام الأسبق للمؤتمر القومي العربي، حينها قال :

( ... لست مع مصالحة البعض مع البعض ضد البعض )

وفي رسالة تاريخية هامة له أرسلها إلى الرئيس عبد العزيز بو تفليقة في 16 شباط/فبراير 2011 ، وبعد استعراضه الأحداث التي شهدتها بلدان معينة كتونس ومصر وما تبعها من أحداث تالية في بلدان عربية أخرى ، وكيف تمت قراءتها من بعض المثقفين والسياسيين العرب بقراءات خاطئة، من دون استيعاب الدروس منها خاصة في التوقف الجاد عند طبيعة نظام الحكم القائم في أي بلد عربي ، خاصة تلكم البلدان التي غالبا ما تتدثر سلطاتها بواجهات ديمقراطية براقة، ولكنها في الواقع ظلت عبارة عن أنظمة ما فيوية تقصي عمليا فئات واسعة من المواطنين، وتحرمهم من الاشتراك الفعلي في تسيير الشؤون العامة ، وهو ما يرشح تلك الفئات المهمشة اجتماعيا وسياسيا ، وبصفة أضحت شبه دائمة ، ونتيجة لذلك التهميش والإقصاء المستمر فإنها تكون مستعدة للنقمة والغضب وتعيش الاضطراب الاجتماعي المتوتر الدائم ، ويصل بها التفكير إلى اعتبار كل ما يمت لنظام الحكم والسلطة القائمة في بلدانها ، أو يصدر عنها، غريبا عنهم أو معاديا لهم.

وعندما تضاف لهذه الأرضية الغاضبة وطأة الصعوبات الاقتصادية ، سواء كانت ظرفية أو دائمة ، تكتمل شروط الانفجار . وهذا ما يحدث الآن فعلا في العراق خاصة وسوريا وليبيا واليمن وغيرها من البلدان العربية.

وفي العراق خاصة فان أغلبية العراقيين يشعرون بالإحباط والخذلان، بل وحتى بالخيانة التي يرتكبها السياسيون الذين جاؤوا على ظهور الدبابات الأمريكية، فهم حتى في نظر أتباعهم ومناصريهم ، قد تخلوا حتى عن تلك الشعارات التي رفعوها يوما ضد النظام الوطني السابق خلال عقود من سنوات معارضتهم ، والتي كشفت عنهم السنوات الثلاث عشر الأخيرة بأنهم مجرد منافقين وتجار سياسة ومرتزقة باسم الدين والسياسة ، وكشفت الأحداث والوقائع أنهم لم يحملوا في أذهانهم يوما مشروع لبناء دولة على أنقاض الدولة الوطنية التي فككها وألغاها الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق.

ولا نختلف مع أطروحات المرحوم المجاهد عبد الحميد مهري بقوله :

( ان القضية المركزية التي تتطلب جهدا وطنيا شاملا ومنظما، هي إقامة نظام حكم ديمقراطي حقيقي قادر على حل مشكلات البلاد وإعدادها لمواجهة تحديات المستقبل. نظام حكم ديمقراطي يخرج الفئات الاجتماعية العريضة من دائرة الإقصاء والتهميش إلى مصاف المواطنة المسئولة الفاعلة ).





الاربعاء ٤ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة