شبكة ذي قار
عـاجـل










خلّف فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرّئاسيّة الأمريكيّة الأخيرة ردود فعل عالميّة متباينة طبع على معظمها التّعاطي الحذر والتّعبير عن مخاوف حقيقيّة ممّا قد تسبّبه خيارات ترامب والمسارات التي سيخطّها وذلك استنادا على ما رافق حملته الانتخابيّة من مواقف وتصريحات قدّرها أغلب العارفين بغير اللاّئقة والمخالفة للأعراف السّياسيّة وحتّى الدّيبلوماسيّة. هذا ولم يبدّد من التّوجّس والرّيبة من مستقبل الولايات المتّحدة الأمريكيّة والعالم التّأكيد على أنّ السّياسة الأمريكيّة لا تتأثّر كثيرا بالرّئيس ولا بخلفيّته الجمهوريّة أو الدّيمقراطيّة خصوصا في محاور السّياسة الخارجيّة والدّفاع، وهي المحاور التي تسنّها وتخطّط لها العقول الاستراتيجيّة والأجهزة السّاهرة على تفعيلها بما يخدم حصرا الأمن القوميّ الأمريكيّ من وجهة نظرها لا كما يفترض أو يخيّل للمتابعين من غير الأمريكان.

إنّ المتابع للحملة الانتخابيّة لترامب، وللتّطوّرات الدّوليّة الأخيرة لن يسهل عليه الجزم باحتمالات السّياسة الأمريكيّة في المنطقة إذا أخذنا بالاعتبار التّحوّلات المتسارعة في سوريّة وبقاء المشهد العراقيّ على حاله وهشاشته وانعدام الحسم فيه من كلّ الأطراف الإقليميّة والعالميّة المتداخلة فيه، إلاّ أنّه يمكن ضمن هذه الوقائع التّخمين والتّكهّن بما ستكون عليه الخطوط العريضة الكبرى لتوّجهات أمريكا وسياسات ترامب والتي نقدّرها كالآتي :

11-الالتزام الكامل بأمن الكيان الصّهيونيّ وديمومة تفوّقه النّوعيّ والاستراتيجيّ في محيطه، ومنع كلّ القوى الإقليميّة النّاعمة والصّاعدة من تشكيل أيّ خطر عليه. كما سيتضاعف الضّغط على الفلسطينيّين وإنكار حقوقهم والتّغاضي عن جرائم الصّهيونيّة بحقّهم. هذا وستتملّص أمريكا حتّى من تعهّداتها والاتّفاقيّات المبرمة برعايتها سابقا (إلغاء حلّ الدّولتين ).

22-معاودة الحضور العسكريّ الفعليّ في العراق علاوة على القواعد العسكريّة الأمريكيّة المنتشرة هناك وذلك للحدّ من تنامي النّفوذ الإيرانيّ من جهة، ولمزيد من تهيئة الظّروف لتقسيم العراق على أسس عرقيّة إثنيّة ومذهبيّة وطائفيّة.

33-العمل على إدامة الحروب في كلّ من سوريّة واليمن وليبيا للمزيد من إنهاكها وإعداد الظّروف لتقسيمها، وتصعيد التّحرّشات بمصر والتّضييق عليها اقتصاديّا.

44-العمل لإرجاع العلاقات مع السّعوديّة لسالف عهدها وترميم ما أفسدته الإدارة السّابقة وذلك للحاجة الماسّة لدعم الاقتصاد الأمريكيّ بخزّان النّفط السّعوديّ في ظلّ حالة الاختناق والرّكود الاقتصاديّ الرّهيب الذي تعانيه أمريكا بسبب ما تكبدّته من خسائر في العراق.

55-تقليم بعض أظافر إيران وتشديد الخناق عليها ودفعها للانكفاء للدّاخل، دون القطع الكلّيّ معها لحاجة الولايات المتّحدة الأمريكيّة للخدمات القذرة التي تتكفّل بها إيران لتحقيق بعض المكاسب التي تخدم اهدافها خصوصا في المنطقة العربيّة.

66-إعادة النّظر ومراجعة السّياسات المتعلّقة بالحلف الأطلسيّ خصوصا بعد تدهور العلاقات مع تركيا إثر الانقلاب الفاشل الذي تتّهم أنقرة واشنطن صراحة في المشاركة فيه أو العلم به، وتعبيرها عن عزمها إعادة النّظر في قاعدة أنجرليك والعلاقة مع واشنطن والحلف الأطلسيّ برمّتها، كما أنّ هذا الحلف فقد أهمّيته بعد تفكّك الغريم التّقليديّ وهو العملاق السّوفييتيّ وتدمير العراق كقوّة صاعدة من شأنها تهديد المصالح الصّهيونيّة وأمن الكيان الغاشم.

77-العمل على تطوير العلاقات مع روسيا بشكل يخفّف من أعباء المحافطة على حالة العداء الدّائم، دون أن يكون ذلك تخلّيا نهائيّا عن الحذر والتّسابق التّسليحيّ. وهو الأمر الذي من شأنه أن يمنع أيّ اتّحاد أو شراكة روسيّة صينيّة وذلك في إطار التّوقّي من تنامي القّوة الاقتصاديّة للمارد الصّينيّ وما قد يتبع ذلك من تطلّعات سياسيّة عالميّة تهدّد مكانة أمريكا.
88- مواصلة توظيف الإرهاب واستخدامه كشمّاعة ترفعها الولايات المتّحدة لتبرّر تدخّلها في أيّة بقعة من العالم.

99-التّوجّه بثقل كبير نحو إفريقيا باعتبارها قارّة عذراء وزاخرة بالطّاقة، واتّخاذ تونس معبرا مهمّا لداخلها، وجعلها في الوقت نفسه بوّابة وحاضنة لاستقرار الجماعات الإرهابيّة ورسكلتهم وإعدادهم لمهامّ جديدة بعد انتهاء الحاجة لهم في سوريّة والعراق.





الثلاثاء ٢٦ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة