شبكة ذي قار
عـاجـل










مفهوم النصر من المفاهيم التي التبس أمرها على الكثير ، بل وعلى بعض المتحمسين للتغير ، الأمر الذي أدى إلى اختلافهم في أحكامهم ومواقفهم إزاء الأحداث الجارية في عالمنا العراقي والعربي . فالبعض يظن أن النصر هو تحقيق الأهداف الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية واستلام السلطة مما يسعى إليه أكثر المتحمسين للتغير ، فإذا بلغوا هذه الأهداف فهم منتصرون، وإلا فهم منهزمون . هذا فهم قاصر لانغماسه في الحسابات المادية البحتة دون النظر إلى غيرها .

في سنة 1972 ثورة تموز تؤمم نفط العراق وترفع شعار نفط العرب للعرب . منذ هذا التاريخ بدأت أمريكيا وبريطانيا تعد العدة لغزو العراق وجاءت بالخميني بطائرة من فرنسا ليستلم ايران وتبدأ حرب ثماني سنوات اضطرت امريكيا الى توجيه حليفها وشرطيها في المنطقة بتجرع سم الهزيمة والقبول بوقف اطلاق النار . عام 1991 كانت امريكا قد بدأت تنفيذ الصفحة العسكرية التي اعدت لها منذ سنوات من التدليس والنفاق والاكاذيب وشراء الذمم والرشاوي وتحريض أخوة يوسف بهدف الحصول على موقع قدم لها في المنطقة العربية . في معركة أم المعارك لم تستطع حسم المعركة وافق التحالف الدولي التي تقوده امريكيا و33 دولة مجبرين على وقف أطلاق النار , وتبدأ الصفحة الثانية حصار ظالم حصار جائر فرضته امريكا على ابناء عراق الحضارات والذي راح ضحيته ما يقارب المليونين ونصف عراقي معظمهم من المسنين والاطفال وساهم فيه أيضا أخوة يوسف ، وزير التجارة العراقي السيد محمد صالح قال : ( لو كان بوسع امريكا منع الهواء عن العراقيين لفعلت ). وبعد عجز امريكيا عن تحقيق أهدافها تبدا صفحة الاحتلال , هاجمت أمريكا العراق واجتاحت أراضيه بكل غطرسة وجبروت, وهي تعتقد أنّ احتلال الرافدين وإذلال أهله واختلاس ثرواته, سيكون مجرد نزهة وقبل ان يعيش الارعن بوش نشوة النصر , بدأت المقاومة العراقية تقارع وتضرب قوات الاحتلال الغازية ولكن هذه المرة وفق شروطها واختيار الزمان والمكان المناسبين وظروف حرب العصابات , بعد احتلال بغداد أعلن بوش أن العمليات الحربية قد انتهت وأن النصر قد تحقق وأوفد الحاكم الأمريكي بريمر ليشرف على تنفيذ المخطط الأمريكي في العراق .. لكن سرعان ما تبين بعد أيام من إعلان بوش أن العمليات الحربية لم تنته بعد وأن أمريكا وقعت في مستنقع مجهول .

قرأت للكاتب والصحفي الامريكي جف ارجر ( مالكولم لاغوش ) يصف فيه المقاومة العراقية .. بالصراع الذي جرى ما بين الملاكم محمد علي كلاي وجورج فورمان واوضح انه في عام 1974 جابه محمد علي كلاي خصمه جورج فورمان في مصارعة عالمية للوزن الثقيل كانت حينها اكبر عرض رياضي يشهده العالم. فقد بدا كلاي يتعامل بشكل طبيعي مع وسائل الاعلام فيما كان خصمه فورمان يتظاهر ببعض التواضع وقد حظي هذا الاخير بمساندة ودعم وسائل الاعلام التي حسبته بطل الابطال والاوفر حظا بكل تأكيد والاكثر عنفوانا والاقوى شكيمة مقارنة مع محمد علي كلاي الذي رفض المشاركة في الحرب العدوانية الامريكية ضد فيتنام . واثناء الالعاب الاولمبية عام 1972 عندما فاز فورمان بالميدالية الذهبية.. جلس في زاوية وراح يلوح بعلم امريكي.. وخلال حلقات المصارعة السبع الاولى بقي كلاي مستندا الى الحبال يصد لكمات فورمان الامر الذي اثار استغراب ودهشة المعلقين الرياضيين الذين لم يدركوا معنى ذلك السلوك.. وراح الكثير منهم يستنتج بان مستقبل محمد علي كلاي قد وصل الى طريق مسدود وقد بدأ العد العكسي لانهياره نحو الهاوية وفي المباريات الثانية انبرى محمد علي كلاي واسقط خصمه في الحضيض امام انظار وكاميرات العالم .. ذلك ان هذا الملاكم كان قد خطط واستعد لاستراتيجية النصر تلك . واوضح جف ارجر ان هناك تشابها وثيقا ما بين العدوان الامريكي الغير الشرعي على العراق والمقاومة العراقية من جهة و صراع كلاي وفورمان من جهة اخرى. فالانتصار العسكري الامريكي ظاهريا في اذار 2003 دفع بوش الى الاعلان عن انتهاء المهمة في الاول من ايار من العام نفسه في مشهد هوليوودي تحت علم امريكي ضخم .. وكان دعاة الحرب والعدوان آنذاك ثمالى بفرحتهم مؤكدين هزيمة الحرس الجمهوري الذي كانت مهمته حماية العاصمة بغداد. وحينها لم يتسأل احد من الصحفيين عن سر اختفاء الحرس الجمهوري .. واعضاء الحكومة العراقية )) ..

لكن أحلامها البائسة وأطماعها الجائرة, وغرورها المفرط سرعان ما تبخر وتبدد، وتحطم وتهشم, تحت سياط المجاهدين الأشاوس, وضرباتهم القاصمة الموجعة , اضطر بوش بعدها تحت ضربات المجاهدين المتتالية والضغوط المتزايدة من الكونغرس والشعب الأمريكي إلى إعلان فشل استراتيجيته التي سماها استراتيجية النصر فاستبدلها باسم آخر لم يغير من واقع الهزيمة الأمريكية شيئا. ويضطر المحتل لإعلان هزيمته من العراق .

الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، قرار غزو العراق في عام 2003 "قد يكون أسوأ قرار اتخذ في تاريخ الولايات المتحدة على الاطلاق".
هذا هو النصر الحقيقي عندما تجبر امريكيا هذا الجبروت من الاعتراف بالهزيمة بعد نزال وصراع مباشر وغير مباشر من عام 1972 والى يومنا هذا .

لقد نصرَ الله المؤمنينَ الثابتين على العهد في مَواطنَ كثيرةٍ في بدرٍ والأحزابِ والفتحِ وحُنينٍ وغيرها، نصرَهُمُ اللهُ وفاءً بِوَعدِه { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنين } العراق الذي لقن ايران و أمريكا درسا في منازل القادسية أم المعارك ومعركة الحواسم وفي المقاومة الخالدة سيظل يلقن ايران و أمريكا دروسا لن تنساها. الرفيق المناضل صلاح المختار ( ماذا نحتاج في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة ؟ المطلوب من نساء العراق ان يتدربن على زغاريد النصر بسرعة ، لانها ليست مثل زغاريد الاعراس الاسبوعية ، والمطلوب من محلات بيع الزهور ان تعد كميات كبيرة من الورد لتنثر على مواكب المجاهدين، وهم يستعرضون قواتهم في ساحة الاحتفالات الكبرى )





الخميس ٢١ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحمد مناضل التميمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة