شبكة ذي قار
عـاجـل










لا شك أن الوحدة العربية هدف لكل أبناء الأمة العربية أفراداً واحزاباً ومنظمات ، وهي البلسم لكل ما يعاني العرب من مشكلات ، تمثلت بالتجزأة والتبعية والتخلف، فكانت الوحدة رداً على التجزأة ، التي باتت قاتلة لكل طموح عربي ، بسبب فشل الدولة القطرية في تحقيق الامن الوطني ، و تحقيق التنمية المنشودة ، كما أنها في مواجهة التبعية ، والتي باتت الكتل العربية القطرية عاجزة عن الدفاع عن امنها الوطني ، فباتت لقمة سائغة ليس للطموحات الامبريالية الدولية فحسب ، بل للطموحات الاقليمية في المنطقة ، كالكيان الصهيوني وايران الفارسية وتركيا العثمانية ، والوحدة رداً على التخلف في تجميع كل ثروات الامة التي تزخر بها من مادية وبشرية، عنصري التنمية الحقيقيين لإنجاز التنمية المنشودة ، بدلاً من شرذمة الثروة وضاعها .

والدولة القطرية التي باتت حقيقة قائمة ، لا يمكن تحقيق الوحدة العربية بالقفز عليها، فالدعوة إلى الوحدة العربية لابد وأن تتصالح مع الدولة القطرية في سبيل تحقيق الوحدة ، التي لابد وأن تكون وحدة شعبية جماهيرية ، ومن خلال الوسائل السلمية الديمقراطية ، مما يعني أن النضال في سبيل تحقيق الوحدة لابد وأن يصاحبه نضال في سبيل تحقيق الديمقراطية في الدولة القطرية.

النضال في سبيل تحقيق الديمقراطية يعني في مقدمة اولوياته تحقيق الحرية والعدالة وإنجاز المشروع الديمقراطي بالاسلوب السلمي الديمقراطي ، أي من خلال الرغبة الجماهيرية في بناء مؤسسات الدولة القطرية الديمقراطية ، وهذه الجماهير التي تنعم بالحرية والعدالة هي القاعدة الاساسية التي تنطلق منها الدعوة للوحدة العربية ، لا بل والعمل على إنجاز المشروع الوحدوي العربي.

في الادب القومي العربي مقولة مشهورة تتمثل بالقول " من لم يكن وطنياً جيداً لن يكون قومياً جيداً " ، فهل يصح أن أكون متضامناً مع مورتانيا على سبيل المثال ، ولست متضامناً مع جماهير شعبي العربي في الاردن ؟ ، فكيف يصح ذلك ؟ ، ما لم أعمل أن اكون منتمياً قطرياً ، فيصعب أن أكون منتمياً قومياً ، وهو ما يتطلب النضال على الساحة القطرية لتحقيق الفعل الديمقراطي .

اذن لا يمكن القفز على الدولة القطرية في عملية النضال القومي الوحدوي ، لأن الوحدة هنا وحدة جماهيرية ، ولا يمكن أن تكون بعيدة عن صناعة هذه الجماهير، فكيف بجماهير لا يمكنها من صناعة قرارها أن تصنع وحدة ، أو حتى أمن وحماية لها ، مما يؤكد أنه لابد من النضال السلمي الديمقراطي على الساحة القطرية لإنجازالديمقراطية الحقيقية ، لاعطاء الجماهير دورها في بناء مؤسساتها ونيلها لحريتها ومساعدتها لصناعة قرارها .

مؤسسات الدولة القطرية يجب أن تتسم بالعمل الديمقراطي ، وبفهم الاسلوب السلمي في التغيير ، حتى تتمكن الجماهير على استيعاب النضال الوحدوي الجماهيري ، واسلوب العمل في التغيير ، وهو المعني بتطور مؤسسات الدولة في خدمة المنحى الشعبي ، باتجاه تحقيق ما تصبو إليه الأمة، وهو العمل على إنجاز المشروع الوحدوي.

الدولة القطرية التي تسلك الطريق السلمي الديمقراطي في التغيير ، هي من يؤسس لبناء بنية تحتية باتجاه العمل الوحدوي الجماهيري ، عندها ستلعب الجماهير القاطرة الحقيقية لقيام الوحدة بين أقطار الأمة العربية من خلال البوابة الجماهيرية ، ألم يناضل القوميون أمام الأنظمة العربية لفتح الحدود القطرية العربية أمام حركة البشر والتجارة البينية بين الدول العربية ؟ ، ألم تكن هذه الدعوة كبوابة عبور نستطيع من خلالها إلى تضييق الفجوة بين أبناء الأمة العربية الواحدة ، ليتعارفوا وليتشاركوا في حياتهم ، وليفتحوا الطريق أمام كفاءاتهم وقواهم البشرية ، وليساهموا في بناء أمتهم على امتداد حدودها من المحيط الاطلسي حتى الخليج العربي ؟ ، فما يجمع بين الولايات المتحدة العربية اكبر بكثير مما يجمع بين الولايات المتحدة الامريكية ، ففي هذه الاخيرة الطريق السريع بين الولايات المتحدة عامل وحدة ، فليس في مقدور ولاية أن تتجنبه و تحيد عنه، ونحن نملك أكثر من طريق سريع .

النضال الوطني القطري ، وتحقيق الديمقراطية في كل قطر عربي يسهل الوصول إلى العمل في سبيل تحقيق الوحدة العربية امل كل الجماهير العربية ، وطموح كل مواطن، وهدف كل حزب سياسي على امتداد الوطن العربي من الماء إلى الماء ، فلا تستهينوا في النضال الوطني على الساحة القطرية يا دعاة الوحدة العربية ، يا عروبيون يا قوميون ، فليس في المقدور تحقيق الوحدة بالقفز على سياج الدولة القطرية ، وكلما أنجزنا المزيد من دور الفعل الجماهيري على أرض الدولة القطرية ، كلما تمكنا من تقريب المسافة لإنجاز المشروع القومي الوحدوي ، فمن غير الجماهير يتمكن من صناعة الوحدة ، والجماهير التي لا تنعم بالحرية والعدالة والديمقراطية لا يمكنها أن تكون صاحبة قرار، فالاحرار وحدهم من ينجز المشاريع القومية الوحدوية ، وليسوا العبيد الذين يقبعون في ظل الخنوع والذل والاستبداد ، وعلى الرغم من تحقيق كل الوحدات القومية بالقوة، كالوحة الالمانية والايطالية والامريكية ، فقد ولى عصر تحقيق الوحدة بالقوة ، ولا سبيل من طريق بديل عن البوابة الجماهيرية ، وبالاسلوب السلمي الديمقراطي .

dr_fraijat45@yahoo.com
 





السبت ١٦ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة