شبكة ذي قار
عـاجـل










في سبعينيات القرن الماضي، أوفدتني مجلة ( ألف باء ) إلى محافظة البصرة لإجراء لقاءات وكتابة تحقيقات صحفية، وزرت مدينة الفاو للكتابة عنها، وطلبت من المسؤول الحزبي للمدينة، يومذاك، السيد علي السعدون ( أبو تحسين ) تسهيل مهمتي في زيارة أقدم مدرسة ابتدائية في قضاء الفاو، وعندما زرتها طلبت من مديرها إطلاعي على سجلاتها القديمة التي تعود إلى فترة الاحتلال البريطاني للعراق في عشرينيات القرن الماضي، فوجدت فيها من الطرائف والعجائب والغرائب الكثير، منها أن ضابطاً بريطانياً زود المدرسة بقالب ثلج وأجبر تلاميذ المدرسة على الاصطفاف لتقديم الشكر والعرفان لذلك الضابط بصفة مذلة.

غير أن أغرب ما وجدته في تلك السجلات هي ذكر كل طالب وديانته ومذهبه.

وواضح أن ذلك تم بموجب سياسة واضحة للاحتلال لخلق انقسام طائفي في المجتمع العراقي وتكريسه.

ذكرني بهذا كتاب إيفاد لمجموعة من ( الصحفيين ) و ( الإعلاميين ) ينتمون إلى ما يسمى ( اتحاد الصحفيين "العراقيين" ) إلى إيران، وقعه رئيس الاتحاد المدعو عبد المجيد علي المحمداوي، الذي أسمع باسمه لأول مرة، وأنا الذي قضيت في هذا الميدان أكثر من 43 سنة، كما أسمع لأول مرة بأسماء ( السادة ) أعضاء الوفد الذي قوامه 36 شخصاً ثبت في كتاب الايفاد مذهب كل واحد منهم أمام اسمه وكلهم من ( الجعفرية ) .

لا يحتاج المرء إلى كبير عناء لكي يعرف أن هذا الاتحاد تم تأسيسه بديلاً لنقابة الصحفيين العراقيين لشق صفوف الصحفيين وبث النعرات الطائفية فيه، على الرغم من أن رأس النقابة منخرط في تأييد كتلة طائفية ويعمل لحسابها.

إن ذروة الانحطاط والسقوط أن يزرع كيان طائفي في الجسم الصحفي العراقي الذي ما عرف مثل هذه الأمراض في السابق والذي من المفروض أن ينأى بنفسه عن الانتماءات الضيقة ويتمسك بالانتماء الأكبر للوطن والأمة، فالصحفيون والإعلاميون هم قادة المجتمع، وهم كالصلاة إذا قبلت قبل ما سواها واذا بطلت بطل ما سواها.

أنا مطمئن إلى أن الصحفيين العراقيين محصنون ضد الطائفية، وأن أي جسم غريب سيرفضه الكيان الصحفي الوطني الحصين، ولكني أتوسم أن ينهض الصحفيون الوطنيون لفضح هذا الاتحاد الذي تسيره إرادة أجنبية طائفية، والذي كان تأسيسه مؤامرة على الكيان الصحفي وعلى كل صحفي شريف، كما أتوسم أن ينظف الصحفيون العراقيون نقابتهم من الطارئين والطائفيين والفاسدين، وينتخبوا من بينهم زملاء وطنيين أكفاء مهنيين ليعيدوا إلى هذه المهنة الشريفة ألقها وبهائها وإشراقها، وهم قادرون على ذلك بعد أن أفضت وقفتهم الموحدة الرائعة إلى الإفراج عن زميلتهم أفراح شوقي التي اختطفتها الأجهزة الحكومية من بيتها، وهو موقف سيسجله لهم التاريخ.

لكن الأمل مازال كبيراً بوقفات أكبر للصحفيين الوطنيين في طريق تحرير الوطن والشعب وتخليصهما من إفرازات الاحتلال.





الاربعاء ١٣ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة