شبكة ذي قار
عـاجـل










تعوّد البعثيّون خاصة والعرب عموما على توالد موجات لا تنقطع وتيرتها من التّشويه المغرض القديم المتجدّد ضد فارس الأمّة العربيّة وشهيدها البطل الخالد السّعيد صدّام حسين وذلك في كلّ موعد لاستذكار وقفة العزّ والشّموخ التي أثّثها باقتدار بارع شهيد الحجّ الأكبر في مشهد مهيب وملحمة حبلى بالمعاني والدّلالات والرّسائل متعدّدة الأبعاد والمضامين والوجهات.

وفي الحقيقة، ما انفكّت هذه الحملات تفقد جدواها وتهدّد مصداقيّة العاكفين عليها والدّافعين لها من كبريات الجهات السياسية والإعلاميّة وخاصّة العربيّة، وذلك بالنّظر لتبيان الحقائق الساطعة حول حقيقة الشّهيد من جهة ولتكشّف الدّوافع المغرضة التي غذّت حملات تلك الجهات تشنها من جهة أخرى.

ليس من النّبوغ في شيء التّذكير بأنّ محاولات تشويه حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ لم تنقطع يوما منذ بداية تأسيسه، وأنّ مناوءة أعداء الأمّة التّقليديّن للحزب وهم الاستعمار والصّهيونيّة والرّجعيّات العربيّة والعدوّ الفارسيّ الإيرانيّ والجهات الطائفية الاخرى، إنّما لإدراكهم للمشروع الوحدويّ والنّهضويّ الرّساليّ والتّنمويّ الشّامل الذي أفصحت عنه أولى تبشيرات البعث ورجالاته في عهد حكم البعث في العراق. وبالتّالي فإنّ استهداف صدّام حسين ورفاقه بهذا الكمّ من التّشويه والتّبشيع والشّيطنة إنّما يأتي في إطار انتقام أعداء الأمّة من البعث وقائده ومن تاريخ الرّجل النّضاليّ لأنّه شكّل في مواقفه كافّة المحارب الشّجاع والمقاتل الصّادق والفارس الأمين الذي لم يتقاعس يوما عن أداء واجباته الوطنيّة والقوميّة والإنسانيّة بمنتهى الحزم والصّبر والإيمان.

وليس من النّبوغ بالقدر ذاته، الزّعم بأنّ استمرار محاولة شيطنة الرجل وقد ارتقى شهيدا خالدا سعيدا رغم مرور عشر سنوات على انتقاله لربّ رحيم هو ردّ طبيعيّ واعتراف لا مناورة فيه من قبل الأعداء على فشلهم في تحقيق ما كانوا يصبون إليه من وراء تشويههم له ولحزبه وذلك بالنّظر لتعثّر جميع مشاريع ومرامي الأسياد الذين كلّفوهم بتبييض جرائمهم وحملاتهم الإرهابيّة التي انطلقت منذ عدوان الخميني المجرم على العراق عام 1980 مرورا بالحرب الثّلاثينيّة والحصار الجائر وصولا للغزو البربريّ الغاشم عام 2003 وما تلاه.

لقد قدّمت قناة الجزيرة تزامنا مع الذّكرى العاشرة لعرس الشّهادة تقريرا ضالاّ مضلّلا حول صدّام حسين وحاول المشرفون عليه تقديم وجبة جديدة من التّلفيقات والادّعاءات تعمد للنّيل من الشّهيد بطرق تتّسم بالتحيّل والتّعسّف وبالتّالي الضّرب بكلّ اخلاقيّات العمل الصّحفيّ وشروطه الدّنيا.

إنّ التّحايل والتحيّل والتّعسّف وقد طبعت هذه الأبعاد التّقرير كاملا لم تنجح الحبكة السّينمائيّة ولا التّعويل على آخر الأساليب الفنيّة في إخفائها، وجاء تقرير الجزيرة ليؤكّد مرّة أخرى على ما يحوم حول دورها السّلبيّ إذ لا يعقل أن يتمّ تناول قضيّة خطيرة بكلّ مخاطر تداعيات غزو العراق وتدميره وتخريبه وإسقاط نظامه الشّرعيّ عبر تدخّل عسكريّ أجنبيّ غاشم خارج كلّ القوانين الدّوليّة والأعراف والمواثيق والتّقاليد، وتصفية قياداته واغتيال أثمن ما أنجبته الأمّة من علماء ومفكّرين ومهندسين وباحثين وأطبّاء وغير ذلك، بتلك الطّريقة المبتذلة حيث سيطرت عليها السّرديّة العقيمة التي لا عمق فيها ولا تعكس بحال من الأحوال بحثا ولا تدبّرا بقدر ما تعرّي الارتباك المستبدّ بأصحاب التّقرير حتّى افتضح امر خضوعهم لنزعات خطيرة تضرّ بالأمة العربيّة كلّها​.

فاغتيال صدّام حسين باسمه وصفته وعنوانه، في ذلك اليوم والتّأريخ بمدلولاته الدّينيّة والنّفسيّة، ومن قبله استباحة بلاد الرّافدين وتقتيل وتشريد وتهجير أكثر من نصف أهلها وملاحقة البقيّة إلاّ من دخلوا بيوت الطّاعة الأمريكيّة والصّهيونيّة والصّفويّة، ومختلف الجرائم المقزّزة التي ترتكب إلى هذا اليوم ضدّ العراق أرضا وشعبا وتاريخا وحضارات، ثمّ ما تلا ذلك من ارتدادات ضخمة وهائلة عمّقت من حالة التّيه والوهن والضّعف العربيّ للحدّ الذي أصبحت العروبة برمّتها مقصدا للاجتثاث، كلّها مسائل لا يسوّغ الواقع لأيّ خائض فيها مجرّد حصرها في ( ديكتاتوريّة صدّام حسين واستبداده وتسلّطه ) وهو ما يحصر التّقرير في دائرة السّطحيّة والهبوط المفزع ليس لأنّه واقع حال معدّي البرنامج بل لأنّه متعمّد ومقصود ويؤسّس لمهمّات على قدر كبير من الخطورة ومليئ بالشّبهة والرّيبة. وإنّه لمن السّقوط بكلّ معاني السّقوط وأبعاده مثلا، أن يتناول القائمون على هذا البرنامج الأضحوكة، صدّام حسين كظاهرة معزولة عن مساق صيرورة الشّعب العراقيّ والأمّة العربيّة وأن يبرزه في ثوب الفقير المشرّد القادم من الرّيف وهي مسائل توحي كما لو أنّ اقتحامه لعوالم النّضال والسّياسة والفكر لم يكن سوى صدفة أو خطأ ما كان ينبغي السّماح به، ليكذب أصحاب البرنامج مرّتين في هذه النّقطة تحديدا، لأنّ الواقع يتحدّث بإسهاب على أنّ صدّام حسين كان تعبيرة صادقة نقيّة عن بيئته وعن مشاغل وهواجس وتطلّعات أهلها، وأنّه كان يختزن ما يعتمل في صدور شعبه من توق راسخ لضرورة الانقلاب على واقع بائس رديئ فرضته مجاميع الأعداء فرضا، وصدّام حسين سليل أرض لا ينكر إسهامها الحضاريّ والفكريّ إلاّ الجاحد أو المأجور أو العميل أو المكلّف بمهمّات لصالح الأعداء.

وإنّنا لا ندري حقيقة ما الذي أراد التقرير تحقيقه من هذه المسألة تحديدا؟؟ بل كيف ينسى أصحابه السّجلّ الحافل لصدّام حسين في مقارعته للواقع السّياسيّ في العراق وقتها وكيفيّة تعامله معه ما كلّفه السّجن مرارا وهو ما يزال في سنوات شبابه الأولى، ومن ثمّ مغادرته العراق طلبا للعلم من جهة وتفكيرا وتخطيطا حازما لا يفتر لتهيئة مستلزمات تغيير الواقع.؟

ثمّ هل يليق بمنبر إعلاميّ يزعم أنّ له ملايين المتابعين، ويفرض عليه ذلك أن يحترمهم ويحترم ذكاءهم، أن يبرز الفقر والسّجن حاجزا يحول دون دخول غمارة السّياسة والفكر والنّضال والتّفوّق فيها؟

وإنّه بتتبّع أهداف البرنامج والقناة المغرضة في تشويه الرّجل بشتّى الوسائل، يمكننا ههنا أن نسجّل التّضارب الكبير لدى هذه القناة في هذا المحور تحديدا، إذ يكفي الرّجوع للوراء قليلا لنلامس احتفاءها بكثير من مشاهير العالم والسّياسة خصوصا وتثمين تفوّقهم وتحدّيهم للفقر وللسّجّان، وحسبنا عشرات التّقارير التي قدمتها إكبارا لتشي غيفارا ونلسون مانديلا وهوغو تشافاز وغيرهم كثر.

لماذا حصرا، يغدو الفقر والسّجن لأسباب سياسيّة بحتة مثلبة الأبطال متى تعلّق الأمر برَمز عربيّ سيّما صدّام حسين؟
ولا تكتفي الجزيرة بتقريرها هذا بهذا الحدّ من الميكانيكيّة الرّديئة والسّطحيّة المثيرة في تناولها لإحدى أكبر الشّخصيّات التي شغلت وما تزال الرّأي العامّ العربيّ والعالميّ بل وتأسر ألباب مئات الملايين كصدّام حسين، بل عملت في تقريرها على المزج والتّناوب بين الإساءة للشّهيد والإساءة لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ مدّعية أنّ للحزب جناحين أحدهما عسكريّ بقيادة الرّفيق الأب القائد طيّب الذّكر أحمد حسن البكر والآخر مدنيّ بقيادة صدّام حسين، في إحدى أكبر المغالطات المغرضة لأنّ العارفين بطبيعة الحزب وتاريخه في الحدود الدّنيا يدركون سَفَه مثل ما جاء في التّقرير، وأنّ حزب البعث العربيّ الاشتراكي هو حزب مدنيّ بامتياز يؤمن ويقوم أساسا على العمل الجماهيريّ ويعوّل فقط على أبناء الأمّة العربيّة وطليعتها ويسعى لبناء الإنسان العربيّ المثاليّ وصقله وإعداده للمهامّ الثّوريّة الرّساليّة الكبرى التي تميّز أمّته نظرا لوضعها العامّ وما تعانيه من تكالب الأمم عليها وعملها لتهميشها وإقصائها من أيّ إسهام حضاريّ، وحزب البعث في مقرّراته وفكره وتنظيمه ونظامه الدّاخليّ حزب يشدّد على انتهاج العمل السّلميّ في الوصول للسّلطة وكان أن شارك مرّات ومرّات في محافل انتخابيّة في أكثر من قطر عربيّ بل تعرّض لأكبر مؤامرة في تاريخ العرب الحديث من حيث الانقلاب عليه كما حدث في سوريّة عام 1966، فكيف استقرّ هذا الحكم عند الجزيرة وطواقمها؟ وتستمرّ رحلة المغالطات والتّشويهات المريبة لتذهب الجزيرة بعيدا حدّ الزّعم بأن الرفيقّ أحمد حسن البكر ( لم يتنحّ طواعيّة عن السّلطة ولكن صدّام حسين من أجبره على ذلك )، وهذه في حدّ ذاتها فرية تعمّد أعداء البعث على ترديدها دوما على الرّغم من فضح خسّة مروّجيها وكشف لدناءة مقاصدهم من ورائها.

فصدّام حسين ومنذ انضمامه للحزب كان موضع ثقة رفاقه كلّهم على اختلاف درجاتهم الحزبية وتأثيرهم في الشّأن الحزبيّ، ولم يكن ذلك عبثيّا بل لما حازه صدّام حسين من خصال نضاليّة عديدة تنوّعت بين الانضباط الشّديد والتزامه الصّارم بخطّ الحزب العامّ وتقيّده بتنفيذ أوامره وإنجاحها ناهيك عمّا تميّز به من قدرة على المبادرة والاستنباط والإضافة النّوعيّة سواء ميدانيّا أم فكريّا ما بوّأه مكانة مميّزة في شخص مؤسّس الحزب الرّفيق القائد المؤسّس أحمد ميشيل عفلق رحمه الله وقد عبّر عنه كأحسن تعبير قائلا "لقد كان صدام حسين هديّة البعث للعراق وهديّة العراق للأمّة" وهو ما يسقط ادّعاءات الجزيرة نهائيّا في هذا الصّدد، لأنّ الرفيق الأب القائد أحمد حسن البكر تنحّى عن السّلطة بسبب حالته الصّحيّة التي قدّر الأطبّاء أنّها تمنعه من مواصلة أداء مهامّه على أحسن وجه في ظروف دقيقة كتلك التي يمرّ بها العراق وقتها، وكان من الطّبيعيّ أن تنتقل السّلطة لصدّام حسين لأنّه كان نائب رّئيس مجلس قيادة الثّورة وهكذا كان ينصّ الدّستور العراقيّ.

ولا نعلم ههنا مثلا أيّ عيب في هذه الحادثة تحديدا؟؟ أفلا يعتري الزّعماء ما يعوقهم عن استكمال مهامّهم وهل يوجد رئيس أو ملك مخلّد؟؟

وماذا لو سألنا الجزيرة والقائمين عليها السّؤال التّالي : ​هل​ ​يمكن تفسير تولّي الأمير تميم الحكم بعد والده على أنّه ثمرة تأمر هذا إذا قبلنا بطريقة قناة الجزيرة في تفسير الأحداث؟ ​

بل وبما أنّ الجزيرة حريصة على الانتقال الدّيمقراطيّ وعلى التنّاوب على السّلطة حسب مقاييس الدّيمقراطيّة اللّيبراليّة، لماذا لم تخض منذ نشأتها في غرّة نوفمبر 1996 ولغاية اليوم في أيّ شأن يخصّ قطر؟؟

أمّا حديث الجزيرة في تقريرها عن النّفط وملابسات الحرب الإيرانيّة العراقيّة فإنّهما نقطتان لا نحسب أبدا أنّهما تخدمان مساعي الجزيرة في مزيد من محاولة شيطنة صدّام حسين والتّشويش على محبيّه ورفاقه وتلامذته بمناسبة استذكار عرس شهادته العاشر.

فحسب صدّام حسين أنّه رائد حزب عملاق كحزب البعث جعل من نفط العراق نفطا لخدمة كلّ العرب، واستثمر عائداته لا لتنمية العراق والنّهوض به فقط، بل واستفادت منه أغلب الأقطار العربيّة من خارج الدّول المنتجة للنّفط كتونس ومصر والأردن وموريتانيا واليمن وخاصّة فلسطين حتّى في أحلك الظّروف التي مرّ بها العراق.

وبخصوص عدوان الخميني الغادر على العراق، فلقد كان جديرا بالجزيرة أن تتحاشى هذه الفاصلة رغم خطورتها لأنّها لا تخدم أبدا وجهة تقريرها ولا أهدافها في النّيل من صدّام وتنفير الجماهير منه، لأنّه ما من أمر أيسر من إثبات كيف انقلب الخميني على اتّفاقيّة الجزائر التي ادّعى بأنّها تخصّ النّظام الشّاهنشاهيّ وأنّه بمجرّد سقوطه تسقط معه المعاهدة، وكان عليها أن تنتبه كثيرا لسلسلة الاعتداءات الطّويلة على العراق من إيران الخمينيّة والتي سعى العراق جاهدا لتسويتها سلميّا. أمّا الحديث عن ادّعاء صدّام النّصر للعراق إبّان الحرب الظّالمة التي فرضها المجرم الشّعوبيّ الخمينيّ فإنّه حديث سخيف مضحك تتكفّل الوقائع بنسفه وخصوصا إعلان الخميني وقف إطلاق النّار وتصريحه الأشهر الذي اعتبر فيه اندحاره كما لو أنّه يتجرّع السّمّ الزّعاف. أَوَليس من يقبل مجبرا بوقف حرب أصرّ على إدامتها ثماني سنوات هو مهزوم بكلّ مدلولات الهزيمة ومعانيها واستتباعاتها؟؟؟ ثمّ أليست الجزيرة قناة عربيّة وعروبتها توجب أن تكون دقيقة في الحديث عن وقائع تاريخية عربيّة؟

صفوة القول، إنّ تقرير الجزيرة لم يكن ذا طابعا صحفيّا بالمرّة لما سيطر عليه من سطحيّة مقرفة، ولتعمّد معدّيه قلب الحقائق وطمسها وفبركة بدائل مصطنعة في مسعى خبيث لمزيد النّيل من صدّام حسين ما يسمح بترسّخ ​فكرة ​​أنّها تستهدف ​تدمير البنية النّفسيّة للمواطن العربيّ .

نقول للجزيرة وبشكل خاصّ من أعدّ التّقرير المدلّس: اعلموا أنّ من يعادي حزب البعث ويحاول تشويه صورة الشّهيد صدّام حسين
​يخدم الصّهيونيّة والفارسيّة الصّفويّة وبهذا سيساهم في طعن العرب في ظهورهم، ومصيره حتما ​الفشل والخذلان.

لجنة نبض العروبة المجاهدة

ادناه روابط تقارير الجزيرة الظالمة باللغتين العربية والانجليزية
https://www.youtube.com/watch?v=f_Wuqm22gUU

https://youtu.be/q6KQp8MXrgk





الاربعاء ١٣ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة