شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ اندلاع الأزمة السورية تداخلت فيها المحاور وتشابكت وتآلفت وتصادمت؛ وكان من أبرزها على الإطلاق المحور الروسي الإيراني الذي تمترس لجانب النظام الأسدي وتولى دعمه بمختلف السبل سواء السياسية أو الأدبية أو الإعلامية أو العسكرية؛ واستخدم الروس الفيتو في مناسبات عدة شكلت حماية لنظام دمشق وأتاحت له مزيد المرونة في التنكيل بشعب سورية وارتكاب شتى الجرائم بحقه.

وأمام صمود شعب سورية بوجه الآلة القمعية الوحشية الأسدية ما أفقد النظام سيطرته على معظم الأرض السورية وبالتالي تصاعدت احتمالات تهاويه؛ لم يتورع الروس بالنزول بكل ثقلهم العسكري على الأرض للحؤول دون سقوط بشار الأسد وذلك بتنسيق عالي مع الفرس الحليف الاستراتيجي لنظام دمشق.

خلق التواجد العسكري الروسي معادلات جديدة على الأرض أعادت الصراع لحلقته الأولى وهي المنضبطة تماما للقرار الأمريكي القاضي بإدامة الصراع لأطول وقت ممكن على قاعدة لا غالب ولا مغلوب؛ وكذلك تخريب سورية وإنهاك شعبها لأبعد حد ممكن بما يسمح بتقسيمها مستقبلا على أسس مذهبية وعرقية.

حافظ الملف السوري على تعقيداته المتواترة وغموضه المتصاعد؛ وتعمق ذلك ببروز ملامح تصدع التحالف أو بداية تفكك التوافق والتماهي والتطابق الروسي الإيراني مؤخرا؛ ويعود هذا التنافر الخفي أو الذي لم يعبر عن نفسه بطلاقة ووضوح كبير لجملة من الحسابات والمصالح لكلي الفريقين.

فالفرس يعتبرون أنفسهم أحق الأطراف المتداخلة بقطاف ما تؤول إليه تطورات الوضع في سورية بالنظر لما قدموه من دعم لرأس النظام وما يعتبرونه تضحيات جساما تفصح عنها خسائرهم في الأرواح والعتاد حيث يتجاوز قتلاهم من كبار الضباط والجنرالات عشرات المئات؛ دون نسيان عشرات الميليشيات الطائفية المتحالفة مع الأسد والمقاتلة بجانبه وهي المرتبطة رأسا بطهران؛ وترى إيران أن كل هذا لا يسوغ لأحد منازعتها في القسم الأوفر من كعكة سورية حتى إن كانت روسيا بوتين.

وبالقدر ذاته؛ تعتبر روسيا نفسها الطرف الأهم الذي وقى نظام دمشق من انهيار محتوم ؛ وعليه فإن لها نصيبا وفيرا لا تغبطه عليه في سورية إيران ولا غيرها.

فمصالح إيران ومصالح روسيا وإن بدتا متجانستين ظاهرا؛ فهما على النقيض من ذلك في الجوهر.

هذا وتظل المفارقة الكبرى في هذا الصراع الخفي بين مصالح الروس والفرس هو تقيدهما الشديد بما تسمح لهما أمريكا تحديدا.

لقد عبرت إيران صراحة عن استيائها من تنامي نفوذ حليفها الروسي في سورية؛ ومرد ذلك تأكدها من تقلص دورها هناك منذ انطلاق موسكو في حضورها العسكري فتحولت لمجرد شرطي لا قدرة له على تجاوز أمر الجنرالات الكبار؛ وتعمق توجس إيران من تطلعات الروس خصوصا بعد التقارب الروسي التركي وتشديد بوتين على محورية دور أنقرة في تسوية مرتقبة في سورية.

إن إيران لا يمكنها السماح لأي طرف بتهديد مصالحها الاستراتيجية؛ وهي تعتبر تقارب موسكو مع أنقرة ضربة جدية لعملها على البروز كقوة إقليمية رئيسية ومؤثرة في المنطقة الأخطر في العالم؛ حيث ساهم الروس في فك العزلة على تركيا والتي تزايدت بعد الانقلاب الفاشل وما رافقه من تصدع في العلاقات التركية والأمريكية .

إن تصريح أحد كبار المسؤولين الفرس الذي شدد فيه على أن سورية هي المقاطعة الفارسية الخامسة والثلاثين لا يمكن قراءته إلا من زاوية نفاذ صبر طهران حيال الدور الروسي في سورية.





الاربعاء ١٣ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة