شبكة ذي قار
عـاجـل










انقطعت عن الكتابة في صفحتي، منذ مدة مديدة، واكتفيت، لكي أكون حاضراً، بنشر ما يذكرني به ( الفيس بوك ) من كتاباتي القديمة.

قال بعض الأصدقاء إن فائدة نشر الكتابات القديمة والتذكير بها لا يقل أهمية عن الكتابات الجديدة، فهو يؤشر ثبات بوصلة الكاتب على أهدافه، وقال آخرون إن ذلك علامة نضوب، وتوقع آخرون إني حدت عن بوصلتي، والحال أني كنت منشغلاً بمشاريع كتابية أخرى تصب في أهدافي نفسها، وهي أكثر ديمومة من الكتابات اليومية وأبقى، غير أني لم أترك مراقبة الأحداث والمآسي التي يمر بها وطننا وشعبنا، ولا انقطع الحوار يوماً بيني وبين شباب من وطننا يبحثون عن سبل الخلاص، ولم أنقطع عن متابعة المشاريع، التي تلبس لبوس الوطنية والمتناسلة بسرعة من رحم العملية السياسية الاحتلالية والراقصة على مأساتنا.

لا يخيفني شيء مما يحاك في السر وفي العلن من مخططات ومؤامرات لتكريس مأساة وطننا ما دمت مراهناً على وعي أبناء شعبنا وشباب وطننا الذين أكسبتهم المأساة وعياً حاداً.

ولكن لفت نظري أن أحد الكتاب الجدد، من الشباب الذين يعرضون عليّ كتاباتهم قبل نشرها قد تغيرت نبرة خطابه، في مقالة أخيرة كتبها، فأخذ يستخدم عبارات من مثل ( الساسة السنة ) و ( الساسة الشيعة ) و ( المكونات العراقية )، وأنا لم ألمه ولن ألومه فوسائل الإعلام كلها تتداول هذه المصطلحات المقيتة، وهي مدوخة لشاب طالع، ولكني اعتذرت من مباركة موضوعه، وأخبرته أني أشم من نصه روائح طائفية عطنة، وبينت له وجهة نظري ولماذا ننبذ مثل هذه المصطلحات، واقتنع أخيراً ووعدني أنه سيعيد صياغة موضوعه ضمن الرؤية التي ناقشناها.

لماذا ننبذ هذه المصطلحات ما دامت شائعة؟
هل ننجر إلى الكفر إذا شاع الكفر بين الناس؟
هل تنطبق على هذه المصطلحات مقولة إن الخطأ الشائع خير من الصحيح الضائع؟

قطعاً سيكون الجواب عن السؤالين الأخيرين ( لا )، وسأستعين بما كتبه الدكتور كاظم عبد الحسين عباس للإجابة عن السؤال الأول، فهو قدم لنا إجابة واعية رائعة، بقوله : إن ( إطلاق تسمية الساسة السنة والساسة الشيعة في العراق مصيبة لا تقل عن مصيبة الاحتلال والعملية السياسية التحاصصية المجرمة .. إنها كذبة كبرى .. كفانا مجافاة للحقيقة والواقع.. كفانا تلاعباً بالمصطلحات والألفاظ كما تخرج من أفواه المحتلين والمفكرين الاستراتيجيين الذين يخدمون مشروع ذبح العراق ..

لا يوجد سياسيون سنة
ولا يوجد سياسيون شيعة

توجد عملية سياسية أمريكية إيرانية صهيونية تستخدم عملاء وخونة ومرتزقة وتقاتل بضراوة لتثبيت أقدامها وتوسيع قواعدها في وسط إما يائس وإما منتفع ) .

ويساند هذا الجواب ما قالته استاذة علم الاجتماع الدكتورة منى العينه جي، في بوست بليغ نشرته على صفحتها، وإذا كان هناك من يقول إن الدكتور كاظم عبد الحسين عباس بعثي ومن الطبيعي أن يكون هذا خطابه، متناسياً إن الدكتور كاظم عراقي قبل أن يكون بعثياً، فالدكتورة العينه جي وطنية مستقلة، وربما هي معارضة لبعض سياسات البعث، فهي تقول : ( لا أطالب بالعودة إلى الفروسية، بل إلى أخلاقيات الفرسان في شجاعة الكلمة بوجه قوى الحكم الفاسد.. وحماية الشعب من الذل والمهانة ودفعهم للبحث عن وطن بديل عن أوطانهم واتخاذ القرار الشعبي الصارم الذي يحمي الوطن من التجزؤ والتشرذم.. نحن نشكو من قادة بلا ضمير وشعوب مغتصبة .. اغتصبت ثقافتنا وأصبحنا نتباهى بحمل ثقافة المغتصب .. وهذا موطن الضعف أننا أضعنا عقولنا وثقافتنا العقلانية وتمسكنا بثقافة الخرافة والأسطورة ...

نحتاج إلى تثوير العقل والثقافة والعمل على انتشال ما غمرته المادية وأغرقته النفعية وتتحمل النخب العاقلة النظيفة المترفعة عن الدنية المسؤولية كاملة لاستحداث لغة وخطاب ثقافي مقنع يتماشى مع العصر ولا يتنازل تماماً عن الأساسيات التي تعرفها شعوبنا ).

إن من بعض ثقافة المغتصب، التي قالت العينه جي أننا نتباهى بحملها هي ترديد بعضنا بنحو ببغاوي ما يصدره لنا المغتصب من مصطلحات، وإني أتطابق تماماً معها في تحميل ( النخب العاقلة النظيفة المترفعة عن الدنية ) المسؤولية كاملة عن شيوع ما يريده المغتصب لوقوفهم متفرجين من دون أن يجترحوا ( لغة وخطاب ثقافي مقنع يتماشى مع العصر ولا يتنازل تماماً عن الأساسيات التي تعرفها شعوبنا ).

هل عرفتم، الآن، لماذا ننبذ المصطلحات المتداولة ونتمسك بمصطلحاتنا الوطنية والقومية التي يقول الجاهلون إنها ذهب زمانها وأصبحت من الماضي الذي لن يعود؟





الاربعاء ٣٠ صفر ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تشرين الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة