شبكة ذي قار
عـاجـل










كان العام 2013 في العراق، عام الانتفاضات الشعبية في محافظات الأنبار الستة الثائرة في وجه حكومة الاحتلال، وتحقق فيها إنجازات كبرى كادت تطيح بتلك الحكومة.

وكان النصف الأول من العام 2014، مرحلة الرد الحكومي بواسطة القمع الدموي للانتفاضات الشعبية، التي بدلاً من أن تتراجع من هول الجرائم التي ارتكبت بحق الجموع الشعبية، فقد وصل الثوار إلى أسوار بغداد، معقل حكومة العمالة. ولكن ...

بدءاً من منتصف حزيران من العام 2014، وبعد أن عجزت حكومة المالكي عن قمعها، ابتدأت فصول مسرحية القضاء على الانتفاضات الشعبية بغزوها من داخلها، كما حصل في العام 2006، في ذلك العام ابتكرت أجهزة المخابرات الأميركية ( مسرحية دخول أبي مصعب الزرقاوي ميدان تحرير العراق )، الذي بدلاً من التوجه إلى قتال جنود الاحتلال الأميركي، فقد وضع إمكانياته في مواجهة أبطال المقاومة الوطنية العراقية، وجرها إلى قتال جانبي بعيداً عن قتال الاحتلال، وفي ظل تلك المواجهات الجانبية ابتكرت مخابرات الاحتلال ( ظاهرة الصحوات ) من أبناء محافظات الأنبار وصلاح الدين، الذين جندتهم لوضعهم حارساً أميناً لقوات الاحتلال الأميركي في مواجهة أبطال المقاومة.

بعد أن وصلت طلائع الثورة الشعبية إلى أسوار بغداد في أوائل حزيران من العام 2014، كان السلاح الذي استخدمته مخابرات الاحتلال في العام 2006، إشغال المقاومة من الداخل، ماثلة في أذهان مخابرات التحالف الأميركي – الإيراني، الثنائي المحتل، فابتكرت ( مسرحية داعش ) التي دخلت إلى الموصل في أواسط حزيران من العام 2014، وامتدت من بعده إلى المحافظات الثائرة الستة. وحيَّرت سرعة امتدادها كل المحللين الذين انبهروا بالحدث السريع. وظلَّت الأسئلة تتواصل استفساراً عن أسباب تلك النقلة ( السوبرمانية ) لتنظيم داعش. والتي أخذت فيه أصابع الاتهام تشير إلى دور مشبوه قام به نوري المالكي في تسليم الموصل للتنظيم. ومرَّت الأيام التي انشغل بها الإعلام المعادي والتي راح يتهم المقاومة الوطنية العراقية بالتعاون مع داعش، أو اتهام المقاومة بأنها هي داعش، أو على أقل تقدير هي التي ابتكرتها، وأصبح الهدف واضحاً عند القلة القليلة بأن دور داعش لا ينفصل عن مهمة تلويث سمعة المقاومة بتهمة الإرهاب الأصولي.

عاش العالم على وقع أوهام تلك المسرحية، وغفل عقل الغالبية الساحقة في العراق والوطن العربي والعالم عن أهداف تشكيل التحالف الدولي بقيادة أميركا تحت ذريعة ( محاربة الإرهاب ). غفلوا عن الأهداف الحقيقية التي لا تمت بصلة لمحاربة داعش، لأن أجهزة مخابراتها هي التي ابتكرتها. بل كان الهدف المخطط له اجتثاث المقاومة الوطنية العراقية تحت شعار ( محاربة الإرهاب ) الكاذب والخادع. وتحت وقع هذه الأكذوبة تم تدمير الرمادي والفلوجة، تحت سمع وبصر العالم، وربما بمباركة منه. وعلى هذا المنوال، وتحت علم تلك الأكذوبة، تابع التحالف الشرير والشيطاني معركته ضد المقاومة الوطنية والتي عمل على تجريدها من حواضنها الشعبية في كل معارك التدمير التي نفذها، وعاث بتلك الحواضن تقتيلاً وتهجيراً، حتى غصَّت مراكز إيواء المهجرين بملايين العراقيين، وأضاقتهم مرَّ العذاب والإذلال. وكأنه تحذير لكل من سيمد يد العون لمقاومة الاحتلال الإيراني في المستقبل.

بعد أن اطمأن تحالف الحقد الأميركي – الإيراني، إلى أن العالم غافل عن مخططاته، أعلن استئناف عملياته تحت شعار ( تحرير الموصل من الإرهاب )، وانطلقت صفارة الإنذار منذ أواسط شهر تشرين الأول من هذا العام. وحُشد لها عشرات الآلاف من الجنود الحكوميين، بالإضافة إلى عشرات مماثلة من الملتحقين بصفوف الحشد الشعبي المشبوه بعقيدته الدينية المتعصبة. والذي أصبح يثير الخوف في نفوس العراقيين لقذارة أعماله وجرائمه، وإن الهدف من استخدامه ليس لأن يكون أداة عسكرية فحسب، بل أيضاً لأنه الوحيد الذي يثير الغرائز الطائفية عند مكونات المجتمع العراقي الأخرى.

إن معركة الموصل، تكتسب أهمية كبرى في الحسابات الاستراتيجية لتحالف الشر الثنائي، الأميركي – الإيراني. فموقعها الجغرافي الواقع في المثلث العراقي – السوري – التركي، وتركيب سكانها الديموغرافي الذي يتوزَّع بين أكثر المكونات الطائفية في العراق، أكسب معركتها أهمية دولية وإقليمية وعربية استثنائية، ولا يمكن أن يترك لوحده لكي يستثمر نتائجها لمصلحته الاستراتيجية، فالاستفراد سيشكل خطورة كبرى على أمن الأقطار العربية المحيطة بالعراق من جهة، وعلى الأمن القومي التركي من جهة أخرى.

لكل هذا، من المرجَّح أن تتوسع معركة الموصل لتجر إلى خوضها أكثر من جهة إقليمية وعربية. وعلى قلة التقارير التي تتسرب عن أدوار أخرى، فإنه من المرجَّح أيضاً أن يكون هناك الكثير من التجاذبات وراء الكواليس لمنع تحويل الموصل إلى ساحة من المعارك العسكرية الحادة التي قد لا توفِّر من مخاطرها أحداً.

في غمرة ذلك الواقع، الحقيقي منه أو الافتراضي، فقد أدركت قيادة المقاومة، بمعظم فصائلها، خطورة المعركة وأهميتها، وأعلنت عن خشيتها من أن تكون نقطة البداية لتوزيع نينوى كلها إلى محاصصة بين الأطراف الإقليمية، فقد أعلنت في وقت مبكر أنها ستخوض المعركة وستنزل إلى ميدانها تحت شعارات معلنة وهي محاربة كل أنواع الإرهاب كداعش والحشد الطائفي المشبوه، وللمحافظة على عروبة المدينة. وأعلنت أنها لن تترك الفرصة سانحة للاحتلال الإيراني للعراق بأن يحقق أهدافه في توصيل الجسور البرية بين طهران والعواصم العربية الواقعة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.





الاحد ٢٠ صفر ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / تشرين الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة