شبكة ذي قار
عـاجـل










قبل كل شيء أريد أن أثبت عدة نقاط جوهرية في موضوع استهداف عملاء إيران "الحوثيين المشركين" لبيت الله الحرام بصاروخ بالستي :

1 – إن كلمة "للبيت رب يحميه" ليست آية من القران الكريم ولا هي حديث من الأحاديث النبوية الشريفة، وإنما قول منسوب لعبد المطلب جد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، بعد أن استولى إبرهة على إبل سيد قريش، فعندما أراد عبد المطلب إبرهة استرداد ممتلكاته من الغزاة، استغرب قائد الغزو من تصرف عبد المطلب وقال "أجئتني مطالبا بإبلك تاركا ما تزعمه بيت الله؟ فقال عبد المطلب قولته المشهورة "للبيت رب يحميه" ومن كثرة ما ترددت هذه العبارة، ولأن رد الله سبحانه وتعالى في حماية بيته جاء عبرة لكل معتبر، فقد تم الركون إليها وصار المسلمون يتجاهلون الآيات الكريمة التي تحض على الاستعداد وتوفير أسباب النصر وعدم التواكل وما أكثرها، فإذا انصرف المسلمون عن الجهاد وراحوا يأملون بنزول ملائكة الرحمن من دون استعداد المؤمنين للجهاد والقتال في سبيل الله ونصرة دينه، فإن الله سلط عليهم أعداءه وأعداء نبيه ودينه ليذيقوا المؤمنين ثمن تقصيرهم وعدم أخذهم بأسباب النصر الذي هو في النتيجة النهائية من عند الله شرط تهيئة مسلتزماته، ولعل في نتائج معركتي أحد وحنين ما يغني عن كل درس.

2 – إن لقب "خادم الحرمين الشريفين" الذي اختاره الملك سلمان ومن سبقه من ملوك المملكة العربية السعودية لأنفسهم، يعني باختصار شديد، أن هذه الوظيفة "إضافة إلى خدمة شعب المملكة العربية السعودية، وجعله في أعلى مراتب الأمن والاستقرار والازدهار" السهر على أمن الحرمين الشريفين ومنع أي شكل من أشكال الوثنية المعاصرة أو الشرك الجديد من التسلل إلى مناسك الحج والعمرة، صحيح أن المناسك تم تثبيتها بوضوح في "سورة البقرة" ووردت تفاصيل أخرى في "سورة الحج" إلا إن ذلك لم يكن وكذلك لم يعد كافيا لمنع الأفكار الضالة والممارسات المنحرفة من أن يأتي بها أعداء الله لينخروا الإسلام من داخله بعد أن عجزوا عن مواجهته من الخارج، كما تفعل الملل الخارجة عن ملة الإسلام وخاصة ظاهرة ولاية الفقيه التي أستطيع ومن دون تردد أن أحكم عليها بأنها دين جديد لا صلة له بالإسلام إلا بالإسم ولا بالقرآن إلا بالرسم، وأنها الخطر الأكبر الذي يواجه التوحيد منذ أن خلق الله آدم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهنا لا بد من تأكيد حقيقة أن أحكام الدين معروفة ومتاحة أمام الجميع، ولكن الله لم يترك عباده عبثا من دون نبي أو خليفة ليبين لهم أحكامه ويضعها موضع التنفيذ، ويقول عثمان بن عفان رضي الله عنه "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقران" لهذا فيجب على ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية، التحرك بأقصى درجات الحزم وبأسرع قوة وليضربوا بيد من حديد وبكل ما لديهم من قوة مركز الفتنة في طهران وعدم الاكتفاء بالرد على صنائع طهران "الحوثيين" وكي لا يساء فهم القصد، أنا لا أدعو إلى شن حرب مع إيران بصورة فورية ومباشرة مع أن ذلك لا يعني تجنبها، فهناك ألف وسيلة ووسيلة لتدمير إيران من الداخل وتحويلها إلى دويلات تافهة كما كانت على مر التاريخ، بدعم القوميات والأقليات الدينية والمذهبية من دون شعور بالحرج من فعل كهذا، طالما إيران لا تستحيي من تحدي مشاعر مليار ونصف مليار مسلم موحد، فلا يحق لها أن تطالب بأن تكون فوق الآخرين وفوق الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، فمن يطرق بيت الله الحرام بعدوان أو ظلم أو شرك، عليه أن يتوقع أن كل بيوته هي أهداف مشروعة، ولا يحق لأحد من القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة، أن يمارس على المسلمين ضغطا بشأن مقدساتهم، وإذا ما وجد الملك سلمان نفسه محرجا أمام الولايات المتحدة وخاصة "المشاعر الباطنية" لباراك حسين أوباما، فبإمكان الملك سلمان أن يعلنها صريحة أن الأمر لا يتعلق به شخصيا أو بممتلكات سعودية أو سيادة بلاده، الأمر اعتداء على عرش الرحمن في أرضه وقبلته التي ارتضاها للمسلمين، ولا يوجد إنسان في الأرض مخول بالتنازل عن حق الله أو بالتسامح مع من ارتكب العدوان.

3 – ربما حاولت الولايات المتحدة امتصاص شيء من الغضب الإسلامي الجارف عندما أعلنت أنها أوقفت أربع شحنات سلاح إيرانية كانت متجهة للحوثيين وكأنها تريد غسل يدها الملوثة بجريمة إطالة عمر الأزمات في سوريا والعراق واليمن، لأنها تعرف جيدا بأنها ستكون على رأس لائحة المتهمين في استمرار تمرد الحوثيين حتى الآن، فهي وحدها التي تمنع التحالف العربي من حسم معركة "عاصفة الحزم" وتريدها معركة مفتوحة إلى الأبد كي تتحكم بمسار الأحداث في المنطقة وتواصل ابتزاز المملكة العربية السعودية، لذلك يجب أن تتحرك المملكة العربية السعودية في عدة اتجاهات:

أ – على جماهير المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها سواء عبر وسائل الإعلام أو خطباء الجمعة أو بوفود علماء المسلمين وخطباء المسجد الحرام والمسجد النبوي وإلقاء خطب الجمعة في بلاد المسلمين من أندونيسيا شرقا إلى بلاد المغرب غربا عبر القيام بزيارات إلى مختلف دول العالم وخاصة الإسلامية لرفع درجة الوعي بخطورة المؤامرة التي تقودها أمريكا وتشارك فيها إيران وأحزاب موالية لإيران وتصر أمريكا والاتحاد الأوربي على عدم إدراجها على لائحة الإرهاب لأنها ترى في "دينهم" هذا البديل عن الإسلام الذي توجه له تهم الإرهاب آناء الليل وأطراف النهار.

ب – التحرك على الدول والمنظمات الدولية وتحريك منظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي في نطاق خطة لا تعرف التوقف أو الكلل، ووضع جميع الدول أمام مسؤوليتها التاريخية فإما أن تقف إلى جانب الحق وتنصره، أو أن عليها ألا تتوقع صمتا أو صبرا طويلين فالإمساك بالعصا من الوسط لم يعد ممكنا أو جائزا بعد الآن، إن المرونة لم تعد خيارا مقبولا في علاقات المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة خاصة، وعلى أمريكا أن تشعر بالتهديد الحقيقي إذا ما واصلت الرهان على الحصان الإيراني الخاسر.

4 – عام 1990 وبعد دخول العراق إلى الكويت في ظل ظروف بدأت كثير من صفحاتها الخفية بالظهور تباعا، قامت الولايات المتحدة بأكبر عملية تلفيق استخباري وذلك بتقديمها صورا من الأقمار الصناعية لما وصفته بحشود عراقية مزعومة على حدود المملكة، فأرادت بذلك إيصال حالة الشد العصبي إلى درجاتها القصوى وحسم الموقف السعودي إلى خانة الحلف العدواني على العراق، وفعلا نجحت إدارة بوش الأب في استدراج المملكة العربية السعوديبة إلى حرب عالمية على العراق بداية عام 1991، ما زال العرب يدفعون ثمن خطأهم الاستراتيجي في عدم التعاطي الواعي مع مسبباتها ومآلاتها، فهدف أمريكا هو الإمساك بخيوط اللعبة فترفع درجة الاحتقان السياسي والعسكري، أو تمارس ضغوطا من أجل فرض حالة الاسترخاء، وفي كلا الحالتين فهي لا تخسر شيئا بل تواصل تعميق نفوذها وتوسيع تجارة السلاح، لذلك على المملكة العربية السعودية إشعار أمريكا أن الأمر تجاوز كل المحرمات ولم يعد الأمر خاصا بها.

5 – على المملكة العربية السعودية أن تتوقف عن تقديم الدعم المفتوح للآخرين "دول أو منظمات" من دون شروط، ويجب عليها أن تكف عن لعب دور جمعية خيرية أو منظمة إنسانية، هذا حق من حقوقها ولا عيب فيه أبدا ولا يحق لأحد مجادلتها فيه، لقد أنتجت باكستان القنبلة الذرية بالدعم المالي والمظلة السياسية السعودية، ولكن هل كانت باكستان تستحق قليلا مما حصلت عليه؟ وهل ردت جزء منه؟

من يراقب المشهد يرى أن باكستان أقرب في سياساتها إلى إيران من المملكة العربية السعودية ربما خشية من قدرة إيران على تحريك الشيعة في باكستان، وربما لأن الجحود هو صنعة خاصة بشبه القارة الهندية، باختصار شديد إيران لا تتردد في توظيف دعمها لأي بلد أو حزب أو مليشيا بشرط الولاء الكامل لولاية الفقيه، ومع أنها على باطل فإنها تحقق مكاسب على الأرض تفوق كثيرا حجم ما تقدمه من أموال، لأنها تتابع مشاريعها بإلحاح يصل حد القرف، وفي أحيان كثيرة تدس عناصرها على مشاريع المملكة العربية السعودية فتجيّر كل نتائجها لصالح الولي الفقيه وضد مصالح المملكة العربية السعودية، كما حصل مع عشرات المساجد والمراكز الإسلامية التي أقامتها السعودية ولكنها تحولت في ليلة ظلماء إلى سيطرة مافيات المخدرات والمتعة.

6 – على السلطات السعودية مراقبة الفضائيات ومحطات التلفزيون والصحف التابعة لها أو الممولة من قبلها، وخاصة العربية والحدث، وعدم السماح لها بتبريد القدر الساخن أبدا، بل على العكس يجب النفخ في هذه النار لأن الأمر وكما قلت أكثر من مرة لم يعد يتعلق بسمعة المملكة أو مصالحها، الأمر يتعلق بجوهر عقيدة المسلمين وقبلتهم وأنا شخصيا لا أخول أحدا كائنا من يكون، للتعامل مع محاولة العدوان على قبلة المسلمين على أنها قضية قابلة للتسوية السياسية، أو يمكن السكوت على استهدافها، وعلى كل مسلم يمتلك غيرة على دينه أن يعلن هذا بصراحة.

7 – يجب تقديم الدعم المفتوح سياسيا وتسليحيا وماليا لكل من يتأكد عداؤه لإيران في كل بلاد المسلمين بل حيث تتواجد جاليات إسلامية، ويجب تشكيل مجلس متخصص لهذا الغرض على أن يباشر نشاطه فورا ويخول صلاحيات مفتوحة، ومن دون خجل أو خوف من أمريكا، أمريكا بعد هذه الجريمة يجب أن تعرف حجمها ويجب أن تعرف أنها هي التي أعطت الضوء الأخضر لإيران للتحول إلى عصابة سياسية إقليمية محمية من كل مسائلة أخلاقية أو قانونية، وذلك من خلال اتفاق البرنامج النووي الذي أعطى مزوري التاريخ من مافيات الولي الفقيه، ساحة مفتوحة تتحرك فيها كيفما تشاء طالما كانت لا تهدد المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وفي مقدمة القوى التي يجب أن تحصل على الدعم في المرحلة المقبلة، الثورة السورية والمقاومة العراقية والشرعية في اليمن والقوى المناهضة لحزب الشيطان في لبنان، لتحقيق الانتصارات في سوريا والعراق واليمن على عملاء إيران والذين وضعتهم إدارة الرئيس أوباما تحت مظلة الحماية الأمريكية، فمنعت العرب من كنس النفوذ الإيراني والروسي منها تحت ذرائع مضحكة، يجب تجهيز ثوار سوريا بأحدث الأسلحة من صواريخ مضادة للدروع والطيران ومن أي مصدر يمكن الحصول عليها، وبإمكان تركيا أن تفعل شيئا إذا ما كانت صادقة وجادة فيما تقول فالقول لا ضريبة عليه والأرض هي معيار الجدية وفيها الحد بين الجد واللعب، أما موضوع تحدي المليشيات المرتبطة بإيران لإرادة سنة العراق وتعريضهم لحرب إبادة جماعية وسعيها لتشيع العراق، فيجب أن يواجه بموقف عربي إسلامي حازم، دفاعا من المسلمين عن أنفسهم، فما ينفذ في العراق وسوريا واليمن اليوم إلا صفحات صغيرة من سجل ضخم تعد له إيران منذ وصول الخميني للسلطة واستطاع العراق وقفه عقدين من الزمن، ولكن أمريكا حرضت العرب على سياجهم العالي فالتقت خناجرهم وسيوفهم عليه حتى اكتشفوا بعد فوات الأوان أنهم إنما قطعوا ذراعهم الأيمن الضاربة بأذرع شرقية وغربية ومن كل الملل والنحل.

مع ذلك ربما لم يفت الوقت بعد إذا تصرّف كل واحد منا بما يمليه عليه وعيه وقوة إرادته وشعوره بالاستقلال والسيادة، ونحن كجماهير عربية ومسلمة واعية يجب ألا نسمح للصفقات السياسية أن تسلبنا حق الدفاع عن مقدساتنا مهما كانت الشعارات التي تقف تحتها.





السبت ٢٨ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. نزار السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة