شبكة ذي قار
عـاجـل










في كل مجزرة وحرب إبادة جماعية ضد الإنسانية يفتش الناس عن القتلة والمجرمين وغالباً ما يتقدم الاتهام في الذهن إلى أسماء العسكريين أو قادة المليشيات والعصابات المنفلتة خلال فترات حالات الفوضى، خاصة عندما تتداعى سلطة الدولة بسبب الغزو أو الاحتلال والحروب الأهلية، كما حدث في يوغسلافيا والعراق.

ولعل العالم يتذكر مذبحة سربرينتسا في البوسنة والهرسك في تموز / يوليو 1995 التي راح ضحيتها حوالي 8 آلاف شخص من المسلمين البوشناق، اغلبهم كانوا من الشيوخ والنساء والأطفال. كان عدد النازحين يتجاوز عشرات الآلاف من المدنيين النازحين من ديارهم.

مرتكب تلك الجريمة وحدات من الجيش الصربي بمساعدة مليشيات صربية أطلقت على نفسها " العقارب" كان يقودها سياسي صربي، كان طبيبا نفسيا ،ويدعي كتابة الشعر، يسمى رادوفان كاراديتش، استحق لقب" جزار البوسنة" ، لم يحقق من جرائمه الشنيعة بحق المدنيين الأبرياء سوى العار، بعدها ظل فارا عن وجه العدالة طوال 13 سنة ، حتى تم اعتقاله في 21 تموز / يوليو 2008، بعد أكثر من عشرين عاماً على جرائمه ضد الإنسانية في البوسنة، حُكم على رادوفان كاراديتش بالسجن لأربعين سنة يوم من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وتعد هذه القضية من أكثر محاكمات مجرمي الحرب انتظاراً في أوروبا. بدأت محاكمة كاراديتش المعروف بجزار البوسنة سنة 2009، استُقدم فيها أكثر من خمسمائة شاهد من ضحايا الحرب وواجه خلالها المجرم ما يقارب إحدى عشرة تُهمة، بما فيها أبشع عمليات إبادة جماعية وتصفية عرقية سجلت منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك خلال فترة حكمه فيما كان يُعرف بجمهورية الصرب في البوسنة بين سنة 1990.

كان كاراديتش زعيم الحزب الديمقراطي إبان انهيار يوغسلافيا سنة 1990، وأصبح رئيساً لجمهورية الصرب التي أنشئت في 1992، حيث خاض حرباً أهلية دموية ضد الكروات ومسلمي البوسنة من أجل الهيمنة السياسية على كل الأراضي، حرباً طاحنة قذرة الأهداف، كان كاراديتش مسئولا مُباشراً فيها بصفته قائد الجيش بإعطائه الأوامر للقوات الصربية بارتكاب أبشع عمليات الاغتصاب الممنهج، الترويع والقتل للمدنيين العزل في البوسنة والهرسك ومناطق أخرى .

ومما يبدو، ومن خلال إيغاله في شهوة اقتراف الجريمة، أنه برغم دراسته لطب النفس في الأصل، وكطبيب، إلا أن له شخصية سيكوباثية متوترة، دفعته إلى الإجرام بحق الغير، وهو يرى نفسه انه شهيد شعبه، وبطلا من أبطاله ، ولم يخجل من نفسه حتى عندما قال بالحرف الواحد في إحدى مقابلاته :

) ... يمكننا أن نرى بكل بساطة أن الرئيس، في ظروف مماثلة لا يستطيع أن يفعل الشيء الكثير، وأن معركتي المستمرة كانت من أجل الحفاظ على السلام، منع الحرب وتقليل معاناة الجميع بغض النظر عن الدين، كانت مجهودات يجب أن تُحترم بدلاً من مُحاكمتي ) .

للأسف سجلت أحداث إجرامية وفضاعات مماثلة في العالم مارسها سياسيون امتهنوا قبلها مهنة الطب أو إنهم درسوا الطب ومنهم في العراق، والجرائم المحسوبة على سلطاتهم، وخلال حكمهم ستظل ستلاحقهم أمام محاكم العدالة الإنسانية، ولن يفلتوا أمامها من العقاب المنتظر بحقهم، نشير إلى معارك النجف الاشرف وحصار الفلوجة ومناطق أخرى من العراق.

وفي العراق مارس بعض من هؤلاء الأطباء السياسيين الجرائم الفضيعة؛ بحكم تبوءهم المراكز والمسؤوليات السياسية بعد الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق، ومنهم د. إياد علاوي، د. إبراهيم الجعفري، و د. عامر الخزاعي، ومجرمون آخرون ربما كانوا في أقل موقع لهم في المسؤولية والسلطة في حكومات ما بعد الغزو الأمريكي للعراق.

والأغرب في قصة رادوفان كاراديتش السابقة ، ومثيله اللاحق حاليا الطبيب نجم الدين عمر كريم، إنهما يعتبران أنفسهما وشعبهما مظلومين، وإنهما يمارسان الحق في الانتقام من ضحاياهم من الشعوب والطوائف الأخرى.

وكما كان رادوفان كاراديتش سايكوباثيا، فإنه يذكرني بشخصية سيكوباثية كردية عراقية أخرى تتصدر المشهد السياسي الحالي اسمها د. نجم الدين عمر كريم، وعنوانها الوظيفي محافظ كركوك، وموقعها السياسي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده جلال الطالباني .

نجم الدين عمر كريم أصبح محافظا لكركوك منذ 3 نيسان / افريل 2011. هو من مواليد 1949 في حي رشيد آوا بكركوك، أنهى الدراسة الابتدائية والثانوية في كركوك .1949، تخرج من كلية الطب بالموصل عام 1972، ثم التحق بصفوف البيشمركة. في عام 1976 وعندما مرض الملا مصطفى البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني آنذاك ، كان نجم الدين كريم طبيبه الخاص، حيث رافقه بعد سقوط التمرد الكردي واتفاقية 1975 بين العراق وإيران إلى الولايات المتحدة ،حيث مكث هناك حاصلاً على شهادة الدكتوراه في جراحة الجملة العصبية من جامعة جورج واشنطن. ثم أسس المؤتمر القومي الكردي في شمال أمريكا عام 1988 وأصبح رئيسا له حتى عام 1999. وبانخراطه في دوائر النشاط المعادي للعراق نشط بالتعاون مع مصالح وزارة الخارجية الأمريكية والإعلام الأمريكي الموجه ضد العراق، حيث ظل ينشر العديد من المواضيع المتعلقة بالعراق والقضية الكردية، مفبركا حقائق الأمور حول أحداث الأنفال وحلبة في الجرائد الأمريكية، مثل نيويورك تايمز و واشنطن بوست و لوس أنجلس تايمز وجرائد ومجلات أمريكية أخرى أخرى، كما أسس القسم الكردي لإذاعة صوت أمريكا 1992 و 1996. قبلها وبعدها انضم إلى نشاط المعارضين في لندن من خلال حزب المؤتمر العراقي بقيادة احمد ألجلبي. شارك نجم الدين كريم عام 1991 في أول اجتماع رسمي بين الطرف الكردي ووزارة الخارجية الأميركي وكان نشطا في خدمة شبكات التجسس للمخابرات الأمريكية. تمكن أيضاً من تأسيس المعهد الكردي في واشنطن ويترأسه حتى الآن. شارك في جميع مؤتمرات المعارضة العراقية في فينا ولندن، وساهم أيضا في إبراز وتوضيح القضية الكردية من زاوية معادية للعراق في المحافل الدولية، وهو أول كردي تحدث في الكونغرس الأميركي عام 1991.

عاش نجم الدين عمر كريم بين العاصمة واشنطن وولاية ميرلاند. متزوج وله ثلاثة أولاد وبنت، يقيمون في أميركا ولديه ثمانية أشقاء ، إلا ان كل ذلك الوضع الاجتماعي والمهني لم يقف حائلا دون ارتكابه جرائم ضد الإنسانية في مساره وخدمته الوظيفية والأمنية بعيدا عن اختصاصه كطبيب.

رجع إلى العراق عام 2009 ، ونظرا لرفض الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني لاختياره رئيسا للكتلة الكردية في كركوك فانه وجد ضالته للالتحاق بحزب جلال الطالباني ، عندما حضر في العام نفسه 2009 المؤتمر الثالث للإتحاد الوطني الكوردستاني، أحد الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان، حيث تم انتخابه عضواً في المكتب السياسي. كان يترأس القائمة الكردستانية في محافظة كركوك أثناء انتخابات مجلس النواب العراقي في 7 / 3 / 2011 وحقق الأصوات المطلوبة للوصول إلى برلمان العراق. في بداية الشهر الرابع من 2011 أصبح محافظاً لكركوك، وهو ثاني محافظ لكركوك بعد الاحتلال في 2003 ولا يزال مستمراً في عمله.

مرة أخرى تساعده الفرصة ليصبح نجم الدين عمر كريم، الطبيب الشخصي لجلال الطالباني، فأشرف على علاجه في ألمانيا، وكان الوحيد الذي يعطي تصريحات إعلامية حول حالة الرئيس الصحية، واستغل تلك الفرص ليبني علاقات قوية مع طهران ومع حكومة بغداد، في عهدة نوري المالكي. وعندما ساءت صحة الطالباني زار نجم الدين كريم إيران طامعا في تولي رئاسة الجمهورية في العراق خلفا للطالباني، متنافسا مع د. برهم صالح، ومدعوما من هيرو إبراهيم أحمد، عقيلة جلال الطالباني، لكن توازنات المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني دفعت بالفرصة غير المتوقعة إلى فؤاد معصوم للترشيح لكرسي الرئاسة والفوز بها.

ورغم تقارب نجم الدين عمر كريم مع الدوائر الإيرانية وتعاونه مع حكومة حزب الدعوة وإظهاره الخلاف المفتعل مع مسعود البرزاني، لكونه ظل من مهندسي تنفيذ المادة 140 من الدستور، حول قضية المناطق المتنازع عليها ، فحرص على الوصول إلى منصب محافظ كركوك ، حيث تحتل قضية كركوك العقدة الأساسية لأطماع القادة الكرد، وخصوصا قضية تغيير النسبة الديموغرافية لساكنة كركوك لصالح فرض زيادة للأكراد على حساب العرب أولا والتركمان ثانيا، فكانت سياسة السيطرة على موارد كركوك النفطية هدفا مركزياً ، وانتهاج سياسة القضم التدريجي للمناطق العربية في محافظات ديالى وصلاح الدين، وهي تتطلب خطوات وافتعال أزمات ومبررات لطرد العرب من مناطق لم تكن يوما كردية، يصاحبها وضع البيشمركة اليد على تلك المناطق المتنازع عليها، حسب تعبير الفقرة 140 للدستور المشبوه، امتدادا نحو الحويجة وحتى خانقين وحمين ومناطق هامة من محافظة ديالى ، بل هناك من الأحلام الكردية ما دفعهم إلى رسم حدود كردستان الجنوبية التي وصلت في خرائطهم حتى أطراف من شرق محافظة واسط في زرباطية ومندلي وبدرة وجصان وغيرها. ومنهم من غالى في الامتداد الجغرافي جنوبا حتى جوار مدينة البصرة على الساحل الشرقي لشط العرب، تماثلا مع وضع مينائي العقبة في الأردن مع جواره في ميناء ايلات الإسرائيلي.

لذلك كانت فرصة ظهور داعش هي الفرصة الذهبية لتحقيق أحلام نجم الدين كريم لطرد العرب أصلا من كركوك بتهمة مطاردة الإرهاب وتصاعد أعداد النازحين بسبب سيطرة داعش من ناحية وتصاعد مظالم المليشيات الطائفية في ديالى والحويجة وسليمان بيك والانبار وصلاح الدين وحتى الموصل.

ان محافظ كركوك الذي يترأس اللجنة الأمنية في المحافظة اعتمد على جهاز قمعي ومخابراتي واجهته العلنية جهاز المخابرات الكردية " الاسايش" وقوته الضاربة مليشيات "البيشمركة" وخاصة تلك التابعة لنفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني، وإبعاد كلي لوجود قوة أمنية اتحادية بما فيها تواجد الجيش والشرطة الاتحادية، و ظل نجم الدين كريم يبيت تنفيذ مخططاته من اجل ترحيل العرب من محافظة كركوك وفق برنامج مرسوم على مراحل، مستغلا رفع الحكومة المركزية يدها في التحكم في أمور كركوك وتأجيل الانتخابات في هذه المحافظة وإبقاءه باستغلال المحاصصة والفساد الإداري والمالي في أغنى محافظة نفطية عراقية ، إلا ان واقعا صعبا فرض نفسه بإضافة مئات الألوف من النازحين إلى محافظة كركوك بسبب ظهور داعش .

ان واقع حال المحافظة خلال السنوات السابقة سجل تغييرات متسارعة في نسبة السكان الكرد وإبعاد العرب بشكل منظم ومدروس من البقاء والعمل والإقامة والاستقرار بما فيها تنفيذ سلسلة من الاغتيالات والخطف المستمر والضغط بالابتزاز المالي والرشى وشراء المساكن وحتى البطاقات التموينية وتزويرها لإحلال مستوطنين جدد من الأكراد ومن غيرهم، حتى بات التساؤل في الشارع العراقي عاليا بالقول : ( ... هل من المعقول الترحيب بمن يحمل الجنسية التركية والسورية والإيرانية من قومية معينة وإسكانهم في العراق، في حين يهجر من يحمل الجنسية العراقية من بلده وأرضه بكركوك. ) . واستمر ( إصرار الحكومة المحلية في كركوك على قرار الترحيل، وهو يمثل تطهيرا عرقيا بحق المكون العربي، في ظل سكوت وتواطؤ السلطات الاتحادية لحماية العرب من هذه الإجراءات ) . كما ان افتعال الخروق الأمنية والتفجيرات يدفع الإعلام المتواطئ إلى اتهام العرب بكل حادثة إرهابية أو أمنية ، أياً كان الفاعل لها في جميع أطراف كركوك وحتى المحافظات المجاورة لها.

وفي كل خرق أمني يثير المحافظ وأجهزته بالجهر إلى مسؤولية واتهام ما يسمى "الخلايا النائمة" وفي كل مرة ترفع أصابع الاتهام إلى عرب كركوك فقط، دون غيرهم من المكونات والقوميات الأخرى.

لقد سعى نجم الدين كريم، بصفته كمحافظ وقيادي بارز في حزب جلال الطالباني ، ومعه الأجهزة الأمنية التابعة لهم، و بشتى الوسائل على تغيير النسبة الديمغرافية للسكان في كركوك ، بالترهيب والترغيب، وبالضغط ألقسري المباشر على العرب ودفعهم إلى بيع أملاكهم بابخس الأثمان وحتى سلبهم البطاقات التموينية ووثائق الإقامة لإحلال الغرباء من الأكراد الموفدين للسكن في كركوك بديلا عن العرب.

وفي كل مرة توجه الاتهامات والإنذارات بالطرد وفي آجال محددة ضاغطة ثم تجدد في كل مرة. آخرها عندما أعلن محافظ كركوك نجم الدين كريم في الثاني والعشرين من أيار / ماي 2016 ( ... ان إدارة المحافظة قد منحت مهلة أسبوعين لإخراج المواطنین الذين یقیمون في كركوك من دون الحصول علی رخصة للإقامة ) . وكم من مرة جرت فيها سلب الوثائق من المراجعين حين مراجعتهم دوائر المحافظة أو عند السيطرات الأمنية والمليشياوية بحجج عدة ومنها الابتزاز والتهديد بالقتل .

علما ان ( إدارة محافظة كركوك ودوائرها سبق أن سجلت خلال الأيام الأولى لموجة النزوح بعد ظهور داعش أكثر من 600 ألف نازح إلى كركوك قدموا إليها من محافظات عده، منها ديالى وصلاح الدين والانبار وغيرها من مناطق القطر المنكوبة بالإرهاب الداعشي ونتيجة لمضايقة وتهديد المليشيات الطائفية الصفوية الأخرى.

ان عرب العراق النازحين من ديارهم إلى كركوك قصدوها هربا بأرواحهم فأضحوا بين ليلة وضحاها أمام الابتزاز والتهديد الإداري للمحافظ الكردي وأوامره ، بإعادة الترحيل الذي ينتظرهم كل لحظة ، خاصة عندما افتعلت عمليات إرهابية كانت ممسرحة ومكشوفة الغايات والأهداف، منها نسبت إلى داعش، حيث تكون التهمة جاهزة بعدها، بوجود الخلايا النائمة في مخيمات النازحين أو الأحياء العربية في كركوك كحي الأول من حزيران وغيرها، فتسارع قوات البيشمركة الكردية مظالمها بقسوة بحق هؤلاء المغلوبين على أمرهم، غير عابئة بظروفهم كما حدث ذلك خلال بشهر رمضان الفائت وبعز أيام الصيف اللاهب.

وبانتظار موجة جديدة من النازحين بسبب الحرب الدائرة في محافظة نينوى والصدامات المستمرة من دون انقطاع في مناطق الحويجة والانبار يستغل نجم الدين كريم ،محافظ كركوك، بتهيئة الرأي العام إعلاميا، وقبل انتهاء أحداث كركوك الأخيرة في الأسبوع الماضي بالإعلان ان الإرهابيين الدواعش كانوا من ضمن الخلايا النائمة في داخل مدينة كركوك ، فيستنجد بقوى أمنية كبيرة وجاهزة للقدوم من السليمانية ، وبجلب قوات البيشمركة التابعين خاصة لحزب الاتحاد الكردستاني والمخابرات الكردية الخاصة " الاسايش" لشن حملة قمع جديدة على عرب كركوك لإجبارهم على الرحيل القسري، غير عابئ بالأخطار المميتة والقاتلة لهؤلاء التعساء من دون ذنب يذكر، حيث بدأت قوات البيشمركة الكردية ترحيل مئات العائلات العراقية من محافظة كركوك، والى حد يوم الأمس الثلاثاء 25 / 10 / 2016 تم ترحيل آلاف العوائل بحجة وجود قرارات من حكومة ألعبادي تفرض عودة نازحي الانبار إلى محافظته، وهي أكذوبة يتداولها الإعلام المرتزق، تهربا من المسؤولية الأخلاقية عن مثل هذه الجرائم ؛ اذ لا يمكن عودة النازحين إلى محافظات ديالى والانبار وصلاح الدين في هذه الظروف المشتعلة أمنيا من كل جانب، ، وهكذا يتم طرد العرب وبهذا الحقد العنصري والشوفيني وحتى الطائفي والمذهبي الى المجهول، ويتم التنسيق به مع أعلى المستويات بين الحكومة المركزية وبقرارات المحافظ المستبد، غير عابئة بتوقيت الترحيل أو الظروف الإنسانية أو المادية لهؤلاء الذين باتوا بلا وطن أو إقامة حتى ولو في العراء.

تنفذ هذه الجرائم مليشيات البيشمركة من جهة وعناصر أمنية كردية مجهولة شوهدت وهي تتجول في أحياء المدينة، إضافة إلى ذلك تنسب وكالات الأنباء تصريحات إلى ضباط في قوات البيشمركة ، غالبا ما يطلبون عدم ذكر أسمائهم ، بالقول إن ( أكثر من 95% من الأعمال الإرهابية التي تقع في كركوك يقوم بها مواطنون ليسوا من أهالي المحافظة ) ، وهي تهمة ثابتة ومكررة تكون موجهة للعرب الأصليين من سكان المحافظة أو النازحين الجدد إليها.

ويعتبر هؤلاء الضباط : ( أن ترحيل بعض النازحين هو مجرد "إجراء احترازي للتقليل من احتمال تسلل عناصر مسلحة إلى المحافظة ) ، مؤكدين: أنهم أبلغوا النازحين قبل مدة مناسبة "كي يرتبوا أوضاعهم ويستعدوا للرحيل دون مشاكل، والإجلاء مقتصر على النازحين غير المسجلين في دائرة الهجرة".

هذا قبل حدوث الهجمة الأخيرة لداعش على مقرات أمنية ومحطة كهرباء دبس، وهي عملية وحسب الأغلبية من المحللين الأمنيين والسياسيين والإعلاميين أكذوبة فجة لا صحة لها، باتت تثير الكثير من التساؤلات عن جدواها وأهدافها وفائدتها بالنسبة إلى داعش، وتبدو نتائجها القريبة والبعيدة تخدم غرضا بات واضحاً هو إيذاء العرب النازحين إلى كركوك لا غير .

ومن الغرابة بمكان ان تبلغ وتجبر العائلات التي هجّرت من محافظة الانبار بمغادرة كركوك قبل نهاية الشهر الجاري ، وتحذرهم من أن من يخالف هذا القرار سيتعرض للمساءلة القانونية، مضيفا أن القوات الكردية استخدمت ألفاظاً بذيئة أثناء تعاملها مع النازحين.

ولا يخفي بعض النازحين أن عملية التهجير الجديدة بحق النازحين ستعرضهم لضرر إنساني ومادي كبير، بعد دفع البعض منهم أكثر من عشرة ملايين دينار عراقي ( ثمانية آلاف دولار ) إيجارا لمنزل كبير نسبيا يمكن أن يضم عوائل كبيرة ومتعددة من الإخوة والأقارب في بعض الحالات، كما ان بعض أن النازحين دخلوا في مشاريع وأعمال كي يعتاشوا منها ومنهم من افتتحوا المحال التجارية لتسيير أمور حياتهم اليومية، وسيضطرون بذلك الضغط عليهم لتركها بعد مثل هذا القرار المفاجئ البيشمركة.

وقد نقلت تقارير وكالات الأنباء صورا قاسية عن تعامل السلطات الأمنية في كركوك مع النازحين كان "بعيد عن كل القيم الإنسانية، حيث تُمارس عليهم شتى أنواع الضغوط لترك كركوك والذهاب إلى المجهول".

كما ان الاتهامات التي تكال إلى آلاف العائلات النازحة بالإرهاب، يكون وراءها ابتزاز مالي واجتماعي وطائفي واثني ولا إنساني في مجمله وتفاصيله، بحيث أضحى النازحون هم ضحايا إرهاب داعش والمليشيات الطائفية من جهة، ويضاف لهم إرهاب عصابات البيشمركة المنفلتة بأوامر مباشرة من قيادة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وثيق الصلة بإيران والمنسق الأول مع فيلق القدس الفارسي ومن خلال عضو المكتب السياسي للاتحاد نجم الدين عمر كريم الطامح للرئاسة في العراق بعد مرض جلال الطالباني، ولا زال هذا الطامع يتطلع إلى الرئاسة مرة أخرى بعد تخلي فؤاد معصوم منها ، وإقصاء غريمه ومنافسه وشريكه في الخيانة الوطنية برهم صالح.





الجمعة ٢٧ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة