شبكة ذي قار
عـاجـل










إنّ من أبسط التّعريفات والمسلمّات القوميّة العربيّة أن ينهض القوميّ العربيّ الأصيل للدّفاع عن مصالح أمّته وأمنها القوميّ العربيّ الاستراتيجيّ، ومن نافلة القول إنّ القوميّ العربيّ يناضل من أجل الجماهير الشّعبيّة وتحقيق أهدافها وتلبية حاجيّاتها في كلّ المجالات.

ودفاع القوميّ العربيّ عن جماهير أمّته دفاع مركّب معقّد ممتدّ يستند أساسا للإيمان المتّقد بحقوق أمّته المسلوبة، ويعمل بناء على ذلك الإيمان للتّضحية بحياته في سبيل استردادها كاملة غير منقوصة ولا مبتورة. والنّضال القوميّ مختلف عمّا سواه اختلافا نوعيّا واسعا لأنّه لا يغفل جانبا من جوانب الحياة كافّة، حيث لا يقتصر على النّضال الاجتماعيّ مثلا، ولا يقف عند حدود تحسين للأحوال تحسينا مغشوشا أو مقتضبا، بل هو نضال تحرّري وطنيّ وقوميّ وانعتاق اجتماعيّ، يتوزّع بين الكفاح المسلّح في حالات الاحتلال المباشر لطرد الغزاة، وبين التّصدّي للمشاريع الرّجعيّة والمعادية للجماهير في الأقطار التي يغيب فيها الحضور العسكريّ الأجنبيّ، فترى القوميّ الأصيل متقدّما للجماهير في نضالاتها الجهاديّة ومقارعاتها المسلّحة للاستعمار، وقائدا للنّضالات الجماهيريّة ضدّ الأنظمة المستبدّة والمعادية لمصالح الجماهير ولأمنها وأمن الأمّة برمّتها.

وإنّ من المحرّمات والمحاذير التي ترقى لمرتبة الكفر في ثوابت القوميّة العربيّة أن يفاضل القوميّ العربيّ بين احتلال وآخر، وأن يميّز بين ساحة عربيّة وأخرى حسب أهوائه أو انتماءاته سواء من حيث المرجعيّة الفكريّة أو حتّى من حيث تموقعه على الأرض. إذ تسقط عن القوميّ العربيّ قوميّته فورا وبدون تلكّئ متى فاضل بين محتلّ وآخر، وتعايش مع عدوّ تعايشا سلميّا بشكل من الأشكال. فما دامت حبّة رمل واحدة مغتصبة من طرف عدوّ مّا، يحرّم على القوميّ العربيّ أن يتعامل مع ذلك العدوّ من خارج دائرة العداء وبالتّالي من خارج منطوق المقاومة والتّعبئة والتّضحية في سبيل طرده واسترجاع تلك الحبّة.

هذا تذكير بأبسط شروط القوميّة وادّعاء الانتماء للمشروع القوميّ العربيّ التّحرّريّ، تضطرّنا سيول المغالطات والأكاذيب المتدفّقة في أيّامنا هذه والصّادرة للأسف عمّن يعرّفون أنفسهم بأنّهم قوميّون تقدّميّون لوضعه.

ليس من أمر أكثر مدعاة للأسف وللألم بصدق المؤمنين بحقوق هذه الأمّة والملتاعين على زيغ فريق كبير من أبنائها وتخلّيهم عن الدّور الحقيقيّ المتوجّب أداؤه، من تنامي التّسويق من قبل فريق واسع من القوميّين العرب وخاصّة النّاصريّين الذين باتوا ينظّرون ويسهبون في تبيان أفضال العدوّ الإيرانيّ الفارسيّ وتعمّدهم إرباك الجماهير والتّشويش عليها وتقديم الفرس كحلفاء مفترضين للعرب بل ومنهم من المتطرّفين حدّ التّناقض الكلّي مع الثّوابت القوميّة المشار إليها أعلاه.

إنّ القصور والحَوَل القوميّين يظهران إذن في المفاضلة بين احتلال وآخر، ويتجلّيان في التّغافل المتعمّد والإنكار الصّفيق القصديّ للطّبيعة الاستعماريّة التّوسّعيّة الاستيطانيّة الشّعوبيّة لإيران، وهذه الحقيقة لا تحتاج لعرض وتشريح إذ يكفي الإشارة ههنا لاحتلال الفرس للأحواز العربيّة منذ 1925 بعد عقدهم لصفقة الخيانة مع بريطانيا ناهيك عن تواتر تصريحات كبار المسؤولين في دولة ولاية الفقيه الفارسيّة الخمينيّة عسكريّين وساسة ورجال دين المعادية للعرب كلّ العرب والمستخفّة بهم وبحقوقهم والنّاضحة استعلاء وعنصريّة والمدفوعة بالثّارات والأحقاد الدّفينة والتي بلغت ذروتها بإعلان قيام الامبراطوريّة الفارسيّة وعاصمتها بغداد بعد فلاح إيران الشّرّ والرّذيلة في السّيطرة على أربع عواصم عربيّة كبرى فضلا عن احتلال الجزر الإماراتيّة الثّلاث والاستهداف المتلاحق للسّعوديّة والبحرين والعمل على تقويض أمنهما وتهديد وحدتهما التّرابيّة وسيادتهما الوطنيّة. ويتكشّف هذا الحول عبر التّأكيد على أنّ الصّراع الوحيد الذي يعني العرب هو الصّراع العربيّ الصّهيونيّ، ورغم صحّة التّنبيه من الخطر الصّهيونيّ والتّحفّز لمقارعته، فإنّ هذا الزّعم هو نصف الحقيقة أو هو من باب " ربّ حقّ أريد به باطل " لأنّ أصحابه يتوسّلون من ورائه التّعمية على المشروع الفارسيّ الصّفويّ الإيرانيّ وبالتّالي تمرير الأجندا الإيرانيّة القاضية بنشر ولاية الفقيه أو الدّولة الإسلاميّة الكبرى حسبما تنصّ عليه استراتيجيّات وأدبيّات ولاية الفقيه الشّعوبيّة المتخلّفة.

يحاول فريق واسع من النّاصريّين للأسف الشّديد، أو لنقل المحسوبين زورا على التّجربة النّاصريّة الرّائدة لنكون أكثر دقّة وإنصافا حيث نحتفظ بعلاقات رفاقيّة متينة مع شرفاء ناصريّين كثيرين، ركوب التّنطّع والهروب للأمام كلّما عٌرضت مسألة الخطر الفارسيّ الدّاهم والذي نقدّره خطرا وجوديّا متماهيا مع الخطر الصّهيونيّ بل ومتكاملا معه ومتجانسا.

فتراهم ينكرون ما لا يمكن إنكاره، ويحاولون التّشكيك فيما فاضت به أخبار التّاريخ الموثّقة والمؤكّدة والثّابتة، لذلك يسهل جدّا مثلا أن يسعى هؤلاء المنغمسون في المشروع الفارسيّ الصّفويّ الخمينيّ الإيرانيّ للاستخفاف بطبيعة التّحالف الاستراتيجيّ الوثيق بين اليهود والفرس المجوس منذ عهود قديمة، ويكذّبون مثلا تحالف كورش وتآمره مع يهود أصفهان لإسقاط بابل ويقفزون على تحالف الفرس المجوس مع اليهود قبل آلاف السّنين لاحتلال اليمن، هذا ويتجاهلون تجاهل الأغبياء السّياسة الشّعوبيّة التي انتهجها الفرس لتخريب الحضارة العربيّة الإسلاميّة لمّا كانت في عنفوانها وفي أرقى فترات مجدها والتي رادها أمثال الطّوسي وابن العلقمي وغيرهما.

إنّ حلقات التّنطّع والتّهرّب من إكراهات الأحداث والتّاريخ وصفحات الغدر والتّآمر الفارسيّ على العرب والعروبة طويلة وغريبة أيضا، فناصريّو هذه الأيّام تراهم ينكرون النّزعة العدوانيّة الإيرانيّة وينكرون بالتّالي وقائع معيشة اليوم، فحين تحدّثهم عن العدوان الفارسيّ الإيرانيّ الصّفويّ الخمينيّ على العراق عام 1980، لا يتورّعون عن الطّعن والتّشكيك في تلك الحقيقة الثّابتة بل ويتّهمون العراق بأنّه من بادر بالاعتداء والحال أنّ العراق ظلّ متمسّكا بالحلول السّلميّة وخاصّة اتّفاقيّة الجزائر علم 1975 والتي أسقطها الخميني مدّعيّا أنّها تخصّ الشّاه وأنّها ساقطة بعد سقوط النّظام الشّاهنشاهيّ، ويتناسون رسائل التّظلّم التي أرسلها العراق للأمم المتّحدة لدفع إيران الخميني على وقف عدوانها، ويجهلون أنّ ردّ العراق على تلك الاعتداءات إنّما جاء بعد قرابة السّتّة أشهر بالتّمام والكمال.

وتتواصل حلقات هذا المسلسل الرّكيك اليوم، فيغفل ناصريّو الصّدف وناصريّو هذه الأيّام، السّياسات التّفريسيّة التي تعتمدها إيران عبر إغراق الوطن العربيّ في الأقطار التي نجحت في احتلالها قديما وحديثا كالأحواز العربيّة أو العراق أو عبر الاستفادة من عمالة الأنظمة القائمة مثل النّظام الأسديّ العائليّ الفئويّ الطّائفيّ المجرم، ففي الأحواز مثلا دأب الفرس منذ عقود في مساعيهم لطمس عروبتها للزّجّ بمئات آلاف المستوطنين الفرس والأفغان والإيخمينيّين وغيرهم وتهجير السكّان العرب الأصليّين وذلك تطبيقا لسياسة التّغيير الدّيمغرافيّ وهي السّياسة الأبشع التي يقوم عليها الاحتلال الاستيطانيّ والتي طبّقها الصّهاينة في فلسطين السّليبة.

يشتدّ التّغيير الدّيمغرافيّ على قدم وساق في العراق وسوريّة اليوم، حيث أغرقت إيران العراق بما يزيد عن الخمسة ملايين فارسيّ وباكستانيّ وأفغانيّ وغيرهم، كما أغرقت دمشق بما يزيد عن ثلاثة ملايين فارسيّ، ويعمد الحرس الثّوريّ الإيرانيّ الفارسيّ الإرهابيّ والمخابرات الفارسيّة للاستيلاء على العقارات في دمشق حتّى غدا معظمها على ملك الفرس بل إنّ اللّهجة الفارسيّة هي الأكثر شيوعا اليوم في دمشق وأحوازها. وإنّه ما من خطر أكبر من التّغيير الدّيمغرافيّ، لأنّ أدوات القتل لن تفلح حتما في قتل كلّ السّكّان الأصليّين، ولكن إجبارهم على النّزوح والهجرة واللّجوء لخارج الدّيار واستبدالهم بأقوام وافدين وتمتيعهم بمختلف الامتيازات ناهيك عن تجريف الأراضي ومسح معالمها إنّما يصبّ في النّهاية في خندق محو الهويّة العربيّة لهذه الدّيار.

إنّه وبتناول المسألة السّوريّة، وما شابها من لغط كبير رافقه انتصار المحسوبين زورا على الزّعيم جمال عبد النّاصر، نجد أنّ هؤلاء لم ينتصروا لسوريّة إلاّ من خلال ارتباطهم العضويّ والمباشر بإيران وبما يتلقّونه منها من دعم سياسيّ وأدبيّ وإعلاميّ وماليّ كبير، وإلاّ فبماذا نفسّر صمتهم على كلّ الفظائع والجرائم السّاديّة المرتكبة في العراق من قبل الفرس علما وأنّ الفرس أنفسهم يعترفون بذلك صراحة ويجاهرون بأنّهم يعتبرون العراق كاملا إقليما تابعا لامبراطوريّة الفرس المزعومة بل ويعدّون بغداد لتكون عاصمتها.؟ ولماذا هؤلاء أنفسهم أنكروا حقيقة احتلال الفرس للأحواز العربيّة وخلت بياناتهم ومواقفهم وتصريحاتهم من مجرّد الإشارة لها؟

بل كيف يستوي الحديث عن انتماء قوميّ وحمل للهمّ القوميّ مع الصّمت الرّهيب المخجل عن مأساة العراق؟ فطيلة 13 عاما من الاحتلال المركّب والمزدوج للعراق أمريكيّا وإيرانيّا، لم نطّلع على موقف واحد يجرّم الخطيئة الامبرياليّة الكبرى بحقّ العراق دولة ونظاما وشعبا وجيشا وتاريخا وحضارات وبحقّ الأمّة، ثمّ تمادى هؤلاء المتشدّقون بالقوميّة العربيّة بعد تسليم الأمريكان العراق وتقديمه على طبق من فضّة للفرس، وأصبحوا أبواق دعاية لمنظومة جاسوسيّة مخابراتيّة قذرة تدين بالولاء لغير العراق ولغير الأمّة وتتلقّى الأوامر وتتقيّد بالإملاءات الأمريكيّة والإيرانيّة معا للحدّ الذي لم يخجل من بينهم واحد فقط من اعتبار المجرم العميل الطّائفيّ القزم حيدر العبادي بطلا يشاد به ويتغنى به المتغنّون.

لقد صمتوا صمتا كلّيّا عن كلّ حروب الإبادة العرقيّة التي يتعرّض لها والتي تمّت بتخطيط وإشراف وتنفيذ مباشر من الحرس الثّوريّ الإيرانيّ بقيادة الإرهابيّ قاسم سليماني وباعترافات مباشرة وعلنيّة منه ومن أكثر من مسؤول فارسيّ.

يقول الزّعيم جمال عبد النّاصر " إنّ ما بني على باطل فهو باطل "، وإنّه وبالاستدلال العقليّ والرّياضيّ وتنزيل مقولته على أرض الواقع، نخلص إلى أنّ كلّ ما نتج عن الاحتلال الأمريكيّ والإيرانيّ من بعد للعراق هو باطل، بل إنّ بطلانه أوضح الحقائق على الإطلاق. وعليه فإنّ ما يسمّى بالعمليّة السّياسيّة وليدة الاحتلال هي باطلة بطلانا كاملا وشاملا. بل إنّ الحديث عن مؤسّسات وجيش وشرطة وقضاء وبرلمان عراقيّ حديث باطل وساقط ومخاتل بالنّظر لنشأتها كلّها في رحم الاحتلال وهي من بين ما تقتضيه مخطّطات الأمريكان والفرس والصّهاينة لضرب الأمّة العربيّة.

فكيف إذن يصرّ هؤلاء على ادّعاء الاقتداء والوفاء للزّعيم جمال لعبد النّاصر من جهة، ثم ينقلبون على توجيهاته وتوجّهاته من جهة أخرى؟

بل كيف يبرّر هؤلاء قيادتهم وانخراطهم فيما يسمّى بالجبهة العربيّة التّقدّميّة؟؟

هذه الجبهة العربيّة المسمّاة بالتّقدّميّة، هي إحدى الفضاءات التي تشكّلت بتخطيط وتنفيذ وإشراف وتوجيه إيرانيّ فارسيّ خالص ومباشر، والمعلوم طبعا أنّ لإيران في إطار سعيها للتّغلغل في الوطن العربيّ أوراقا عديدة تتوزّع الأدوار فيما بينها وتتشابك وتتصادم أحيانا في محاولة يائسة لتشتيت الأذهان عن المرامي الحقيقيّة لدهاقنة الفرس ومخطّطاتهم الخبيثة العاملة على ابتلاع العرب وتذبيح العروبة، ومن بين تلك الأوراق زرع منظّمات هجينة تتمنطق رداء التّقدّميّة وغير ذلك من الشّعارات البرّاقة لخداع الرّأي العامّ من جهة ولاختراق صفوف المجتمع المدنيّ أو تثبيت موطئ قدم حقيقيّ لها فيه على أقلّ تقدير ليسهل من خلاله تهيئة البسطاء من العرب والطّيّبين منهم للتّقبّل بالتّعايش السّلميّ مع إيران وإخفاء قبح وجهها الأصفر الغادر ولتخدير الألباب وسحر العقول ومن ثمّة البروز بثوب الحريص المدافع المنتصر لهؤلاء العرب المساكين ونجدتهم من خطر الصّهيونيّة.

وعليه فإنّ هذه الجبهة الهجينة بالنّظر لتناقض عجيب مدوّي ينضح به اسمها من جهة ولطبيعة مكوّناتها من جهة أخرى، فكيف تكون الجبهة تقدّميّة وهي تضمّ فيما تضمّ ميليشيّات طائفيّة إرهابيّة لا تتحرّج من التّبجّح بولائها الأعمى للعدوّ الإيرانيّ ومن أنّها جزء ومكوّن من مكوّنات ولاية الفقيه كحزب الله وأنصار الله أو ما يعرف بالحوثيّين وهم الذين ضربوا أسس الدّولة اليمنيّة واستولوا عليها وعلى مؤسّساتها استيلاء مسلّحا مستعينين بدعم إيرانيّ عسكريّ ولوجستيّ وسياسيّ وإعلاميّ كبير ناهيك عن جماعة الوفاق البحرينيّة التي تسعى وتبذل قصارى جهدها لخلخلة أمن البحرين وضمّها لإيران، وبطبيعة الحال ضبّاط المخابرات الأسديّة المجرمة.؟؟

أيّ تقدّميّة تلك التي تطلع من ثنايا العمائم السّوداء القاطرة دما وغدرا وتآمرا؟

وأيّ تقدّميّة تلك التي يصبغها ناصريّو الصّدف وناصريّو زمن المسخ هذا على مخلب جديد لولاية الفقيه؟

إنّ أمر هؤلاء النّاصريّين المزعومين عجب..

وإنّ أعجب ما فيهم أنّهم لا يتورّعون عن الإطناب في التّمسّح على عتبات من يسمّونه بحليفهم التّكتيكيّ ممثّلا في إيران، بل ويصرّون على ربط مسعاهم ذاك بأنّه حتميّة وإكراه يمليهما شرط حسم الصّراع العربيّ الصّهيونيّ.

ليس من الغرو في شيء أن نقول إنّ مثل هذه الفنطازيا الشّعاراتيّة يعجز أصحابها عن مجرّد إقناع أنفسهم بها، لذلك ترى خوضهم فيها مرتبكا مهزوزا بل ومبتذلا وهابطا، وهو الأمر الذي لم يبق له من تفسير قائم لهذه الظّاهرة المقزّزة سوى الجزم بانحراف منقطع النّظير طغى على فهمهم للتّجارب القوميّة العربيّة كافّة وعجزهم عن استيعاب نظريّة الثّورة العربيّة الكبرى ذاتها وانقلابهم على ثوابت القوميّة العربيّة الثّوريّة الأصيلة أو باختيار طوعيّ لدخول بيت الطّاعة الصّفويّ والتلذّذ بما يغدقه عليهم الملالي من جزيل العطاء المسموم وبالتّالي تحوّلهم لمجرّد مرتزقة وقراصنة يستجدون بقايا الفتات في خيانة مكشوفة وعمالة موصوفة للعدوّ الفارسيّ.

وإلاّ فبِمَ نفسّر استماتة ناصريّي الصّدف وزمن المسخ هذا، ومن بينهم المدعوّ محسن النّابتي وتيّاره الشّعبيّ الذي جرفه التّيّار الصّفويّ الفارسيّ الخمينيّ في ثنايا تقاطر سيول قيحه، واستبسالهم في تبييض الوجه الأسود لولاية الفقيه ونظامها وأجنداتها التّآمريّة الاستيطانيّة الشّعوبيّة المترصدّة للعرب والمهدّدة لأمنهم ووجودهم من الأساس؟؟

أمام مثل هذه المنعطفات الرّهيبة والنّتوءات المظلمة، لن نملّ من تذكير هؤلاء المتزلّفين للوليّ الفقيه وسفّاحيه بجملة من الحقائق البيّنة والثّابتة والتي لا تقبل دحضا عساها تشكّل ضوء أحمر ينبّههم لخطر فعلهم ولؤم جرمهم بحقّ أنفسهم وأمّتهم ووطنهم.

أفلا يعلم هؤلاء جملة الوقائع هذه:

إنّ عدد العرب الذين استشهدوا وقٌتّلوا وهٌجّروا وشرّدوا بفعل الآلة الحربيّة الاستيطانيّة العنصريّة الشّعوبيّة الفارسيّة بلغ أرقاما مهولة وخياليّة تتوزّع بين ما يزيد عن خمسة ملايين عراقيّ وربع المليون قتيل سوريّ وقرابة العشرين مليون ما بين طريد وشريد وأسير ومهجّر ونازح ولاجئ في أروبّا؟

وكيف والحال تلك، يسوّغ هؤلاء لأنفسهم بعد التّشديد على أنّ إيران أقلّ خطرا على العرب من الكيان الصّهيونيّ؟ وكيف ينكرون ملامسة التّماهي والتّكامل بين المشروعين الصّهيونيّ والفارسيّ الإيرانيّ؟

إنّنا لا نخال أنّ أحدا منهم أو من غيرهم بقادر على تفنيد فضيحة إيران غايت وهي الفضية المدوّية التي هزّت العالم الحرّ وكشفت عن مدى التّعاون العسكريّ التّسليحيّ بين الإسرائيليّتين الغربيّة والشّرقيّة إبّان فصل العدوان الغادر الفارسيّ الصّفويّ الخمينيّ على العراق في ثمانينات القرن العشرين.

ولا نخال أيضا أنّ بوسعهم إنكار ما صرّح به وزير خارجيّة إسرائيل الشّرقيّة الذي قال فيه بالحرف الواحد " إنّه لولا الدّور الإيرانيّ لما نجحت أمريكا في احتلال أفغانستان والعراق ."

فهل بعد هذين الحجّتين من سبيل لعرب إيران المنتشرين في تونس والوطن العربيّ بؤرا سرطانيّة خبيثة تنهك الجسد العربيّ وتثخن جراحاته، لمواصلة المضيّ قدما في إبعاد الشّبهة عن إيران؟

يتبـــــــــــــــــــــــــع ....





الخميس ٢٦ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة