شبكة ذي قار
عـاجـل










في مشهد درامي تراجيدي مأساوي أرخى ظلاله القاتمة على واقع الأمة العربية بالتزامن مع الولادة الحديثة لدول العالم المعاصرة وتحديدا في نهاية القرن التاسع عشر ميلادي ومطلع القرن العشرين ,حيث مؤامرة سايكس بيكو الكبرى وسان ريمو التي أفضت إلى قيام دول عربية مجزوءة ومنقوصة السيادة ضعيفة وهزيلة ومسلوبة القلب النابض منها فلسطين المغتصبة لصالح المشروع الاستعماري الاستيطاني ألإحلالي الصهيوني العنصري .. فلسطين التي تعرض أهلها لأبشع جرائم الإبادة الجماعية وجريمة التطهير العرقي الممنهج التي نتج عنها أكبر كارثة إنسانية حلت على البشرية عبر مراحل التاريخ , حيث التهجير القسري والطرد التعسفي الذي طال نصف السكان العرب الذين يعيشون في وطنهم فلسطين ,وأٌجبروا على ترك منازلهم وقراهم التي دمرت بالكامل وغادروا أرضهم ووطنهم هائمين على وجوههم يحملون معهم أشياءهم البسيطة وأطفال فزعوا من هول المشهد .. وحوش ومصاصي دماء على هيئة البشر.

وقد توالت تلك المشاهد من الأحزان والماّسي على واقع الأمة واستمرت حتى نهاية الألفية الثانية ومطلع الألفية الثالثة بعد الميلاد .. فالجرح الفلسطيني النازف لم يندمل بعد .. والأجزاء العربية السليبة ( الأحواز والطنب الكبرى والصغرى وأبي موسى وسبتا ومليلا والإسكندرون ) لم ترد لأهلها وأصحابها الشرعيين بعد!!وقد زاد الطين بله تداعي الأمم الاستعمارية على قصعتها بهدف النيل من الأمن القومي العربي من خلال احتلال العراق وتفكيك جيشه كمقدمة لتفكيك الجيوش العربية التي مثلت العمق الاستراتيجي للأمن القومي العربي وامتلكت جانبا من القوة والاقتدار مكنتها من تشكيل تهديد حقيقي للمصالح الاستعمارية والصهيونية في المنطقة العربية,مما دفع تلك القوى وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الأمريكية التي قادت تحالفا دوليا واسعا وشنت عدوانا مدمرا على العراق أطاح بحضارته وجيشه الأقوى في المنطقة في ذلك الزمان ,وشيدت قواعدها العسكرية الضخمة في بلاد الرافدين والخليج والجزيرة العربية بهدف مواصلة العدوان على الأمة وبث الفرقة والفتن في صفوفها,وتحطيم المزيد من البلاد والجيوش العربية والتي ذهب ضحيتها تباعاً القطر الليبي واليمن السعيد وسوريا وتالياً دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وما تحتويه من مخزون نفطي هائل.

ويستمر مشهد أمتنا في زيها الحالك السواد المرصع بالألم والمعاناة في واقع كأنه منفصل تماما عن ماضيها التليد, حيث كانت تتربع على عرش الأمم في العطاء الإنساني والحضاري ومختلف العلوم والثقافات ,وأضحت اليوم كالشاة المذبوحة تسيل لعاب الأمم الطامعة من حولها ؟؟ والكل يسعى للفوز بحصته وقسمته من جسد الأمة المذبوحة من الوريد إلى الوريد؟؟

الكارثة بشحمها ولحمها حلت ضيفاً ثقيلاً على واقع الأمة وفصولها لا زالت مستمرة في فلسطين الرازحة تحت نير الاحتلال وأنياب التهويد والاستيطان رغم مسيرة التسوية السلمية الوهمية ,وشعب فلسطين لا زال يكابد آلا لام التشريد من بلد إلى آخر ويستقر به المطاف غرقاً في أعماق البحار ,ومسلسل القتل بدم بارد وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والحبس والحصار والتجويع لم تنتهي بعد!! ناهيك عن العراق وما أدراك ما العراق وما يجري بحق أهله وشعبه وأرضه وحضارته وعروبته؟؟ وليبيا التي حظيت بلقب الدولة الفاشلة بعد العدوان الذي أطاح بحكم القذافي؟؟واليمن الذي لم يعد سعيداً وبلاد الشام والهلال الخصيب والجزيرة العربية التي يتهددها جميعا وباء الفتن الطائفية والمذهبية والقبلية والتخلف والاستغلال وحكم الرويبضة وأشباه الرجال والديكتاتورية والدم المسفوح في كل ناحية وزاوية نزولاً عند أجندات مشروع الفوضى الخلاقة المتمم لمشروع التقسيم ( سايكس بيكو ) الاستعماري.

إزاء هذا الواقع المرير والمظلم الذي تعيشه هذه الإثناء أمتنا العربية وجب لزاماً على كل الشرفاء والغيورين المؤمنين المخلصين الأوفياء من أبناء الأمة ومن محيطها إلى خليجها التحرك سريعا وبأقصى الطاقات الممكنة متجاوزين عن كل خلافاتنا الأيدلوجية والفكرية والسياسية, وكذلك ألواننا الطائفية والمذهبية وصولا نحو تأسيس وتشكيل جبهة وطنية قومية إسلامية كإطار ثوري ديمقراطي جامع يسعى إلى لملمة الصفوف وتوحيد الجهود والطاقات وتوجيهها نحو مقارعة الغزاة والمستعمرين ودحرهم وتحرير كل الأقطار والأجزاء السليبة وفي المقدمة منها فلسطين قضية العرب المركزية ,وكذلك العمل بشكل جاد على إرساء وترسيخ قواعد الديمقراطية الحقة وقيم الحرية السامية والعدالة الاجتماعية والطبقية وتكافؤ الفرص وتعزيزها في بناء دولتنا العربية الحرة والمستقلة العتيدة حاضنة أبنائنا وأحفادنا وأجيال المستقبل الواعد والزاهر .

الواجب الوطني والقومي يتطلب منا صحوة غير مسبوقة ويقظة غير طبيعية مشفوعة بتضحيات جسام على طريق النجاة بأنفسنا وأبنائنا وأجيالنا القادمة ومستقبل أمتنا من أتون المحرقة الصهيونية الامبريالية التي تستهدف الكل الوطني والقومي ولا تستثني أحدا.





الثلاثاء ٢٤ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ثائر حنني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة