شبكة ذي قار
عـاجـل










1 - مفردة ( التحرير ) التي تستخدم في السياسة والأعلام ماذا تعني بالضبط ؟ :

أولاً - الكل يجمع على أن تحرير الأرض يعني أن عدوًا قد إحتل دولة أو غزى جزءًا من أراضيها وهيمن عليها وعلى شعبها ومقدراتها ، مثل الأحتلال الأمريكي للعراق وكذلك الأحتلال الأيراني .. وكلاهما يحتلان العراق ويهيمنان على شع ب العراق ويستعبدانه وينهبان ثرواته .

ثانيًا - حكومة الأحتلال في بغداد .. لا يحق لها الحديث عن ( حرير ) مساحات من الأرض هيمنت عليها مجموعة شريرة ( داعش ) ، لكونها حكومة عميلة لا تمتلك الحرية ولا الأرادة الوطنية للتحرير .. كما أن هيمنة المجموعة الشريرة لم تكن سوى لعبة ستراتيجية كبيرة لتدخل إيران وتوغلها وتسهيل مخططها الأستراتيجي في العراق وسوريا، على وجه التحديد، مقابل شراكتها مع الولايات المتحدة ( النفط العراقي ) مقابل ( النفوذ الأيراني ) .

ثالثًا - إن مفردة ( تحرير ) ، وهذا هو المهم في الموضوع، توحي للآخرين وللناس بأن من يقوم بعملية التحرير هو ( وطني ) يسعى من أجل تحرير أرض بلده .. وهو ( حر ) ومستقل يتطلع إلى الحرية من أجل تعزيز إستقلاله الوطني، وهو ( يدافع ) عن مصالح الشعب . وهنا تكمن المغالطة، التي نجدها تستخدم على نطاق واسع في الأعلام، وخاصة الأعلام الموجه من لدن الحكومة العميلة فاقدة الشرعية ومن قبل الأعلام العربي، الذي لم يقف عند مدلول هذه المفرده ومدى إنطباقها على أرض الواقع ، ولم يكلف نفسه بفحصها وتمحيصها تجنبًا للوقوع في فخ السياسة الأعلامية الخبيثة .

2 - تستهدف حكومة بغداد العميلة من وراء إستخدام مفردة ( التحرير ) إصطفاف السياسات الخارجية واعلامها إلى جانبها، وكأنها قائد يحمل راية التحرر في مناخ ما يسمى ( الحرب على الأرهاب ) .. كما تزدحم معها جيوش التحالف تحت القيادة الأمريكية ( لتحرير ) جزء من أرض العراق المحتل .

ألا يجدر بهذه الجيوش أن تحرر العراق المحتل والموصل جزء من هذا الكل المحتل على سبيل الأفتراض ؟! ألم يكن إستخدام المفردات الأعلامية بهذه الصورة مهزلة وضحك على الذقون، في الوقت الذي يتحدث فيه العملاء في بغداد عن ( تحرير ) الموصل ، وقبلها ( تحرير ) الفلوجة وصلاح الدين وجرف الصخر .. إلخ ، وهم عملاء للأحتلال الأمريكي والأيراني؟! ، فيما يتحدث الأعلام الأمريكي عن ( حرب ) الموصل ويعلن أن المعركة ستطول لأنها ليست سهله ، معقدة ولكنها محسومة .. فكيف يمكن تفسير أن دولة عظمى مثل أمريكا بقوتها وقدراتها وإمكاناتها العسكرية وللوجستية والتقنية العالية تنهزم من العراق وتسحب جيوشها لتعود ثانية لتساهم في ( تحرير ) جزء من العراق - الموصل - وهي تقود جيوش دول فضلاً عن جيوش على الأرض وغرف إستخباراتية متعددة ، وتقول أن المعركة ستطول ، فيما تغض النظر عن التحفز الأيراني في حشود خلفية وقواعد تدريب عسكرية على أرض العراق وبالقرب من السليمانية – منطقة سيد صادق - ومهبط لطائرات هليوكوبتر عسكرية إيرانية، فضلاً عن إنتشار مليشيات إيرانية مسلحة بأسلحة إيرانية أرتكبت مجازر ضد الأنسانية في مناطق متعددة في العراق وخاصة في جرف الصخر وصلاح الدين والفلوجة والرمادي وبيجي وحزام بغداد وغيرها .

- إستراتيجية الحرب على ( الأرهاب ) وضعت منذ البداية لضرب القوى الوطنية الحقيقية المناهضة للأحتلال ممثلة بالقوى الوطنية والقومية والأسلامية الوطنية ، فخلطت الأوراق ووضعت القوى الوطنية المقاوِمة إلى جانب القوى الأرهابية الشريرة ، على خط واحد لتصفيتهما معًا تحت يافطة محاربة ( الأرهاب - داعش ) في الوقت الذي تكشفت فيه هذه السياسة بأنها من صنعها طالما هي قوة إحتلال إمبريالية وإستعمارية متجبرة .

رابعًا - ماذا تقول صحافة الغرب، وماذا ترسم من إشارات حول ما بعد ( تحرير ) الموصل؟!

- تقول مجلة الـ ( إيكونومست ) البريطانية يوم 14 / 10 / 2016 (( إن نتائج معارك الموصل وحلب ستحدد مستقبل المنطقة، إما حروب أهلية مستمرة أو حكومة فيدرالية تنهي نفوذ الحكومات المركزية )) ، وهنا نلاحظ أن المجلة تتحدث عن ( حكومة فيدرالية ) وليس ( حكومات فيدرالية ) .. والمعنى واضح تمامًا ، والمشهد يشير إلى الآتي :

1 - حكومة العراق العميلة تستخدم الجيش وقوى الأمن والشرطة والحشد الطائفي المدعوم من إيران وتستغل البيشمركة الكردية .

2 - تحشد إيران قوات الحرس الطائفي في قواعد تم تعزيزها بالقرب من السليمانية وتنشر عدداً من المستشارين العسكريين ليقودوا المليشيات الطائفية تحت غطاء الجيش العراقي النظامي لكي تشكل خطرًا مزدوجًا على الموصل من جهة وعلى أربيل من جهة ثانية ، وخاصة ما يتعلق بتخطيط النظام الفارسي تأمين طريق بري سريع إلى الحدود السورية ، وهذا ما يركز عليه العملاء في بغداد تنفيذًا لتوجهات إيرانية بضرورة منع ( داعش ) من العبور إلى سوريا ، وهي ذريعة لوجود جيش بغداد تتداخل معه مليشيات إيران بلباس عسكري رسمي في قاطع عمليات غرب الموصل بالقرب من الحدود السورية.

3 - أمريكا أكملت قاعدة ( القيارة ) العسكرية بكل مستلزماتها الضاربة ووزعت قواتها تحت أسم مستشارين كما هو حال إيران الفارسية .. حيث وصل عدد القوات الأمريكية أكثر من ( 5 ) الآف عسكري تم توزيعهم على :

- قاعدة القيارة .

- تدريب الجيش العراقي .

- تدريب قوات البيشمركة الكردية .

- تدريب أبناء العشائر في المنطقة الغربية .

- أما الفرقة المجوقلة ( 101 ) فهي مهيئة للمهمات الخاصة ، فهي تتشكل من ثلاثة ألوية ووحدة مدفعية ووحدة قيادة وإسناد وكتيبتي طيران مروحي ومجموعات دعم .. فهي قوة إنتشار سريع ( R.D.F ) ومقرها الأساس في قاعدة ( عين الأسد ) ومهمتها التدخل وتأمين الحدود بين العراق وسوريا .. ومعنى ذلك .. أن أمريكا على علم بوجود المليشيات الأيرانية ضمن تشكيلات الجيش في بعض مناطق التحشد ومنها القريبة من الحدود مع سوريا .. والمعروف أن الموقف الأمريكي المخاتل يعمل على توزيع الأدوار من أجل السيطرة على مجريات التحركات العسكرية .!!

4 - تركيا أسست قاعدة عسكرية لتدريب قوات عراقية بالقرب من بعشيقة شمال الموصل في ضوء إتفاق سابق بين أنقرة وبغداد وعززتها بحشود إدراكًا منها بأن مسعى إيران هو التغيير ( الديمغرافي ) لسكان المنطقة - حيث ألغت بغداد تأشيرة الفيزة بينها وبين طهران، كما دخل العراق مئات الآلاف من الأيرانيين بدون مبرزات رسمية، حطموا بوابات المنافذ الحدودية تحت ذريعة زيارة ( المراقد المقدسة ) ، تعويضًا عن الحج بمكة المكرمة، وهي دعوى أطلقها الدجال ( علي خامنئي ) .. هؤلاء جاهزون لأسكانهم محل المهجرين من مدنهم وقراهم ، والهدف هو تمهيد الخط الطائفي من إيران عبر شمال العراق إلى سوريا يتأسس عليه خط أنابيب الغاز الأيراني المرسوم إلى البحر المتوسط ومنه إلى أوربا .!!

خامسًا - والغريب في الأمر .. حتى ( الكرملين ) يستخدم مفردة ( التحرير ) في معرض حديث ( ديمتري بسكوف ) ، المتحدث الرسمي بأسم الكرملين .. حيث قال مؤخرًا (  ( إن التدخل العسكري الروسي في سوريا يهدف إلى ( تحريرها ) من الجهاديين وبقاء الأسد في السلطة )  ) ، وأضاف (  ( هناك نتيجتان فقط للنزاع في سوريا وهما، إما أن يبقى الأسد في السلطة، وإما أن يستولي الجهاديون على البلاد ، إما أن يكون الأسد في دمشق وإما أن تكون النصره - القاعدة )  ) .!!

يالها من معادلة بائسة يتناسى فيها شعب بأكمله .!!

ولكن ، نسي ( ديمتري بسكوف ) الشعب العربي السوري .. وهَمَشَ هذا الشعب .. وأختزله بين رئيس قاتل وبين نصرة قاتلة .. ولم يتحدث عن نصف مليون سوري قتله النظام ، ونسي الكيمياوي الذي محق ( 1400 ) ألف وأربعمائة مواطن سوري بهذا السلاح المحرم .. ونسي الملايين من المهجرين قسريًا جراء صواريخ النظام وطائرات وصواريخ أصدقائهم والبراميل المتفجرة، كما هو حال الشعب العراقي الذي يعاني من القتل والتجريف والتهجير.

هل ترون سياسة الكرملين هذه ، تتدخل عسكريًا في سوريا بهدف ( تحرير ) سوريا، وتكريس قواعد عسكرية ومعسكرات وبارجات حربية وقواعد صواريخ بالستية عابرة للقارات ونصب رادارات صواريخ متطورة .. هذا هو ثمن ( التحرير ) .!!

سادسًا - هناك مقاومة وطنية عراقية ضاربة ، معتمٌ عليها، فعلها واضح في كل مكان من أرض العراق .. ومسرح عملياتها في كل العراق وحسب متطلبات واقع الصراع حيثما يشتد ويتصاعد .. فهي في قلب الفلوجة والرمادي وصلاح الدين وبيجي وبغداد ومحافظات الجنوب، وفي الموصل تحارب على جبهتين : جبهة الحرب بالضد من ( داعش ) الأرهابي ، وجبهة من تسول له نفسه من الحشد الطائفي التجاسر بدخول الموصل وتدنيسها بقاذوراتهم الطائفية .

نعم ، هناك ثورة يقودها البعث في كل شارع وزقاق وقرية ، البعث يقاتل داعش ، لأن داعش لا تعرف الوطنية ولا تعرف القومية وهي لا تعرف الأسلام ولا تعرف الأنسانية، ومهمتها القتل والتدمير .. أما الحشد الطائفي، فهو حشد مسير من دولة أجنبية ( إيران ) ، لا يعرف الوطنية ولا يعرف الهوية القومية ويعلن الطائفية راية له في القتل والنهب والتدمير .. البعث بالمرصاد لكل من يريد لشعبنا في العراق الغدر والأذلال ، وسيواصل مسيرته في الكفاح المسلح حتى التحرير ومهما تطلب الأمر من تضحيات .

يتساءل الكثير من الناس .. ماذا بعد ( تحرير ) الموصل من إرهاب داعش هل سيتحرر العراق ؟ كلا، لأن العراق كله محتل من أمريكا ومحتل من إيران .. وإن لعبة إستخدام مفردة ( التحرير ) لن تنطلي على أحد، وإن الوجه القبيح للعملاء لا يمكن أن يكون وجهًا وطنيًا بالمساحيق .. فالحشد الطائفي الفارسي يستمر بأعمال القتل والنهب وتنفيذ سياسات إيران في العراق وخارجه .. وحكومة الأحتلال لا مستقبل لها فهي تحت مطرقة تحرير العراق، كل العراق من شماله حتى جنوبه تحريرًا كبيرًا وواسعًا وعميقًا وبين عجزها وفشلها في إنجاز مهمات الدولة الوطنية في البناء والتطور.!!





الاحد ٢٢ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة