شبكة ذي قار
عـاجـل










في مطلع تشرين الأول من العام 2016، أكَّدت وكالات الأنباء الأميركية والدولية أن قانون جاستا، أو ( قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب )، الذي يناقشه مجلس الشيوخ الأميركي منذ فترة، قد أخذ طريقه نحو الإقرار، بعد أن رفض المجلس الفيتو الذي رفعه الرئيس الأميركي ضد إقراره.

إلى هنا، يبقى الخبر عادياً طالما أن مجلس الشيوخ الأميركي يريد ملاحقة الإرهاب فعلاً، وهو مطلب إنساني بلا أدنى شك، ولكننا نتساءل: هل تريد الولايات المتحدة الأميركية فعلاً أن تلاحق الإرهابيين، وتلاحق رعاة الإرهاب؟

لم نتجنَّ، ولن نتجنَّ على الولايات المتحدة الأميركية إذا قلنا إن الإرهاب هو صناعة أميركية – صهيونية من أجل تطبيق استراتيجية (الفوضى الخلاقة) الذي رافق كل ما فعلت في الدول الأخرى، بدءاً من تقسيم يوغوسلافيا بالقوة والإجرام. وهي التي ابتكرت تنظيم القاعدة لمحاربة السوفييت في أفغانستان. وهي التي، منذ احتلالها العراق، أفلتت حبل الفوضى الخلاقة على شتى أشكالها وألوانها بعد أن كانت مصادره الفكرية وحركاته السياسية ممنوعة قانونياً من النشاط على أرضه، فجاءت بأبي مصعب الزرقاوي في العام 2006، وبتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في العام 2014.

لن نتجنَّ على الولايات المتحدة الأميركية لأن اتهامها بجريمة نشر الإرهاب ورعايته والأمر بتنفيذ جرائمه جاء باعترافات مسؤولين أميركيين شاركوا في إدارة جورج بوش الإبن، وأدلوا باعترافاتهم بعد أن صحا ضميرهم، أو بعد أن ابتعدوا لأسباب خلافات سياسية مع إدارته. وكذلك جاءت الاعترافات عند الكثيرين من أصحاب الضمير من المفكرين الأميركيين، ومن ذوي أصحاب الضمير في شتى أصقاع الأرض.

وعلى الرغم من كل ذلك، يُطلُّ علينا مجلس الشيوخ الأميركي بقانون يسمح بملاحقة رعاة الإرهاب، ولكن أعضاءه نأوا بالتهمة عن إدارتهم، فنحتار بتفسير ذلك. فهل من تفسير؟

من الثابت أن اعتقاد قادة الرأسمالية الأميركية تستند إلى قناعتهم بـ( تفوق العرق الأبيض ) الأمر الذي دفع بالرئيس جورج بوش الإبن إلى القول: إن القانون الدولي هو شيء أركله برجلي، تعبيراً عن أن إيديولوجيتهم تستبعد أي مسؤول أميركي من المحاسبة والمساءلة أمام القانون الدولي أو حتى القانون الأميركي. وهذا السبب هو الذي من أجله أغفل مجلس الشيوخ الأميركي أن القانون الذي وافق عليه مبدئياً لن يضع أياً منهم أمام مبدأ المحاسبة والمحاكمة.

واستناداً إلى ما تقدَّم، نتساءل: إذن، لماذا أصر المجلس المذكور على التصويت على القانون على الرغم من أن أوباما، رئيس الإدارة الأميركية، رفع بطاقة الفيتو ضد إقراره؟

إن القانون المذكور يسمح برفع دعاوى قضائية ضد السعودية، دولة وأفرادا، على خلفية دورها المزعوم في أحداث 11 أيلول من العام 2001، والمشهورة بتدمير برج جارفرهارد.

إننا نحسب أنه ليس للقانون المذكور أي مقاصد قانونية، بل إن مقاصده مجرد أغراض سياسية، يأتي في المقدمة منها تخويف المملكة العربية السعودية وابتزازها لإرغامها على التراجع عن مواقفها الأخيرة ضد سياسة الولايات المتحدة الأميركية. وربما حسب الكونغرس الأميركي، الذي يمثل كل الطبقات الرأسمالية، أنه يستطيع ابتزاز المملكة من أجل إعادتها إلى حظيرة الإذعان الأميركية.

وإذا كانت الأحوال على هذا المنوال، يمكننا أن نقوم بمقاربة بين وسائل الشبيحة والبلطجية في ابتزاز الآخرين، وبين وسائل أكبر دول العالم وأكثرها قوة في ابتزاز الدول الأخرى. ولن يكون الجواب بأقل من القول، والحكم على قانون جاستا: إنه أسلوب الشبيحة والبلطجية وهو تعبير دقيق يعبر عن حال أيديولوجيا الرأسمالية الأميركية في ابتزاز الدول والأفراد.





الخميس ٥ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة