شبكة ذي قار
عـاجـل










كنت أعرف كثيرا من الأشخاص بمن فيهم أصدقاء وأبناء مدينة ومعارف يضعون في نهاية أسمائهم الثلاثية أو الرباعية لقبا موروثا أبا عن جد أما على أساس الانتماء العشائري أو الانتماء إلى مدينة ما، وربما يختار البعض منهم لقبا محببا لنفسه ويناسب قياساته وتوجهاته، استنادا إلى مهنة أو وظيفة أو ما يتفرع عن ذلك من تخصصات، والناس وفقا للعرف السائد مؤتمنون على أنسابهم وما يختارون من ألقاب أو يرثونه من آبائهم.

لكن الزمن دار ربع دورة فقط، وسقط مطر قليل جدا ولكنه أزال كثيرا من المساحيق التي كان البعض يخفي وراءه غرضا أو سلة كاملة من الأغراض السياسية والاجتماعية سواء باسمه أو لقبه أو مذهبه، فقد جاء الاحتلال الأمريكي وسلم مفاتيح العراق لعدو العرب والإسلام الأول وأكرر وأقول "الأول" إيران وليس سواها، لأن الغرب وجد أن إسرائيل غير قادرة على تمزيق صف العرب والمسلمين مهما تفننت في أساليب المكر والخديعة، بل فعلت فعلا مضادا ووحدتهم على كلمة وموقف في رفض احتلال الأرض العربية وخاصة الأقصى المبارك، راحت إيران بعد أن طوى لها سادتها الحقيقيون الوسادة، في زرع الفتن وباض دجاجها بيضا كثيرا ووضعته في مفاقس الصراعات المذهبية والفكرية وحولتها إلى نار نزاعات مسلحة كلما خبت ألقى عليها كهنة معبد النار مزيدا من الوقود لأنهم لا يطيقون رؤية نارهم وقد أطفأها الله والمؤمنون، وجعلوا منها نارا تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.

في هذه الأجواء الملبدة بغيوم الفتنة، تغيرت معالم المدن العراقية وأسماء شوارعها وساحاتها ومنشآتها وحتى الأعياد صارت مصنفة على هوى إيران التي تقول "لإيران عيدان قومي وهو النوروز ومذهبي وهو الغدير" وارتفعت الدعوات لتهميش عيدي المسلمين، الفطر والأضحى المباركين إيغالا بإبعاد الناس عن معتقداتهم، ودخلت على الخط مناسبات زحف "مليونية" إلى المراقد حتى تعطلت مصالح البلاد والعباد، وانتشرت دعوات تحويل وقفة المسلمين من عرفات الله إلى كربلاء بدلا من المشاعر التي ثبتها الله سبحانه في كتابه العزيز، وخرجت من الجحور النتنة دعوات ظلت تطلق على استحياء بتحويل القبلة من الكعبة المشرفة إلى كربلاء، وكأن الحسين رضي الله عنه وأرضاه أولى بالاتباع من الرسول صلى الله عليه وسلم والذي لم يجرؤ أحد من كل الملل والنحل أن يدعو إلى تحويل القبلة إلى المدينة المنورة حيث المسجد النبوي وضريح الرسول الكريم بدلا من مكة المكرمة، فأية صلافة ووقاحة هذه التي يحملها صانعو الدين الجديد ومتعهدو تسويقه من كهنة معابد النار من الزعانف التي تتجسد فيه كل عيوب الشرع، وقد لا نستغرب يوما إذا غزت معابد النار مدن العراق التي توجد فيها المراقد، فإيران لن تعدم استخراج آلاف الأحاديث التي ستنسبها إلى جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده وتشتغل العنعنات من دون توقف.

عود على بدء، لا أدري ماذا سيضيف تغيير اللقب لحامله من مكانة أو وجاهة أو دور لشخص ما أمام نفسه وعائلته ووسطه الاجتماعي والثقافي، وكي لا أذهب خارج مدينتي وحتى أحصر النقاش فيها، أقول ماذا سيضيف لشخص كان يعرف بلقب "السامرائي" إذا أضاف للقلب صفة أخرى مثل الحسني أو الحسيني أو الهاشمي أو الموسوي؟

طبعا ما ينطبق على لقب السامرائي ينطبق بنفس القوة على سائر الألقاب التي أدخلت في مصانع "التجفيت" كما يقول عمال ميكانيك السيارات في العراق.

عندي أن هذا ليس أكثر من وصولية رخيصة لمكاسب دنيوية وليست اعتزازا بنسب، ولو كان الدافع هو الاعتزاز بالانتساب إلى الدوحة النبوية الشريفة، فهل حصل هذا الانتساب بعد الاحتلال أم تم كشف أسراره بعد وصول العمائم السوداء إلى العراق بدعم جوي أمريكي؟ أم هي الخشية من "النظام البعثي"؟ فهل يستحق حمل اللقب من يخاف المجاهرة به؟ ومن هو الذي كان يحمل سيفا على رقاب الناس بسبب ألقابهم؟

هناك آلاف من الرجال والنساء الذين يحملون لقب الموسوي والهاشمي والياسري والحسني والحسيني، وكانوا يفاخرون بها من دون خوف ولنا في الشاعرة العراقية المجاهدة ساجدة الموسوي مثالا راقيا على ما نقول وغيرها آلاف وآلاف.

في ظني أن من غير لقبه أو أضاف إليه شيئا أو حذف منه شيئا لا يستحق مجرد النظر إليه، فمثل هؤلاء متملقون نفعيون انتهازيون وصوليون لا أكثر ولا أقل.





الاربعاء ٢٦ ذو الحجــة ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / أيلول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. نزار السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة