شبكة ذي قار
عـاجـل










شهدت فعاليّات دورة الأمم المتّحدة مساء أمس الخميس 22-09-2016 تدخّل المجرم الإرهابيّ الصّهيونيّ بنيامين نتنياهو رئيس وزراء كيان الغصب الصّهيونيّ.

وكعادة الصّهاينة دوما، توزّعت كلمة الإرهابيّ العنصريّ نتنياهو بين التّباكي ومحاولة الظّهور بمظهر الضّحيّة الأبديّة التي يتوجّب نصرتها من الجميع خصوصا المؤمنين بقيم المساواة والإنسانيّة وحقوق الشّعوب في الحياة، وبين نبرة التّهديد والتّعالي الممزوج بغطرسة فجّة وتفوّق يفوح ساديّة وعنصريّة.

لقد كان أهمّ ما جاء في كلمة المجرم نتنياهو هو التّأكيد على أنّ عصر تهديد ما أسماه بــ " إسرائيل " داخل الأمم المتّحدة قد انتهى للأبد مشدّدا على عدم السّماح للأمم المتّحدة مطلقا بالتّدخّل في شؤون كيانه الغاصب ولا المسّ من قراراته السّياديّة والوطنيّة، وأضاف أنّ السّلام لا يأتي من بيانات الأمم المتّحدة ولا أروقتها بل إنّ السّلام يمرّ عبر " تلّ أبيب " ورام الله. كما شدّد المجرم نتنياهو على أنّ بإمكان رئيس وزراء الكيان الغاصب بعد عقد من الزّمن أن يشكر الأمم المتّحدة لكن يستحيل ذلك الآن، هذا وتواترت كلمة عقد من الزّمان مرارا في كلمته وخاصّة في الجزء الذي خصّصه للتّهجّم عليها.

فما الذي يدفع رئيس الكيان الغاصب أن يهين الأمم المتّحدة من منبرها بتلك الطّريقة الفجّة؟

إنّ نتنياهو لم يجرؤ على استخدام لغة زجريّة وساخرة من الأمم المتّحدة لو لم تكن لديه ضمانات وتأكيدات على أنّ ذلك مسموح له حصرا ولن يعاقب مثلا كما عوقب من بين ما عوقب عليه الشّهيد معمّر القذّافي الزّعيم اللّيبيّ المغدور الذي أقام المجتمع الدّوليّ الدّنيا ولم يقعدها لمّا عرّى زيف ميثاقها ونفاق القائمين عليها والمسيطرين على قراراتها وقرارات أعضائها عبر الابتزاز حينا والتّهديد أحيانا وخاصّة الولايات المتّحدة الأمريكيّة.

ولعلّ نتنياهو أعلم النّاس من غيره في العالم بمدى سيطرة اللّوبيّات الصهيونيّة المتغلغلة داخل تلك القوى الكبرى التي تسيطر على الأمم المتّحدة وأعمالها وتوجّهاتها وقراراتها، وبالتّالي فإنّ ذلك سيقيه كما وقى كيانه الغاصب عقودا من أيّ تبعات، بل ربّما سيكون دافعا جديدا لابتزاز تلك الأقوام التي تفاعلت مع كلماته بموجات حارّة من التّصفيق تبرز مدى متانة تبعية أغلبهم للصّهيونية العالميّة.

إنّ حديث نتنياهو وخصوصا تكرار العقد القادم من الزّمن يشي بما تعتقده الصّهيونيّة العالميّة بل وتعمل عليه فعليّا من اكتمال سيطرتها المطبقة على العالم وهي المدّة التي تقدّرها لتحقّق ذلك، إذ لم يبق أمامها من عائق إلاّ تطويع الأمّة العربيّة وإغراقها في مزيد من الدّمار والفوضى وهو ما تسطّره بوضوح شديد في أيّامنا هذه، وليس من أوكد الأمور وأوضحها على الإطلاق في العالم كحقيقة بديهيّة من طبيعة العلاقة الجدليّة التّلازميّة بين الصّهيونيّة وكيان الغصب الصّهيونيّ المنتصب في أرض فلسطين انتصابا لن تمنحه الشّرعيّة ولا القانونيّة كلّ مناورات الصّهيونيّة والامبرياليّة وسيظلّ الكيان الصّهيونيّ مطاردا أخلاقيّا وشرعيّا وقانونيّا من جماهير شعب الجبارين وكلّ العرب وأحرار العالم مجتمعين إلى أن يعود الحقّ لأصحابه ويطرد الصّهاينة الغاصبون إلى حيث جاؤوا أوّل مرّة.

وبالعودة لكلمة نتنياهو، فإنّه حاول استدرار عطف المجتمع الدّوليّ من خلال إظهار ما سمّاه بــ " دولة إسرائيل " بمظهر الدّيمقراطيّة الوحيدة في الشّرق الأوسط، وبالتّالي فإنّ أيّ إدانة لها من الأمم المتّحدة هو إدانة للدّيمقراطيّة وتشجيع على العنف والاستبداد وغير ذلك من الشّعارات الكاذبة. كما عمد لطمس الحقائق التّاريخيّة والإطناب في التّشبّث بتزوير الوقائع وقلبها مدّعيا أحقيّة ما أسماهم باليهود في الاستقرار والعيش بسلام في وطنهم القوميّ الطّبيعيّ وهي الكذبة الأكبر في التّاريخ الإنسانيّ كله والتي ابتدعها عتاة الصّهيونيّة في مؤتمرها الأوّل بإشراف تيودور هرزل سيّئ الصّيت والسّمعة.

لم تكن كلمة نتنياهو في مجملها إلاّ خطّة خبيثة جديدة للمحافظة على بكائيّات الصّهاينة وهي إحدى الأسباب الأقوى التي وفّرت لهم ما وفّرت من حماية دوليّة أثّثتها خصوصا بريطانيا وأمريكا وأغلب أروّبا لأسباب معلومة.

لكنّ يبقى الغريب حقّا، أن يخصّ نتنياهو بأكاذيبه تلك أكبر الحلفاء التّاريخيّين لكيانه اللّقيط، حيث استنكر تلك القرارت التي لم يفلحوا فيها - أي حلفاؤه وخاصّة أمريكا - في عرقلة إدانة ممارسات وانتهاكات الكيان المارق المستهتر بكلّ القوانين والمواثيق والأعراف، ودعاهم لعدم تكرار ذلك طيلة العقد القادم - وهنا أعاد مرة أخرى التّشديد على هذه الفترة الزّمنيّة -.

إنّ المتابعين لكلمة نتنياهو لن يساورهم الشّكّ للحظة بأنّ كلمة هذا المجرم لم تكن سوى إعلان حرب جديد استهدف هذه المرّة الأمم المتّحدة ولكن من داخل أروقتها وفي أكبر أعمالها وندواتها.

ألا يتيح إعلان الحرب هذا، التّنبّؤ بأنّ الأمم المتّحدة ستحال إلى التّقاعد فعليّا خلال العقد القادم الذي شكّل محورا سحريّا في كلمة نتنياهو هذا؟؟

ألا تشي كلّ قرارات الأمم المتّحدة وهيآتها في الواقع فعلا بتكلّسها وعجزها عن القيام بالحدّ الأدنى المنتظر منها طيلة الثّلاثة عقود الأخيرة، بل أولم تساهم جدّيا الأمم المتّحدة في تقويض السّلم العالميّ وباركت وانخرطت في تدمير دول وأمم وشعوب بحالها خصوصا في وطننا العربيّ؟؟

ألا يمكن اعتبار إعلان الحرب الذي أطلقه نتنياهو من على منبر الأمم المتّحدة توصيات وأوامر وتهديدات أطلقها ولو بطريقة مشفّرة إنّما يتزّل في باب الإيذان بانطلاق حقبة جديدة قد يرافقها استبدال الأمم المتّحدة بمنبر آخر، أو ألا يمكن أن يكون إعلانا عن إلغائها نهائيّا..؟؟

ثمّ لماذا تنكذر نتنياهو في كلمته وتهجّمه على الأمم المتّحدة لكلّ الخدمات الجليلة التي قدّمتها بمختلف فضاءاتها ونشاطاتها وقوانينها لكيان الغصب الصّهيونيّ؟ ألم تبارك الأمم المتّحدة اغتصاب فلسطين؟؟ ألم تتظاهر بالعجز عن ردع الكيان الصّهيونيّ وظلّت مكتوفة الأيدي حيال ذلك رغم وحشيّة وعنصريّة ما ارتكبته قطعان الصّهاينة بحقّ شعبها وأرضها وتاريخها ؟

لعلّ اللّغة المتعالية التي طبعت كلمة المجرم الصّهيوني نتنياهو لم تخصّ حصرا الأمم المتّحدة وقراراتها تجاه كيانه البائس، بل لقد أمعن وأوغل في إهانة أكثر من طرف تبقى الأمّة العربيّة أبرزها على الإطلاق حيث خصّ أبو مازن بهجوم حادّ تعقيبا على كلمته بل وسخر من عزمه على مقاضاة بريطانيا في المحافل الدّوليّة مطلع العام القادم بمناسبة مائويّة وعد بلفور المشؤوم، فلقد اعتبر نتنياهو تلك المساعي والنّوايا خطيرة وغير معقولة مبرّئا بريطانيا من جرمها التّاريخيّ بحقّ العرب والفلسطينيّين، إذ ورغم كلّ الهوس والجنون الذي طبع كلمة نتنياهو، فإنّه لم يتنكّر لبريطانيا ولفعلتها النّكراء والتي كانت أساسا لانتصاب كيان الغصب الصّهيونيّ، ولذلك استبق دعوة الفلسطينيّين لمقاضاة بريطانيا وسعى لتأليب الرّاي العامّ الدّوليّ عليهم لذلك، وهو ما سيشكّل بدون أدنى شكّ مادة دسمة لكبريات المنابر الإعلاميّة الغربيّة والصّهيونيّة قريبا.

هذا وبتعقّب كلمة نتنياهو فإنّنا سنخلص بيسر لأخطر ما جاء فيها، بل إنّّ كلّ ما جاء فيها لم يكن إلاّ توطئة لما يروم إرساله للعالم وفرضه حقيقة لا مجال للمجادلة بشأنها، ألا وهي يهوديّة الكيان الصّهيونيّ وهو ما وصفه بـ " لا مجال عن التخلّي عن يهودية إسرائيل ".

فإنشاء الكيان اليهوديّ هو مربط الفرس في كلّ كلمة نتنياهو ومربط الفرس أيضا في كلّ المخطّطات الصّهيونيّة وهي المحرّك الرّئيسيّ الذي غذّى الهجمات التي شنّتها الحركة الصّهيونيّة ولا تزال ضدّ العرب والمسلمين منذ سبعة عقود وربّما أبعد من ذلك بكثير ..

هذا الحلم الذي يراود الصّهاينة والماسونيّين في العالم، هو الذي جعل نتنياهو يهاجم بلا هوادة في ختام كلمته العرب والمسلمين بل ويشدّد على أنّ أكبر تهديد للسّلم والاستقرار في العالم إنّما هو الإسلام المتطرّف ، وليس من مجال لتبيان أنّ المقصود من خلال هذا المصطلح هو الإسلام والعروبة معا، ولا تخفى دوافع ذلك ولا غاياته.





الثلاثاء ٢٥ ذو الحجــة ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / أيلول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة