شبكة ذي قار
عـاجـل










محاربة داعش .. مقابل عدم حماية الـ ( PKK ) وتابعاته.

إيران على الخط .. الورقة الكردية - الأيرانية، وأنابيب الغاز.

إلتقاء المصالح حول المشتركات .. طهران وأنقرة .

موسكو تتطلع لتسويات ( سياسية ) في ضوء انتصارات ( عسكرية ) .

المدخل : لا حلول سياسية بدون إنتصارات أو إنكسارات عسكرية .. وإن أحكام الدول في التعامل تتكون من أسس تختلف عن الأسس التي يتعامل الأفراد والجماعات والأحزاب بموجبها .. وإن مصالح الدول تعلو على النوازع والعواطف .. وإن رجال الدولة يفرقون بين الديانة والسياسة في الحكم .

1- البعض يعتقد بأن الضرورات الأقتصادية / السياحة والتجارة والنفط ومشروع ( سيل التركي ) للغاز وبناء المحطة الكهرو- ذرية في تركيا / هي التي أملت على أنقرة وكذا موسكو، التحرك صوب بعضهما البعض .. وكذلك تحرك طهران نحو أنقرة للحاجات المشتركة، في ظروف تزداد فيها التوترات والصراعات المسلحة والتآمر الأنقلابي الفاشل بالضد من تركيا.

2- بيد أن العامل الأمني والأستراتيجي يدفعان إلى الأعتقاد بأنهما يحتلان المرتبة الأولى في تحركات ( أنقرة - موسكو- و طهران ) ، فيما يلعب العامل الأقتصادي دورًا ثانويًا مهمًا في ترطيب العلاقات الثنائية بين تلك العواصم ..

3- على الرغم من الأشكاليات الخطيرة الناجمة عن التمدد الفارسي المؤدلج في المنطقة - وخاصة اقتراب المليشيات ( الشيعية ) المسلحة من حلب واصرارها على المشاركة في ( تحرير ) الموصل – فضلاً عن النقلة العسكرية الروسية ذات المدلول الأستراتيجي في سوريا، من أجل دفع الخصم الغربي إلى تخفيف الضغط الأقتصادي والأمني، فيما نشرت موسكو في شبه جزيرة القرم الأوكرانية منظومة ( S-400 ) – تريومف - ذات المدى ( 400 ) كلم الدفاعية المضادة للصواريخ .. حيث سبق ونشرت موسكو مثل هذه الصواريخ في قاعدة ( حميميم ) السورية وفي بعض مناطق النفوذ الروسية أيضا.

4- النقلة العسكرية الروسية نحو سوريا والتحالف السياسي الروسي مع ايران، هما لمواجهة تفاقم المشكلة الأوكرانية ونتائجها على روسيا من اجل إرغام الغرب وامريكا على التراجع وبالتالي القبول بتسويات إقليمية لها أثرها على مستوى العلاقات ( الروسية- الأمريكية ) في نهاية الأمر .. بيد أن الملآحظ : إن النقلة العسكرية الروسية في سوريا لم تحقق نتائجها المتوقعة لحل المشكلة الروسية في الأوكرانية.!!

5- الترحاب الروسي والإيراني ( السريع ) بالرغبة التركية، التي ترمي إلى إنهاء المشكلات الأقليمية من جهة، وترطيب العلاقات الثنائية من جهة ثانية، جاء لعامل آخر، غير العامل الأقتصادي والتجاري والأمني- الأستراتيجي، وهو ( الوجود التركي الكبير في العمق الآسيوي .. وهو وجود عرقي واسع النطاق على ساحات دول ( آسيا الطورانية ) .. وهي منطقة التأثير التركي الأثني والديني ( السني ) والذي يمتد من شرق أوربا والبلقان وآسيا الوسطى وإيران حتى القوقاز .. هذا الواقع تحتسبه موسكو كما تحتسبه إيران، إذا ما تعرض الأمن القومي التركي إلى الخطر الجدي والمؤكد أو الوشيك.!!

6- لأيران موقف مخاتل .. فلو إفترضنا نجاح الأنقلاب الغادر في تركيا، لكان لطهران موقف آخر يساند مليشياتها المسلحة بالتعاون مع ( فتح الله غولن ) وشريحة العلويين في الداخل التركي بمباركة أمريكا .. والغرابة الفاضحة، تكمن في حرارة إحتضان ظريف لنظيره التركي المبالغ فيه .. والتصريحان المتبادلان بينهما ( أن أمن واستقرار إيران من أمن واستقرار تركيا .. وإن تركيا تدرك أن إيران تنظر إلى أمن واستقرار تركيا بنفس الشكل ) مولود أوغلو- وزير خارجية تركيا .!!

- ملفات المنطقة الساخنة، تتشاركها دول إقليمية مهمة، وأحداثها هي نتاج هذه الملفات وحركتها العسكرية عابرة للحدود بهذا الشكل أو ذاك، سواء في صيغة مليشيات مسلحة مؤدلجة أو في صيغة مليشيات مسلحة مرتزقة مجندة، أو في صيغة نسيج إستخباراتي على مستوى التنسيق العالي السرية مع مراكز صنع القرار في كل من واشنطن وموسكو وتل ابيب وأنقرة وطهران وتوابع هذه العواصم كل من دمشق وبغداد في فضاءات أوربية مشحونة بالتوتر.

ملفات المنطقة الساخنة متشابكة أمنيًا واجتماعيًا واقتصاديًا .. هذا التشابك يمكن ترتيب وصفه على النحو التالي لكي تسهل عملية الربط بينها من ناحية وعملية تشخيص السياسات ونتائجها من ناحية ثانية :

- هنالك الورقة الكردية، وواقعها المشترك بين الدول الأقليمية ( تركيا وإيران والعراق وسوريا ) .. الـ ( PKK ) التركي له امتدادات مع الـ ( BIGAK ) الأيراني مع الـ ( BAD ) السوري .. وكلها في نظر تركيا وإيران تنظيمات إرهابية .. اعترفت الأمم المتحدة فقط ما يخص التنظيم الكردي- التركي المسلح في الأنضول بأعتباره منظمة إرهابية .. فيما هي منظمات متكاملة تعمل من أجل ( كردستان الكبرى ) .. هذه الورقه الملتهبة تعد مدخلا للتفجير ورسم خرائط الجيو- سياسة لهذه المنطقة بعد أن أسقط النظام الوطني في العراق.

- الكرد - الأتراك الذين يتشكلون تنظيميًا في ( حزب العمال الكردستاني التركي ( PKK ) وحزب الأتحاد الوطني الديمقراطي الكردي وذراعه العسكرية < وحدات حماية الشعب الكردي > في شمال سوريا، الذي تعول عليه أمريكا، هما، في منظور الأمن القومي التركي، منظمتان إرهابيتان وبإعتراف الأمم المتحدة.

- تساند أمريكا سياسيًا وتدعم عسكريًا هاتان المنظمتان، على الرغم من كون تركيا حليف لها، وعضو في حلف شمال الأطلسي، وان أمريكا تدرك أن أهدافهما إنفصالية بإسلوب العنف المسلح .. ومع ذلك، تعمل أمريكا بالضد من الأمن القومي التركي، ولا تعمل بالضد من الأمن القومي الإيراني.!!

- الكرد - الأيرانيون في منظور الأمن القومي الإيراني هم معارضون إرهابيون يستحقون الأعدام وكذا الأمر حيال القوميات الأخرى، العربية والتركية والبلوشية والتركمانية وغيرها .. ومثل هذا السلوك لا يثير أمريكا ولا الغرب، وخاصة موجة الأعدامات التي تطال العرب الأحوازيون والكرد- الأيرانيون بالمئات فضلاً عن المعتقلين من قوميات أخرى في السجون الإيرانية .

- طهران وانقرة تريان .. أن الورقة الكردية هي ورقة إرهابية تشكل في منحى السياسة - الأستراتيجية نقطة جذب على طاولة محادثاتهما الثنائية المشتركة اللتان تهم أمنهما .. بيد أن :

أ- لدى أنقرة جالية تركية كبيرة مضطهدة في ايران تتعرض للقمع والفرز العنصري الفارسي، كما تتعرض ( للتفريس والتشيع الفارسي ) .. يتشكل تنظيمها على خط الكرد ملفًا مقابلاً ليس بوسع طهران إغفاله سواء في أذربيجان أم في عموم إيران والعاصمة طهران على وجه الخصوص.

ب- مصالح اقتصادية وتجارية مشتركة - غاز ونفط وسياحة .

- موسكو تريد ان تحقق نصرًا يكلل تدخلها العسكري الفاضح في سوريا، تستطيع من خلاله ان تحقق نتائج سياسية وستراتيجية ببقاء نظام دمشق الدموي ( يعترف ) بمصالحها ونفوذها السياسي والأستراتيجي على حافات البحر الأبيض المتوسط .. ومن دون تركيا لن تستطع موسكو ولا طهران أن تحققا ( انتصارات ) في سوريا من أجل نجاح مفاوضات ( السلام ) المشوبة بصراع المصالح الذي تديره القوى العظمى .. على الرغم من العمل الأقليمي بالوكالة الذي تديره إيران لصالح مخطط التغيير وأدواته المليشياوية ( الداعشية ) المسلحة، التي باتت قريبة من الحدود التركية في حلب والموصل، الأمر الذي يتهدد الداخل التركي لأرغام صاحب القرار في أنقرة على العمل المشترك ولأغراض :

أولاً- أن تغلق تركيا حدودها الجنوبية مع سوريا .. لحرمان قوى الثورة السورية من الحركة ووضعها تحت رحمة الطيران الحربي الروسي وقوات نظام دمشق والمليشيات الطائفية القادمة من العراق ومن حزب الله في الجنوب اللبناني.

ثانيًا- القبول بتسويات سياسية تشترط بقاء النظام الدموي في دمشق مع بعض التعديلات دون ان تخسر موسكو وطهران نفوذهما السياسي والعسكري في سوريا.!!

ومع كل هذا .. تظل الصراعات على الأرض هي التي تقرر شكل السياسات التفاوضية والاتفاقات .. ومن الصعب الأحتكام إلى منطق الذين يرسمون مخططاتهم على الورق، فيما أدواتهم مصابة بالتصدع والتفكك وقابلة للأشتعال كما هو حاصل في الداخل الأيراني.

الخلاصة :

- تتعرض تركيا لضغوطات الغرب وفي مقدمة دوله أمريكا وحلف الناتو.

- تتعرض روسيا لضغوطات أمريكية غربية في شكل حصارات وعقوبات اقتصادية، وتهديدات نشر منظومة صواريخ بالستية بالقرب من مجالها الحيوي.

- روسيا وتركيا تسعيان للخروج من أزماتهما السياسية والاقتصادية والامنية المحدقة بهما .. فيما تتطلع الأولى الى فرض سياسة الأمر الواقع ينتج عنه إعتراف بأن موسكو تتربع إرث الأتحاد السوفياتي قطبًا مقابلا في ميزان تعادل القوى الدولي.

- ترى تركيا إن من الصعب الاعتماد كليا، بعد تعرضها لانتقادات ومواقف الغرب وحلف شمال الأطلسي ( الناتو ) المتحفظة، بعد الانقلاب العسكري الفاشل، على الرغم من كونها عضوا فيه.

- إن الأمن القومي التركي هو فوق الاعتبارات الاقتصادية، رغم أهميتها، ولا يجوز التنازل عن متطلباته.

- التقارب بين < موسكو وانقرة وطهران > مؤقت ومشروط بواقع التحسن وتخفيف الضغوط الاوربية، التي كلما زادت عن حدها اندفعت تركيا نحو الشرق بحسابات العمق الأستراتيجي.

- تركيا لا تتساهل مع أحد أهم المخاطر، التي تهدد أمنها القومي، وهي الورقة الكردية، ولكنها تتفهم حلولا سياسية ضمن إطار وحدة التراب الوطني التركي .. أما إيران فلا مجال للحديث عن إعتراف بوجود الشعوب الأيرانية أصلاً، فما بالنا الأعتراف بحقوقها الأنسانية.!!





الثلاثاء ١٣ ذو القعــدة ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / أب / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة