شبكة ذي قار
عـاجـل










دعونا نفتش عمن له مصلحة في جريمة مدينة ( نيس ) الفرنسية .. وعمن له مصلحة في جريمة ( الكرادة ) العراقية .. وهل من رابط بين الجريمتين؟ وهل يبقى المجرم متخفيًا تحت عباءة الأرهاب و داعش ؟!

1 - كان مؤتمر المعارضة الأيرانية، الذي عقد في باريس بتاريخ 8 / 07 / 2016 ناجحًا بكل المقاييس .. وكانت الأجندة التي تبناها المؤتمر تختلف عن الأجندات السابقات، التي طالما راوحت منظمة مجاهدي خلق حولها سنين طوال، على الرغم من حشدها الكثير من الشخصيات الأوربية الفاعلة .. لأنها لم تكن تتبنى ( ستراتيجية الداخل الإيراني ) بصورتها المركبة، التي تجمع بين ( تحالفات ) القوى الوطنية للعمل المشترك في إطار جبهوي تشارك فيه على مستوى الجناح السياسي وعلى مستوى جناح الكفاح المسلح بالضد من القوى التسلطية الفاشية للسلطة الطائفية الأيرانية من جهة، وبين الحشد الخارجي المساند والداعم سياسيًا وماليًا وإعلاميًا لخلخلة الداخل الأيراني لغرض ضمور نشاطات النظام العسكرية التدخلية وتمدده في خارج حدوده الأقليمية من جهة أخرى.

والمعنى يكمن في أهمية وضرورة وقف التمدد الفارسي بإشعال الداخل وتفعيله .. وهو الأمر الذي ظهر واضحًا حيث أخذت حالات الثورة المسلحة في الداخل الأيراني طريقها الى الأتساع ، من الأحواز الى مهاباد مرورًا بعدد كبير من المدن التي تقطنها أغلبيات قومية عربية وكردية تمكنت فيها تنظيمات مسلحة من أخذ زمام المبادرة فحققت الأصطدام بقوات الحرس الايراني ومقراته ومخافره وحركة عناصره، الأمر الذي جعل نظام الملالي يشعر بهستيرية قل نظيرها كسرت غطرسته الفارغة ودفعته إلى نقل أسلحة ودبابات ومدافع بالقرب من المدن الأيراني الثائرة، وباشر في قصف مدن العراق الحدودية وتشريد سكانها وتدمير مزارعهم بالصواريخ والقذائف، فيما يقوم الحرس الأرهابي الأيراني بحملة إعتقالات واسعة للكرد والعرب والتركمان وغيرهم من القوميات في إيران، وإعلان السلطات الفاشية في طهران جملة من الأعدامات العلنية على الرافعات في الساحات العامة، وإغلاقها الجوامع بوجه ( السنة ) .. .والمهم من هذا كله الكلمة البركان الذي فجره الأمير ( تركي الفيصل ) في مؤتمر مجاهدي خلق في باريس .!!

2 - وفي سبيل الرد العملي على المؤتمر وإستباق نتائجه وإفرازاته القوية في الداخل الأيراني، التي أرعبت ملالي طهران .. كان رد الحرس الأيراني على حاضنة المؤتمر فرنسا بتجنيد من رأته مناسبًا لعمل إرهابي ولديه الأستعداد لتنفيذ ما تم التخطيط له وإختيار الوسيلة غير التقليدية ( شاحنة للدهس ) والمكان والزمان المناسبين من أجل التنفيذ :

- اليوم 14 / 07 / 2016 وهو العيد الوطني الفرنسي .

- المكان ، مدينة نيس الساحلية الجميلة التي يزدحم فيها الناس والسياح من جميع أنحاء العالم .. ليحصد التنفيذ أكبر قدر ممكن من البشر.

- الحالة ، ليست تفجير مفخخة ، وليست تفجير حزام ناسف يحمله إنتحاري، إنما ( شاحنة تبريد ) والأندفاع بها دهسًا بالناس وهم يحتفلون على طول الشارع الممتد مع الساحل .. .ويبدو أن أداة جريمة الأرهاب هي ليست عادية أو تقليدية.

3 - سرعة إعتراف ( داعش ) بأنها هي التي تتبنى جريمة ( نيس ) .. والملآحظ أن لا رابط بين ( داعش ) وفرنسا ولا حتى مدينتها ( نيس ) لا في السياسة ولا في غيرها لتنتقم أو بالأحرى لترد على فعل معين .. ويبدو أن سرعة الأعتراف قد جاء للتغطية على أصل الفاعل الحقيقي وتوزيع الشكوك.

4 - أثبت الواقع أن ( داعش ) لها إرتباط قوي بالحرس الثوري الأيراني .. وإن محاربة داعش يقع في إطار سيناريو طهران لأدامة الحرب على الأرهاب .. والهدف من ( عملية نيس ) هو تحذير فرنسا ومعاقبتها على تبنيها وإحتضانها لـ ( مؤتمر مجاهدي خلق ) وإستقطابها للشخصيات العالمية التي تساند وتناصر المشروع التحرري للمنظمة والذي يرفع شعار إسقاط نظام الحكم الفاشي في طهران .. فضلاً عن الحضور الفاعل للأمير ( تركي الفيصل ) هذا المؤتمر، والذي تسبب هيستريا عصابية لأركان النظام الصفوي وفي مقدمتهم ولي الفقيه.

5 - جريمة ( نيس ) تشابه جريمة ( الكرادة ) من حيث غرابة الوسيلة كونها غير تقليدية ، بيد أن الهدف واحد وهو إرسال رسائل إلى ذوي الشأن من سلطة ولي الفقيه عن طريق آخر :

- فهدف جريمة ( نيس ) منع فرنسا من إحتضان فعاليات ونشاطات منظمة مجاهدي خلق المعارضة، والعمل على تحذير فرنسا وتحييدها قدر الأمكان.

- وهدف جريمة ( الكرادة ) تنفيذ إعدامات أكثر من ( 3000 ) ثلاثة الآف مواطن دون سبب حقيقي جدي بعيدًا عن التحقيق النزيه والعادل والمنصف من جهة ، ووضع جميع القوى في العراق، المدنية والعسكرية، خلف متاريس الحرب الأهلية كما تخطط لها إيران بتدخل حرسها وجنرالاتها.

- تكليف ولي الفقيه فصائل ( الحشد الطائفي ) بضرب معسكر ( ليبرتي ) ومقرات حركة المعرضة الأيرانية الوطنية مجاهدي خلق بالقرب من مطار صدام الدولي القريب من بغداد بالصواريخ .!!

- وسرعة إستدعاء الخارجية الأيرانية للسفير الفرنسي المعتمد في طهران حال إنعقاد مؤتمر مجاهدي خلق وأبدت ذعرها وقلقها من إنعقاده وشعاراته التي تؤكد عزم المؤتمر على إسقاط النظام في طهران، وإحتضان باريس له.!! ، هنا ، كيف يمكن أن نتصور أو نتوقع ردود فعل إستخبارات / الحرس الأيراني للشؤون الخارجية المرتبط بالمرشد الأعلى ( علي خامنئي ) على هذا المؤتمر؟!

فإذا كانت جريمة ( نيس ) قد أخذت مدياتها في قلب القارة الأوربية وخارجها واستحوذت على إهتمام قادة جميع الدول بإستهجانهم الجريمة البشعة وإستنكارها فضلاً عن مواقف المؤسسات الدولية وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي .. كانت جريمة ( الكرادة ) يتيمة تمامًا ولم تتلق صدى جديًا يذكر من أحد ولم يكترث لها، على الرغم من أن ضحاياها أكثر من ( 600 ) ضحية فيما بلغ ضحايا جريمة نيس ( 84 ) ضحية وعددًا مضاعفًا من الجرحى .. ومع ذلك وكما يبدو أن دماء العراقيين رخيصة جدًا - نتجة لفشل وفساد الحكومة وارتباطها بإيران - أمام ثمن الذين سقطوا في نيس وهو ثمن باهظ .!!

6 - إيران تصر على التدخل والتمدد، لأن هذا السلوك ( منهج ) .. ووضعها الداخلي هش تتصارعه القوميات المتعددة، التي تعاني من إضطهاد النظام الفارسي الصفوي .. فالقومية الكردية تتصدى لهذا النظام والقومية العربية هي الأخرى تتصدى بالسلاح لقوات الطغمة الصفوية الحاكمة، وكذا القومية التركمانية والآذرية والبلوشستانية .. وكل هذه القوميات قد شهرت سلاح الكفاح المسلح وشرعت، كل حسب إمكاناتها، تتصدى للظلم العنصري والطائفي في دولة الأرهاب، في ظل الركود الأقتصادي والتدهور الأمني وإرتفاع معدلات البطالة وإتساع نطاق الفقر والرذيلة في كل زاوية من زوايا إيران، وخاصة العاصمة طهران ، نتيجة لسياسات الملالي وتدخلاتهم الخارجية.

7 - الأمريكان يعرفون ذلك جيدًا ويسكتون في ظل سياسة أوباما الكارثية، التي سببت المزيد من تدهور الأمن والأستقرار الأقليميين وأنتجت تصاعد موجات الأرهاب لتضرب عواصم أوربا وخاصة بروكسل وباريس وذلك تبعًا لمواقفهما من حداث منطقة الزلزال الذي حل في عام 2003 وهو عام الغزو والأحتلال للعراق، فيما ( أوباما ) مشغول بتنظيراته السخيفة وكلامه الفارغ وإحتضانه أصابع التدمير التي طالت العاصمتين أنقرة وإصطنبول، فهو مستمر في تفكيك دول منطقة الشرق الأوسط بأداة إيران الأرهابية، والتي تعمل في الهدم من جهة، وتعمل بوسيلة الضغط الأرهابي من جهة أخرى .. وتقع جريمة ( نيس ) في هذا المرمى .. فمن يريد أن يفكر بعمق سيجد نفسه يتساءل من المستفيد من جريمة ( نيس ) ؟ وهل يسكت الصفويون على إحتضان فرنسا لمؤتمر المعارضة الأيرانية الذي وضع فعلاً ( إستراتيجية ) للتحرير أو إنها على طريق التبلور .. إنها قادمة للتنفيذ , وجريمة ( نيس ) رسالة تحذير .. !!





الثلاثاء ١٤ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة