شبكة ذي قار
عـاجـل










في مؤتمر المعارضة الإيرانية السنوي، في 9 يوليو 2016، بالعاصمة الفرنسية باريس أطلق الأمير تركي الفيصل مصطلحاً جديداً على ما يُدعى بالثورة الخمينية أنها «السرطان الخميني»، الذي انتشر منذ عام 1979 بخلاياه السوداء في شكل أزمات وعواصف من الأحقاد الطائفية والقومية على امتداد أرض الإسلام والمجتمعات الإسلامية، وبالأخص العربية. وكان مجرد حضور الأمير السعودي في هذا المحفل السياسي الكبير، والمعلن، تعبيراً عن المدى البعيد الذي ذهبت إليه جمهورية إيران الإسلامية في الإساءة لجيرانها العرب عموماً، والخليج العربي خصوصاً.

نعم، عام 1979، مع تأسيس أول نظام حكم ديني، كان إيذاناً بدخول عصر الأصولية الدينية وصعود الإسلام السياسي المناهض للديمقراطية والعلوم والمعرفة، عصر حجب العقل العربي وتكبيله بالقيود والتبعية والمرجعية، عصر من شأنه إبقاء المنطقة برمتها في وحل التخلف الحضاري والعلمي.

نعم، منذ عام 1979 لم تخلو منطقتنا العربية من الأزمات، ولم تتوقف «قوى الظلام الحديثة» عن الصراع ضد عصر جديد كان العرب قد بدأوا خطواته الأولى نحو التنمية والتعليم والتصنيع. فكانت بداية دفع المستقبل العربي إلى الوراء، والاستغراق في نبش الماضي وتعطيل حركة الزمن لتنفيذ الثأر التاريخي وإرجاع الإمبراطوريات الفانية.

نعم، في عام 1979 بدأ فيروس المليشيات الإرهابية يستوطن منطقتنا العربية مخترقاً عقول أبنائنا الصغار، وما كان لهذا الفيروس أن يقوى وينتشر لولا تغذيته ودعمه من قبل أطراف أقوى منه بطشاً وخبثاً ودهاء، حتى بات الأكثر تهديداً لوجود العرب والإسلام معاً ... فقد تقرر تحويل منطقتنا إلى منطقة أزمات، ووضع ذلك الفيروس السرطاني في مركز ثقل المنطقة.

نعم، عام 1979 كان عام انطلاق مشروع منطقة قوس الأزمات، الممتدة على مساحة الأرض العربية، فكانت تلك الأزمات كافية لتبرير سحق البرنامج النووي العراقي، والقضاء على العقل العربي، في الوقت الذي كان البرنامج النووي الإيراني يتطور في ظل نظام حكم دموي قام بإعدام عشرات الألوف من مواطنيه ونشر إرهابه في كل العالم، منذ تفجير الفرنسيين والأمريكيين في بيروت، واختطاف الطائرات، وتفجير باصات الجامعات والمدارس وباصات الأطفال والمستشفيات، واختطاف البشر للمساومة على حياتهم مقابل صفقات المفاوضات، ولم يتوقف كل هذا عند الهجوم على العراق في حرب استمرت ثماني سنوات، وزهقت أكثر من مليون روح، في ظل الإصرار على رفض قرارات الأمم المتحدة لإنهائها.

نعم، ما حدث في إيران عام 1979 كان عملية زرع فيروس سرطاني خلق أوراماً في قلب الأمة الإسلامية والعربية، لإيقاف عوامل التقدم، عبر تشويه الدين وتفتيت المجتمع بالأحقاد القومية والطائفية والمذهبية، وإفساد العقول والسيطرة على القلوب.

على مدار 37 عاماً عشنا نحن في الخليج العربي، ومعنا الشعب العراقي المنكوب، كل مظاهر الأحقاد والكراهية الشيطانية الناشئة من الورم السرطاني، وتراكمت الأزمات المتتالية في منطقتنا وبسرعة قياسية، لنشر الفوضى، فاستقطبت جهود الأمة لاحتوائها، دون أن تنجح في إيقاف العداء المذهبي والعقائدي الذي لازال يلقي بحممه على رؤوسنا في كل الطقوس والممارسات العقائدية والسياسية المستمرة على مدار أيام السنة، حتى اخترق كل بيت ليفصل الأبناء عن الآباء، والجار عن جاره، والأخ عن أخيه، ويكسر اللحمة الوطنية، ويخلق فجوة العداء العقائدي المذهبي بين المواطن ووطنه وقوميته، ليتوجه بولائه إلى القومية المذهبية الغريبة عن الجسد العربي.

أما شعبنا العربي في العراق المحتل، فهو مستمر في تجرع مآسي الأحقاد والكراهية اللا منتهية منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً، ثأرا من تاريخهم العظيم ... مآسي وعذابات تمثلت في الذبح والحرق والتفجير والتسميم والتعذيب والتمثيل بالجثث وفصل الرؤوس عن الأجساد ونشر الأمراض والفقر والتجويع والحرمان من التعليم والدواء والرعاية الصحية والكهرباء والماء الصالح للشرب، دون رادع إنساني أو ديني أو دولي ...

نتوقف عند هذا القدر لنؤكد أننا نؤمن بأن التاريخ لن يرحم، والمستقبل كفيل بتصحيح الأوضاع، وفي زمن أقل بكثير لمن يعتقدون بأنهم سيبقون في القمة دائماً، وإن نهاية كل ورم سرطاني هي البتر.

اخبار الخليج ١١ يوليو ٢٠١٦

 





الاثنين ٦ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سميرة رجب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة