شبكة ذي قار
عـاجـل










الأولى .. ( .. ليس من مصلحة الولايات المتحدة الامريكية ان تحل اي مشكلة بالعالم، لكن من مصلحتها ان تمسك بخيوط المشكلة وان تحرك هذه الخيوط حسب المصلحة القومية الامريكية .. ) - هنري كيسنجر .. مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق.

الثانية .. ( .. إن الصراع الدولي لم يعد يأخذ شكل الحرب الباردة في ظل صراع القطبية الثنائية، التي حددت المناطق الرمادية ومناطق النفوذ .. إنما الصراع يظهر في شكل ( وحدة التناقض ) ، التي تجمع بين التعاون هنا حسب مقتضيات المصلحة، والصراع هناك حسب واقع الحسابات التي تفرضها التوازنات الأقليمية والدولية .. وهي صيغة تعاون وصراع معًا محكومة بحسابات حدود المجازفة - كما يحصل الآن بين موسكو وواشنطن في سوريا على وجه التحديد وساحات أخرى .. ) .

الثالثة .. ( .. الحرب ليست في العراق او سوريا ، الحرب هي على اقتصادات الدول وتفقيرها وتجويع شعوبها وتجريدها من قوتها المالية ومن ثم العسكرية وجعلها غير قادرة على شراء إطلاقة واحدة وعدم تمكنها من تسديد رواتب موظفيها ومنهم العسكريين وقوى الأمن لتظهر قوى أخرى مسلحة خارج إطار الدولة تنتهك القانون وتسلب الناس وتثير الفوضى وتأخذ الأتاوات .. ) - كريستين لوغارد .. مديرعام صندوق النقد الدولي ( IMF ) .

قاعدة الفرضية الثالثة .. ( .. خير النتائج في حكم العالم، هو ما ينتزع بالعنف والأرهاب، لا بالمناقشات الأكاديمية . فالحق يكمن في القوة، إذ يجب إنهاك الدول بالأضطرابات الداخلية والحروب الأهلية والخارجية، وحتى يتم تخريبها نهائيًا، وبذلك تقع في قبضتنا حينما تضطر إلى الأستدانة منا، فنحن نسيطر على إقتصاد العالم ونمسك المال كله في أيدينا، وفي ظل إضطراب المجتمع ستكون قوتنا أشد من أي قوة أخرى، لأنها ستكون مستورة حتى اللحظة المناسبة .. ) - البروتوكول الأول لحكماء صهيون .

دعونا نتحدث عن الفرضية الأولى المطروحة :

1 - في ظل الحرب الباردة التي كانت قائمة بين المعسكرين الأمريكي والسوفياتي، كانت العلاقات بين القطبين تحكمها محددات ومعايير حسابات حدود المجازفة وفي إطار المناطق الرمادية التي يسودها التنافس .. بمعنى أن المعسكرين يدركان حدود حركتهما تحت خيمة الردع النووي الشامل المؤكد .. حيث يستمر هذا المعادل في تفعيله حتى الوقت الحاضر .. فبدلاً من دخول مناطق الصراع بزخم عسكري مباشر - كما حصل في أفغانستان والعراق - الذي يتسم بالكلف العالية ومخاطر الأنزلاق المحتمل نحو توسع دائرة الصراع ، أصبح الرهان الأستراتيجي على ( إدارة الصراع المنفرد ) و ( إدارة الصراع المشترك ) في ضوء طبيعته وطبيعة القوى الفاعلة على أرضيته وإمكاناتها في الحشد والحسم .

2 - فأمريكا غيرت من نهج تدخلها العسكري المباشر حيال أي مشكلة في العالم ورأت أن ( لا مصلحة لها في التدخل لحلها ) إنما تكمن مصلحتها في ( الأمساك بخيوط هذه المشكلات والعمل على تحريكها بما يتناسب مع مصالحها القومية ) وبأدوات أعلنت عنها بأنها ( إستخباراتية - سياسية ) مراوغة وكاذبة - التغطية على مشكلة الملف النووي الإيراني مثلاً والفضائح المالية التي غطت على هذا الملف من لدن البيت الأبيض - .

ومن هذا النهج أنتجت أمريكا لروسيا ( فراغ أمن ) في سوريا ، سرعان ما دخلتا معًا غرفة ( إدارة الصراع المشترك ) .. أما في العراق فأن أمريكا قد أنشأت من قبل غرفة ( إدارة الصراع المشترك ) مع طهران ، دون أن تسمح في إشراك روسيا تبعًا للتوافق الأستراتيجي مع إيران، والذي تعزز في عام 2011 بتسليم العراق وكالة لولي الفقيه وإمتداداته الطائفية والعرقية في العراق من أجل إدارة العملية السياسية الفاشلة أصلاً.

3 - فيما بات الفعل الروسي في سوريا نتاج التفاهمات الروسية - الأسرائيلية المسبقة وعلى شكل غرفة ( عمليات مصغرة للأشراف ) على مدخلات الحرب و ( إحتوائها ) وإدخالها في ( الأستنزاف الشامل والكامل والعميق ) وتركها دون ( حلول ) لما هو كائن على أرض سوريا .. وما يحصل في سوريا يحصل في العراق من حيث الفعل ومن حيث النتائج .

دعونا نلقي نظرة سريعة لحركة المسؤولين في العواصم الثلاث ( طهران وموسكو وتل أبيب ) ، وكيف يتم تصريف السياسات في غرف ( إدارة الصراع المشتركة ) :

 - إجتماع وزراء دفاع ( إيران وروسيا وسوريا ) في طهران .

 - لقاء بنيامين نتنياهو مع فلادمير بوتين ووزير الدفاع الروسي.

 - لقاء وزير الدفاع الروسي حصريًا مع ( علي شمخاني ) .

 - تعيين علي شمخاني منسقًا بين للشؤون العسكرية والأمنية والسياسية بين ( سوريا وروسيا ) .

 - إقالة حسين أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الايراني المرتبط بالحرس وبولي الفقيه، وتعيين حسين جابري أنصاري بدلا منه .

تكشف هذه المكوكية عن طبيعة العمل المشترك وضرورات صنع القرارات لتصريف السياسات، كما تفصح عن أن الأحداث لا تخرج عن التوافقات ( الروسية الأسرائيلية الأيرانية ) في العمل المشترك لأدارة الأزمات في المنطقة .!!

وخلاصة هذه الفرضية السياسية، التي تجري تطبيقاتها في العراق وفي سوريا .. ( بغض النظرعن المنهج الفقهي لقوى الصراع ) ، أنها قد دخلت مرحلة ( الأحتواء ) ثم دخلت حالة ( إستنزاف ) الموارد البشرية والمادية، ثم تركت الأحداث ( دون حلول ) .!! ، لأن ، كما تشير إليه الفرضية هذه، أن ليس من مصلحة أمريكا التدخل في الصراعات الخارجية إنما من مصلحتها القومية الأمساك بخيوط المشكلات والتلاعب بها وبأوراق اللعب عليها وحسب مقتضيات المصلحة القومية الأمريكية .. ولكن من السذاجة نسيان مخططات أمريكا الرامية إلى تقسيم العراق من خلال العمل ( الأمريكي الأيراني ) المشترك، والمدعوم إسرائيليًا وروسيًا - صفقة أسلحة الطيران الحربي الروسي ( MI.28 ) و ( MI.28N ) و ( MI.35M ) - .

أما الفرضية الثانية، فهي تؤكد على وحدة العمل المشترك في ضوء المصالح المشتركة بين موسكو وواشنطن، والتي يمكن تسميتها بـ ( وحدة التناقض ) ، لأعتبارات موضوعية تخص مفهوم الصراع والتنافس، ولا بأس في تسخير قوى إقليمية في صراعات الأنابة والخاسر الوحيد هم الشعوب :

1 - بعد أن تحول العالم من القطبية الثنائية إلى القطبية الأحادية الصارمة، ثم إلى الثلاثية المضطربة الراهنة .. برزت ثلاث دول ( أمريكا وروسيا والصين ) تلعب دورًا في بلورة نظام جديد للعلاقات الدولية ما يزال رهن التكوين، الذي ربما يتعرض للأجهاض، في خضم صراعات ومنافسات إقليمية مختلفة وأخرى ذات طابع إستراتيجي بعيد المدى، تمامًا كسابقات الصراع الذي أنتج الحرب العالمية الأولى والثانية، وكذلك ما تمخض عنه الفكر الأستراتيجي سابقًا بما يسمى بـ ( حربين ونصف ) و ( حرب ونصف ) ثم حرب شاملة وحروب بالوكالة وآخرها الحرب الرابعة.!!

2 - ويتعذر على أقطاب هذا النظام، الذي يتبلور أن يشعلوا حربًا تدميرية شاملة - إلا إذا تعرض أمن أي منهما القومي إلى خطر جدي أو وشيك - إنما الأكتفاء بحروب إقليمية تأخذ شكل ( الحروب بالوكالة ) .. كما ان ليس بوسع أي قوة أن تفرض قدرتها أو تسود على واقع القوتين الأخرتين، إنما يضع هذه القوى في وضع جديد آخر يمكن وصفه بـ ( وحدة التناقض ) التي تعني وحدة العمل والصراع معًا، الصراع هنا بالوكالة والتعاون هناك، ولا غرابة في العمل معًا في ( إدارة الأزمة ) ، كما يحصل في إدارة ألأزمة السورية بصورة مشتركة ( أمريكية روسية ) من جهة، و ( روسية إسرائيلية ) من جهة ثانية، في ضوء :

أولاً - عدم الأتفاق على حلها .

ثانيًا - العمل على إحتوائها وحصرها ومنع إتساعها .

ثالثًا - ترك الصراع في وضع ( ألأستنزاف ) الكامل والشامل والعميق تبعًا لمعايير العلاقات المشتركة حيال أطراف الصراع .

رابعًا - الأتفاق على الحفاظ على الأمن الأسرائيلي في الراهن والمستقبل عن طريق تدمير الخطوط التي سبق وأقرتها نظرية الأمن الأسرائيلية في شكل دفاعات الخط الأول والخط الثاني وبناء شبكة لما أسمته بالفناء الخلفي لهذه الخطوط والتي تشمل الدول كل من ( إيران وتركيا وباكستان والهند ) والعمل على تحييدها ومن ثم كسبها وإمكانية إدخال أي منها في مخطط ( الدفاعات الأسرائيلية ) .. والمعروف أن خط الدفاعي الأول حسب نظرية الأمن الأسرائيلية يشمل ( مصر والأردن وسوريا ولبنان ) ، فيما يشتمل الخط الدفاعي الثاني كل من ( العراق ودول الخليج العربي يمتد صوب دول المغرب العربي ) .. والتدمير يكون كاملا وشاملا وعميقًا ينتهي بتفتيت المنطقة ليتم دخول ( إسرائيل ) فيها لقيادتها ونهب ثرواتها وتكريس مشروعها الصهيوني من النيل إلى الفرات.

الفرضية الثالثة .. والتي تشدد على الـ ( Geo - economy ) في إعداد خطط تطويق الحكومات والشعوب بإتفاقيات القروض وشروطها المخلة بالأستقلال الوطني .. فهي حروب إقتصادية يشنها المركز الرأسمالي على الشعوب لأفقارها وتجويعها وإفلاسها، بوسائل الحروب والحصارات، وإرغامها على القبول بشروط مؤسسات الأقراض الدولية مثل ( البنك الدولي ) و ( صندوق النقد الدولي ) .. فالدولة التي تنهكها الحروب والنزاعات تتعرض للفساد والتهتك القيمي والحاجة القصوى لدفع رواتب مؤسساتها المدنية والعسكرية، وفي حالة إخفاقها يتعرض السلم الأجتماعي إلى إنتهاكات خطرة من لدن جماعات تنتعش في أجواء التفسخ وغياب القوانين الحافظة للأمن والحماية، حيث الفوضى التي تقود إلى حروب أهلية من نوع آخر، الأمر الذي يقود كل ذلك إلى الأستعانة بمؤسسات الأقراض العام والقبول بشروط من شأنها أن تسقط أحد أهم أركان مقومات الدولة وهو السيادة والأستقلال الوطني.

هذه الفرضية .. تعد محصلة ( لقاعدة الفرضية الثالثة ) ، التي تشدد على سيناريوهات العمل السياسي والعسكري والأستخباراتي في ضوء المعطيات الناجمة عن الصراعات والنزاعات المثارة على وفق مخططات ( أمريكية صهيونية إيرانية ) .. ولها مداها الأستراتيجي الأقصى، وهي جزء حيوي من النظام الأحتكاري الرأسمالي العالمي والكارتلات التي تفرض أطواقها على الدول النامية بشركاتها العملاقة عابرة للقارات .. وهي فرضية متكاملة مع بعضها لتشكل نهجًا إمبرياليًا بلغ أعلى مرحلة من مراحل الأستعمار.

بيد أن التوصيف الذي جاءت به ( كريستين لوغارد ) مدير عام صندوق النقد الدولي ( IMF ) يتداخل تمامًا مع ( قاعدة الفرضية الثالثة ) ، التي يتبناها البروتوكول الأول لحكماء صهيون المعلن بوضوح يؤكد ( السيطرة الصهيونية على القوة المالية - التمكن من القوة - إنهاك الدول بالأضطرابات والحروب الأهلية والخارجية - تخريب هذه الدول قيميًا وماديًا - والمحصلة أنها تقع في قبضة مؤسسات الأستدانة الخارجية والركوع لشروطها .. ) .

وعلى أساس ما تقدم .. فأن السلوك السياسي الخارجي الأمريكي الذي يمكن رصده يشير إلى أن الأدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض لم تغلق مثلاً ملف القضية الفلسطينية المفتوح منذ عام 1948 ولحد الآن - ولم تغلق ملف الصحراء المغربية التي مضى عليه قرابة ( 36 ) عامًا - ولم تعالج الركود الأقتصادي الذي يعصف بأوربا منذ عام 2008 - ولم تعالج أو تساعد على حل أزمة الديون الخارجية اليونانية والبرتغالية والأسبانية والأيطالية - ولم تتدخل في حل أزمة أوربا الناجمة عن اللآجئين بالملايين من سوريا والعراق نتيجة الحروب التي هي أشعلتها في المنطقة وغيرها - ولم تعاقب النظام السوري الذي استخدم أسلحة محرمة دوليًا ضد شعبه وساومت وتراجعت وخنعت وتركت النظام يدمر الدولة السورية حجرًا على حجر، كما تركت الشعب السوري يذبح - ولم تعاقب النظام العراقي المحتل على جرائمه التي فاقت كل جرائم ضد الأنسانية والتي لم يعد لأي إنسان على وجه الأرض قبولها أو السكوت عليها - ولم تعاقب إيران على جرائمها وإنتهاكاتها وتدخلاتها الطائفية الأجرامية في المنطقة، وهي الدولة التي ترعى الأرهاب والدولة المارقة، كما تعلنها أمريكا في كل مناسبة، فضلاً عن إعلانها أن إيران شاركت في أحداث الحادي من سبتمبر - ايلول 2001 الدامية .. فما الذي تفعله إدارة أوباما الذي كذب على الكونغرس وعلى المجتمع الأمريكي وعلى المشرعين والقانونيين وعلى العالم .؟!





الاحد ٢٨ رمضــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة