شبكة ذي قار
عـاجـل










حروب ما يسمى بـ ( الجيل الرابع ) هي حروب من نوع آخر، غير التقليدية .. هدفها باختصار ( التفخيخ والتفكيك والتدمير ) .. ويكاد هذا الهدف يجمع بين الأقليمي والدولي في مثلث يتمثل بـ ( أمريكا - إيران - إسرائيل ) .. ولكن يظل الأمر في دائرتين إثنتين هما السرية من جهة والعلنية من جهة أخرى .. ولا غرابة في أن تأخذ العلاقات نصيبها في روافد أو قنوات سرية خالصة قد تمتد لعقود، فيما تأخذ نصيبها على السطح كما هو جبل الجليد العائم، أما غاطسه فهو في العمق لن تكشف عنه الدول ( المتحضرة ) جدًا إلا بعد مرور سنين تمتد ربما لأكثر من ربع قرن، عندئذٍ ، ترفع عنه السرية في ضوء معطيات ومستجدات تسمح ولا تكبح صانع القرار في إصدار قرار آخر تصنعه مطابخ ( مراكز الأبحاث والأستخبارات والمؤسسة العسكرية والصناعية وبيت التمويل- الخزانة- والجهاز الدبلوماسي ) .!!

1- منطق هذا الرأي ينبع بعضه من تصريح وزير الخارجية البريطاني ( فيليب هايموند ) والذي شدد فيه على ( أن العالم لا بد أن يظل متنبهًا لأفعال طهران، خصوصًا تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ورعايتها للأرهاب في تلك الدول ) . هذا التصريح يدعو العالم الى الوقوف عند الاشكالية الايرانية التي بدأت عام 1979 واتسعت وتقاطعت بالضد مع الأمن القومي العربي والأمن الأقليمي والعالمي بدرجات يحددها منهج التدخل الأيراني الخارجي على شكل مراحل، وخلقت مناخًا إرهابيًا أخذ يسود ويتصاعد.

وتتمثل الاشكالية الايرانية الخطرة في تصدير إرهاب الأيديولوجيا و الآيديولوجية الأرهابية تحت سقف المذهب، ليس على مستوى المنطقة فحسب، إنما حيث توجد خلايا ( طائفية ) تتبع ولي الفقيه على أراضي دول أخرى يمكن توظيفها وتجنيدها وإستثمارها لخدمة إستراتيجية الأرهاب الآيديولوجية .. وهو الأمر الذي بات يشغل تفكير معظم صناع القرار الذين يتحسسون المشكلات الناجمة عن التدخل الأيراني في العراق وسوريا مثالاً ( نزوح بالملايين الى خارج الحدود صوب بلدان أخرى - وازدياد الخلايا الارهابية في تلك العواصم التي وصل إليه النزوح مثالاً: بروكسل وباريس وأنقره واسطنبول، على وجه التحديد - وتعطيل نشاطات تلك الدول التجارية والاقتصادية - وتعريض مواطنيها إينما وجدوا لمخاطر الارهاب في كل مكان ) ، والتي وضعت الأتحاد الأوربي في دائرة الأرهاب، وأمام خيارين : إما معالجة بؤرة الأرهاب في ( طهران ) و ( قم ) أو الرضوخ لصيغة الدفاع المستكن وراء جدران الأتحاد الأوربي . وما ينطبق على أوربا ينطبق على بقية عواصم العالم .

والعراق بات بؤرة للأرهاب الآيديولوجي الأيراني نتيجة للنفوذ الايراني الطائفي المسلح وتمدده في سوريا وجنوب لبنان وعبوره الى اليمن وقلاقله وتهديده المستمر للكويت والبحرين ( علي لآريجاني- إذا أضعنا سوريا سندخل الكويت ) ، ودخول قوات ونقل أسلحة وإنشاء مشاريع طرق للحرب وتأسيس قاعدة للصواريخ في داخل الأراضي العراقية ومشاركة فعلية في قتل وتهجير المواطنين في الفلوجة والرمادي وقبلهما صلاح الدين، والمذابح والمجازر ضد الأنسانية، التي يشارك فيها جنرالات الحرس الأيراني الذين ينسقون مع جنرالات السفارة الأمريكية في بغداد.

الأفعال والتصرفات الأيرانية هذه لم تعد متخفية تحت عباءة المنهج الطائفي لنظام طهران متمثلاً بـ ( التقيه ) .. إنما تجاوزت ذلك إلى العلن واللعب على المكشوف .. فما الذي حصل حيال هذا الواقع من تداعيات؟ دعونا نحصد بعض المؤشرات المهمة التي تعطي مدلولات يتوجب التفكير فيها :

أولاً- كشفت مجلة ( Foreign Policy ) في عددها الصادر في أيار الماضي، العلاقة المتينة والتحالف الأستراتيجي ( غير المكتوب ) بين إيران وحركة طالبان .

ثانيًا- كما كشفت محاكم واشنطن علاقة إيران بتويل هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ، وفرضت على إيران، بقرار إدانة رسمي، مبالغ طائلة بالمليارات تدفع لعوائل الضحايا وللمؤسسات الأمريكية.

ثالثًا- كشفت وكالة الأستخبارات الأمريكية الـ ( CIA ) وثائق ، رفعت عنها السرية بعد ( 37 ) عامًا .. تشير إلى أن ( خميني ) قد تحدث بتاريخ 15 / كانون الثاني 1979 بصورة مباشرة مع ممثلين رسميين عن ادارة الرئيس الأمريكي ( جيمي كارتر ) في ضواحي باريس - مدينة نوفل لوشاتو- دامت المحادثات إسبوعين تمهيدًا لمغادرة ( خميني ) فرنسا باتجاه طهران لتنفيذ الأتفاق الذي يقضي بـ:

- إعلان نظام الـ ( ولآية الفقيه ) كفلسفة تحكم النظام الإيراني دستوريًا، بعد الأطاحة بنظام الشاه.

- عدم تصدير الثورة إلى دول المنطقة.

- عدم قطع النفط الأيراني عن الغرب .

- بيع النفط الأيراني ألى ( إسرائيل ) .

- إقامة علاقات ودية مع أمريكا .

- عدم الأكتراث للشعارات وللتصريحات التي يعكسها الأعلام الأيراني بالضد من أمريكا و ( إسرائيل ) .

- عدم معارضة النظام الجديد للمصالح الامريكية في ايران .

- تأكيد إعتراف خميني الرسمي بأن الوجود الأمريكي ضروريًا لأحداث توازن ضد الأتحاد السوفياتي والنفوذ البريطاني.

- تأكيد إدارة كارتر، قبل سقوط الشاه، على تقديم ضمانات للخميني بحفظ سلامة الأراضي الأيرانية والتعاون مع الحكومة الجديدة، بعد مغادرة الشاه لأيران ، بعد الأنتهاء من ترتيبات أجرتها أمريكا مع ( مهدي بازركان ) و ( محمد بهشتي ) مساعدي الخميني من جهة، وقادة السافاك ( جهاز المخابرات ) وجنرالات في الجيش الأيراني كم جهة أخرى .

تمتد علاقات النظام الأيراني منذ الرسالة التي أرسلها ( خميني ) في تشرين الثاني 1963 إلى الأدارة الأمريكية - ولآية جون كنيدي- من خلال ( الحاج ميرزا خليل جامرائي ) الأستاذ في كلية اللآهوة بجامعة طهران، حين كان الخميني يقبع في أحد سجون الشاه .. كما أرسل خميني رسالة أخرى لأدارة الرئيس الأمريكي ( جيمي كارتر ) بتاريخ 19/ كانون ثاني 1979، قبيل إستلام خميني مقاليد الحكم في طهران بأسابيع . ( ملاحظة : هذه المعلومات منشورة على نطاق واسع الآن .. ولكن العبرة ليس فقط في نشرها إنما في ربطها بأحداث أخرى ومواقف وتحركات ، لكي يتم إستنتاج المتوقع من ذلك في ضوء التحولات التي تجري على الأرض ) .

ثالثًا- يتم التلميح الآن بشأن ( المبادرة العربية للسلام- لعام 2002 ) في إطار ( المبادرة العربية من أجل السلام ) ، التي استضافتها فرنسا يوم 3 / 06 / 2016 ، وقد تمخضت ( المبادرة ) بيان ختامي لأجتماع باريس عن ( أهمية توفير السلام والأمن الأقليميين )

رابعًا- بدأ الأنحسار الأيراني وبات تمدده يتقلص، رغم محاولات النظام الأيراني تحقيق ( نصر ) مهما يكن حجمه على أرض العراق .. وكذا الأمر حيال ( الرقة ) و ( حلب ) على وجه الخصوص، لمعالجة واقع الخيار المر، الذي باتت طهران تشعر بحقيقة الأستنزاف البشري والمالي ، سواء كان في العراق أم في سوريا واليمن، جراء المكابرة على خيار وحيد مطروح أمام النظام الأيراني يؤكد، إما التراجع نحو الداخل الإيراني لترميمه قبل فوات الأوان، وإما القبول بإستمرار النزيف في مستنقع العراق وسوريا واليمن ومن ثم سقوط النظام في الداخل .. إذ ليس هناك خيار ثالث .. إما التراجع للحفاظ على النظام من السقوط الحتمي وإما الأستمرار في نزيف المستنقعات والنتيجة هي السقوط.!!

خامسًا- إن لعبة الجيو- سياسة التي يمارسها النظام الفارسي ويسوق لها جنرالات ( خلب ) ، والتي تلمح إلى مسألة ( الدفاع عن إيران يتم في خارجها ) تفاديًا لحرب أو معارك قد تحصل داخل أراضيها .. هي في حقيقتها مخادعة كبرى مفضوحة تمامًا ولا أحد يصدقها .. لأعتبارات عديدة :

1- إن إيران لا يهددها أحد ، لا أمريكا كما تشير وقائع كشف المستور والأتفاقات التي أبرمها خميني مع إدارتي ( جون كيندي ) و ( جيمي كارتر ) و ( أوباما ) .. كما أن ( إسرائيل ) ليس في نيتها إطلاقا أن تهدد من يحميها ، نظام طهران ونظام الأسد .. ولا الدول العربية جميعها ترمي إلى تهديدها، بل العكس هو الصحيح ، كل الدول العربية في موقع الدفاع حيال التمدد الإيراني.

2- إيران حبكت علاقاتها السرية مع القاعدة على أراضيها واستثمرتها في توظيف عناصرها في سوريا والعراق حيث ولد الأنقسام عن القاعدة بتشكيل داعش .. الذي لولاه لما استطاعت إيران أن تبرر تمددها العسكري في المنطقة ولا مشاركات قواتها القتالية الراهنة .. حيث تقوم الأستراتيجية الأيرانية على محاربة الأرهاب ( داعش ) ، الذي يمهد لها تنفيذ خططها، من خلال الأصطدامات والأنسحابات التكتيكية، في تجريف الحجر والبشر والعمل على انجاز التغيير الديمغرافي الطائفي والعرقي .

3- تشارك الأدارة الأمريكية في هذا المخطط المسكوت عنه عن طريق التنسيق السياسي والعسكري السري - الأستخباراتي .. وهو أمر مفضوح تماماً .. وإلا ما معنى سكوت أمريكا على جرائم ( الحشد الشعبي الطائفي ) الوحشية التي تندرج تحت خط التطهير العرقي ؟ .. ما الذي يسكت امريكا ومجلس الأمن على المذابح الجارية الآن في الفلوجة ودفن المواطنين المدنيين العزل وهم أحياء في مقابر جماعية؟! إذا لم يكن للأمريكان ظلع كبير في هذه المجازر ضد الأنسانية؟!

4- ومع كل هذا فأن إيران، التي غاصت حتى قمة رأسها بالمستنقع العراقي والسوري واليمني، تحاول ، كما أسلفنا ، أن تحقق ما بوسعها على الأرض، إعتقادا منها بأنها تعكس للعالم قدرتها وحنكتها الفارغة إلا من الحقد الأعمى على كل ما هو عربي ومسلم ، على كل ما هو قومي وإسلامي حقيقي .. فهي تكره كل القوميات ، العربية والكردية والتركمانية وغيرها وتنكل بأسس الدين الأسلامي الحنيف بسلوكها وتصريحاتها .. فالنظام الأيراني لم يعد قادرًا على أن يتعايش مع النظم السياسية في المنطقة ونظم العالم وهو يمتهن نظام ولآية الفقيه التي تعني التسلط وتصدير الأرهاب في المنطقة والعالم .. أمام النظام الأيراني خياران لا ثالث لهما : إما التراجع لترميم الداخل الأيراني قبل فوات الأوان بالسقوط المروع أو الأستمرار في نزيف المستنقعات التي تعيشها قواتها الطائفية ونتيجتها الحتمية هي سقوط نظام الملالي لا محاله، لتحيا الشعوب الأيرانية وجوارها والعالم في أمن وسلام واستقرار.!!





الثلاثاء ٢ رمضــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / حـزيران / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة