شبكة ذي قار
عـاجـل










مستقبل العراق في ظل فشل الدولة يبدو سيبقى يدور في دوامة الدولة الفاشلة ، على الاقل لأكثر من سنة قادمة أو لحين اجراء الانتخابات التشريعية عام 2018 ان لم تكن هناك مفاجأة سياسية بفعل الضغط الشعبي المتواصل ، وفي ضوء هذا الافتراض يطرح السؤال ما هو مستقبل الدولة في العراق في ظل بقاءه ضمن صدارة الدول الفاشلة ؟ ، في العودة الى الاراء والأفكار التي طرحها المختصين والباحثين نجد قسم الباحثين هيلمان و راتنر الدول الفاشلة إلى ثلاث انواع {{ دولة فاشلة تشهد عجزاً أو ارباك في عمل الحكومة ودولة فاشلة انهيارها ليس وشيكاً ولكن يمكن ان يحدث في غضون عدة سنوات ، ودولة فاشلة هي مستقلة حديثاً ومن الصعوبة تقييم مستقبلها }} وإذا استبعدنا النوع الثالث من الدول الفاشلة ، فان الجدل في وصف حالة العراق ينحصر بين النموذجين الأول والثاني ويمكن مقاربة مستقبل الدولة في العراق من خلال المتغيرات التي تؤثر على الدولة الفاشلة وتؤدي إلى انهيارها التي قدمتها الباحثة كآتي كلي منت في دراستها التفكيكية لانهيار الدولة و ماذا يفعل فشل الدولة ؟ ،

إذ ترى بان هناك اربعة متغيرات أساسية يمكن ان تؤدي إلى انهيار الدولة وهي {{ المتغير الأول ويتمثل في تناقض في البيئة ألخارجية التحول في البيئة الدولية من التدخل للحفاظ على تماسك الدولة إلى عدم التدخل ، بصرف النظر عن درجة تماسكها الداخلي في القرن الماضي بقاء كثير من الدول الضعيفة في فترة الحرب الباردة كان بسبب دعم احد القطبين ، ومع نهاية هذه الحرب حدثت موجة من الانهيار لدول مثل يوغسلافيا ، الصومال ، بسبب زاول اشكال الدعم والمساندة الخارجية ، والمتغير الثاني متغير اقتصادي النظرية النوعية تنص على انه عندما يخضع الاقتصاد لتغييرات على مستوى القطاعات على السبيل المثال من اقتصاد اولي الى اقتصاد ثانوي ، فإن المجموعات اليائسة ستكون على اتصال و منافسة مع بعضها البعض بشكل متزايد مما يؤدي الى تأجيج الحركات الوطنية او الانفصالية والنظرية الكمية تؤمن بأن التباين الكبير في معدل نمو الدولة يمكن ان يؤدي الى التعجيل بحدوث أزمة اجتماعية و سياسية حادة ، وهذا يبدو واضحاً في حالة الانهيار الاقتصادي ،

لكن كما لاحظ الكيس دي توكوفيل إن الانطلاق الاقتصادي - النمو الاقتصادي المفاجئ - قد يكون كذلك مصدر لاضطراب كبير كما ان الحرمان النسبي بعد فترة طويلة من التطور الاقتصادي و الاجتماعي الموضوعي يؤدي الى حالة اضطراب كذلك ، والمتغير الثالث تعبئة الجماعات ذات النفوذ الهويات الموجود على أساس الدين أو العرق أو الطبقة أو القومية ، والتي لديها دافعاً قوياً للتعبئة السياسية ، إلا إنها تشعر بالحرمان أو التهميش ، مما يشكل لديها حافزاً قوياً للتمرد ضد المجاميع الآخرى التي تستحوذ على السلطة وتتمتع بنفوذها ومن هنا يحدث الصدام بين المجموعات التي تطالب بالتغيير لأنها تعتقد بالتهميش ، وجماعات تحاول المحافظة على الوضع القائم وبقاء النظام السياسي واستمراره يتطلب دعم المجموعات ذات النفوذ ، والتي تمتلك الثروة والمهارة للازمة لإدارة وإدامة بقاء الدولة ، والمتغير الرابع ضعف الاستيعاب المتبادل للنخب في النظام السياسي المثالي يمكن تهدئة العنف السياسي بآليات إدارة الصراع إذ يتم إدامة الاستقرار بآلية - الاستيعاب المتبادل - أو تدوير النخب الجديدة الصاعدة في المجتمع ودمجها في عمل النظام السياسي القائم وجعلها اصحاب مصالح فيه وعلى ذلك سيزيد النظام تأثيره في المجتمع وفي حال التحول من نظام سياسي إلى نظام آخر يكون أحد اهم اسباب عدم الاستقرار ناتجة عن عجز النظام عن تدوير النخب واستيعاب النخب الجديدة ، أو اقصاء النخب القديمة ومن ثم يتطور عدم الاستقرار إلى صراع حاد وقد يتخذ شكل العنف السياسي ، وفي النهاية يؤدي إلى انهيار الدولة }} وفي ضوء هذه المتغيرات ترى كآتي كلي منت ، من خلال تراكم الملاحظات في متابعة ثلاث نماذج من الدول { الصومال ، السودان ، يوغسلافيا } ،

نجد أن الدولة القوية نسبياً تكون قادرة على التعامل على نحو مناسب مع متغير واحد ، ولكن عندما تواجه متغيرين أو ثلاثة ، فإنهما سيؤديان إلى عدم الاستقرار وتكون الدولة في أزمة - دولة فاشلة - لكن التفاعل مابين المتغيرات الأربعة سيؤدي حتماً إلى انهيار الدولة وإذا ما قاربنا هذه المتغيرات على العراق نجد أن غياب المتغير الاول هو الذي لا يزال يعطل حدوث انهيار الدولة فالمتغيرات الثلاثة الاخرى هي موجودة ومتفاعلة بقوة على ارض الواقع في العراق المتغير الأول البيئة الخارجية صحيح ان القوى الدولية ما تزال الفاعل الرئيس والمؤثر في نظام العلاقات الدولية ولكن من ابرز التحولات في بيئة العلاقات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة ، بروز القوى الإقليمية كقوى مؤثرة في تفاعلات البيئة الدولية إذ شكلت نهاية الاستقطاب لأحد المعسكرين المتخاصمين في الحرب الباردة فرصة لظهور هذه القوى كلاعب مؤثر في البيئة الإقليمية التي يعمل فيها ،

وعليه إنّ أفضل إطار لفهم السياسة الدولية المعقدة والعنيفة في الشرق الأوسط يكون من خلال النظر إليها كحرب باردة بين عدد من اللاعبين الإقليميين ، سواء أكانوا جهات حكومية أو غير حكومية ، حيث تؤدي كل من إيران والسعودية الأدوار القيادية { إنها حربٌ باردةٌ لأن هاتين الجهتين الفاعلتين الرئيسيتين ليستا بمواجهة عسكرية وعلى الارجح لن تتواجها عسكرياً في الواقع ، إنّ سباقهما على النفوذ يستنفذ الأنظمة السياسية الداخلية للدول الضعيفة في المنطقة } ولا يختلف اثنان على أن الولايات المتحدة الامريكية هي التي اجهضت التوازن الاقليمي بغزوها واحتلالها العراق في نيسان 2003 ، لكن ما حدث بعد ذلك من دخول العراق في دوامة العنف وعدم الاستقرار السياسي يراه اغلب المحللين انه كان بفعل إرادة إقليمية تحالف فيها الاضداد من أجل هدف واحد هو افشال المشروع الامريكي في العراق الذي يجدون فيه استهدافهم ما بعد العراق ومنذ ذلك الوقت تحول العراق إلى ساحة لصراع القوى الإقليمية وبالتحديد - إيران ، المملكة العربية السعودية وتركيا - فضلاً عن ذلك ونتيجة لفشل الدولة في فرض سيطرتها على الحدود وعجزها عن منع تأثيرات امتداد القتال في سوريا لإسقاط نظام بشار الاسد الذي بدء في 2011 ، بالإضافة الى التوافق الامريكي الايراني من اجل تحقيق رؤية الادارة الامريكية الديمقراطية فيما يخص البرنامج النووي الايراني والذي جعل التمدد الايراني الاكثر شراهة في العراق وسوريا واليمن ولبنان والتطلع للعب الدور ذاته في الخليج العربي من خلال البحرين وما تمتلكه من ادوات فيها

يتبع بالحلقة الخامسة





الثلاثاء ٢٤ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / أيــار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة