شبكة ذي قار
عـاجـل










إن خطورة الوجود الإيراني الفارسي في العراق يتجاوز مسميات التدخل والنفوذ والتآمر لكونه انتقل بشكل عملي ومنسق إلى صيغة تصل وضع فرض حالة استعمارية استيطانية معروفة ، وهو ما تم التعرف عليه في المصطلحات السياسية " الكولونيالية" من تعبير " كولون" أي " الاستيطان" الذي يفرض في ظل حالة استعمار وفرض قوة أجنبية ونفوذ تتمكن منها دولة في السيطرة على بلاد معينة.

والاستعمار الاستيطاني" الذي يعد من اشد أخطار الهيمنة والاحتلال البغيض، كما هو الحال في بلدان أمريكا اللاتينية التي غزوها الأسبان والبرتغاليون والانجلوسكسون ليتم القضاء كليا على شعوب وثقافات وحضارات أصيلة كانت سائدة في بلدان القارة الأمريكية بشمالها وجنوبها ، والتي انتهت بفعل الغزوات المتعاقبة إلى تنفيذ حملات التطهير العرقي والديني والمجازر الرهيبة للغزاة البيض القادمين عبر المحيط الأطلسي، وكذلك الحال تم بذات المخطط الأوربي في بلدان جنوب إفريقيا واستراليا والجزائر وآخرها الاستيطان الصهيوني في فلسطين.

إن المرحلة الحرجة الحالية في العراق تشير إلى تنفيذ مخطط استيطاني فارسي مماثل يوظف المذهبية السياسية ، وعناصر الطائفية كغطاء للتضليل، ويجري التعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل في كثير من جوانبه ، ويدفع الفرس وأتباعهم، في السر والعلن ، نحو فرض إجراء تطهير قومي وطائفي ديموغرافي لصالح القومية الفارسية ودولتها الإيرانية ، وهذا ما يجري فعلا وعلى ارض الواقع في محافظات ومدن عراقية عديدة ، وخصوصا تلك المحافظات العراقية المحاذية للحدود الإيرانية ـ العراقية ، وتلك المناطق المرتبطة جغرافيا مع أراضي وحدود إيران الغربية، كمحافظات ديالى وواسط والبصرة وميسان، والعديد من محافظات الشمال العراقي، ويجري التركيز خاصة على المناطق الواقعة في خاصرة العاصمة العراقية بغداد ، ويجري فرض المليشيات التابعة لحرس الثورة الإيراني وفيلق القدس والخراساني بالتواجد في محيط العاصمة بغداد وحزامها وصولا إلى محافظة الانبار وكربلاء والنجف وبابل حيث ينفذ مخطط خطير وبنشاط استيطاني محموم، بحجة مكافحة الإرهاب وحماية تلك المناطق من داعش ، كذلك هو الحال في محافظات ديالى وصلاح الدين والتأميم ، وهو ما يذكرنا بالتطبيقات الإسرائيلية الصهيونية في إنشاء المستوطنات وربطها تباعا وفق خطة محكمة وبمراحل مدروسة لتقطيع أوصال الوطن الفلسطيني.

إن ما كتبه الأخ المفكر والكاتب الشيخ محمود الجاف وغيره من أحرار العراق والعروبة ومنهم كتاب ومفكرون خليجيون ، هو بمثابة قرع لجرس منذر عن الأخطار المحيطة بالعراق والمشرق العربي.

لا بد من توسيع دائرة النشر والحوار والبحث للكشف عن أبعاد المشروع ألصفوي الفارسي الذي يسعى لتحقيق أحلام الإمبراطورية الفارسية في العراق والمشرق العربي.





الجمعة ١٣ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / أيــار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة