شبكة ذي قار
عـاجـل










خلّفت أحداث المنطقة الخضراء في الثّلاثين من نيسان – أفريل المنصرم مواقف متباينة وردود أفعال كثيرة، وبصرف النّظر عن قراءتنا لها فإنّ اللاّفت للانتباه حقّا هو تعاطي كمشة الجواسيس الصّغار من سكّان المنطقة الخضراء ومن يدعمهم.

وبالعودة لملابسات تلك الأحداث المسرحيّة سنجد أنّ أركان العمليّة المخابراتيّة المتهالكة والمتداعية للسّقوط الحتميّ هم من أثّثوا ما حدث في غمار تصفية حسابات داخليّة ضيّقة لا مصلحة للعراق ولشعبه فيها بأيّ شكل من الأشكال، فلقد امتطى مقتدى الصّدر صهوة الدّفاع ظاهريّا عن ما سمّاها حقوق العراقيّين عبر الضّغط العالي على أركان الفساد والفشل المتواصل في التّعاطي مع الشّأن العامّ، ويتزامن سعي الصّدر ذاك مع تسابق محموم للمجرم العبادي نحو استدرار بعض ثقة العراقيّين بإعلانه الكاذب عن حزمة إصلاحات يعتزم تنفيذها لحلحلة الوضع المتأزّم المنخرم في العراق.

لقد حاول كلّ من الصّدر والعبادي أن يظهرا بثوب الزّعيم الوطنيّ المسكون بهاجس الإنصات لتطلّعات الجماهير، في كذبة لا تنطلي على أصغر وليد في العراق وفي العالم لاعتبارات كثيرة أهمّها على الإطلاق عمالتهما الثّابتة للاحتلالين الأمريكيّ والإيرانيّ الفارسيّ بالوكالة وخيانتهما المتأكّدة للعراق منذ زمن طويل، هذا فضلا عن طائفيّتهما المقيتة المتجذّرة فيهما الموجّهة لعموم سلوكهما.

وفور انتهاء مسرحيّة الصّدر الذي طار فور عرضه الهابط الرّديئ لأسياده المعمّمين في طهران لتلقّي التّعليمات والتّوجيهات وما عليه تنفيذه مستقبلا - التي كشفناها في حينها وكشفها وعرّاها كلّ كتّاب المقاومة العراقيّة والمتابعين الموضوعيّين النّزهاء للملفّ العراقيّ منذ الاحتلال – رشحت عن بيادق العمليّة السيّاسيّة الخائبة مواقف غريبة مضحكة مبهمة، وكان أوضحها اتّفاق الحلفاء الأعداء على تحميل البعث والبعثيّين رأسا تبعات ما حدث. فانطلقت مجاميع الخيانة تتقيّئ يمينا وشمالا بما شاء لها خيالها الآسن المريض لتكيل للبعث ومناضليه ما شاء من اتّهامات وتشويهات قديمة متجدّدة مألوفة سمجة ورخيصة.

ووصلت البذاءة بشذّاذ الآفاق وصعاليك المنطقة الخضراء لحدّ تراشق التّهم والسّباب بينهم، وكانت عصارتها اتّهام الصّدر بالارتباط بالبعث وانخراطه في أجندته بعد اختراق البعثيّين لتيّاره، وأفاض الصّغير عمّار الحكيم والمجرم العبادي والخائن الأكبر نوري المالكي وغيرهم من الرّعاع وأسهبوا في استعراض الخطر البعثيّ الزّاحف على مستقبل العراق والمشهد السّياسيّ فيه لتعود معه الرّوايات الرّكيكة والتّهديدات المبتذلة برفع سيف الاجتثاث والملاحقة وفق ما تنصّ عليه قوانين الإرهاب وخاصّة المادّة الرّابعة منها وبالتّالي محاسبة كلّ من تسوّل له نفسه التّمرّد على أكثر الأنظمة فسادا وفقدانا للشّرعيّة والأهليّة في تواريخ البشريّة كلّها.

لماذا يستنجد أقطاب العملية السّياسيّة بالزّجّ بالبعث في كلّ ما يحدث بالعراق؟ وما أهدافهم من ذلك ؟

إنّه من المعروف ما تعرّض له البعث من تشويه وشيطنة ممنهجة سخّرت لها الامبرياليّة الاستعماريّة والصّهيونيّة والصّفويّة أموالا طائلة وخبرات متنوّعة وفضاءات إعلاميّة تجاوز عددها الأربعمائة، وبالتّالي سعت لتنفير العراقيّين منه وترغيبهم عنه وتثبيته عنوانا للإجرام والخطر والمآسي ومن المعلوم أيضا الغايات الاستراتيجيّة الأخرى من ذلك المسعى العنصريّ اللّئيم. ومن المعروف كذلك أنّ البعث مجتثّ رسميّا في العراق وملاحق ملاحقة شديدة، فما الذي يبرّر إذن مثل هذه الادّعاءات؟

يعلم المالكي والعبادي والحكيم وغيرهم من عملاء إيران وأركان الطّائفيّة ومعاول هدمها الرّئيسيّة الأخرى أنّ الصّدر وهو الذي تصدّر مشهد المنطقة الخضراء الأخيرة عميل مثلهم لنفس الجهات وبنفس القدر إن لك يكن أكثر، ويدركون أنّ غاياته من تحرّكاته وتخبّطاته إنّما هي لتحسين حصّته في المحاصصة السّياسيّة التي تسيطر على العراق منذ الغزو، علاوة على الغايات الأخرى التي شرحناها في تفاعلنا مع ما حدث وقتها مؤخّرا. ورغم كلّ ذلك، فإنّهم يقحمون البعث والبعثيّين عنوة لدوافع جمّة لعلّ أبرزها التّنبيه من تنامي شعبيّة البعث في الأوساط الجماهيريّة العراقيّة وتعاظم فعله على الأرض التي يعلمون أنّ مناضلي البعث يسيطرون على معظمها سيطرة محكمة ومنظّمة بعدما اكتشف العراقيّون جميعا من مناوئين ومعارضين سابقين للبعث ومعادين له بطلان ما انبنى عليه الغزو وما روّجه الاستعمار والمرتبطين به من افتراءات ومغالطات وأكاذيب، وخاصّة بفضل ثبات البعث ورجالاته على الوفاء والإخلاص لمبادئه وللعراق ولشعبه وهو ما تنضح به تضحياتهم الجسام ومنقطعة النّظير.

وعليه، يغدو هذا الإقحام الفجّ المبتذل للبعث في كلّ شاردة وواردة في العراق، مجرّد اعتراف ضمنيّ وإقرار لا مخاتلة فيه عن تحسّس منظومة العمالة والطّائفيّة والنّهب وتخريب العراق، بأنّ استهداف البعث واجتثاثه والتّنكيل بمناضليه واغتيال وتصفية قيادته التّاريخيّة ناهيك عن الأسر والاعتقالات والمداهمات اليوميّة والتّعذيب والتّجويع كلّها سياسات رعناء تهاوت على ظهر شكيمة البعثيّين وصمودهم وتكسّرت على مصداقيّتهم ومبدئيّتهم، وهم بالتّالي - أي جواسيس المنطقة الخضراء – يطلبون الحماية لهم ولعروشهم الخاوية من أسيادهم الأمريكان والفرس الصّفويّين الأنذال، ويسألون الحيلولة دون مواجهتهم الخاسرة حتما مع البعث ورجالاته وفرسانه الشّجعان.

هذا وإنّ للخطاب التّاريخيّ للرّفيق القائد شيخ المجاهدين الأمين العامّ لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ عزّة إبراهيم وظهوره صوتا وصورة في عيد الحزب التّاسع والسّتين في السّابع من نيسان – أفريل الماضي دوره المتقدّم في حالة الفزع والهلع المستبدّة بالأقزام الطّائفيّين المجرمين، حتّى غدوا يلقون الاتّهامات يمنة ويسرة وبطريقة عشوائيّة لا معنى لها سوى ما يعاينونه من قرب نهايتهم ومحاسبتهم على يد البعثيّين الذين أجهضوا كلّ المؤامرات التي استهدفت حزبهم ووطنهم وشعبهم وأمّتهم.

هي البعث فوبيا إذن التي تقضّ مضجع الصّغار العملاء، وهي التي تسحب منهم زمام كلّ الأمور، وتزيد مشروعهم انحسارا وتراجعا وتضاعف نقمة الجماهير عليهم وتعجّل بالتّالي بيوم الزّحف الأكبر لتطهير العراق من دنسهم ووضاعتهم.

ورغم مرّ السّنين لم تتّعظ شرذمة الخسّة والخيانة من الدّروس السّابقة، ولم يفقهوا أنّ البعث لا يخشى الأخطار ويهزأ بالبلاء في سبيل عزّة العراق والأمّة العربيّة، وأنّه لا يتوانى عن الإعلان عن مسؤوليّته في كلّ حدث أو فعل ينظّمه ويؤثّثه. وها هم يواصلون حيرتهم وتخبّطهم، فيهدّدون كلّ من يفكّر في التّأشير على خلل مهما كان بسيطا بإلصاق تهمة الانتماء للبعث أو التّحالف معه، وهي التّهمة الوسام والشّرف التي أضحى العراقيّون يتسابقون لتقلّدها.

هم لا يدركون بغيّهم ذاك، أنّهم وكما كلّ مرّة يحسنون للبعث ويقدّمون له أغلى الهدايا من حيث أرادوا الإساءة، فيشهرونه ويزيدون من تثبيته عنوان النّزاهة والشّرف ونظافة اليد والوفاء والثّبات.

ألم يكن أحرى بهؤلاء الأفّاكين أن يوجّهوا سخطهم واستياءهم لغير البعثيّين ولغير البعث؟

أليس من باب أولى أن يتوحّدوا ضدّ التّصريحات العنجهيّة السّاديّة العنصريّة التي أطلقها المجرم الإرهابيّ محسن رضائي قائد الحرس الثّوريّ الإيرانيّ السّابق ووعيده البائس لكلّ العراقيّين الذين هتفوا بسقوط إيران حيث قال حرفيّا " سيندم من هتف ضدّ إيران وأمّة الخميني وبغداد عاصمة امبراطوريّتنا المستقبليّة "؟

أيّهما أخطر على أمن العراق ووحدته وسلامته وأمن شعبه وأراضيه ومستقبله: البعث أم طغمة الشّرّ في إيران التي لم تنقطع يوما عن التّهديد بإلحاق العراق بها؟

أين ذلك الوضيع الجعفريّ الذي صدّع رؤوس العراقيّين والعالم بهذيانه حول سيادة العراق؟ ألا يعتبر ما صدر عن هذا المجرم الفارسيّ تهديدا يفترض به أن يناضل من أجل مقاضاته دوليّا وعرض المسألة برمّتها على مجلس الأمم المتّحدة باعتباره إعلان حرب صريح ومسّ من سيادة دولة العراق التي كانت مهابة مصانة في عهد النّظام الوطنيّ العراقيّ بقيادة البعث والبعثيّين؟

إنّ التّعامل المخزي المهين، وغياب الموقف الوطنيّ المسؤول تجاه النّوايا الاستعماريّة الاستيطانيّة الفارسيّة المتكرّرة للعراق، وصمت أقزام المنطقة الخضراء عنها، إنّما يعرّي مرّة أخرى حقيقتهم البشعة وبفضح أجندتهم التّآمريّة التّخريبيّة المعادية للعراق ولشعبه وللعرب عموما، وهو ما يفسّر سرّ إصرارهم في المقابل على التّهجّم على البعث إقحامه في كلّ المسائل لتبرير عجزهم وفشلهم وللتّعمية عن عمالتهم وطائفيّتهم ودناءتهم.





الاربعاء ٢٧ رجــب ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / أيــار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة