شبكة ذي قار
عـاجـل










وقبل الغوص في أعماق الخطاب التّاريخيّ الفارق للرّفيق القائد المناضل المقاوم شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم الأمين العام لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ والقائد الأعلى للقوّات المسلّحة البطلة وقائد المقاومة العراقيّة الباسلة والأمين العامّ لجبهة الجهاد والخلاص والتّحرير بمناسبة الذّكرى 69 لتأسيس الحزب، وإن كان ذلك جوهر أي تفاعل معه، فسنواصل في هذا الجزء الثّاني متابعة القراءات النّفسيّة للخطاب من قبل المتفاعلين معه ومحاولة فكّ رموزها.

ذهب فريق من المتابعين للخطاب، وفي محاولة لامتصاص الصّدمة والتّرويع الذي أحدثه الظّهور العلنيّ للرّفيق القائد المجاهد عزّة إبراهيم ببزّته العسكريّة العراقيّة ورتبته المعلومة ورتبة أعوانه وأعضاده ممّن ظهروا معه، لمحاولة اختلاق شتّى المسوّغات للتّشكيك في ذلك الظّهور، وتعامل أكثرهم موضوعيّة - وهي موضوعيّة مغشوشة تمويهيّة - مع المسألة بأن حصرها في حلقة وحيدة هي محاولة رأس البعث وقائده وعموم البعثيّين دحض افتراءات حكومة الجواسيس والعملاء حول مصيره بعدما روّجوا في نيسان من العام الماضي خبر استشهاده ليغدو كلّ الأمر مجرّد ردّة فعل على فعل لا يرقى عند أحدث المناضلين عهدا بالبعث لأن يحظى بأيّ اهتمام لخلوّه من كلّ المصداقيّة أوّلا وذلك نظرا للسّمعة السّيئة لمصدره وامتهانه للكذب والتّدجيل والشّعوذة فما بالك بردّ قيادة البعث المجاهدة عليه، و يحاول ثانيا هؤلاء الموضوعيّون إفراغ الخطاب من محتواه وتجريده من الفعل والفاعليّة والأهميّة لأسباب كثيرة أهمّها على الإطلاق معرفتهم بحقيقة المسألة وبجسامة الحدث وما حمله من قراءة شاملة جامعة للوضع العراقيّ والعربيّ والدّوليّ مجتمعين وبالتّالي يعمدون للتّوقّي من سريان انتباه المتابعين للرّؤية الاستراتيجيّة الخطيرة والاستثنائيّة التي نضح بها الخطاب وانعكاساته واستتباعاته فعلا وممارسة وتحرّكات.

أمّا غيرهم، فلقد توزّع بين مستمزج مستبشر لظهور رجل ارتبط بحقبة مضيئة من تاريخ الأمّة العربيّة استطاعت فيها أن تنحت مسيرة قٌطريّة بمعالم قوميّة حافلة بالانتصارات والأمجاد رغم ما تعرّضت له من حصار غاشم منذ ولادتها ومحاربة لا هوادة فيها، وبين متابع غير عارف لا بظروف الخطاب ولا بالحيثيّات التي تحيط بدلالاته ورمزيّته وأبعاده ومقاصده، وبين فئة ضالّة مضلّلة نزعت عن وجهها أيّ مقوّم من مقوّمات الأصالة والمروءة.

الغريب أنّ كلّ هؤلاء مجتمعين لم يغادروا التّعاطيّ نفسيّا مع الخطاب إن عمدا أو بعفويّة هي للسّذاجة أقرب، وفي الحقيقة فإنّ لهذا التّوجّه مبرّراته ودوافعه الكثيرة أهمّها على الإطلاق الحرب النّفسيّة الإعلاميّة الهائلة التي تشنّها الدّوائر الامبرياليّة والأمريكيّة والصّهيو صفويّة ضدّ المواطن العربيّ فتشتّت ذهنه عن قضاياه الحقيقيّة وتغرقه في سيل جارف من الأراجيف والمخادعات والمتاهات اللاّ محدودة، هذا فضلا عن الوضع العربيّ الدّامي وهو ما من شأنه أن ينفّر البسطاء من أبناء أمّتنا من هذا الواقع لما يكتنفه من تطوّرات متسارعة سمتها البارزة الغرق في الدّماء وانهيارات شاملة على كلّ الأصعدة.

ويبقى أغرب ما سجّلناه من ردود فعل في هذا الصّدد عن الخطاب هو محاولة كثير من السّفهاء استقراء الخطاب من منطلقات حقدهم لا على البعث ورأسه وقائده فقط، وإنّما حقدهم الواسع الشّامل المدمّر على الأمّة العربيّة جمعاء، فجاهدوا أنفسهم على تهيّئ أمور لا وجود لها ولا أثر إلاّ في مخيّلاتهم فذهبوا بعيدا جدّا لحدّ تناسيهم لمضمون الخطاب التّاريخيّ الفارق وكما ذكرنا في الجزء الأوّل أنّ ذلك ليس إيحاء ولا صدفة بل هو خطّة مدروسة بعناية وإتقان لدفع المتابعين والمعنيّين بالخطاب وهم أبناء الأمّة العربيّة وأحرارها وأصلائها بالانجرار لمربّع الاهتمام بما لا يتوجّب الاهتمام به لبطلانه وزيفه كما سنحاول تبيانه وتوضيحه.

ركّز كثيرون مثلا في كلّ الخطاب على المناديل التي ظهرت على مكتب الرّفيق القائد المجاهد عزّة إبراهيم، وانقسموا حتّى في تفسيراتهم وتحليلاتهم لتلك الجزئيّة حيث زعم قسم منهم أنّ تلك الماركة التّجاريّة لا توجد اليوم بالعراق فبنوا قراءاتهم كلّها على ذلك الأساس ليخلصوا في النّهاية لنفي صحّة وجود الرّفيق القائد شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم في العراق وهذه ليست إلاّ محاولة يائسة للتّنفيس عن عقد هؤلاء وأسيادهم وتأكيد واضح وصريح على مدى إفلاسهم من جهة وما يشكّله الرّجل من خطر حقيقيّ على مشروعهم المنحسر المتهاوي إذ يكفي مجرّد ذكر اسمه على بعثرة أوراقهم مجتمعة وإرباك خططهم الشّرّيرة من جهة أخرى، بينما رأى قسم آخر أنّ تلك المناديل ليست سوى خدعة مدروسة بعناية اعتمدها القائد المجاهد وأعوانه ورفاقه للتّمويه والتّخفّي، ورغم أنّ هذه القراءة عليمّا وعمليّا هي الأقرب للمنطق وللصّحّة فإنّها كسابقتها تبقى تخمينا وجزئيّة لا قيمة لها أبدا في سياق الخطاب وما نضح به من توجيهات ورؤية استراتيجيّة تخلّلها ما تخلّلها من رسائل مشفّرة لمقاتلي الحزب ومجاهديه وفرسان القطعات العسكريّة المسلّحة وهما عماد المقاومة العراقيّة الباسلة.

ولكن فات هؤلاء مثلا أن ينتبهوا لمسألة هي الأجدر بالدّراسة والتّحليل وهي النّظّارات التي تعمد الرّفيق القائد المجاهد عزّة إبراهيم أن يظهر بدونها ويتركها جانبا لا في بداية العشر دقائق الأولى من كلمته التّاريخيّة بل وتلك الدقائق الثّلاث قبلها التي استغرقت تحيّة العلم العراقيّ على أنغام نشيد السّلام الجمهوريّ العراقيّ الأصيل والرّسميّ، وهي الحركة التي تسترعي انتباه العارفين حقّا بالمسائل النّفسيّة والرّسائل المشفّرة في عالمي السّياسة والحروب والقتال، وفي الحقيقة لا نرى أنّ هؤلاء لم ينتبهوا لذلك، ولكن نقدّر في غالب فهمنا لعقليّتهم وما يرمون إليه أنّهم تعمّدوا تجاهلها لسبب بسيط وهو أنّ لا قراءات ممكنة لها قد تخدم أهداف تشكيكهم في الخطاب ومحاولة التّشويش الخائبة عليه والمكشوفة للجميع، ولن نضع الآن وهنا تفسيرا لمدلولات النّظّارات ومكان تواجدها ومتى استعملها الرّفيق القائد عزّة إبراهيم والمغزى من ذلك لأسباب كثيرة من بينها أنّها جديرة بأن تدرس بعناية كبرى وفي حيّز أكبر يخصّص لها حصرا، وفي الواقع لم تكن النّظّارات وحدها ما أغاض تلك المجاميع بل استبدّ بهم الفزع لحدّ تناسي أن يعكفوا على دراسة معاني إصرار الرّفيق القائد المجاهد على تلاوة الخطاب وهو يمسك بالورقات التي كتب عليها بين يديه إذ كان بإمكانه أن يقرأه والورقات على المكتب أو يتلوه بطرائق أخرى، وهي رسالة قاسية لم يجد المتصيّدون في مياه غدرهم الآسنة من بدّ للتّعامل مع مخلّفاتها فيهم إلاّ أن يمرّروها بلا تفسير.

ولم يتوقّف التّأثير النّفسيّ المروّع للخطاب ولظهور صاحبه عند هذا الحدّ، بل تناول أغلب من تناولوا الخطاب من زاوية التّدقيق في ما اعتبروه حلقات مفقودة في الكلمة التّاريخيّة لرأس البعث وقائده وقائد الأمّة العربيّة ومقاومتها الباسلة، فمثلا راح البعض يتساءل عن سرّ تجاهل الخطاب لداعش وعرضوا تفسيرات لا حصر لها سمتها الكبرى السّطحيّة في التّناول والميكانيكيّة في القراءة والتّحليل، إذ لو كانوا يهدفون للتّحليل حقّا لا التّضليل والتّشكيك القبيح الهجين، لتبيّنوا أنّ هذا الخطاب لم يأتي مسقطا أو منفصلا عمّا سواه زمنيّا، حيث حسم الخطاب السّابق للرّفيق القائد المسألة نهائيّا وكذلك في بياني القيادة القوميّة الأخيرين لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ وهو أي الرّفيق القائد عزّة إبراهيم رأسها وقائدها أيضا، وبالتّالي نخلص إلى النّوايا المبيّتة لأصحاب هذه التّحاليل ومقاصدهم في التّقليص من حجم ارتباكهم كما بينّا سابقا وسعيهم دوما لإلهاء البسطاء من جماهير عن التّدبّر في الخطاب مضمونا وأبعادا وأهدافا.

كما حاولوا التّركيز على أسباب عدم ذكر تركيا بتاتا وخاضوا في المسألة خوضا مضحكا لا نراه جديرا بالرّدّ عليه إلاّ من خلال معاودة التّأكيد على مدى تواضع مقدرة هؤلاء على الغوص في فكّ شيفرات كلمة يعلمون قبل غيرهم أنّ لها ما لها من أهميّة ومحوريّة وشعبيّة ومصداقيّة أيضا وهذا أكثر ما يؤرّقهم ويقضّ مضاجعهم.

إنّ الهلع النّفسيّ البائن الذي أحدثته كلمة الرّفيق القائد المجاهد عزّت إبراهيم بمناسبة الذّكرى التّاسعة والسّتيّن لتأسيس حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ في نفسيّة من هرولوا لقراءته خصوصا من الموتورين والمهزومين والمرتبطين بالأعداء رأسا، يتوضّح في أعلى تجلّياته في حديث كثيرين منهم عمّا اعتبروه تركيزا مفرطا على الخطر الفارسيّ الصّفويّ الخمينيّ على الأمّة العربيّة، بل أغرب ما قرأناه من كتابات في هذا الشّأن تساؤل أحدهم عن معاني ذلك على الرّغم من أنّ الخطاب ذكّر – والكلام لصاحبنا دوما - بمحوريّة الصّراع العربيّ الصّهيونيّ وما تشكّله الصّهيونيّة من خطر جدّي وحقيقيّ ثابت على الأمّة العربيّة، فهذا الصّحفيّ والمحلّل لا يعلم أيّ إطار حصر نفسه فيه لأنّنا لا نرى في هذا مثلبة ولا نقيصة – ولا نخال كلّ ذي عقل بمخالفنا الرّأي في هذا – لأنّ الأمّة العربيّة عانت وتعاني الأمرّين وعلى مرّ العصور من الخطرين الأكبرين وهما الصّهيونيّة والصّفويّة البغيضتين وهما رديفا الاستعمار وعيناه وذراعاه القذرتان..

ويظلّ الأعجب والأكثر هيستيريّة على الإطلاق في ما رافق كلمة الرّفيق القائد المجاهد عزّة إبراهيم في ذكرى تأسيس حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ من تفاعلات وتفسيرات هو حدّ الذّهاب لزعم أنّ الخطاب إنذار لبدء مفاوضات جدّية بين قيادة البعث والأمريكان لبحث ترتيبات جديدة للمنطقة، ولا يحتاج الأمر هنا لنذكّر بأنّ المقاومة العراقيّة بقيادة حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ وبقيادة الرّفيق القائد عزّة إبراهيم الحكيمة والشّجاعة وهي التي طردت الأمريكان واضطرّتهم للهروب في عام 2011، يحقّ لها أن تتحرّك سياسيّا وديبلوماسيّا وإعلاميّا في كلّ الاتّجاهات باستثناء الكيان الصّهيونيّ الغاشم وفق ثوابتها العقائديّة بمعنى أنّ طرق باب المفاوضات تقليد سياسيّ وعرف ديبلوماسيّ لا يحتاج أن يدلّل عليه في خطاب أو كلمة..

هذا ومن نافقة القول إنّ أكثر من هزّهم الخطاب التّاريخيّ للرّفيق القائد عزّة إبراهيم علاوة على نغول إيران وبيادقها المتخفّين في أثواب سياسيّة وحقوقيّة وصحفيّة وثقافيّة، هم رأسا أقزام العمليّة الجاسوسيّة الاستخباراتيّة المتهاوية في المنطقة الخضراء، حيث خرج الصّغير العميل حيدر العبادي في تصريح مرتبك مهزوز وتافه ليقول إنّ البعث هو من يقف وراء تأسيس داعش وهي الأضحوكة التي لم تعد تضحك أحدا، وهي ليست سوى استعطاف لأسياده الأمريكان وملالي الفرس واستدرار لحمايته وإدامة حياته السّياسيّة القاطرة عارا وخزيا وشنار وصَغارا..

- يتبــــــــــــــــــــــــــع -

أنيس الهمّامي
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في  ١٥ / نيســان / ٢٠١٦





السبت ٩ رجــب ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / نيســان / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة