شبكة ذي قار
عـاجـل










أولا = البعث يرفض الإنخراط في محاور أو تحالفات باعتبار أن البعث أول من نادي بالحياد الإيجابي في ظل ثنائية الإستقطاب الدولي رافضا سياسة الإصطفاف خلف أي من القطبين أنذاك ... و يرفضها أيضا اليوم باعتبار أن ما هو قائم من سياسات تكتل و بناء محاور ما هو الا صيغة من صيغ اعادة صياغة مناطق النفوذ لنظام دولي قيد التشكل الأمة العربية فيه غائبة فعلا و حاضرة استهدافا مباشر .

ثانيا = الرفض لسياسة المحاور و التحالفات لا يلغي مبدأ الإنحياز الإيجابي الذي صاغه الحزب كرؤية عندما كانت الأمة بجل أقطارها تحت الإستعمار المباشر ، و في ظل اقتطاع فلسطين و توطين العصابات الصهيونية بها ... و هي مرحلة اليوم نعيشها بذات الثقل و أكثر اتساعا إذ عنوان المحاور و التحالفات القائمة اليوم تتجه نحو توسيع الإقتطاع المجالي من أراضي الأمة لا بل تغييب هوية الأمة ؛ من هنا يمكن القول أن لا تحالف مع أي من التكتلات و لا انخراط في أي من المحاور الدولية أو الإقليمية المتفرعة عنها بقدر ما أن الحزب نظريا و عمليا يعمل علي تفعيل بناء الجبهة الشعبية العربية في أوسع مظاهرها ، و استعادة التضامن العربي رسميا  اعتمادا علي الحد الأدني من الثوابت الضامنة للأمن القومي الذي يفرض نفسه كحلقة مركزية من حلقات نضال العرب بكل مكوناتهم العربية و الوطنية و الإسلامية .

ثالثا =  عندما تعرضت الصين الي الإحتلال الياباني منذ 1931 ؛ لم يتردد ماو تسي تونغ من مد يده الي عدوه الوطني تشان كاي تشيك لبناء الجبهة الوطنية المناهضة للإحتلال ... فمالذي يمنع البعث و هو يقود المقاومة المسلحة و السياسية في العراق و في ساحة الوطن العربي ضد المحاور و التحالفات الدولية بمشاريعها  البائنة و المؤشرة أطرافا دولية و ميليشيات مكوناتها عابرة للحدود الدولية بما فيها الحدود القارية و التي تتقصد كل الأمة العربية بالإجتثاث هوية حضارية و انسانية دون اعتبار ما تتقصده من توسع مجالي علي حسابها كما هو الأمر في العراق و سوريا و البحرين و لبنان و اليمن " أولم يتراقص أركان النظام الإيراني قولا و فعلا مسلحا مرددين من أنهم يتحكمون في أربع عواصم عربية و من أن إمبراطورية فارس حقيقة اليوم و عاصمتها بغداد " و مع ذلك يتثاؤب بعض اليسراويين و الليبراليين من عرب اللسان ممن يمجدون فعل الآخر و يقلدونه تحت مفهوم المغلوب علي أمره ان كان رؤية أو تصرفا ميدانيا ؛ و ينخرطون تلقائيا في شيطنة البعث كلما أشر نضالا علي ضرورات نضالية ملحة انطلاقا من رؤيته للواقع العربي و اعتراضا علي ما يستهدف الأمــة من اجتثاث هوية و فعلا و بهدف استعادة الحد الأدني من الأمن القومي و قطعا للطريق من أن تعم الفوضي كل الساحة و كل فئات المجتمع العربي .

رابعا =  اذا كانت حركة البعث قد دعت سابقا و منذ الخمسينات من القرن الماضي ، و في ظل ثنائية الإستقطاب الدولي الي الحياد و أكدت علي أن مصلحة الأمة العربية في تلك المرحلة أن لا ينهار أي من المعسكرين { لأن انهيار المعسكر الاشتراكي معناه ظفر المعسكر الرأسمالي الاستعماري وزيادة سطوته الاستغلالية على مواردنا وثرواتنا وانتقاصه من سيادتنا. كما ان انهزام المعسكر الرأسمالي يعني بالمقابل اكتساح الفكرة الشيوعية للعالم بما تتضمنه من انكار للقومية والحرية. فمصلحتنا هي في ان يتطور كل من المعسكرين، يتطور المعسكر الرأسمالي نحو الاشتراكية والتنازل عن الاستعمار، ويتطورالمعسكر الاشتراكي نحو الحرية في داخل الاتحاد السوفياتي، ونحو الاعتراف بحقوق القوميات الاخرى في اختيار طريق تحقيقها للاشتراكية في خارجه، ولن ينفسح المجال لتحقيق هذا التطور بشقيه الا اذا امتنعت الحرب }. فإن مصلحة الأمة العربية و في هذه المرحلة المتأزمة تفرض زيادة التأكيد علي الحياد باعتبار أن انهيار المعسكر الإشتراكي و تحول العالم من دبلوماسية التوافق المقترن بالردع المتبادل في ظل الوفاق الدولي الي دبلوماسية التواطئ و توزيع المصالح في ظل التنافس بالوكالة حروبا بادارة " مجمع أوليغارشية الثمانية الكبار بزعامة كل من الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا الإتحادية " الحروب التي استوطنت الوطن العربي مشكلة تاريخه الحاضر و تعمل علي أن يكون صورة مستقبلية له ان كان رسما للحدود بين مكوناته أو تحريفا لثقافته الإجتماعية من مجتمع متضامن الي مجتمع تديره العصابات إن كانت بصيغة شركات مؤسسات أم بصيغة مهربين أو تجار متعة . تصور يفرض الحياد الإيجابي و يؤكده لحاجة المجتمع العربي في هذا المنعرج للسلم : باعتبار { ان الحياد هو السياسة التي تسمح للفئات التي لا تقاوم الاستعمار مقاومة عنيفة أن تنضم الى النضال الشعبي، اذ من الصعب على هذه الفئات أن تظهر رفضها لسياسة تحارب التبعية والاستعمار، وان كانت لا تخلص حقا لهذه السياسة بسبب الارتباط الوثيق بين السياسة التحررية وبين تصفية المصالح الاقتصادية لهذه الفئات، ولأن التحرر من الاستعمار يؤدي بطبيعته الى التحرر الاجتماعي في الداخل والى القضاء على امتيازات هذه الفئات. أما لو تخلينا عن سياسة الحياد هذه وقلنا بالانحياز الى هذا المحور أو ذلك لتعجيل التحررأو التخلص من الفوضي ، فان تلك الفئات الرجعية ستنحاز صراحة الى صف الاستعمار وتحارب في صفه، ومن ثم تكون الحرب الأهلية في الداخل. وواقع الامر أننا الآن في مرحلة تقتضي تركيز الجهود للتحرر من الاستعمارو وأد الفوضي التي استشرت في واقع المجتمع العربي ، وان رافق ذلك جهد معتدل نسبيا للتحرر الداخلي والتوحيد القومي، فيجب اذن ان نستفيد من كل قوانا الممكنة في المعركة، حتى ولو كانت بعض هذه القوى غير مخلصة كل الاخلاص في مساهمتها، دون ان يمنعنا ذلك - خلال الطريق- من ان ننتزع من هذه الفئات بعض الامتيازات ومن ان نحقق بعض الكسب في مجال الوحدة القومية لضمان تقوية نضال الشعب وتحرره }.

d.smiri@hotmail.fr

· ملاحظة : ما ورد بين معقفين { ... } مقتطف من مقالة كتبها الأستاذ ميشال عفلق تغمده الله بواسع رحمته،  القاهرة آذار ــ مارس 1957





السبت ٩ رجــب ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / نيســان / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة