شبكة ذي قار
عـاجـل










ليس من الإسلام في شيء ما يجري على الفلوجة من تجويع وقتل أطفالها وناسها جوعاً.

ومن هذه الحقيقة ننطلق لنقرر أننا لا نمتلك أحزاباً إسلامية إلا بالاسم، وقد سبق لي أن نبهت إلى ذلك منذ زمن طويل، عندما قلت إن هذه الأحزاب التي يسمونها دينية هي في حقيقتها أحزاب طائفية لا تملك من الإسلام إلا عباءته التي تتلفع بها وتخدع الناس وتغطي جرائمها ووحشيتها، كما أنها لا تمتلك من الإنسانية شيئاً، وإلا هل يعقل أن تحاصر مدينة ويجوّع أهلها ويقتل أطفالها جوعاً بحجة أن فيها داعش وأن أهلها كلهم داعشيون لهذا السبب؟ متناسين أن من مهد لدخول داعش إليها وإلى غيرها من مدننا هذه الأحزاب نفسها.

أجمع فقهاء المسلمين على عدم جواز منع إنسان عن آخر طعاما أو شرابا، حتى إذا كان مسجوناً، فإنه يجب عليه أن يدفع إليه الطعام والشراب وما تقوم به حياته.

وفي "كتاب الخراج" لقاضي القضاة أبي يوسف ورد أنه: "لم تزل الخلفاء تجري على أهل السجون ما يقوتهم في طعامهم وإدامهم، وكسوتهم الشتاء والصيف، وأول من فعل ذلك علي بن أبي طالب بالعراق، ثم فعله معاوية بالشام، ثم فعله الخلفاء بعده".

هذا للسجين، فكيف الأمر لشعب كامل مسجون في مدينة؟ وهذا علي بن أبي طالب الذي يدعون موالاته والاقتداء بسيرته هو الذي سن تلك السنة الحسنة، فهل نصدق بعد موت أطفال الفلوجة جوعاً أن هؤلاء صادقين وأنهم لعلي بن أبي طالب متبعين؟ بل هل بميسور أحد أن يقنعنا أنهم مسلمون؟

ولقد عدّ فقهاء المسلمين أن من منع الطعام عن سجين عمداً، وكان السبب في موته، فإنه يقتل به؛ لأنه يكون ظهر منه قصد موته.

والتجويع يتقاطع مع مبدأ الأخوة الإسلامية الذي جعله الرسول الكريم محمد بن عبد الله أحد حقوق المسلم على أخيه أن يطعمه إن كان جائعاً، وفي فقه الشافعية والحنابلة: ولو حبس أحد آخر ومنعه الطعام والشراب، حتى مات، فإن مضت مدة يموت مثله فيها غالباً جوعاً أو عطشاً، فيكون حكمه حكم القتل العمد، وتختلف المدة باختلاف حال المحبوس من حيث القوة والضعف والزمان حراً وبرداً، وهذا مراعاة لحال الأطفال والنساء بخلاف الرجال، ففقد الماء في الحر ليس كفقده في البرد، وإن لم تمض المدة المذكورة فإن لم يكن بالمسجون جوع وعطش سابق على الحبس فيكون القتل شبه عمد، وإن كان به بعض جوع وعطش سابق على الحبس، فيأخذ حكم القتل العمد، فيقتل به.

وقد جعل نبينا الكريم محمد أحد حقوق المسلم على أخيه أن يطعمه إن كان جائعاً، كما ورد عن أنس أن النبي محمداً قال: ليس المؤمن يبيت شبعان وجاره طاوٍ”، أو في حديث ابن عباس أيضاً أن النبي قال: “ما آمن بي من بات شبعان وجاره طاوٍ إلى جنبه”.

بل أن الله تعالى جعل الإطعام من الأعمال الصالحة التي يفعلها المسلم للمسلمين وغير المسلمين، وأنها مما يدخره المرء لنفسه من أعمال صالحة عند الله تعالى، كما قال سبحانه في صفات المؤمنين: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورً}

وفي الأثر أنه إذا مات مسلم جوعاً وجبت ديته على جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وإذا حاصر كفار مسلمين كان واجباً على المسلمين فك الحصار عن إخوانهم، والدفاع عنهم، والإبقاء على حياتهم بكل وسيلة ممكنة، من المفاوضات السياسية، أو من إمدادهم بما يقيمون به حياتهم، أو بكل وسيلة يبعدون عن المسلمين ما حل بهم من الحصار.

فأين الذين يحاصرون الفلوجة الواقعة، مثل الموصل والمدن التي يحتلها تنظيم داعش، بين سندان داعش ومطرقة وكلاء الاحتلال؟

وكم دية تجب على المسلمين لمن مات ويموت في الفلوجة جوعاً؟

إن خطابي هذا موجه إلى المسلمين ودولهم عسى أن يرفعوا هذا الفرض عنهم ويمدوا الفلوجة المحاصرة بالحقد الطائفي بما يبقي على حياة أهلها ويبعد الضرر عنهم، وهم قادرون.

أما الذين يحاصرون الفلوجة فقد غسلنا أيدينا من إسلامهم، ونرى أن قصاصهم سيكون الموت جوعاً مثلما فعلوا بأطفال الفلوجة ونسائها وشيوخها وأطفالها، وعلى مثل هذه العقوبة تصالح فقهاء المسلمين.





الاربعاء ١٤ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة