شبكة ذي قار
عـاجـل










تعرّضت العاصمة الفارسيّة طهران يوم الأربعاء الماضي والموافق لــ 16/03/2016 في حدود السّادسة والنّصف بتوقيتها المحلّي، لهجوم على " باساج قصيرية " نتج عنه انفجار ضخم تكتّمت عنه السّلطات الفارسيّة. ولقد تبنّت مجموعة شهداء نيسان الأحوازيّة العمليّة البطوليّة وأعلنت مسؤوليّتها عنها، ووصفت في بيانها الصّادر عقب ذلك، أنّ العمليّة جاءت في سياق الرّدّ على الممارسات القمعيّة بحقّ شعب الأحواز العربيّة الذي يتعرّض لأبشع أنواع الإنتهاكات والذي يساق أبناؤه للاعتقال بطرق لا إنسانيّة ويتعرّض شبابنا ونساءنا في المعتقلات لكلّ أنواع الاضطهاد على يد " وزارة مخابرات" الفرس.

وشدّدت مجموعة شهداء نيسان في بيانها على أنّ هذه العمليّة النّوعيّة لم تكن الأولى من نوعها ولكنّها ستشكّل بداية لسلسلة من العمليّات النّوعيّة التي ستؤلم العدوّ الفارسيّ رافعة شعار " سيتألّمون كما نتألّم " ودعت كلّ العرب للوقوف مع شعب الأحواز العربيّة بوجه الاحتلال الفارسيّ الصّفويّ الغاشم بكلّ سبل الدّعم.

إنّ مثل هذه العمليّة الفدائيّة البطلة وإن كانت تدلّل مجدّدا - وهذا ما كرّرناه مرارا وشدّدنا عليه دوما - على مدى أصالة شعبنا العربيّ المقاوم البطل في أحواز العروبة وتفصح عن تعلّقه بعروبته وتمسّكه بهويّته العربيّة ورفضه رفضا قطعيّا لكلّ سياسات الاحتلال المتغطرس السّاعية لطمس عروبة الأحواز وتفريسها عبر الجرائم المختلفة التي تنفّذها أدوات الاحتلال الفارسيّ المجرم بحقّ شعب الأحواز، فإنّها تأتي تزامنا مع ذكرى الاحتلال الغاشم وتعبّر عن تصميم شعبنا العربيّ في الأحواز على مواصلة مقاومته للاحتلال بشتّى الوسائل رغم كلّ الفوارق في الإمكانيّات والعتاد وغير ذلك. ففي حقيقة الأمر، ليست هذه المرّة الوحيدة التي تفلح فيها المقاومة الأحوازيّة البطلة في اختراق تحصينات العدوّ الفارسيّ البغيض، بل إنّ استبسال شعب الأحواز وتحدّيه لجرائم نظام الملالي العنصريّ لم يتزحزح ولم تتوقّف مطاردة عناوين الاحتلال وتجلّياته يوما.

قد يكون من الإجحاف بمكان بحقّ مقاومة الأحواز أن يكتفي المرء بالخوض في تفاصيل عمليّة مجموعة شهداء نيسان البطلة، أو حصر أداء شعب الأحواز العربيّة ومقاومته فيها، ولكن قد يكون أكثر إلحاحا وأبعد غاية تحليل ظروف هذه العمليّة النّوعيّة وما رافقها من تفاعل رسميّ فارسيّ، وكذلك تعاطي العرب جماهير ورسميّين معها ومدى آفاق هذه العمليّة.

1- لقد عمدت السّلطات الفارسيّة للتّعتيم على العمليّة البطوليّة النّوعيّة لأبطال شعبنا العربيّ في الأحواز وذلك للتّقليل من آثارها على الدّاخل الفارسيّ وهو الذي يعرف تململا واحتقانا شعبيّا متصاعدا نتيجة الاختناق الاقتصاديّ وانتشار الفقر والبطالة بنسب خياليّة داخل إيران.

2- محاولة التّقليل قدر الإمكان من آثار العمليّة النّوعيّة لمجموعة شهداء نيسان الأحوازيّة خشية عدم انتقال العمليّة والفعل المقاومين لبقيّة الشّعوب الإيرانيّة كالأذربجينيّين والأكراد وهم الذين هدّدوا بعد عمليّة شهداء نيسان باستعدادهم خوض تمرّد مسلّح ضدّ سلطة الملالي لما تتّصف به من عنصريّة تجاه كلّ الشّعوب من خارج القوميّة الفارسيّة التي تتنفّل بكلّ الامتيازات والمفاضلات. وبذلك تضمن الدّولة الفارسيّة بقاء مجهودات الشّعوب الإيرانيّة غير موحّدة ومتناسقة ما يضمن للفرس مواصلة سيطرتهم ومحافظتهم على قوس الجذب المركزيّ الفارسيّ.

3- حرص إيران على المحافظة على مكانتها كقوّة إقليميّة صاعدة مؤثّرة في المنطقة وبالتّالي في كلّ العالم وهو ما يتطلّب الحفاظ على استقرار داخليّ، وكذلك تجنّب تبعات الإقرار باحتلال الأحواز العربيّة.

4- دقّة توقيت العمليّة وحساسيّتها، فلقد تزامنت مع سعي الدّولة الفارسيّة لتقليل السّخط العربيّ الشّعبيّ والرّسميّ المتنامي ضدّها بفعل انتهاكاتها الجسيمة للوطن العربيّ وسعيها الدّؤوب لخلخلة أمنه وتمزيق أوصاله ومن ثمّ مواصلة التّغلغل داخله والتّنفّذ فيه، هذا علاوة على ما تعانيه برامجها تلك من تراجع قياسيّ خصوصا بعد الانسحاب الرّوسيّ المفاجئ من سوريّة وتزايد أعداد قتلى الحرس الثّوريّ الإيرانيّ الإرهابيّ هناك وكذلك القرارات العربيّة الأخيرة المتّخذة ضدّها وضدّ نغولها ومندوبيها في كافّة ربوع الوطن وخاصّة عصابة الحوثيّين وحزب الله الإرهابيّ.

هذا فوق ما تعانيه إيران اليوم شبه عزلة في محيطها الإقليميّ خصوصا بعد التّحرّكات العربيّة بقيادة المملكة العربيّة السّعوديّة كعاصفة الحزم والذّهاب لقطع التّبادل الدّيبلوماسيّ والاقتصاديّ مع بلاد فارس.

5-جاءت العمليّة النّوعيّة أيضا، ودعة مجموعة شهداء نيسان في بيانها الأمّة العربيّة والنّظام الرّسميّ العربيّ لضرورة مؤازرة شعب الأحواز العربيّة وإسناده ديبلوماسيّا وعسكريّا وماديّا وإعلاميّا. ولقد عرفت تلك العمليّة الفدائيّة البطوليّة للأسف الشّديد تعاملا دون المأمول من كلّ العرب باختلاف مستوياتهم سواء كانوا حكّاما أم مثقّفين أم إعلاميّين أم منظّمات وأحزابا، ومرّت مرور الكرام وكأنّها حدث عاديّ لم تكلّف الفضاءات الإعلاميّة مكتوبة ومقروءة ومسموعة نفسها الوقوف عليها والخوض في دلالاتها وما يرجى منها.

6- لا يمكن قراءة العمليّة البطوليّة لشهداء نيسان من خارج الرّدّ الطّبيعيّ والمنطقيّ على جرائم الاحتلال الفارسيّ المجرم التي ما انفكّ ملالي طهران يواظبون على تصعيد وتيرتها تضييقا للعيش على الأحوازيّين وسط تكتّم دوليّ رهيب. وهي بذلك استصراخ الأحوازيّين لضمائر العرب وأحرار العالم ليردعوا الاحتلال الاستيطانيّ الإرهابيّ الفارسيّ الصّفويّ للأحواز.

7- إنّ المجهودات العربيّة المتحدّث عنها سابقا عن التّصدّي لأطماع إيران في الوطن العربيّ ولجم سياساتها التوسّعيّة على حساب العرب، لا يمكن أن ترقى للجدّيّة المطلوبة ما لم تضع على رأس أولويّاتها العمل على تدويل قضيّة الأحواز العربيّة وحمل المجتمع الدّوليّ على الاعتراف بالأحواز قٌطرا عربيّا من حقّه خوض كلّ أساليب النّضال والمقاومة المسلّحة لطرد المحتلّ الفارسيّ المجرم، ويستوجب ذلك بكلّ تأكيد الاعتراف العربيّ الرّسميّ بالأحواز دولة عربيّة لها كامل الحقوق المتساوية مع بقيّة الأقطار الأخرى ومن ثمّة ضمّها لعضويّة جامعة الدّول العربيّة " بصرف النّظر عن طبيعتها ومواقفنا منها كهيكل متآكل عاجز عن تلبية مطامح أمّتنا العربيّة " واستقبال تمثيليّة ديبلوماسيّة أحوازيّة في كلّ الأقطار العربيّة ورفع العلم الأحوازيّ في كلّ الفضاءات الرّسميّة.

إذ لا يٌعقل أبدا أن تظلّ الأحواز العربيّة تعاني الخذلان الأبديّ والتّنكّر لعروبتها حتّى من العرب أنفسهم، كما لا يجوز واقعا محاربة الفرس وكبح جماح أحلامهم في تدمير العرب وتذبيح العروبة دون دفع نضالات شعبنا العربيّ في الأحواز بكلّ أوجه الدّعم مادّيا وأدبيّا وقانونيّا وسياسيّا وعسكريّا لتعزيز صموده في وجه آلة التّدمير الفاشستيّة الفارسيّة المجرمة.

فإيران - هذا النّمر الورقيّ - لا مجال لتقليم مخالبها إلاّ باستعادة الأحواز العربيّة لحاضنتها الطّبيعيّة من جهة حيث تشكّل الأحواز المصدر الأساسيّ لمجمل ثرواتها بنسبة 90 بالمائة ، ومن جهة أخرى لم يبق للعرب من بدّ إلاّ معاملة هذا الجار المتآمر الغادر بالمثل وذلك بتشجيع الحركات الانفصاليّة والمطالبة بحقّها في تقرير المصير داخل بقيّة مكوّنات الشّعوب الإيرانيّة لمزيد تضييق الخناق عليها وبتر أذرعة الملالي الأخطبوطيّة السّامّة.

هذا ولقد ترافقت عمليّة مجموعة شهداء نيسان البطلة الأسبوع الماضي، مع خبر تمّ تسريبه باحتشام من قبل الفرس سرعان ما تراجعوا عنه بعد تبنّي أبطال المجموعة للهجوم النّوعيّ والمؤذي، حيث عمد الفرس لترويج وقوف داعش وراء الهجوم.

فلماذا ادّعى الفرس ضلوع داعش وراء العمليّة ثمّ سرعان ما تراجعوا عنه؟؟ ولماذا لم ينتبه أحد لهذه الدّسيسة الجديدة؟.

سعى الفرس عند رواج نبأ الهجوم لنسبه لداعش وذلك للتّشريع لمظلوميّة جديدة ترتكز عليها طغمة الملالي في ما قد يقدمون عليه من جرائم جديدة، ولكنّهم حاولوا توظيف الهجوم للتّغطية عن سؤال ظلّ مرفوعا في شكل تحدّي منذ ولادة داعش الإرهابيّ، وهو لماذا نجح الدّواعش في بلوغ كلّ البلدان وروّعوها بنسب متفاوتة، ولكن ظلّ الكيان الصّهيونيّ والعدوّ الفارسيّ لوحدهما في مأمن كلّي من بطش التّنظيم رغم أنّه ينشط على تماسّ حدوديّ معهما؟ لماذا لم نسمع أحدا من إعلاميّي العرب والغرب على حدّ السّواء يطرح مثل هذه المسألة؟ هل لأنّه وببساطة شديدة، لم يعد مجديا إنكار مساهمة الفرس والصّهاينة في خلق هذا التّنظيم مع الأمريكان؟ وهل حاول الفرس بالزّجّ باسم داعش في العمليّة، إيجاد مسوّغ جديد لتصعيد سياساتهم الوحشيّة في الأحواز العربيّة؟؟

أنيس الهمّامي
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في  ٢٢ / ٣ / ٢٠١٦





الثلاثاء ١٣ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة