شبكة ذي قار
عـاجـل










كثر الحديث هذه الأيام عن حزب الله تفاعلا مع بيان وزراء الداخلية العرب؛ وتفرق الخائضون في شأنه كل حسب ارتباطاته وقراءاته بصرف النظر عن مدى دقتها وملائمتها للواقع وللتاريخ. وهو ما يدفعنا للتذكير بحقائق ثابتة وموثقة لنتساءل عن مدى اهتمام المتنازعين حول الانتصار لحزب الله أم عليه بها ..

يؤكد حزب الله في بيانات التأسيس وخطابات زعيمه حسن نصر الله أنه ملتزم ومنضبط انضباطا متناهيا لمشروع ولاية الفقيه ويشدد على أنه منخرط بكل إمكانياته في إنجاحها وبلوغها أهدافها الاستراتيجية. وبالرجوع لتلك الأهداف نتبين حقيقة مشروع الحزب؛ حيث يعبر عنها في تبنيه لنشر الفكر الصفوي الخميني الذي شرحه وأفصح عنه الخميني بتصدير الثورة الإسلامية؛ وحري التأكيد هنا على أن ذلك يعني التبشير بالعقيدة الفارسية الصفوية الخمينية في بداية الأمر ثم تهيئة الظروف والمناخات لفرضها على المحيط الإقليمي.

وقد يتبادر للأذهان بادئ الأمر أن المقصود بالمحيط الإقليمي هو الجوار الفارسي؛ وهو خطأ استراتيجي فادح يقع في شراكه أكبر الدارسين والعارفين بالمسألة؛ إذ وإن كان من البديهيات بسط سيطرة الفرس المطلقة على العرب إشباعا لثاراتهم التاريخية وتنفيسا عن مركبات النقص الحضارية فيهم تجاه العرب وهي العقيدة العنصرية التي تطبع سياسات الفرس؛ فإن الصفوية الخمينية وهي رافعة لواء ولاية الفيقه ترمي لإلحاق كل العالم الإسلامي بها في مرحلة أولى لتنتقل للسيطرة على كل العالم فيما بعد.

إنه وبالنظر لما يروجه المتعاطفون مع حزب الله عن دوافعهم لذلك؛ نرى إصرارهم على كونه رافع لواء الدفاع عن الأمة. والغريب أن مفهوم الأمة عند الحزب ضبابي وعائم وفضفاض. فهل يعي المفتونون بحزب الله مدلولات الأمة كما يفهمها أو يتقصدها حقا.؟ فليست الأمة العربية المشار إليها؛ لأن ذلك يتناقض فعلا وممارسة واعتقادا عنده؛ إذ لا يعقل البتة أن يستوي ذلك في الوقت الذي يؤكد فيه الحزب على ولائه المطلق لولاية الفقيه وهي فارسية النشأة والغايات والأجندات حصرا. بل إن الأمة تلك ليست حتى الأمة الإسلامية على الأقل في مفهومها ومدلولاتها الاصطلاحية الشائعة؛ حيث تعتبر ولاية الفقيه خيمة حزب الله ومظلته ومعينه هي المحدد لمفهوم الأمة الإسلامية التي تدين بها وتلتزم بتعاليمها.

إن أعلى المراتب والمناصب في ولاية الفقيه هي الولي الفقيه أو ممثل الإمام الحجة وهو الذي يمثل المرجعية الأعلى والمثابة الأهم في كل التشريعات والأحكام وهو بالتالي ظل الله في الأرض بل ويتماهى معه إن اقتضى الأمر ذلك؛ ومن شروط الولي الفقيه أن يكون فارسيا نقيا لا تشوبه لوثة عرقية أخرى. ألم تفرق ولاية الفقيه المسلمين وصنفتهم بناء على أسس عرقية ومذهبية صرفة؟ إذ تميز بين المسلمين فتتحدث عن المؤمنين وتعني بهم عصارة المسلمين وهم أتباع المذهب الشيعي فقط؛ وعن عوام المسلمي لتتعمق شعوبية خلفية ولاية الفقيه لتفاضل بين المؤمنين المحسنين لتكفر فرقا واسعة من عموم الشيعة فلا تعترف إلا بمعتنقي التشيع الصفوي الإيراني ويتجلى ذلك من خلال تقديم الحسين عن الحسن أخيه وأبيهما علي ويعزى ذلك لمصاهرته للفرس.

فليس صحيحا أبدا أن حزب الله خادم ولاية الفقيه بمعني بالدفاع عن الأمة الإسلامية إلا تلك التي تنطلق من الاعتبارات والتعريفات المذكورة سابقا وتتفنن عقيدة التقية - وهي ركن محوري في عقيدتها -؛ في إخفائها وتأجيل طرحها للعموم لوقت التمكين والغلبة.

هذا وتعتبر حجة المدافعين عن حزب الله انتصاره لفلسطين؛ وبالعودة لثوابته المستمدة من ولاية الفقيه يسهل نسف تلك الطروحات. ففلسطين عربية؛ وتعايشت ولا تزال مختلف الأديان السماوية ( لما قبل اغتصابها من الصهيونية العالمية ) وتواجد فيها الدروز وغيرهم؛ إلا أنها لم تؤمن يوما بالتشيع الصفوي الإيراني ولم نعرف فيها حتى شياع التشيع الجعفري أو غيره. وبذلك لا يمكن أن يتماهى دفاع حزب الله المزعوم عنها مع ما يذهب في ظن كل المنادين بتحريرها؛ فحزب الله لن يكون معنيا بتحريرها ما لم تتشيع وتبايع الولي الفقيه. ولقد اختزلت صورة خارطة فلسطين وقد لفها علم إيران في خطاب حسن نصر الله فور اغتيال سمير القنطار حقيقة نواياه ونظرته لفلسطين.

وقد يتاح لنا أن نتساءل رفعا للتحدي هنا مثلا: هل تراه يقبل حزب الله بأن يكون الولي الفقيه ممثل الإمام الحجة من غير الفرس؟ بل هل سيرضى أن يكون الولي الفقيه فلسطينيا؟

إن مثل هذه الحقائق المغيبة عمدا؛ تساعد في تنامي شعبية مزيفة مغلوطة لحزب الله وهو الفارسي الصفوي لسانا وعقيدة وتكتيكات واستراتيجيات. وهو ما يدفعنا للتساؤل عن مدى ضلوع الإعلام التونسي والعربي عموما في عزوفه عن استضافة عارضي هذا الطرح وصد الأبواب في وجوههم مقابل فتح منابره بإطناب لكل المتماهين غافلين أو متعمدين مع تسويقات حزب الله. وهو ما من شأنه أن يضرب ادعاءات ديمقراطية الإعلام وحياده ؛ بل ويتيح لنا اتهامه بانخراطه وخضوعه لإملاءات وإغراءات الدوائر المتنفذة إقليميا ودوليا لمزيد تغييب العقل العربي وطمس الحقائق ما يؤدي لتشكيل مزاج شعبي انطباعي موجه و زائف وأعرج في أحسن حالاته.

تونس في ٦-٣-٢٠١٦





الاحد ٢٧ جمادي الاولى ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة