شبكة ذي قار
عـاجـل










احتلت القوات المسلحة موقعا مهما في سياسة الحزب وتوجيهاته، منذ قيام ثورة 17-30 تموز عام 1968 ، فهي قوته الضاربة وأداته في حفظ الثورة والدفاع عن العراق وسيادته واستقلاله .

ففي صفوفه نشأت البؤر الثورية والخلايا التي واكبت حركة الحزب للقيام بالثورة عشية 17 تموز 1968 ، فكان طبيعياً أن يحظى برعاية الحزب والثورة له. أخذ اهتمام الحزب بالجيش شكل خطة مبرمجة لتحويله نهائيا إلى جيش الشعب وقوته الثورية المقتدرة ، حيث مرت جهود الثورة بمرحلتين متميزتين :-

المرحلة الأولى
وقد ركز فيها الحزب على تطهير القوات المسلحة من العناصر المشبوهة التي لها طموحات شخصية تغلب ولاءها الوطني والقومي وعلى تعزيز تلاحم القوات المسلحة مع الحركة الجماهيرية بقيادة الحزب وعلى الارتفاع بمستوى الوعي الوطني والقومي لإفرادها.

المرحلة الثانية
تهدف إلى تحقيق غايتين مركزيتين هما -
1- تعزيز قيادة الحزب للجيش ونشر مبادئ الحزب والثقافة القومية والاشتراكية العامة بين منتسبيه وترسيخ الأسس والضوابط المبدئية والعسكرية التي تمكنه من تأدية واجباته على أكمل وجه ، وإسهامه الفعال والصحيح في البناء الثوري وفي تأدية المهمات الوطنية والقومية .

2- تنظيم الجيش على أسس علمية حديثة وتطوير أساليب تدريبه وتعبئته ، ورفع قدراته القتالية والفنية وزيادة تشكيلاته وإمداده بأقوى واحدث الأسلحة والمعدات كي يتمكن من تأدية واجباته المقدسة في الحفاظ على وحدة البلاد ودرء العدوان الاستعماري الصهيوني ألصفوي والوقوف بوجه الإطماع الأجنبية .

وقد تمت عملية شاملة وحازمة لإعادة ترتيب أوضاع القوات المسلحة بدءا بقيادتها التي تأكدت وطنيتها وإخلاصها للحزب والثورة ، إضافة إلى كفاءتها العسكرية ، كما تم إعداد القادة الشباب الذين تربوا في أحضان الحزب والثورة ، وتعلموا فنون القتال الحديثة وتدربوا على الأسلحة المتطورة ، فتحققت نجاحات كبيرة في هذا المجال ، وإنشاء العديد من المدارس والمعاهد والكليات العسكرية المختلفة التي تمد صفوفه المتعددة بحاجاتها من الفنيين والضباط ، غير إن الانجاز الستراتيجي المهم الذي تحقق كان في مجال تنويع مصادر تسليح الجيش لكسر الحصار المتوقع فرضه على جيشنا زمن السلم أو الحرب بما يهدد قدرة الجيش على حماية الإرادة الوطنية .

دور شهيد الحج الأكبر
وقفت وراء هذه الانجازات القيادة الحكيمة للشهيد العصر ، الذي اظهر اهتماما بارزا بالقوات المسلحة، تحول منذ تسلمه الموقع الأمامي في قيادة الحزب والدولة إلى ملازمة مستمرة أمنت التعايش الفعال الموجه والمربي الساهر على كل شؤون الجيش، كما أمنت المتابعة أنجاز البناء العقائدي والفني لشؤون التدريب وإعداد القادة ورسم دور القوات المسلحة في السياق العام للنضال الوطني والقومي للعراق ، والإشراف على تسليحه بالشكل الذي يؤمن توظيف قدراته توظيفا كاملا .

لذلك لم يكن غريبا أن يطلق إفراد القوات المسلحة على حربنا ضد العدو ألصفوي الفارسي اسم ( قادسية صدام ) ، فبمجرد إن بدأ العدو ألصفوي الفارسي عدوانه المسلح على حدودنا الشرقية تركز في ذهن أبناء القوات المسلحة أنهم إزاء معركة مباشرة للدفاع عن الوطن ضد العدو العنصري ألصفوي الحاقد ، وإنها معركة يختبر فيها التاريخ الجيش العراقي ، يختبر فيها إرادة مقاتليه ، وسياسة الحزب ومدى استيعابهم لقيم الأمة وتقاليدها وللنموذج شهيد الحج الأكبر .

أندفع أبناء القوات المسلحة في المعركة بشجاعة عالية في القتال ، وبصورة استثنائية أتاحت لجيشنا إن يسجل بطولات عظيمة ، أبقت سجله للشرف والبطولة ، وظهر جيدا كيف إن هذه الشجاعة والفروسية والبطولة جعلت الشعب يفخر بجيشه ويحيطه بهالة من العز، وظهر تفوقه بكافة تشكيلاته وصفوفه على العدو ، ورغم الفارق العددي وفارق السلاح، والعوامل الأساسية في بناء القوة (السكان والاقتصاد والمساحة والجغرافية ) .

كشف استمرار المعركة القدرات الاستثنائية في قواتنا المسلحة :-
1- تعزيز البناء الفني للمؤسسة العسكرية
فعملية إدامة السلاح وتطويره وتعويض النقص ، والارتفاع بمستوى التدريب ، كانت تعبيرا عن تصميم وإرادة القوات المسلحة على حماية انتصارها والسير حتى النهاية بالمعركة ، لأنها كانت ترى فيها أول معركة يخطط لها الجيش العراقي ويقودها بنفسه بكل أسلحته وصنوفه وأفراده ، فهي أذن معركة الفاصلة في تاريخ العرب الحديث المعاصر ليس بإبعادها السياسية والاجتماعية ، هي بداية تشكيل عقيدة عسكرية عربية في التاريخ الحديث .

2- الروح الجديدة في البناء النضالي
تميز الأداء القتالي لإفراد القوات المسلحة بالاندفاع والاستعداد للتضحية والاستشهاد ، مؤكدين الحالة الجديدة للإنسان العراقي الذي أستوعب قيم أمته في الشجاعة والإقدام والرجولة مقتدين بشهيد العصر الذي قاد منذ اللحظة الأولى دفة الحرب بكل حلقاتها وميادينها وكان يقودها قيادة مباشرة يضع الخطط أو يعدل فيها ويطورها ، ويتصل بالمقاتلين في الخطوط الأمامية ، ولا يغادر الموقع إلا بعد حسم المعركة بالنصر.

3- النمو الذاتي للقوات المسلحة
وتكشف المعركة عن حقيقة أخرى بارزة هي نمو القدرة الذاتية للعراق، أن هذه الحرب تعتبر أطول حرب نظامية يتاح للقوات المسلحة العراقية إن تخوضها أفادت من إدارة معاركها وتخطيطها وخوضها في اكتساب خبرات عسكرية عديدة ، لا شك إن في مقدمتها روح وفن القتال القائم على تعاون الأسلحة والصنوف.

صحيح أن الجيش العراقي ولد محاربا منذ أيامه الأولى يدافع عن وحدة العراق وسيادته ويؤدي التزاماته القومية كاملة ، غير انه لم يسبق له أن خاض تجربة حرب طويلة مستمرة تشترك فيها كل الأسلحة وتدار لاعتبارات وطنية وقومية .

بهذه التفاصيل تدار قادسية العرب الثانية ، قادسية صدام ، التي جاءت في روحها وأساليبها صورة لمعارك العرب المجيدة التي تحدث عنها التاريخهم العظيم .
 





الاربعاء ٢٣ جمادي الاولى ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال أحمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة