شبكة ذي قار
عـاجـل










تعني المكانة في المفهوم السياسي الدولي، ما تتمتع به الدولة من قدرات في التأثير على المنظومة الدولية وبشكل يعمل على تحقيق أهدافها ومصالحها الحيوية وهي حصيلة التراكم الكمي والنوعي للمواقف التي أنتجها السلوك السياسي لتلك الدولة في اطر تعاملها الدولي .

تتوقف المكانة الدولية على ، وجود عقيدة سياسية واضحة ، ونظام سياسي مستقر، ورؤية علمية للإحداث والعلاقات الدولية، وقيادة حكيمة ومقتدرة .هذه عناصر ذاتية إما الموضوعية، فتشمل اقتصاد مزدهر، وقوة عسكرية قادرة على حماية الأمن الوطني والقومي، وبتفاعل كلا النوعين ترتسم مسارات التعامل الدولي والمكانة الدولية للدولة المعنية .

ولغرض تكوين تصور واضح وشامل لما حققه العراق من سمعة طيبة ومكانة دولية مرموقة منذ 1968ــ2003 ( فترة الحكم الوطني ) ، لابد من الوقوف على طبيعة السلوك السياسي الخارجي للعراق والكيفية التي تعامل بها مع المجتمع الدولي، وذلك من خلال العناصر التالية

أولا:- الأسس الفكرية والمبدئية لمكانة العراق الدولية
حددت عقيدة البعث المسار العام للسلوك السياسي . فأكدت المادة الأولى من دستور الحزب الذي أقره المؤتمر التأسيسي الأول عام 1947 على ( أن تستوحي السياسة الخارجية للدول العربية من المصلحة القومية العربية العليا ، ومن رسالة العرب الخالدة التي ترمي إلى المساهمة مع الأمم الأخرى في إيجاد عالم منسجم حر آمن يسير في سبيل التقدم الدائم ) وأكدت المادة الرابعة من الدستور على إن ( السياسة العربية الخارجية تستهدف إعطاء الصورة الصحيحة عن إرادة العرب بان يعيشوا أحرارا معبرين عن رغبتهم الصادقة بان يجدوا جميع الأمم تتمتع مثلهم بالحرية ) .

أن استقلال عقيدة الحزب في بنائها الفكري هذا هي من ابرز العناصر المكونة لسياسة الثورة على الصعيد الدولي، إذ أن البعث كما يقول شهيد العصر صدام حسين المجيد ، مادام ( قد اختار عقيدة مستقلة فمن البديهي إن تكون سياسته مستقلة ) .

أن التزام السياسة الخارجية لثورة 17-30 تموز بهذه المنطلقات العقائدية ساعدها على إن يكون لها تعامل دولي واضح ومفهوم ، يلقي الاحترام والتقدير من المجتمع الدولي ،فهو تعامل يتميز:
1- الوقوف مع الحق والمصالح المشروعة للشعوب .
2- ربط السياسات الدولية بما يخدم المصلحة الوطنية ومصالح الأمة العربية .
3- التكيف مع الواقع الدولي دون الإخلال بالمنطلقات الفكرية للحزب أو الابتعاد عن الاستقلال.

ثانيا : الترابط بين الانجازات الداخلية وتطور المكانة الدولية
لايمكن الفصل بين ما حققه العراق من مكانة دولية متطورة وما حققه من منجزات على الصعيد الداخلي ، ذلك إن المجتمع الدولي لا يتعامل مع الدولة ككيان رسمي فحسب وإنما ينظر إلى مكانة الدولة نفسها لدى مواطنيها ، ومن ابرز هذه المنجزات :-

1- الثقة العالية والمطلقة بين الشعب والقيادة ، ذلك إن الدولة التي يقودها البعث هي دولة الشعب ، وليست دولة فوق الشعب أو غربية أو بعيده عنه.

2- استقرار النظام السياسي وشيوع الأمن داخل المجتمع العراقي مما أتاح الظروف الملائمة لبناء اقتصاد متطور وحياة اجتماعية مزدهرة للمواطنين.

3- بناء قوة عسكرية فعالة قادرة على حماية الوطن، وعلى دعم ومساندة قضايا الأمة العربية وخاصة فلسطين .

4- اعتماد مبدأ التعامل بالمثل وبصيغ التكافؤ في العلاقات الدولية ورفضه صيغ الاستقطاب والاحتواء التي دأبت القوى الكبرى على فرضها كنظام للعلاقات الدولية.

ثالثا :- السياسة الخارجية والحرب
العدوان الإيراني ألصفوي أعطى صورة مشرقة لسياسة العراق الخارجية وعززت سمعته في المحيط الدولي ، على النحو الأتي :-

1- ثبات النهج المستقل في التعامل الخارجي

فالحرب ورغم طولها الزمني، لم تؤثر على طبيعة النهج المستقل والطريق الخاص لتجربة البعث ، فقد احتفظ العراق طوال فترة الحرب بمرونة كبيرة في التحرك على الصعيد الدولي .

فالحرب أكدت استقلالية السلوك الخارجي للعراق وأثبتت إن العراق ليس له أي غطاء دولي وان مظلته الأساسية بعد الشعب ، هي الأصالة المبدئية والفهم العميق لطبيعة الحياة الدولية.

2- إنسانية الموقف العراقي خلال الحرب

وتجلى ذلك من خلال صيغ عديدة كالتزام العراق بقواعد القانون الدولي في معاملة اسري الحرب ورعايتهم ودعوته الجادة والمستمرة ومن موقع الاقتدار والنصر لإيقاف القتال والرغبة الصادقة في إقامة سلام دائم وعادل ومشرف يضمن حقوق العراقيين ويقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الداخلية للبلدين .

رابعا :- موقف العراق من الاحلاف الدولية والعسكرية خاصة
رفض العراق سياسة الاحلاف الدولية بوجه عام والاحلاف العسكرية بشكل خاص ،تعبيرا عن رفضه للانضواء تحت لواء أية كتلة دولية ، وقد أكد شهيد الحج الأكبر صدام حسين المجيد إن ( سياستنا ضد الاحلاف منذ إن أصبحنا بعثيين ) . ذلك أن الدخول في أي حلف عسكري دولي ، أنما يترتب عليه إضرار بالمصلحة القومية ، كما يفقد القطر الداخل في الحلف سيادته واستقلاليته ، ويورطه في نزاعات لا مصلحة للأمة العربية في الدخول فيها .وخلاصة القول أن اعتماد الثورة في العراق على مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي في رسم سياستها الدولية ، مكنها من بناء شخصية دولية متميزة للعراق حظيت باحترام المجتمع الدولي، ونالت إعجابه وتقديره ، وفي الوقت نفسه ، حققت نتائج في الوسط الدولي تخدم القضايا الوطنية والقومية .





الاربعاء ١٦ جمادي الاولى ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / شبــاط / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال أحمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة