شبكة ذي قار
عـاجـل










ترسم امريكا خطوطًا تعتقد ان اللف والدوران الكاذب والمخادع حولها، على أساس التوصيف التكتيكي، سيضعها في مأمن من الفضائح .. الأمر الذي يجعلها بائسة في سياساتها وتكتيكاتها ومزاعمها . والغريب في الأمر، أنها تصدق نفسها وتريد أن يصدقها الآخرون، ثم تكتم ضحكتها على أنهم قد بلعوا الطعم ولم يحسوا أن الماء يجري من تحت تبن، كما يقوله الأخوة المصريون .. بينما يراها الآخرون ونحن منهم بأنها بائسة ، وخاصة إصرارها على المضي في طريق ما ترسمه لها دوائر الصهيونية من خرائط للتقسيم كما تشاء وكما يطمح العبيد وأذيال الماسونية والصفوية الفارسية.

الأعلام الأمريكي على وجه الخصوص، والأعلام الأوربي بوجه عام ، يدور في معظم زوايا ماكناته المتخصصة بالأعلام والفكر والسياسة، على أساس الخط الأستراتيجي للمركز الذي يضع في حسبانه وحساباته أمن الكيان الصهيوني، وعدا ذلك يقع في باب التكتيكات والمناورات التي تقتضيها التحالفات الأقليمية والدولية .

دعونا نرصد بعض الأحداث كأفعال وبعضها الآخر كردود أفعال .. وكيف تكون عليه المغالطات وتشويه الحقائق ولي النتائج بإتجاه يخدم أطراف الصراع المعادي للأمة العربية وللدين الأسلامي الحنيف من جهة، وكيف يراد بهذه الحقائق أن تُقَزَمْ أو تُعَظَمْ أو تُهْملْ من على سطح الواجهات الأعلامية بما فيها الفضائيات وغيرها :

1- القانون الدولي يعترف بالقوانين الداخلية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة .. وان هذه القوانين مكفولة بتشريعات ودساتير .. ومواطنوا بلدان العالم المختلفة يخضعون لسلطات القوانين المرعية، ولا سلطان لأي قوة أو سلطة خارجية عليهم، سواء كان ذلك في أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا أو روسيا أو الصين أو مصر أو السعودية أو قطر أو أي دولة في العالم.

2- وإن شعوب العالم المختلفة تتعايش بين ظهرانيها قوميات وأديان متنوعة ، مسيحية ومسلمة ويهودية وبوذية ومذاهب لا تعد ولا تحصى .. وكلها يخضع للقوانين والتشريعات الداخلية على أساس المساواة والعدالة .. ولا سلطان لمذهب على مذهب آخر ولا دين على دين آخر ولا قومية على قومية أخرى تبعاً لما ينص عليه دستور الدولة .

3- ولما كانت الأديان المختلفة تنتشر في بقاع الأرض المختلفة .. فلا يجوز فرض وصاية دول اخرى عليها وكذا المذاهب والقوميات .. لأن في هذه الوصاية يقع التناقض القاطع مع سلطان الدولة المعنية على رعاياها ضمن حدودها السيادية والقومية وقوانينها التشريعية .. وفي هذا الجانب أمثلة واقعية :

- إيران .. يعيش فيها عدد من القوميات وعدد من الأديان وعدد من المذاهب .. فهل تسمح قوانينها ودستورها لأي دولة اجنبية أن تفرض وصايتها على الرعايا الإيرانيين على أساس المذهب الفلاني أو الدين الفلاني أو القومية الفلانية؟ حتماً .. ستقول إيران وسلطاتها أن مثل هذه الوصاية تعد تدخلاً في الشأن الداخلي الإيراني، وان هؤلاء الرعايا هم إيرانيون يخضعون لسلطان القوانين والتشريعات الإيرانية .. حتى إذا ما ظهرت مثل هذه الحالة نجد السلطات الإيرانية تحتج وتشكو الأمر إلى سلطات دولية ذات شأن سياسي أو قضائي؟ .. والتساؤل هنا .. لماذا تحتج إيران وتدفع إلى تصعيد الموقف وتشجع على الأضرار بمصالح الدولة السعودية بإضرام النيران في سفارتها في طهران المكفولة بالقوانين الدولية القائمة على الحصانة الدبلوماسية لمجرد معاقبة مواطن سعودي إرهابي يتبع مذهبها .. ألم يكن هذا التصرف تدخلاً سافراً في الشأن السعودي؟ ، ثم ينسحب الأمر في مثل هذه الحالة على الشأن العراقي والسوري والكويتي والأماراتي والعُماني والبحريني واليماني ودول المغرب العربي فضلاً عن الدول الأسلامية والأجنبية ايضا.؟!

- كان السيناريو الذي اطلقته ايران قد تم إعمامه على ( حسن نصر الله ، ونوري المالكي، ومقتدى الصدر، وباقي الرهط الطائفي التابع لأيران مع المليشيات الطائفية في العراق ) للقيام بما تقتضيه السياسة العدوانية الإيرانية من تظاهرات وتأليب الناس على العنف والأرهاب والتحرك السريع لتنفيذ تهديدات ( علي خامنئي ) و القادة الإيرانيون بالضد من السعودية المعتدى عليها .. ألم يكن ذلك اعترافاً واقعياً مؤكداً بترابط هذه التشكيلات والشخصيات الطائفية بقيادة الأرهاب في طهران؟ وبالتالي، ألم يكونوا أدواة جاهزة لتنفيذ أعمال الأرهاب كما تريده القيادة الفارسية في طهران.؟!

- لماذا يسكت الاعلام الأمريكي والغربي عن مثل هذه الحقائق.؟ ولماذا تصمت دوائر صنع القرار في العالم الغربي الذي تقوده أمريكا حيال ما يجري من عدوان إيراني صارخ على كل الأقطار العربية ومنها على وجه الخصوص العراق وسوريا واليمن والسعودية والبحرين وباقي دول الخليج العربي.؟ ولماذا يسكت مجلس الأمن على مثل هذه الخروقات ويكتفي كما هو حال أمريكا بمقولة ضبط النفس.؟ ولماذا لا تتحرك الجامعة العربية فوراً لتطلب من مجلس الأمن أو الجمعية العامة عقد جلسة طارئة لمعالجة العدوان الإيراني على البلدان العربية وخرق إيران لقواعد التعامل الدبلوماسي والقنصلي.؟

- الاعلام الأمريكي والأوربي يأخذ جزءًا من الحالة ويهمل الباقي وهو سلوك إنتقائي مقيت وفاضح، الأمر الذي يضع نفسه في خانة الأنحياز المكشوف المزري .. كيف؟ لا يقول هذا الأعلام أن العقاب السعودي شمل المذهب السني ( 43 ) عنصرًا إرهابيًا و ( 4 ) إرهابيين من المذهب الشيعي .. كما أن هذا الاعلام لا يقول أن الذين شملتهم عقوبة الأعدام هم من الأرهابيين ومن القاعدة ذاتها .. ألم تقل أمريكا أنها تحارب الأرهاب؟ وكذا حال الدول الأوربية وغيرها؟ فلماذا يسكتون ويمارسون الأسلوب الذي يناسب ستراتيجيتهم ويتركون الحقيقة الناصعة خلفهم، بل يحاولون دفنها بطريقتهم الخاصة.؟ .. تعدم إيران يومياً عشرات المواطنين العرب في الأحواز وهم من ( السنه ) ، ولم نجد من الدول العربية من يعلن وصايته عليهم، ليس الآن إنما منذ عقود .. كما أن مجلس الأمن الدولي والمنظمة الدولية والمنظمات المتخصصة التابعة لها لم تحرك ساكناً حيال خرق إيران الفاضح لحقوق الأنسان وللشعوب الإيرانية ذاتها، التي تشكل الأغلبية في إيران، فيما يمثل العنصر الفارسي نسبة 41% من مجموع الشعوب الإيرانية.!!

- يعترف ( جوزيف برود ) أحد الباحثين في معهد ( Foreign Policy ) ، بأن ( النمر كان في عقد الثمانينيات والتسعينينيات من القرن المنصرم قائداً في حزب الله الذي أسسته إيران في الحجاز، تلك الجماعة المسلحة في المنطقة الشرقية للسعودية ) وأضاف ( يتبع النمر وينفذ تعاليم خميني، وهو الذي أعلن أن الأسر الحاكمة في السعودية والبحرين والكويت فقدت شرعيتها ) واضاف أيضا ( ان النمر دعا منذ عام 2009 الى الخيار العسكري ضد السعودية ودول الخليج العربي ) .. ألم تسمع أمريكا بسلوك النمر هذا؟ ألم تسمع مخابراتها وإستخباراتها بمثل هذا السلوك والتصرف الأرهابي للنمر؟ وكما نرى أن الأدارة الأمريكية تسير بأتجاه يخدم إيران في المنطقة.!!

- خلقت إيران أذرع لها في العراق وجنوب لبنان وسوريا واليمن والبحرين وفي باقي الدول العربية منظمات إرهابية، فضلاً عن خلايا في الدول الأسلامية والأجنبية، وحسب الأهداف المرسومة لها، تحركها مقتضيات السياسة والأستراتيجيا .. هذه الأذرع - التي تصدعت مؤخرًا- تحركها قيادة الحرس والأستخبارات الإيرانية .. والغريب في الأمر تسكت أمريكا وأوربا ومجلس الأمن والأمم المتحدة وحتى الجامعة العربية، التي تقع على عاتقها مهمة دعوة الجهات الأممية المعنية إلى اجتماع فوري لمعالجة تعرض الأمن القومي العربي إلى الخطر الخارجي تبعًا لميثاقها .. والسكوت هذا هو تواطؤ واضح لا جدال فيه أبداً .. وهذا ما أدركته دائرة صنع القرار في المملكة العربية السعودية منذ أن حسمت أمر التدخل الإيران في الشأن البحريني عسكريًا، ثم حسمت أمر التدخل الإيراني في الشأن اليماني عسكرًيا بـ ( عاصفة الحزم ) لحماية الأمن القومي العربي، ثم بنت قاعدة للتحالف الأسلامي العسكري لحماية الدين الأسلامي وتراثه المجيد .. فالحالة الخطرة لا تقبل التأخير أو التأجيل أو الأعتماد على تطمينات الأصدقاء الكذابين المراوغين المخادعين وعلى رأسهم الأمريكيين .

- إن استنزاف قوة العراق ماديًا وبشريًا وقدرات منذ عام 1979 مرورًا بعام 1991 وعام 2003 وحتى الوقت الراهن، هو لصالح ما يسمى بـ ( الأمن الأسرائيلي ) ، وان عدوان إيران على العراق، الذي استمر ثمان سنوات يصب في ستراتيجية حماية ( الأمن الأسرائيلي ) ، وهو الأمر الذي يؤكد ان إيران أداة الأستراتيجية الصهيونية في التخطيط الأمبريالي الأمريكي حيال المنطقة العربية برمتها .. وما تجنيه إيران من أداتها الطائفية في هذا المخطط الصهيوني - الأمريكي هو إطلاق يدها في المنطقة .

خلاصة ما وراء التصعيد الإيراني ضد السعودية :

1- علينا أن لا ننسى أن الصراع في بعده الدولي في المنطقة يأخذ شكل ( الحرب بالأنابة ) بين أمريكا وروسيا .

2- وإن روسيا تريد أن تتخلص من أعباء الحرب وكلفها الباهظة في ( أوكرانيا ) وفي ( سوريا ) و إنفاقات منع تسلل الأرهاب الأصولي الى أراضيها عن طريق الأستباق في الفعل العسكري.

3- وإن مسألة أسعار النفط تأخذ هي الأخرى، شكلاً مستترًا قد ينتهي الى تدمير الأقتصادات الروسية والإيرانية وغيرها .. وكما توقعنا في مقال سابق، أن يصل سعر برميل النفط أقل من ( 30 ) دولارًا، ثم ينحدر إلى ( 15 ) دولارًا بعدها إلى ( 9 ) دولارات للبرميل الواحد .!!

4- وإن من مصلحة إيران وروسيا تصعيد الموقف والعمل المتعمد للأضرار بالسعودية وبدول المنطقة جميعها وجعلها ساحة لفعاليات العنف والتدمير، طالما النيران في خارج الحدود الأقليمية الأيرانية والروسية .. والهدف العملياتي هو إرجاع أسعار النفط إلى ما تطمح إليه روسيا وإيران .. فالأولى : ترى ضرورة أن يصل برميل النفط لحدود ( 100 ) دولار ليستعيد إقتصادها عافيته ويفي بالتزامات الدولة . أما الثانية : فترى أنه من الضروري جدًا إرتفاع أسعار النفط لكي تنعش ايران فعالياتها الأرهابية في المنطقة التي أصابها الأنتكاس والضمور والتراجع .

4- كما يجب أن لا ننسى إن سوق النفط وأحكامه الراهنة والمستقبلية تساعد بقوة على سقوط المشروع الفارسي وتساعد في حل أزمات المنطقة لأن كل فعاليات روسيا وإيران ترتبط بواردات النفط، فضًلا عن مبيعات الأسلحة .. وعلى هذا الأساس لا نستغرب من الآتي :

أوًلا- محاولة إيران استعراض عضلاتها الفارغة بإطلاق صاروخ وصل بالقرب من حاملة الطائرات الأمريكية ( uss-Harry Truman ) الشهر الماضي في مياه الخليج العربي .. وكانت أمريكا قد هددت بمعاقبة طهران بعقوبات ظلت في نطاق الأعلام ، ثم تراجعت حين قرر البيت الأبيض تأجيل فرض العقوبات .. وعفا الله عما سلف.!!

ثانيًا- فهل أن تراجع واشنطن هذا له علاقة بنيات موسكو تسليم إيران منظومة صواريخ ( S-300 ) المضادة للطائرات، على إعتبار أن الصراع الأمريكي الروسي بات يأخذ شكل الصراع بالأنابة.؟!

لا أحد يثق بأمريكا أبداً لأن مصلحتها فوق أي إعتبار للعلاقات الثنائية، وكذلك هي موسكو على حدٍ سواء.!!

 





الاحد ٣٠ ربيع الاول ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / كانون الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة