يتساءل كثيرون : هل تبخر جيشنا الوطني ؟
أين أولئك الرجال الذين خاضوا أشرس المعارك دفاعاً عن الوطن ؟
هل أصبحت مؤسستنا العسكرية العريقة في خبر كان ؟
أليس غريباً أن تغيب مؤسسة عملاقة بهذا التاريخ الكبير في وقت الوطن أحوج ما يكون إليها ؟

كيف يمكن أن نستوعب غياب مؤسسة مهنية لتحل بدلاً عنها مؤسسة طائفية تسوم الناس سوء العذاب وتشوه سمعة البلد وتجعلنا ممارساتها اضحوكة بين بلدان العالم؟

قد تبدو هذه الأسئلة مشروعة لمن لا يعلم الحقيقة، ولكنها مغرضة قطعاً لمن يعرف الحقيقة ويحاول التعمية عليها أمام الآخرين ..

منذ أول يوم للاحتلال ورجال جيشنا الوطني العقائدي لم يلقوا السلاح من يدهم أبدا .. قاوموا قوات الاحتلال وقاتلوها حتى طردوها، ولم يبخلوا على المقاومين الذين لم يسبق لهم أن حملوا السلاح بالتدريب، ولم يتركوا زاوية يعلمون أن وطنهم يحتاجهم فيها إلا ووجدتهم حاضرون مستعدون.

استشهد الكثير منهم، واغتال لقطاء المحتل الكثير منهم وقبع في معتقلات الاحتلال ووكلائه الكثير منهم، لكنهم واصلوا المقاومة وتكبيد المحتلين خسائر ثقيلة سيظل التاريخ يذكرها.

وكم أسعدني وأنا أقرأ أن نخبة من أبطال جيشنا الوطني يجتمعون في استنبول ، في ندوة كبيرة أقامها لهم مركز الخلد للبحوث والدراسات ، أطلق عليها اسم ( الندوة العلمية العسكرية الاولى ) ، وشعارها ( الجيش العراقي صمام أمان استقلال الوطن ) ، وغاية الندوة إعادة بناء المؤسسة العسكرية على وفق أسس مهنية وطنية لا مكان للمذهب أو العرق أو الطائفة فيها ، بغية النهوض بالعراق الذي أريد له أن يستباح ويتمزق أمام عيون الشرفاء، وكيف تغمض عين لشريف وهو يرى وطنه يذبح ؟

إن هذه الندوة هي الخطوة الأولى، والمشاركون فيها ليسوا نهائيون، فالندوات المقبلة ستشمل نخباً أخرى وأخرى من ضباط جيشنا الوطني ومنتسبيه لبناء جيش مهني وطني حقيقي لا أثر للدمج والمدموجين فيه، ولا وجود لمعمم أو جاهل أو طفل وضع أرفع الرتب العسكرية على كتفه، وهو لا يفقه من العسكرية الحقة حتى ضبط المسير بين ظهرانيه.

تحية لضباط جيشنا الوطني الذين تنادوا ليعيدوا الاحترام لمؤسستنا العسكرية استعداداً لزمان لا طائفية فيه ولا احتلال ولا وكلاء احتلال.

وأبشروا أيها العراقيون فجيشكم الذي عودكم على أن ينتصر لكم ولوطنكم لن يهدأ له بال حتى يعود العراق إلى سابق عهده بمؤسسات مهنية وطنية تكون سوراً للوطن.