شبكة ذي قار
عـاجـل










العالم يمر بأخطر مراحل حياته ,هذه المرحلة التأريخية التي تعيشها البشرية والتي تتميز بكونها نهاية مرحلة اللاتوازن و التي يجب أن تبنى على أنقاضها مرحلة التوازن الكوني. و تكمن خطورتها بسبب أن جميع التناقضات التي تعيشها البشرية وصلت الى نهاياتها ودخلت مرحلة الانفجار الكلي ولا مجال الى تأجيله أو تأخيره الا لسنوات معدودات, و هذا ما يجعلنا نقلق على ما سنشاهده ونعيشه من وضع انساني خطير قل نظيره في الحياة الانسانية. وذلك بسبب أن البشرية اليوم تستخدم أعلى ما وصلت اليه الانسانيه من تطور علمي, تقني وأسلحة دمار شامل بامكانها ابادة نصف البشرية وتحطيم بيئتها .

ولكن طبيعة التطورات الكونية و جميع المؤشرات و التناقضات القائمة اليوم على الساحة الدولية و على مستوى التحليل الجزئي و الكلي فان هذه العملية هي عملية ( process ) تطور تلقائي و قانون جدلي لا يستطيع كائن من كان أن يوقفه, ولكن من الممكن تأجيله, وفي نهاية الأمر فان عملية التغيير ستقع حتماً.

ان التناقض بين قوة العمل وأرباب المال العالمي والمؤسسات المالية العالمية التي تسعى الى تحقيق أعلى معدلات من الأرباح واستغلال قوة العمل بأبشع صورها داخل المنظومة الرأسمالية وفي الولايات المتحدة الأمريكية نفسها وصلت حدها النهائي.

كما أن التطور التكنولوجي والتقدم الهائل الذي حصل بشبكة الاتصالات الواسعة هي الأخرى أدت الى تفاقم أزمة البطالة في الدول الرأسمالية حيث أن هناك جيش من العاطلين عن العمل ولا يملكون الحد الأدنى من مستوى الدخل الذي يؤهلهم للعيش بالشكل الذي يحافظ على انسانيتهم, و بنفس الوقت تعاني اقتصاديات هذه البلدان من مشكلة ارتفاع الأسعار المستمر والتي يصعب حلها هي الأخرى, فظاهرة التضخم الركودي ( stagflation ) الذي يعاني منها الاقتصاد الرأسمالي, مما جعل الانسان في هذه الدول يعيش ظروفاً انسانية واجتماعية واقتصادية ونفسية في غاية التعقيد, مما يجعل جميع الظروف الموضوعيقة والذاتية مهيأة تماماً لعملية التغيير الجذرية المطلوبة انسانياً.

كما أن عملية التطورات التكنولوجية التي تمركزت بشكل خاص في البلدان الرأسمالية ولتي أدت الى تراكم رأسمالي ضخم جداً لدى هذه البلدان وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية, مما عمق الهوة الحضارية بين دول الشمال ودول الجنوب, كما أن التناقضات التأريخية بينها بدأت تتعمق اكثر فأكثر حيث أن دول الشمال ومنذ نشوء الرأسمالية تمارس الاضطهاد و الظلم وسرقة واستنزاف الطاقات المادية و البشرية لهذه البلدان واسغلالها من أجل تحقيق مكاسب مادية رخيصة بعيدة كل البعد عن شيء انساني وحضاري مستفيدة من تفوقها الاقتصادي والعسكري والعلمي والاعلامي وغيرها من الوسائل المتاحة السياسيية والقانونية من خلال هيمنتها على قرارات مجلس الامن والامم المتحدة ومؤسساتها الاخرى .

لقد وصل الامر بهذه التناقضات جميعها بين دول الشمال ودول الجنوب ودول الشمال فيما بينها الى حد الانفجار الحتمي .

ان هذا النهج الذي تنتهجه الولايات المتحدة الامريكية وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانفرادها بالعالم كأكبر قو أقتصادية وعسكرية يشكل تهديدا خطيرا جدا على مستقبل البشرية جمعاء, وسيعمق ويؤجج من حجم التناقضات الموجودة على الساحة الكونية كالصراع بين اليورو والدولار وبين دول الشمال ودول الجنوب , والصراع الطبقي داخل المنظومة الرأسمالية وداخل الولايات المتحدة الامريكية نفسها .. وان هذه الصراعات وصلت الى انفجار ذروتها وغير قابلة للتأجيل , انه وضع خطير جدا يقودنا الى أنفجار عارم ومخيف .

أن الانسانية بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى الى نظام دولي جديد ينسجم مع تطورها ويستوعبها ونظام يحقق لها العدالة الاجتماعية ومستوى من الرفاه الذي تحقق فيه أنسانية الانسان وينعم فيه بديمقراطية حقيقية غير مزيفة زنظام يتحقق فيه التفاعل الحضاري الانساني الذي يخدم الجميع .

وتأسيسا على ماذهبنا اليه , فأن روسيا صاحبة الآرث الحضاري للاتحاد السوفيتي السابق , والتي بدأت نعيد عافيتها الاقتصادية والعسكرية , تسعى وبكل ما تملك من قوة, أن يكون لها مكانا مهما , وأن تلعب دورا أساسيا في النظام الدولي الجديد الذي سيشكل حتما , والذي تريده أميركا ذو القطب الواحد تهيمن عليه لوحدها وروسيا مدعومة من الصين يريدون أن يكون لهم حصة بهذا النظام .

ولهذه الاسباب قأن التدخل الروسي في سوريا والمنطقة ليس حبا بالعرب أو ايران وغيرها من أدوات اللعبة الدولية القذرة ولا من أجل بقاء بشار الآسد في السلطة , وأنما روسيا تبحث عن مصالحها فقط , وتسعى أن تساهم في تشكيل النظام الدولي الجديد الذي بدأت بوادره بالظهور بعد تراجع الدور الآميركي في العالم .

ويضهر لنا جلياً بأنه تم اختيار سوريا والعراق والمنطقة العربية كمسرح لهذا الصراع الدولي .. فعليه وبناءً على ما تقدم يتطلب من جميع القوى الوطنية والقومية والاسلامية الوقوف صفاً واحداً وبقوة أمام أي تدخل أجنبي في المنطقة العرية والاسلامية وبالأخص سوريا والعراق مهما كان شكله ولونه, وأن نقف جميعاً ضد الأحلاف العسكرية المزمع تشكيلها كونها تؤدي وبكل الأحوال الى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة, وعلينا التحرك وندعوا الأمم المتحدة و مجلس الأمن والمنظمات الدولية وجامعة الدول العربية ونحذرها عن السكوت على مثل هذه التصرفات الهوجاء, كونها تشكل خطراً على المنطقة الحساسة من العالم وكذلك تشكل خطراً عظيماً على العالم بأسره, لأنها ستؤدي الى حرب عالمية ثالثة لا يحمد عقباها أن وقعت. هذا اذا علمنا أن الحروب تقع عندما يكون هنالك أزمة اجتماعية – اقتصادية مستعصية الحل فتعبر عن نفسها بلغة السلاح.. فاليوم العالم يعيش أزمة اقتصادية – اجتماعية مستعصية الحل متمثلة بالمؤشرات, البطالة والتضخم والجوع والمرض والحرمان والتهميش والاقصاء والاضطهاد والقتل واستغلال الانسان لأخيه الانسان .. كلها وصلت الى أقصاها فسيحدث الانفجار.





السبت ٤ محرم ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور محمد رفعت نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة