شبكة ذي قار
عـاجـل










اغرورقت عينيّ بدموع حرى في وداع الرمز العراقي الكبير عدنان عبد المجيد وزير الصناعة والمعادن الأسبق وأنا أحمل جثمانه مع الحاملين من وزراء النظام الوطني الذي سبق الاحتلال وكوادر الدولة والمديرين العامين وعراقيين يقيمون في العاصمة الأردنية عمان.

كان جثمان الفقيد مكفناً ومحمولاً على نقالة مستشفى.

ها هو عدنان عبد المجيد الذي كان ملء سمع العراق وبصره بانياً ومطوراً ودؤوباً نزيهاً طيب القلب واليد واللسان نودعه لا جثة هامدة وإنما حياً عند ربه يرزق.. إنه شهيد الغربة والمنفى القسري، وهو مسجل في دفتر العراق، كذلك، حياً يرزق فما أبقاه من صروح لم يستطع الاحتلال تدميره بالكامل وسيعيد العراقيون بناءه ليبقى عدنان عبد المجيد حياً في ذاكرة الأجيال محموداً ممدوحاً مذكوراً بفخر ما بقيت بصماته ماثلة للعيان، فهو من الذين بنوا الأساس الذي قام عليه البنيان.

ولكن قولوا لي، بربكم، بماذا ستذكر الأجيال المقبلة الغرباء الذين جمعهم الاحتلال من الزوايا العفنة المظلمة في العالم وفرضهم على شعبنا؟

لن تظل لهؤلاء إلا اللعنات الدائمة على لسان الأجيال ما طلعت شمس أو غابت..

في أثناء تغسيل الجثمان الطاهر للفقيد وكنا في صالة استقبال مستشفى الإسراء في عمان قلت للدكتور محمد مهدي صالح وزير التجارة في النظام الوطني، وكان يجلس إلى جانبه الفريق عامر محمد رشيد وزير النفط الأسبق إن العراقيين يذكرونك بالخير مع كل حادثة نهب أو سرقة يرتكبها وزراء التجارة الذين توالوا على الوزارة بعد الاحتلال وآخرهم ملاس محمد عبد الكريم الكسنزان الحسيني الهارب إلى إقليم كردستان بعد فضائح فساد، والقيادي في حزب الدعوة وزير التجارة السابق عبدالفلاح السوداني المطلوب للقضاء العراقي لإدانته بالفساد والذي رفضت محكمة سوانزي مشروع بيع نادي سوانزي سيتي البريطاني بأموال سرقها من الحصة التموينية للعراقيين.

الوزير محمد مهدي صالح يذكر العراقيون نزاهته وأنهم كانوا يتسلمون حصتهم التموينية أيام كان وزيراً للتجارة كاملة غير منقوصة، وفي الوقت الذي يشتري الوزراء الفاسدون بعد الاحتلال قصوراً فخمة وأبراج منيفة في أفضل عواصم العالم، يسكن الوزير محمد مهدي صالح في شقة متواضعة في عمان، وكذلك الفريق عامر محمد رشيد وسائر وزراء ذلك العهد الوطني الذي أزاله الاحتلال، ولك أن تقارن، وإن كانت المقارنة ظالمة بين السيف والعصا، بين الفريق عامر محمد رشيد العبيدي وبين حسين الشهرستاني، أو بينه وبين عادل عبد المهدي المعروف بين العراقيين بـ( عادل زوية )، إشارة إلى ضلوعه في فضيحة سرقة بنك الزوية وقتل حراسه، وبين أي مسؤول من ذلك العهد ومسؤول من هذا العهد الأغبر.

وعلى الرغم من جميع المحاولات الواسعة لشيطنة النظام الوطني ما قبل الاحتلال وشيطنة رجاله وكل ما يمت إليه، إلا أن العراقيين يعرفون الفرق بين التبر والتراب، وهاهم ينتفضون ويتظاهرون ويثورون على عملاء فاسدين نهبوا ثروات البلد ويذكرون بكل خير رجال النظام الوطني الذين لم يدخروا جهداً دون أن يبذلوه في خدمة شعبهم.

وكان الفقيد عدنان عبد المجيد واحداً من أولئك الرجال النزيهين الذين ودعوا الدنيا أنقياء الضمير نظيفي اليد وسيقابل ربه بهذا النقاء وهذه النظافة.

وداعاً يا شهيد الغربة يا أبا أحمد ولتنم قرير العين فعراقك سيعود إلى أهله وسيطرد الغرباء وجهودك وجهود كل من خدم الوطن وضحى من أجل سيادته وبنائه وتطويره محفوظة في دفتر العراق ومكتوبة بحروف متلألئة في صفحات ناصعة من صفحات التاريخ.

وداعاً وداعاً وداعاً فقد كفيت ووفيت وما تبقى يحمله رفاقك الذين مازالوا على قيد الحياة حتى يسلموا الراية إلى الأجيال المقبلة.





الجمعة ١١ ذو الحجــة ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / أيلول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة