شبكة ذي قار
عـاجـل










الأمم المتحدة / جنيف : استضافت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، اليوم 28/7/2015، الناشط الحقوقي ناجي حرج واستمعت الى شهادة موثقة عن ممارسات التعذيب في العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003 ولغاية اليوم. واكدّ ان السلطات العراقية وميليشياتها تمارس ابشع واقسى صنوف التعذيب ضد أبناء العراق ضمن سياسة ممنهجة باتت توجّهاتها الطائفية واضحة للعيان.

وأوضح، في شهادته التي قدّمها باسم عدد من منظمات المجتمع المدني، إن النمط العام الذي نراه في العراق له جذور في الثقافة والعقيدة العسكرية التي زرعتها قوات الاحتلال في القوات ( العراقية ) التي انشأتها ودربّتها على الممارسات الاجرامية. في حين تعكس ممارسات الميليشيات الإرهابية ما تدربّت عليه اثناء نشأتها الأولى في إيران واستمرار تأثيرات النهج الإيراني عليها من خلال اشراف فيلق القدس الإرهابي عليها.

ورأى ان تصديق العراق في عام 2011، على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة، لم يضع حدّاً لاستخدام التعذيب، بل على العكس، تؤكد الوقائع على الأرض حصول زيادة كبيرة تحت ذريعة الحرب ضد الإرهاب.

وأوضح إن النمط الشائع، اعتقال غير قانوني بموجب المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب ( سيئ الصيت ) رقم 13 لسنة 2005 مما يقود الى التعذيب فوراً، ثم إلى انتزاع اعترافات، تعرض على محاكمات غير عادلة وصولا لإصدار احكام بالإعدام، أو، كما في حالات أخرى كثيرة، يتعرّض المعتقلون الى الاختفاء القسري، أو الإعدام خارج نطاق القضاء.

وانه عندما تبدأ العائلات للبحث عن أبنائها المفقودين وطرح الأسئلة حول أماكن اعتقالهم، فغالباً ما تواجه بالاهانات والمعاملة اللاإنسانية. وفي بعض الأحيان يتم اعتقال هؤلاء ويجري ممارسة التعذيب ضدهم، إن لم يكن القتل.

فبالإضافة إلى التعذيب الجسدي للمعتقلين، هناك أيضا هذا العنصر من التعذيب الجسدي والنفسي لأسرهم، حيث قد تنتظر العائلات لسنوات دون أي معلومات.

وأوضح كيف ان الكثير من المعتقلين يلاقون حتفهم جرّاء التعذيب وانه غالباً ما يجري دفنهم في مقابر جماعية مجهولة لإخفاء سبب الوفاة، او تسليمهم لذويهم مع تقارير طبّية كاذبة تحيل سبب الوفاة الى أسباب أخرى ويُهدّد الاهل بعدم الكشف عن الجثث.

وعبّر عن الأسف في أن تقرير الدولة المقدم من قبل الحكومة العراقية الى اللجنة، ليس له علاقة بما يجري على ارض الواقع مطلقاً. فالتقرير يسلّط التقرير الضوء على مختلف الضمانات القانونية ضد التعذيب التي تتضمنها القوانين، ولكنه يفشل في تبيان حقيقة أن السلطات العراقية، بما في ذلك النظام القضائي، لا تلتزم بهذه القوانين المحلّية منها والدولية. واكدّ ان المهم هو عدم وجود القوانين التي تحظر التعذيب، وإنما الإجراءات المتخذة لضمان تنفيذ الحظر، وفي العراق، لا يتم اتخاذ مثل هذه التدابير الوقائية، على الإطلاق، ولذلك لا يزال التعذيب يمارس على نطاق واسع.

وانتقد المجتمع الدولي الذي يغضّ الطرف احياناً عن الانتهاكات التي تجري تحت ما يسمّى " الحرب على الإرهاب" وطالب الأمم المتحدة بان تقوم بجهد دولي فعّال في العراق ينقذ العراقيين مما يتعرّضون له. مبينّاً ان استخدام التعذيب في العراق لا تقوم به مجموعة واحدة من الجهات الحكومية، بل تمارسه عدّة مجموعات من السلطات تقوم بتنفيذ حملات الاختطاف والاحتجاز التي تنطوي عادة على استخدام التعذيب. وفي مقدّمتها وحدات الشرطة وقوات الأمن والمخابرات ووحدات الجيش، وجميعها تنفذ عمليات اختطاف وتعذيب على نطاق واسع.

وأضاف، انه عند النظر الى ما تقوم به الميليشيات، يصبح الوضع مأساويا حقاً. فهناك أكثر من 50 ميليشيا في العراق يمارس كلّ منها سلطة الاعتقال والاحتجاز والتعذيب والإعدام بإجراءات موجزة في كثير من الحالات. واذ يبدو ان هذا العدد المتنوع من الجهات الفاعلة قد يجعل من الصعب تحديد سلسلة القيادة والمسؤولية عن أعمال التعذيب التي تُرتكب لكن يبقى ان من مسؤولية الحكومة القانونية ممثلة بوزارات الداخلية والعدل ان تنهي هذه الممارسات الاجرامية. لكن، ولسوء الحظ ايضاً، فان هاتين الوزارتين، جنباً إلى جنب مع وزارة حقوق الإنسان تشجّعان فعلا ممارسات التعذيب بالإعراب باستمرار عن أن جميع المعتقلين هم ارهابيون ينبغي ألا يكون هناك أي رحمة معهم.

وأعاد السيد ناجي حرج الى الاذهان اعمال التعذيب التي جرت في سجن أبو غريب التعذيب الذي تحوّل منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، واحداً من أكثر السجون سيئة السمعة في العالم حيث ارتكبت فيه حالات عديدة من الانتهاكات الإجرامية السادية في ذلك السجن. واكدّ ان الأدلة تشير بصورة قاطعة إلى حقيقة أن استخدام التعذيب كان سياسة اتبعتها الولايات المتحدة خلال فترة الاحتلال، وان تقرير مجلس الشيوخ الصادر عام 2014 عن التعذيب تؤكد هذه السياسة. واعتبر بأن وزير الدفاع الأمريكي في ذلك الوقت، دونالد رامسفيلد، هو من أذن باستخدام بعض التقنيات مثل أوضاع مؤلمة، والحرمان من النوم والحرمان الحسي.

وانه حتى الآن فأن الحكومة العراقية تتنصل عن مسؤولياتها القانونية والأخلاقية ولم تفعل شيئاً لصالح ضحايا التعذيب في سجن أبو غريب.

كما تم تقديم صورة واضحة عن جرائم الميليشيات الموالية للحكومة تحت مسمّى ( الحشد الشعبي ) مؤكدّاً ان هذه الميليشيات تعمل في البلاد منذ الأيام الاولى لاحتلال عام 2003، لكنها نمت الآن في الحجم والنفوذ تحت ذريعة محاربة الارهاب. وفي كثير من الحالات، فإنها باتت توجّه دفة العمليات العسكرية وتمارس سطوتها حتى على القوات الحكومية التي باتت تخضع لها في كثير من الاحيان.

وشرح للجنة عمليات الاحتجاز والتعذيب للمدنيين العراقيين التي تقوم به في ظل دعم حكومي غير محدود وافلات من أي عقاب او محاسبة على تلك الأفعال التي يندى لها جبين الإنسانية.

وجرى عرض افلام فيديو لنماذج من عمليات بالغة الوحشية والحقد الاعمى ضد المواطنين، وما فيها من حرق وتمثيل بالجثث في ظل مشاركة واسعة من القوات الحكومية والميليشيات.

وختم السيد حرج شهادته بمطالبة المجتمع الدولي وفي مقدّمته هيئات الأمم المتحدة بان تحشد كل طاقاتها لمواجهة الجرائم التي ترتكب في العراق، وان تشكل لجنة دولية للتحقيق في كل ما حصل منذ الغزو والاحتلال الأميركي عام 2003 وصولاً الى يومنا هذا وتقديم كل الجناة الى العدالة والعمل على انصاف الضحايا وعوائلهم والسعي لتعويضهم عما لحق بهم من اضرار مادّية ونفسية.

ويذكر ان لجنة الأمم المتحدّة لمناهضة التعذيب هي احدى لجان المعاهدات الرئيسة في الأمم المتحدّة وتتخذ من جنيف مقرّاً لها. ويتركّز عملها على رصد إجراءات الدول الأطراف في اتفاقية منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاإنسانية او المهينة في تنفيذ التزاماتها لتحقيق اهداف الاتفاقية. وتتألف اللجنة من خبراء مستقلّون يختارون من مختلف قارّات العالم، وتقدّم نتائج اعمالها الى مجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان. وستقوم اللجنة هذا اليوم ( الأربعاء 29/7/ 2015 ) بفحص التقرير الرسمي الذي قدّمته الحكومة العراقية الى اللجنة ضمن التزاماتها ضمن الاتفاقية المذكورة





الخميس ١٤ شــوال ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة