شبكة ذي قار
عـاجـل










جوهر فكر البعث العظيم كان و مازال يهدف إلي خلق روح الانبعاث في الإنسان العربي و تحقيق سعادته غاية الفكرة من خلال تجسيد الأهداف الرئيسية في الوحدة و الحرية و الاشتراكية و جدلية هذه الأهداف كانت مرتكز رئيسياً في بناء الفكرة الأساسية و الجوهرية في الارتقاء بالإنسان العربي إلي حيث ينبغي أن يكون في مصاف التقدم و النهوض العلمي و المستند إلي الإيمان والإدراك لحقيقة أن الإنسان العربي يظل الإنسان الرسالي الذي يشرئب من بين الأمم في قيادة المنظومة الإنسانية و فق هذا التميز الذي خصنا الله به إذ أن كل الرسل و الأنبياء كانت رسالتهم تنطلق من ارض العرب ثم أن الغرب لم تشرق عليه شمس العلم و قيم العدل إلا عبر الشرق الذي كان ملهماً للإنسانية و قد أدرك القائد المؤسس رحمه الله ورفاقه من الرعيل الأول للبعث أن حالة الخفوت العلمي و الاستعمار الغربي و حالة الوهن التي تعيشها الأمة ما كان لها لتكون ماثلة إذا لم يحقق الغرب جملة من الشروط أهمها الضرب علي عصب الوحدة و بالتالي العمل علي العبث في مقدرات الأمة عبر هذا التجزيء .

بهذا التحدي يمكننا أن نطلق على ثورة السابع عشر الثلاثين من تموز أيقونة الثورات العربية و ثورة السيادة الوطنية الكاملة بكل مفاصلها ومشروعها التحرري، هكذا يمكن ان يقال عن ثورة 17-30 تموز 1968م لأنها لم تأتي و هي تحمل طموحاً للحكم فقط و لم تكن إنقلاباً علي نظام فاسد و حسب بل كان تحمل مفهوم الإنقلاب من منظور فكري و هي ثورة علي كل ما يكبل المجتمع العراقي و هي ثورة أرادت ربط نهوضها بمشروعها القطري كواحد من الاشتراطات للنهوض بالأمة العربية لأن العراق سيصبح القاعدة المحررة من خلال بناء المجتمع وبناء دولة قوية تستطيع حماية المجتمع من كل مايخطط له واستطاعت الثورة تحطيم كل القيود التي كانت تفرض على المجتمع وعلى العراق بصورة قصرية من خلال استنزاف كل مقومات العراق الاقتصادية والبشرية ...

هي أيقونة الثورات العربية لأن ثورة البعث العظيم في العراق ظلت مشروعاً متكاملا في بناء المجتمع علي كافة الصعد فقد أدرك البعث أن أولى المشاكل التي تواجه الإنسان العربي هي الوحدة علي الصعيد المجتمعي و الفكري و الجغرافي و بالتالي فأن أول ما أقدمت عليه الثورة هو محاربة الظواهر السالبة في المجتمع من التكتلات الطائفية و الجهوية و سعت إلي جعل الكل ينتمي إلي العراق الواحد الموحد تحت قيادة و راية البعث بعيداً عن أي انتماء أخر من شانه أن يسهم في ضرب الوحدة الوطنية العراقية و لذلك كان التصحيح سريعاً عبر بتر كل الأطراف التي كانت تعيش علي الو لاءات المناطقية و الطائفية حيث جاء التصحيح في 30 تموز ليعزز من مصداقية الثورة إذ أن البعث لا يهادن و لا يساوم علي الثوابت الوطنية و القومية ، و لأن معركة الثورة كانت مفتوحة مع أعداء الأمة لإدراكهم أن هذه الثورة غير كل الثورات التي حدثت في الوطن العربي إذ لا سند غربي لها و تعتمد في الأول و الأخير علي القدرات المحلية في إحداث التغيير لذا كان بناء المجتمع علي أسس متينة القاعدة التي علي أساسها يمكن البناء لكامل المشروع الذي كنه و حقيقته تتمثل في الإستقلال التام من أي سيطرة لقوى خارج حدود الوطن و هذا بالضرورة لابد أن يكون مبني علي إستقلال سياسي و هذا ما تحقق عبر وطنية الثورة و خلوها من الشوائب التي تجعل منها عرضة للتدخل الأجنبي عبر التطهير الذي أحدثته قيادة الحزب من خلال التصحيح في 30 /07/1968م

ثم أن المعركة مع الغرب الاستعماري و الإمبريالية والصهيونية العالمية كانت في الدرجة الأولى قائمة علي أساس أن الغرب يهدف إلي توظيف الموارد الوطنية للأقطار العربية طوع قدراته في الاستفادة منها عبر سلسلة من الاتفاقيات المخلة مع الأنظمة العميلة التي تحكم بالوكالة عن المستعمر فأن هذه المعركة كانت الأشرس و الأقوى و كانت تحتاج إلي قدرات فائقة من التخطيط و العمل علي خلق البدائل المناسبة حيث أن اغلب الصناعات النفطية لا يمكن التعامل معها بعيداً عن الحاجة إلي الشركات الغربية و لكن هذا يلزم خلق قواعد متينة للعمل وفق شراكات عادلة و منطقية بعيداً عن إستغلال ثروات البلاد .

ثم أن كل الاختلال في معادلات الشراكة في إطار التفاعل الإنساني الذي هو ضرورة للتعايش في هذا الكون كان هذا الاختلال ناتج عن عدم وجود القدرات و المؤسسات العلمية التي تهدف إلي بناء الإنسان وفق اشتراطات كل مرحلة لذا كان علي البعث طالما كانت مرتكزات الفكرة لديه و أهدافه الرئيسية تهدف إلي النهوض بالإنسان العربي علمياً و فكرياً و اقتصاديا حتى يغدوا قادراً علي الإسهام في قيادة الإنسانية عبر دوره الرسالي فأن هذا كان يلزم القيام بثورة علمية شاملة النهوض بالمستويات العلمية لمؤسسات التعليم و العمل علي جعل المنهاج الدراسي ينسجم مع الغايات التي من أجلها قامت الثورة من أجلها و لذلك فأن التخصصات التي نشأت عقب قيام الثورة كان تعبر عن حاجة ملحة للنهوض بالقطر العراقي و من ثم ربط هذه النهضة بالمشروع القومي لرسالة البعث الخالدة .

و الإهتمام بالتعليم أصبح جلياً من خلال إنشاء مدارس وجامعات جديدة ومتطورة ودعم وتطوير ما هو قائم منها، وأصبح التعليم دون أي مقابل مادي بالكامل من رياض الأطفال حتى الدراسات العليا، كما انه كان يوفر السكن والكتب للطلاب دون مقابل، كذلك كان يوفر بعض المخصصات المالية للطلبة العراقيين الدارسين في غير محافظاتهم، في ثورة تعليمية لم تشهد الساحة العربية مثيلا لها في تاريخها.

و العراق كان متقدماً في مجال المعامل و المختبرات و المراكز البحثية و ربما يكون العراق البلد العربي الوحيد الذي أدخل دراسة الحاسوب كتقنية متقدمة في النصف الأخير من سبعينات القرن العشرين .

أما الحديث عن تعليم الكبار (محو الأمية) فهذا يعد مفخرة للعراق و للبعث فقد حرص الحزب ومنذ البداية على أن يقضي على هذا الوباء المتأصل و العضال في مجتمعاتنا العربية واستطاع العراق القضاء على هذه الظاهرة وباعتراف مؤسسة اليونسكو وغيرها من المؤسسات الأممية، كان ذلك في السبعينات والثمانينات حين بلغت الأمية في الأقطار العربية الأخرى نسباً جاوزت 50% ، أما في العراق فقد تدنت إلى أعشار الواحد في المائة وأصبحت غير موجودة بهذه النسبة الضئيلة .

كل هذا و ذاك يشير بوضوح إلي أن مركز اهتمام البعث كان الإنسان العربي حيث أن نهضته غاية تحقق الغاية الأسمى و هي دوره القيادي المأمول في إطار دوره الرسالي الأزلي.

و لأن بناء الإنسان و توفير كل مستلزمات تقدمه من مؤسسات علمية و مراكز بحثية و حياة مستقرة لابد من أن تتوافر لها الشروط الاقتصادية في ظل احتكار الغرب لكل المعلومات العلمية و أسرار الدراسات و البحوث العلمية فأن هذا كان يلزم له تحرير الاقتصاد العراقي من تبعية الغرب و خصوصاً بريطانيا وامريكا التي كان تعبث بالاقتصاد الوطني العراقي عبر عملائها الذين كان تعول عليهم و من هنا يتضح أن المعركة لم تكن سهلة بكل المقاييس إذ أن معركة تحرير الإقتصاد الوطني كان معركة طويلة الأمد فأن القيادة أدركت من أن الإقدام علي هذه الخطوة سوف يجعل المعركة مفتوحة مع الغرب و الإمبريالية العالمية لذا كان من الضروري الجاهزية لهذه المعركة التي سيمتد أمدها لذا جاء قرار تأميم النفط العراقي حازماً و حاسماً في ظل استعداد تام لتداعياته في الاول من شهر حزيران 1972م و الثورة في قمة عنفوانها الثوري .

عائدات النفط بعد تأميم النفط العراقي و الذي كانت حكرا على الشركات النفطية الإحتكارية، أصبحت هذه العائدات تصب في الخزانة العراقية مما وفر مبالغ كبيرة لتخدم عملية البناء والتنمية في هذا البلد انسجاما مع مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي (نفط العرب للعرب)

من منطلق مبدئي في المقام الأول و لتوحيد كل طاقات الشعب العراقي في خندق معركة البناء والتنمية ولضمان وتعزيز الوحدة الوطنية العراقية فقد قامت قيادة الحزب في 11 آذار من عام 1974 من تطبيق اعلان آذار بمنح الأكراد حكما ذاتيا كان من أهم ما أشتمل عليه إحياء اللغة الكردية وتدريسها في مدارسهم، إنشاء الإذاعة الكردية أيضا، كما تم تأسيس المجلس التشريعي والتنفيذي للأكراد، حيث انفرد العراق من بين دول المنطقة في الاعتراف بالحقوق الكردية و هذا الإجراء جعل كل طاقات الشعب العراقي في بوتقة واحدة لخدمة المشروع القومي الكبير الذي كان العراق قاعدته المحررة .

و من هنا نلاحظ كيف أن الثورة حققت أهم شرطيين للمشروع الوطني العراقي الذي مثلته ثورة تموز المجيدة و بما أن الوحدة المجتمعية قد تحققت عبر الكثير من اللقاءت و المؤتمرات التي كانت تهدف إلي بناء الشخصية العراقية المنتمية للوطن دون أن يكون للإنتماء الديني و الطائفي و الإقليمي أي أثر فأن هذا الأمر قد جيش الشعب العراقي كله في منظومة و احدة قوامها الوحدة الوطنية و العمل علي النهوض بهذا العراق أرضاً و إنسان ....

و في ظل الإنسجام مع أهداف البعث الحقيقة في الوحدة و الحرية و الإشتراكية كان علي قيادة الثورة أن تفكر بأتجاه خلق مناخ ديمقراطي عبر الشراكة مع القوى السياسية الوطنية في العراق و لهذا جاء إنشاء الجبهة الوطنية والقومية التقدمية العمل على إشراك كافة شرائح المجتمع العراقي المختلفة في أمور السلطة والدولة، من خلال الجبهة الوطنية والقومية التقدمية، التي ضمت إليها الأحزاب الشيوعية والقومية والكردية والوطنية، وأعطيت هذه الأحزاب رخصة إصدار صحف تعبر عنها، ومنحت حرية التنظيم بين الجماهير، ليكون الحزب هو القائد و بهذا الشرط حقق شرط العمل الديمقراطي الذي يؤمن بالشراكة مع القوى الوطنية الأخرى بالإضافة إلي أقليم كردستان العراق الذي يحمل الخصوصية الإقليمية في إطار العراق الواحد الموحد

كما أن الثورة كانت حريصة علي ان يكون للعمل الجماهيري حضور فقط سمحت و شجعت بأنشاء النقابات و الهيئات للمنظمات الجماهيرية في وقت كانت أغلب الدول العربية تنزعج من الأنشطة النقابية و العمل النقابي كان يعد جريمة بحكم القانون فأن العراق أقام هذه النقابات للطلاب و الأطباء و المهندسون و المرأة و الشباب و المحامون و المزارعون و هذا عزز دور الجماهير في تفيذ برامج الثورة الطموحة في النهوض بالإنساسن العراقي عبر التثقيف و تمليك الشباب أدوات العمل في الوسط الجماهيري ...

العراق قام ببناء أكبر جيش وطني في العوطن العربي و نهض بالمرأة العراقية و خلق جيش من العلماء في كل مضامير العلم والمعرفة كل هذه المقومات النهضوية جعلت منه عرضة للإستهداف و من يظن أن الحراب العدوانية التي خلقت حكومات الإحتلال المتتالية أنها كانت وليدة أحداث الكويت يظل غير مدرك لحقيقة الصراع التاريخي بين ثورة العراق و البعث العظيم مع الغرب الإمبريالي ...

عاشت ثورة تموز و الرحمة لشهداء البعث و لقائد نهضة العراق شهيد الحج الأكبر التحية للرفيق الأمين العام المجاهد عزة الدوري و الحرية لكل معتقلي البعث في سجون حكومة الإحتلال ....
 





الجمعة ١ شــوال ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ابو مآب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة