شبكة ذي قار
عـاجـل










إن أول ما يجب أن نتبينه هو الفارق بين حزب البعث العربي الاشتراكي وبين الاحزاب السياسية الاخرى التي نشأت وبقيت أحزاب سطحية تعالج شؤون أمتنا بشكل جزئي وسطحي وتقلد الاحزاب السياسية الاخرى في العالم الحديث دون تبين الفارق الكبير بين المرحلة التي تحيها أمتنا والأمم الاخرى .

فأمتنا في طور البداءة والامم الاخرى قد مضى على بداءتها عصور ، فهي، قد أرتفعت وتجددت وأنبعثت ، وما تتطلبه أمتنا ليس ولن يكون لأمد طويل أصلاحا جزئيا ومعالجة سياسية . أن ما تنتظره امتنا هو البعث ، فالبعث هو التجدد من الداخل، هو الثورة التي تبدأ في النفس قبل المجتمع، هو الانقلاب على السجايا الدنيئة في الانسان قبل الانقلاب على الاحوال الفاسدة القائمة في مجتمع بلادنا . البعث هو توحيد الشخصية العربية قبل توحيد الامة العربية ، وكل من يدعي البدء بالعكس وأن مشكلتنا ليست سوى مشكلة خارجية هي توحيد بلاد وأقطار وأيجاد نهضة لها، أنما هو بمثابة الدجال أو الجاهل . فلا يمكن أن يتحقق أنقلاب خارجي في المجتمع ما لم يسبقه أنقلاب داخلي نفسي ، وما لم يؤد هذا الانقلاب الى تحقيق نفسه في المجتمع .

رسالة لا سياسة :
وبهذا المعنى ليس حزب البعث حزبا سياسيا فقط، ومنذ نشوئه قال القائد المؤسس رحمه الله يصفه بكلمته المأثورة ( رسالة لا سياسة ) رسالة قومية تقوم على مباديء القومية العربية التي لا يمكن أن تنهض أمتنا الا عليها وعليها وحدها .. القومية العربية التي تحل محل الرابطة العائلية والطائفية والعشائرية والاقليمية . فليس من بعث ولا من نهضة سورية فقط ولا عراقية فقط ، أنما البعث هو البعث العربي .. ان من واجبنا – وهذا من شأننا – أن نرفع دوما من هذا المستوى، أن نرفع مستوى السياسة الى مستوى القومي اذ لا يمكن ان يتم شيء في هذه البلاد أذا لم نرتفع الى هذا المستوى .

دعوة موحدة :
فحزبنا يمكن أن نسميه دعوة، دعوة قائمة على التوحيد القومي وعلى محاربة كل ما يعرقله ، فنحن حرب على الطائفية والعشائرية والقطرية. واذا كنا حربا على الاقطاعية والرأسمالية فلانها هي التي تهبط بالمستوى القومي وتريد أبعادنا عن المستوى العربي الراقي . ولبلوغ هذا المستوى ، مستوى التوحيد القومي ، حدد حزبنا أهدافه الثلاثة فقال بالوحدة العربية والحرية والاشتراكية ، وربط بعضها بالبعض الآخر دون تفريق، وعرّف الناس بأنه لا يمكن أن يتم هدف من هذه الاهداف مالم يرتبط به الهدفان الآخران ، فنحن نؤمن بأن لن تكون وحدة دون حرية ، ولن تكون حرية من غير اشتراكية ، ولن تكون الاشتراكية من غير حرية ووحدة عربية .

أرتباط الاهداف الثلاثة :
وهذه الاهداف الثلاثة يجب أن تمشي جنبا الى جنب لانه أذا سبق أحداها الهدفين الآخرين ضللنا عن الطريق ودخلنا في طريق الطغيان ، فالوحدة قد تخيف لولا أن فيها روح الحرية، والحرية قد تخيف وتميع لولا أن فيها اشتراكية . وقوميتنا ليست بالقومية العنصرية. ما دامت الحرية فيها أساسا ومرتكزا، فهي بطبيعة الحال أذن متصلة بالوجدان الانساني الذي لا يمكن أن يكون الا في صدر الانسان الحر، والحرية لا يمكن أن تكون أكثر من لفظ أذا لم تتحقق المساواة بين الافراد، فأنا الفقير أعيش الى جانب الغني ، فكيف يستطيع أحدانا أن يدعي أن كلينا حر ، وأن هذين الشخصين يعيشان بظروف واحدة ويتمتعان بالحقوق نفسها؟ .. فالاشتراكية أذن عنصر أساسي في الحرية الحقيقة ، والحرية الحقيقة هي ، في الوقت نفسه ، طريق سليم وصحيح لتحقيق الاشتراكية ولذلك نجد الاهداف الثلاثة مقترنة دوما في شعار واحد : وحدة حرية اشتراكية .

لا مساواة بين الاحزاب :
يجب أن يتبين أصدقاؤنا وأخواننا عندما يريدون المقارنة هذا الفرق الكبير بين الاحزاب ، فنحن نفتخر بأن حزبنا يختلف اختلافاً نوعياً عن الاحزاب الاخرى . لانه هو الحزب الوحيد الذي يريد أن يدخل في مجتمعنا الراكد الفاسد روحا جديدة تبعث الامة من رقادها وتحركها في طريق النهضة والتقدم. حزبنا يريد أن يدخل في مجتمعنا الراكد حياة جديدة لا يمكن أن تكون الا عن طريق بعث داخلي وثورة داخلية : هو التيار الذي يريد أن يعصف بالاسس التي يموت عليها مجتمعنا الحاضر، وهو التيار الجديد الذي يجب على أخواننا أن يفسحوا له المجال وأن يدفعوه الى الامام تجاه المقاومة الضارية في معناها الحقيقي تخريب ، والرجعية كذلك، وحزبنا : البعث العربي الاشتراكي هو حزب بناء .

علاج جذري :
الحقيقة هي أن أمتنا لا يمكن أن تنهض عن طريق الاصلاحات الجزئية أو السياسية ، بل يجب أن ننظر الى مرضها نظرة شاملة ونضع له علاجا جذريا ، والا فالمحاولات كلها عقيمة . وما يقال عن توحيد البلاد العربية وعن طرد الصهاينة وتفكيك كيانهم لن يكون أكثر من شعارات وكلام. فقبل أن تتوحد نفوسننا ، لا يمكن أن توحد أمتنا ، وقبل أن نوحد أمتنا لا يمكن في يوم من الايام أن نطرد الاستعمار. فحزبنا ينشر هذه الدعوة بين جماهير الشعب ، والحزب باق لافهام الشعب لانه آمن أنه من دون أن يعي الشعب حقيقة مرضه والدواء الذي يصفه حزبنا لهذا المرض ، فلن يستطيع حزبنا أن يفعل شيئا . والحزب باق لافهام الشعب حتى يحقق بيده ، لا الحزب وحده ، أهدافه القومية .






الخميس ٨ رمضــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / حـزيران / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال أحمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة