شبكة ذي قار
عـاجـل










من تداعيات الغزو والاحتلال الأمريكي - احتلت مدينة بغداد كباقي المحافظات العراقية - وان كان الامر في كردستان العراق يختلف كليا" لان التواجد الاجنبي الامريكي ومن تحالف معهم كان بقبول قيادة الحزبين الكرديين على اثر العدوان الثلاثيني 1991 وما تم تسميته بخطوط العرض والطول من اجل ايجاد الملاذ الامن وحماية الشعب الكردي ، ووقع العراق تحت الاحتلال بعد حرب غير متكافئة ابتدأت في العشرين من آذار 2003م ولغاية 9 نيسان 2003 حيث تمكن الامريكان ومن تحالف معهم من النظام الوطني العراقي الذي حكم العراق 35 عاماً شهد العراق فيها أشجع قرار وطني بتأميم شركات النفط الاجنبية العاملة بالعراق ماعدة الشركات الفرنسية تكريما" للموقف الفرنسي ، والتنمية الانفجارية ، والقضاء على الامية ، وبناء الجيش العقائدي المحترف والمهني ، والارتقاء بالعراق ليكون على مقربه من العلوم والتكنلوجيا باطلاله انتاجية تحتاجها الامة العربية لايجاد التوازن الاقليمي وتمكينها من القدرة على التصدي واسترجاع الحق المسلوب ، وإذا كان هناك اختلال قد حصل في توازن القوى فإن ثمة واقعاً جديداً قد نشأ بفعل الاحتلال ،

وثمة مفارقات وإشكالات قانونية وسياسية خطيرة رافقت هذا المشهد ولعل أبرزها انهيار الدولة التي عمرها الحديث ثمانون عاما" ولها دور في عصبت الامم وخلفها الامم المتحده حيث يعد العراق من الدول المؤسسة ، وتكريس الفوضى واللاقانونية بكل الاجراءات والافعال ومن اقربها مثالا" الاحزاب المتسلطه على العراقيين الناهبة لثرواتهم المقامره بدمائهم وأمنهم لايحكمها بل لايجيزها قانون يحدد الاحزاب المشروعة وانظمتها وتمويلها ، ان المقصود بانهيار الدولة هو تفكيك الدولة العراقية التي تأسست في عام1921م أو إلغائها وهو الوصف الاسلم والمتطابق مع الواقع الجديد ، بعد أن كانت تضع بصماتهاعلى كل شيء وتكاد هيمنتها ان تكون مطلقة على الحياة السياسية والحزبية والاجتماعية والمهنية وحتى الحياة الشخصية لم تنج من تدخلاتها وترافق التمكن من النظام السياسي العراقي بفعل الغزو والاحتلال وغياب الدولة مع تعريض الاستقلال الوطني إلى الضياع بفعل وقوع العراق عمليا تحت الاحتلال { الأمريكي - البريطاني - الصفوي } ولرب سائل يعترض على هذا الوصف فجوابي المتواضع له { ماذا يفسر فتح الحدود العراقية الايرانية على مصراعيها بدون اي وثيقه وتأشيره ومده محدد للداخلين والخارجين والقوات الامريكية البريطانية ومن تحالف معها لابعد سوى امتار عن المنافذ الحدودية الرسمية او ما تم افتتاحه من قبل الاحزاب الطائفية لتتمكن من ادامة زخمها المليشياوي تدريبا" وتسليحا" وتجارة غير مشروعه الغرض منها ربط العراق كليا" بالسوق الايراني } ،

وتأسيساً على ذلك تعرضت السيادة الوطنية إلى التعويم بحكم غياب الدولة ووقوع البلاد تحت نير الاحتلالين ، وبالتالي انعدام وجود جهة تمثيلية ناطقة باسم العراق تأخذ على عاتقها تمثيله في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ، وحتى ولو كان بصورة مؤقتة لحين اختيار حكومة شرعية مقبولة شعبيا" وممن هم من اهل الداخل الذين لايرتبطون باجنده خارجية اوجبتها وأحكمتها سني تواجد من جاء مع الغازي المحتل والذي تشهد لهم دهاليز وابواب مخابرات الدول خيانتهم وتأمرهم على الوطن ترابا" وشعبا" ونجم عن الاحتلال وغياب الدولة فراغ دستوري ، إذا أبطل فعلياً الدستور النافذ والصادر في 16 تموز 1970م عن مجلس قيادة الثورة وبموجبه كانت تجري الحياة السياسية والاجتماعية بانسيابيتها وقانونيتها ان كانت على مستوى المجلس الوطني او مؤسسات الحكومة التنفيذية والقضائية ، وتم الغاء عدد غير قليل من القوانين والأنظمة والتعليمات ولم يحل محلها فعليا منظومة قانونية بديلة ،

في حين أخذت قوات الاحتلال تمارس السيادة الفعلية على الارض وتطلب من السكان المدنيين الامتثال لأوامرها وتعليماتها ، خصوصا بعد أن صدور قرار رقم 1483 الصادر في 22 / 5 / 2003 م من مجلس الامن الدولي الذي فوض مسؤولية ادارة العراق بيد الاحتلال {{ يعترف مجلس الأمن بأن قوات الاحتلال - يشار اليها بالسلطة - لها سلطة ومسؤولية وواجبات محدودة بموجب القانون الدولي }} ورافق غياب الدولة وكما ذكر سابقا تعويم السيادة وضياعه الاستقلال الوطني بفعل الاحتلال الى جانب غياب الأمن الذي كان نتيجة للفراغ الدستوري وغياب الأجهزة العسكرية والأمنية ومؤسسات الدولة الأخرى التي أصدر الحاكم المدني الامريكي لبغداد المتصهين بريمر قرار حلها يضاف الى ذلك غياب لافت لأي تطور في الفكر السياسي لان كل من جاء مع المحتل ان كان حزبا" او تيارا" او كتله محكوم بعقدة الانتقام من العراقيين الوطنيين لدورهم المشرف في الدغاع عن العراق وتصديه للافكار الشعوبية الطائفية المقيتة والتعبير عن ارادة اسياده ومن زرعهم في العراق ، حيث انعدم كل تجديد في الحقل السياسي المنعكس مباشرة على شكل النظام والممارسة السياسية ، وانتشار التناقضات البنوية للمكونات الاجتماعية ،

من جانب ومن جانب اخر غياب التنمية والضعف الاقتصادي المتعمد ، فلم تتشكل الدولة على حساب منطق التعبير عن الوحدة العضوية والمؤسسة الوطنية التي تمثل كل البنى الاجتماعية بداخلها أي بمعنى اخر فوجئ العراق في مواجهة وضع جديد ارتكازه على عقلية المكون والطائفة والمذهب والمحاصصة والمناطقية ولاوجود لمفهوم المواطنة والوطنية والكفاءة ، وهذا التوجه الجديد في احكام العلاقة فيما بين الحاكم والمحكوم لم يكن معروفاً طيلة العقود الثلاثة الماضية فصحة تواجد حظر لوجود رأي مخالف لرأي النظام السياسي لانه نتاج جهة تريد الشر بالعراق ولايعبر عن ارادة وتوجه العراقيين غير أنه مع الظروف الجديدة الذي انتج عن ارادة الغازي والمحتل والعملاء وجد العراقيون أنفسهم أمام انفلات سياسي وفراغ لايحسدون عليه ، إذا أصبحت الساحة السياسية الداخلية مباحة لكل من يريد أن يؤسس حزباً أوينشئ تكتلاً سياسياً ، الأمر الذي افرز عدداً من الظواهر جسدت بشكل أو بآخر حالة الفوضى والانفلات السياسي ومنها تعدد الجهات والقوى المشرفة على الأحزاب وأن جلّ هذه الجهات هي خارجية الى جانب تعدد الأحزاب وتضارب توجهاتها السياسية، فمنها الشيوعية ، الطائفية ، والدينية ، العلمانية ، الاقليمية والوطنية وغيرها فبعد دخول الاحتلال أصبحت عملية تأسيس حزب لا تحتاج إلى أي موافقة من أي جهة حكومية ، باستثناء التمويل اللازم ، والرغبة في أداء دور سياسي والمتمثلة بالأحزاب ، التي ارتضت بالوجود الأمريكي السياسي وتعاملت معه ، طالما هذا الاخير يمنحها شرعية المشاركة بالعمل السياسي الرسمي في المرحلة الراهنة وكمثال على ذلك الأحزاب الطائفية والاقليمية.

ولكن هذا الوضع لم يمنع من وجود الأحزاب التي عارضت الوجود السياسي الأمريكي، ولم تتمتع بأي مشاركة في العمل السياسي بسبب هذا الموقف ، ومثلتها قوى المؤتمر التأسيسي حيث بلغ عدد الاحزاب والتيارات ومسمياتها لايقل عن 6000 اي أن من هب ودب وحلم بليله أصبح قائدا" لحزب أو مجموعه ولاعيب على حرفة او مهنه هناك روايه واقعية {{ ان احد من ارتد ان يكون له حزبا" جمع صباغي الاحذيه والرقاعين واجر لهم كوستر وأخذ يتجول في الازقه والشوارع ليطرق ابواب البعثيين مطالبهم بالسلاح الحزبي الموجود عند ابنائهم ونتيجته المتاجره به مع اقليم كردستان او تهريبه الى ايران ليباع على المليشيات كي يدفع مبالغ لمن جمعهم وتظاهر بهم وفتح مقراط له ليكون اليوم عضو مجلس الذئاب المتعيش على دماء وامن العراقيين }} اما بخصوص الفوضى التي عمل الغازي المحتل بها فقد شملت عمليات النهب والسلب والتخريب للمتاحف والآثار والمجمع الطبي وصروحا ثقافية وتاريخية ، كما طالت محفوظات وكتب ووثائق نفيسة ونادرة في المحفوظات العثمانية القديمة والتي توثق التأريخ العراقي ، وايضا سجلات التجانيد والنفوس وما له علاقة بالحياة اليومية في ألنظام ألتربوي لتمرير مايراد تزويره من وثائق وشهادات مع اخفاء قطع اثرية لا تقدر بثمن ، وهي ملك للانسانية بأجمعها وليس للعراق وحده وتم كل هذا تحت أعين سلطة الاحتلال مما قاد بالبعض الى القاء اللوم عليها مباشرة وتحميلها المسؤولية فيما حصل سواء بمشاركتها اوتهاونها وعدم تمكنها من حفظ الامن والنظام ان تداعيات الاحتلال للحياة الفكرية والاحوال الاكاديمية هو الجانب الاخر الذي لم يلق الاعلام عليه كثيراً من الأضواء ، حيث ظل هذا الاعلام مكتفيا بأنباء النهب والحرائق ، حيث تم احراق ونهب الدار الوطنية العراقية ومحفوظاتها ومكتبة وزارة الاوقاف والشؤون الدينية اثناء نوبة الفوضى المبرمجه والتي ساهمت بها مخابرات اجنبية وعربية وايران الحقد والكراهية مع الاضرار التي لحقت بتلك المكتبات ، ومراكز الابحاث والمؤسسات الخاصة بها مع تدمير مجموعات اخرى من تراث العراق الثقافي الغني في شكل أبنية تاريخية ومحفوظات موسيقية وفن حديث للخطر الفادح من اجل محو التراث الوطني وسلب العراق هويته

يتبع بالحلقة الثالثة






الاثنين ٢٨ شعبــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / حـزيران / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة