شبكة ذي قار
عـاجـل










في الحلقات السابقة اجد نفسي تمكنت من عرض مفهوم الدولة المستقلة ومراحل نشوئها والمقاربة مع الواقع العراقي في ضل نظامه الملكي والجمهوري وقبل ذلك اشرت الى واقع الدولة الناشئه في اوربا ومراحلها والانتقال من التفويض الكنسي الى التقيد الدستوري والقانوني الذي يلزم الحاكم والشعب في ممارسة الحقوق والواجبات وانطلاقا" من العنوان الذي اخترته ليكون مدخل دراسة تاريخ العراق الجديد وكما يحلى للسياسي الصدفه الذين صنعهم الغازي المحتل ودهاليز مخابراته تسميته ، أجد أن الواجب يلزم القول هناك تضخماً كبيرا لجهاز للدولة العراقية التي حدد وصفها واتجاهاتها قانون ادارة الدولة العراقية الذي شرعه الحاكم المدني لبغداد بريمر وعمل به ما يسمى بمجلس الحكم المؤقت وحكومات الاحتلال وقيد الدستور الذي يتباها به العملاء بل الوكلاء الرسميون للمخابرات الامبريا صهيونية صفوية على حساب المجتمع بالشكل الذي يجعل الأخير مخترقاً بالكامل من قبلها وعليه سأتناول أهم التحديات و المعوقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي أدت إلى عرقلة آليات بناء الدولة بشكل عصري وكما بشر به المعتوه بوش الابن عندما اعلن بدء الغزو والعدوان لان حجته كانت سلاح الدمار الشامل والنظام الدكتاتوري الشمولي ويمكن تحديد المعوقات السياسية ومعالمها من خلال {{ أزمة مشروع الدولة الناشئة على اعتاب التدمير الشامل لمؤسساتها ومن اهمها المعنية بامنها وسيادتها ، في الواقع ان بناء الدولة العراقية ما بعد الغزو تم من خلال مفاهيم النماذج الامريكية الاوروبية دون الرجوع الى التاريخ الغني للمجتمع العراقي فمنذ البداية تبني القيادة السياسية بعد الغزو والاحتلال تحت ضغط وقيادة القوى الاستعمارية الجديدة سياسات تؤكد على الكيانات السياسية المتنوعة لقتل الروح الوطنية والمواطنة الحقه في ادارة مؤسساتها ، ودون الاخذ بسياسة تحقيق الاندماج القومي بين مختلف الجماعات العرقية والثقافية التي كانت تسود في العراق والمشكلة للنسيج الوطني المتأخي المتحاب المشترك ، والتي لم تفلح هذه القيادات المسطنعة في خلق القواعد الثابتة التي تستند عليها أليات البناء الحديث ، والمقصود بها مشاركة الجماهير بشكل ديمقراطي في عملية البناء ،

من خلال تبنيها و منذ البداية سياسة القمع السياسي المتمثل بقانون الاجتثاث وما يسمى بالمسألة والعدالة والتهميش والاقصاء ومن خلال نزعة تسلطية مدنية كانت ام عسكرية ، والافتقار إلى الممارسة الديمقراطية بحيث تمكنت الاحزاب والتيارات والكتل السياسية إلى فرض سيطرتها على المجال السياسي بشكل كلي هادفة الى دعم مصالحها الخاصة وبهذا الشكل وبدلا من إقامة الوفاق الوطني أو السلطة الشرعية ، اصبح حكم كاتم الصوت والمفخخات والاعتقالات العشوائية قبل صندوق الانتخاب هو الاسلوب المعتاد في التعامل السياسي يضاف الى ذلك ارتباط هذا الاسلوب مع سياسة شراء الذمم والولاء بالمزايا والاكتساب اللامشروع ،

ومن خلال الاصوات الانتخابية المزورة تم للفئة الحاكمة مع غياب المشروعية القانونية التي يمكن التمتع بها من خلال عملية التصويت وفي البدء لابد من التمييز بين المجتمع الحضري والمجتمع الريفي فالمجتمع المدني وحسب رؤية لاري ديموند تلك الأعمال الجماعية للمواطنين في المجال العام والتي تتضمن مصالحهم ومشاعرهم وافكارهم وتبادل المعلومات وتحقيق المصالح الجماعية وتقديمها إلى السلطة لحث القائمين عليها بالأخذ بها ، فبالنسبة للمجتمع المدني هو حالة وسط بين المجال الخاص والدولة اما المجتمع الريفي أو العشائري فهو تلك الانتماءات الاجتماعية التي لا خيار للفرد فيها في اغلب حياته أي لا تحتاج إلى كيان الدولة او المؤسسات المدنية لدوامها او تجديدها ، ابتداً من العائلة وصولا إلى العشيرة وفي الواقع تم استخدام التعبيرين بمعنى واحد ، بسبب الخلط بين المجتمعين رغم ادراك الفرد في العراق وفي الدولة العربية والإسلامية عموما بانه ينتمي إلى المجتمعين في آن واحد ، ويتأثر ويتصرف حسب منظومتي القيم السائدتين فيهما ، وتبعا لمشاكل الفرد والجماعة وأولوياتهما ، ان طبيعة المجتمع العراقي لعبت دوراً في نشأة الدولة العراقية في بداية القرن الماضي وكما تناولت ذلك ، فاتصافه بالتعددية الاجتماعية وشدة التنوع من حيث انتماءات الافراد والجماعات للعصبيات القبلية والطائفية والعرقية ، تبعا للبيئة والاقليم والنظام العام ومستوى المعيشة الوضع الاقتصادي والتجارب التاريخية وقربها أو بعدها من دول الجواروخاصة التي تحكمها عقدة الزمن الغابر وانهيار امبراطوريتها بفعل الارادة والسيف العربيين حملت القيم السماوية الجديد الدين الاسلامي المحمدي النقي من كل الشوائب والبدع والفتاوى المعبره عن مداخل وافكار ونوايا من اعتنق الاسلام ليس وعيا" وادراكا" بل اضطرارا" ،

قد اثر كل ذلك ليس فقط على مستوى البناء السياسي للدولة العراقية ما بعد الغزو والاحتلال بسبب الاجواء التي وفرتها امريكا لمن توافق معها من حيث عقدة الانتقام من العراق قيادة وشعب وهنا اذكر بما قاله وزير الخارجية الامريكي الاسبق جيمس بيكر تهديدا" ووعيدا" عند لقائه بالرفيق فك الله اسره وشافاه طارق عزيز {{ سنعيدكم الى ما قبل الثوره الصناعيه }} ، وانما ايضا على مستوى التكوين الطبقي لكون ان هذه الانقسامات الاجتماعية أدت الى الانقسامات الطبقية في المجتمع فانعكس كل ذلك على واقع المجتمع المدني من زاوية حقيقة هذا المجتمع ويمكن افراز اهم ظواهر التي تميز هذا المجتمع {{الكثير من الامراض السياسية العراقية تعود إلى التركيبية الاجتماعية والى مفهوم هيمنة السلطة الابوية بالدرجة الاولى ليس على مستوى العائلة فحسب بل على المستوى السياسي ايضا حيث يتجلى ذلك من خلال أساليب التنشئة الاجتماعية والسياسية في مختلف مؤسسات التربية والعمل والدولة التي تذهب الى احلال فكرة سلطة الدولة في محل سلطة الاب بمعنى ان سلطة السياسية تستمد جذور افكارها من خلال سلطة الاب التي ستكون هنا السلطة السياسية كبديل يحل محل سلطة الاب لتشابة مواقفهم فلكون ان اتسام سلطة الاب بصفة التسلطية واحيانا" التعسفيه فان سلطة الدولة هي الاخرة تسلطية تعسفية وهنا تكمن جذور سلطوية المركز السياسية في كل العهود التي سادت كنتيجة لهذه الوضعية فأن الأنظمة والمؤسسات والبنى والاتجاهات القيمية السائدة في المجتمع العراقي لم تشجع على اشراك الشعب في مختلف النشاطات الإنسانية وبالتالي في صنع القرار وعندما تمكن الهالكي من تسيس القضاء وجعله اداة بيده تمكن من تحجيم سلطة مجلس النواب التشريعية بقرار من المحكمة الاتحادية المتمثلة بالقاضي مدحت المحمود والتي صادرت حقوق الافراد والجماعات المدنية وعطلت مشاركة دورها في تحسين مستويات المعيشة من خلال السكوت على المخالفات القانونية التي ترتكبها اجهزة الدولة بحق الشعب العراقي ، فقادت هذه الوضعية الى جعل الافراد والجماعات كمجموعات عاجزة ومغلوبة على امرها مرهق بمهمات تأمين حاجاتها اليومية المتعلقة بقوتها وامنها والخدمات ومنشغلة عن قضاياها الكبرى المتعلقة بشؤون المجتمع السياسية كنتيجة لهذا الاغتراب الذي لا يعني فقط اغتراب الافراد والجماعات ،

بل ايضا اغتراب المجتمع العراقي اجمعه ضمن واقع عمل من اجل اقامته الغازي المحتل وحلفائه وادواته ، فهناك ثلاثة أمور تأثرت بشكل مباشر من جراء الطائفية السياسية والتحلل في هيكلية الدولة { عدم سيطرة المجتمع العراقي على موارده ومصيره ، و تداعي المجتمع العراقي من الداخل حتى ليبدو وكأنه فقد محوره وتصميمه ، فلم يعد يمتلك ارادة وغاية وخطة لتجاوز أوضاعه ، وهيمنة السلطة باحزابها الطائفية والمؤسسات الملحقة بها على المجتمع العراقي ، بدلا من سيطرته عليها اضافة الى تعقيدات التصفيات والاقصاءات الطائفية الداخلية ، وما يرافقها من تدخلات اقليمية لجعل العراق على هذا الاغتراب ، عندما اصبح المجتمع امتدادا لدول الجوار أو ساحة لمواجهة سياسية مع الدول الأخرى - أن التداخل بين العامل الداخلي المتمثل بهيمنة السلطة والعامل الاقيمي والدولي المتمثل بصراعات الاقليات ، قاد بدوره الى زيادة درجة الوصاية الطائفية والقومية من قبل رجالات الطوائف المختلفة والقوميات ، مما ادى الى شل مؤسسات المجتمع المدني العراقي ان وجدت ، بسبب تفضيل ولقسم منها الاسترزاق في تعاملها مع السلطة وقسم الثاني فضل العمل الاستخباري الاقليمي لصالح دول الجوار كالاحزاب والتيارات والحركات التي تدعي موالاتها لال البيت عليهم السلام حيث يعتبرون مواطىء القدم الايراني المتقدم في الداخل العراقي ويقابلها الحزب الاسلامي الذي يرى في النظام التركي المتطلع لانبعاث الامبراطورية العثمانية وخاصة اردوغان الذي يعتبر نفسه وحزبه الوريث الشرعي العثماني ، مما قاد في النهاية الى عجز كل هذه الاطراف في خوض عملية بناء المجتمع السياسي العراقي ودولته

يتبع بالحلقة الثامنة






الاثنين ٢١ شعبــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / حـزيران / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة