شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد قرابة 146 شهرا من الاعتقال المصحوب بالتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الظالمة ارتفعت روح المناضل طارق عزيز الى بارئها راضية مرضية تقدم للإنسانية نموذجا اخر على قوة تحمل الروح المؤمنة بعقيدة تتفاعل فيها مبادئ وضعية مع مبادئ السماء, كتلك التي حملها المناضل الانساني نيلسون مانديلا مثلا مع يقيننا بفارق قسوة ووحشية الممارسات والظروف التي واجهها طارق عزيز من قبل جلاديه وليس سجانيه.

الخيارات مفتوحة أمام طارق عزيز كما فتحها الجلاد الامريكي والايراني أمام كل رفاق طارق فكان أمامهم أن يتنازلوا عن مبادئهم وشرف انتماءهم للوطن وللامة العربية المجيدة وحقوقهما الثابتة التي نذروا انفسهم من أجلها فيربح الاحتلال وأعوانه الخونة واحدة من أهم جولات الصراع التي ستنجم عن تنازل الرجال عن عقيدتهم فتعصف بتجربتهم الوطنية والقومية المجيدة العظيمة رياح واعاصير وزلزال تنزل الفناء بالفكر القومي التحرري الثوري وتضعه في زوايا الادانة الابدية والخذلان والهزيمة التي ستزيحه نهائيا من دوائر واحتمالات معركة الامة والوطن القائمة الان وتلك التي يمكن ان تتصاعد ممكناتها مع بقاء هذا التيار القومي التحرري.

البعث حزب تربية وفكر ومبادئ وممارسات وقد انغمس مناضلوه تماما مع هذه التكوينات الحية للبعث لذلك لم يسقط أي منهم في مطب التفريط بمواقف الرجولة وشرف تمثيل المبادئ وصاروا نماذج جديدة تمثلت ثبات الأنبياء والرسل وخلفاء محمد بن عبد الله عليه وعليهم أفضل الصلوات والتسليم وتمثلوا ثبات نيلسون مانديلا وعمر المختار وغيرهم من رموز الانسانية المتوحدين مع العقيدة.

التنازل عن المبادئ والخنوع لإرادة الجلادين من قبل رفاق البعث وثورة تموز 1968 م لن يهزم العقيدة والمبادئ ويسقطها في وحل لن تنهض منه ابدا فقط بل سيدين تجربة البعث ودولته الوطنية ويخطئها ويجرمها بأخطر الادوات: تنازل رجالها وماجداتها. سيكون دليلا على انعدام الصلة بين القول بثبات الانسان حد الشهادة من أجل العقيدة وشرف الموقف وبين انهزام الرجال لا سمح الله. لذلك كان العالم كله يقف مشدوها أمام ثبات صدام حسين القائد الفذ ورفاقه في المحكمة وفي كواليس المساومات خلف قضبان السجن والخيارات بين حياة راغدة في دول اللجوء او الموت على أعواد المشانق وبفتك امراض الشيخوخة وتوقيف العناية الصحية والعلاج وبعذاب اختناق الروح غيضا تحت وطأة الظلم.

لا أعرف على وجه الدقة كم وسيطا دخل على طارق عزيز مرسلا من الفاتيكان وما دونها لكي يتنازل عن رفاقه وقيادته وحزبه ووطنه وطردهم. ولا أعرف على وجه الدقة عدد المرات التي فاوضه فيها الامريكان ليسلخ نفسه عن تاريخ الامة فأبى وسخر منهم. ولا أعرف كم الاموال التي عرضها نوري وعادل وأحمد عبيد الولي الفقيه المجوسي لكي يغروه ويوقعونه ليصير مادة للتندر على البعث ومبادئه وثبات وشجاعة أعضاءه فردهم الى جحورهم مخذولين يلوكون غيضهم وخذلانهم وحقدهم.

فما هي مصادر طاقة التحمل عند المفكر العربي الثائر الابي طارق عزيز الطاعن في السن ... المحجوب عنه العلاج والطبيب والغذاء المناسب لعمره وحالته الصحية... المنكوب بوطنه وحزبه. المفجوع بقائده ورفاقه... المعزول عن عائلته والعالم؟ كيف يتحمل عقله وجسده المعلول كل هذه الالام وجلاديه يغرونه كل ساعة بأن يخون ارتباطات عمره ليفوز بالدواء والعناية الصحية والمال واحضان الاهل وموائد الذل؟

طارق عزيز أقسم ليصون العرض والمبادئ وتراب الوطن واستقلاله وسيادته فانتمى لذاك القسم كما انتمى له صدام حسين وطه ياسين وعلي حسن المجيد وبرزان. والمؤكد ان أي مناضل شريف ثابت يستطيع ان يتكهن ويستنتج ان طارق العزيز كان يقارن بين حاله في السجن وبين حال عزة ابراهيم خارج السجن يواجه استهداف وعداء 40 دولة ومعها ربما ما يربو على اربعين الف قرد يبحث في زوايا العراق لينال جائزة اميركا في القبض عليه. اليقين انه كان يقارن ثباته تحت سياط الجلادين مع انفتاح صدور رفاقه خارج السجن للرصاص وغدر الغادرين وسوء الاحوال في كل ما له صلة بتدابير المقاومة التي نذروا لها انفسهم واحتياجات العيش في أبسط صورة.

طاقة التحمل في ظلمات المعتقل وخلف قضبانه الجائرة تقابلها طاقة التحمل يوم كان يحمل اسم العراق وصوت العراق ومناهج العراق وسياسات العراق في كل المحافل الدولية ويواجه القاصي والداني بذاك التمثيل البهي الشفاف المشع بأنوار العلم والمعرفة والدراية وقوة الشخصية المنبثقة من قوة الوطن واحقية قضاياه. وطاقة التحمل لطارق الأسير هي ذات الطاقة التي واجه بيها بيكر المجرم وذات الطاقة المشتقة من عقيدة البعث الرسالية الخالدة وهو يقدم أعظم منتجات الدبلوماسية العربية وتمدن الامة وفهمها العميق للتاريخ وللحاضر.

ولنا الفخر عراقيين عريا ثوار وحدويون أن يكون طارق عزيزا منا ونحن منه. ولنا الحق كل الحق أن نشيد ونعتز ونفتخر بطاقته العظيمة على التحمل وان نعيدها الى منابعها العراقية العروبية المؤمنة ولخبرتها الميدانية ابان حكم الثوار الاحرار للعراق في زمن الترف العراقي ,. زمن البناء والاعمار والعلاقات الدولية المفخرة والاعلام الصادق المؤمن بالرأي العام والمتخذ من هذا الراي العام غاية ووسيلة.

والعار والشنار للخونة والعملاء والسراق والفاسدين والمفسدين وتجار السحت وباعة الاعراض الذين استخدمهم الاحتلال لقتل الشرفاء غدرا وغيلة وذبح الوطن على موائد المقامرات النجسة.

وللعزيز طارق عزيز نقول :
وداعا يا مثابة الغيرة والمرؤة والشرف الرفيع. وداعا يا راية خفاقة في أرجاء الوطنية والعروبة. يا أسدا انحنت له القامات وجبلا استظلت به النوائب . وداعا يا ثابت الجنان ومخلص الايمان وشفاف النية ونزيه السريرة. في رعاية الله يا حافظ العهد وصادق الوعد يا راية عراقية خفاقة في مجالات الرجولة ومسارات العقيدة. الى رحمة الله ايها القائد المفكر الهمام المبدع والبقاء لله وللعراق يا شهيد الوطن والامة والمبادئ ولا قرت عيون الاراذل الاوباش شعوبيو العصر أوغاد الخيانة وسليلي الرذائل.






الاثنين ٢١ شعبــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / حـزيران / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة