شبكة ذي قار
عـاجـل










الكاتبين الالماني اوبنهيمر والفرنسي شارب بيران يشيران ان الدولة نشأت عن طريق القوة والعنف لكون الدولة كانت في مراحلها الأولى عبارة عن نظام اجتماعي معين فرضه شخص أو فريق على بقية أفراد الجماعة مستخدمين القوة والإكراه للوصول إلى الغاية ولا شك أن للقوة والحروب أثراً كبيراً في نشأة الدولة وتكوينها ، ولا زال هذا الأثر باقياً حتى الآن ، فكثير من الدول والحكومات في وقتنا الحاضر نشأت وتقوم نتيجة لاستخدام القوة والالتجاء للحروب ومع ذلك لا يمكن الاعتماد في ظل هذا المفهوم وحده لتستمر أصل الدولة وكيفية نشوئها ،

إذا ليس جميع الدول توجد عن طريق القوة ، إذ أيد التاريخ غلبة عنصر القوة على عنصر الرضاء والاتفاق فيما يتعلق بنشأة الدولة ، إلا أنه يندر أن تكون القوة وحدها هي المنشأة للدولة وخير دليل على ذلك هو مراحل بناء الدولة العراقية وتأسيسها في ظل الانتداب البريطاني ولغاية الغزو وإحتلال في ظل حلف جمع الكفر ، اذا يمكن اختصار القول بان قيام أي دولة لابد لها من نظام يحدد الواقع الذي سـتعمل فيه مؤسساته ، التي ستضمن استمرارية ودعم وجود الدولة والتي بدونها سيتعرض المجتمع السياسي الى مواجهة خطر الاندثار ، وهنا السؤال ما هو المقصود بالنظام السياسي ؟ ،

يقصد بالنظام السياسي { مجموعة التفاعلات والأدوار المتداخلة و المتشابكة ، التي تتعلق بالتخصيص السلطوي للحكم أي توزيع الأشياء ذات القيمة وبموجب قرارات سياسية ملزمة للجميع ، وتتضمن الإرغام المادي المشروع في سبيل تحقيق تكامل وتكييف المجتمع على الصعيدين ، الداخلي والخارجي } وهنا لابد من الاشارة الى ان النظام السياسي يختلف عن الحكومة التي هي جزء منه والمتمثلة بالمؤسسات والدوائر السياسية أو الوكالات مثل الأحزاب السياسية ومجموعات المصالح ، والبرلمان ، والهيئات التشريعية والتنفيذية ، و النظام السياسي يتميز بالتفاعل المستمر بين وحداته ومؤسساته , التي يصدرها السلوك الاجتماعي ككل من جهة ودراسة التفاعل الدولي من جهة أخرى ، والاعتماد المتبادل على أن ما يحدث في أحد أجزاء النظام ليكون له تأثير مناظر في الأجزاء الأخرى للنظام ، والتكيف والاستمرار إلى مزيد من الاستقرار وتقليل فرص الصراع والعنف والمطالبة بالتكيف الإيجابي ، والاستجابة للقيم الجديدة والتحديات على أن كل نظام يتجه للحفاظ على ذاته ، فلابد من التحول نحو مفهوم الأدوار والأبنية وبمعنى آخر هو التحول بالتفاعلات بين النظام السياسي وغيره من الأنظمة بالتركيز على مفهومين ألاول الأدوار - وهي وحدات متفاعله تشكل وتحدد مشاركة القطاع المنظم للتوجه الفاعل في العملية الفاعلة، أي أنها تمثله بوحدات النظام السياسي الذي يتضمن المناصب الرسمية وغير الرسمية والهيئات الناخبة والشعب بالطريقة التي تؤثر كل منها في النظام السياسي فمثلاً الأفراد الذين يتخذون أدواراً في النظام السياسي يتخذون أدواراً في النظم الاجتماعية الأخرى كالمؤسسات الدينية والجمعيات التطوعية وهم كأفراد يتعرضون للاتصال السياسي والتصويب والمظاهرات، وهكذا يتحولون في أدوارهم من أدوار غير سياسية إلى أدوار سياسية - والثاني الثقافة السياسية وهي - توجهات الحركة السياسية وأن كل نظام سياسي بجسد نموذجاً معيناً للتوجهات إزاء الحركة السياسية ، وأن الثقافة السياسية تمتد عبر حدود النظم السياسية ،

وليست هي الثقافة العامة على ما بينهما من ترابط بل لها نوع من الاستقلال والتميز - ، تتخذ وتنفذ القرارات المحددة للسياسة. وللقوة السياسية وجهان رئيسان هما:السلطة والنفوذ لذا فإنها تستلزم أن يكون لها بناءان داخل أية منظمة أو مجتمع سياسي ، الأول يقوم على القوانين والأنظمة التي تنظم العمل داخل المنظمة أو الجماعة السياسية، والثاني يقوم على التفاعل بين الأشخاص العاملين في المنظمة أو أعضاء الجماعة السياسة وأن توزيع القوة داخل المجتمع السياسي ، هو الذي يحدد كيفية حل الصراعات ، وما إذا كان القرار فعالاً وصائباً من قبل جميع الأطراف من هنا لا بد من التمييز بين الأجهزة الرسـمية وغير الرسمية لهذه القوى ، حيث يمثل السلطات الثلاثة - التشريعية والتنفيذية والقضائية - ، والأجهزة الحكومية أجهزة القوة التقليدية الرسمية ، وأن طاعتها مدعومة بالعقوبات التي تشكل جزءاً هاماً من القوى السياسية مجتمعة لتجعل القوانين والسياسات والقرارات هي التي تمثل القيم في المجتمع ، في حين يمثل المنظمات والهيئات الدولية الأجهزة غير الرسمية من خلال التأثير على أصحاب القرار السياسي لذا فإن مفهوم القوة أو السلطة وصنع القرارات أو السياسات ذو أهمية في تحليل الحياة السياسية ، وأن المجتمع الذي يضم أبنية وعمليات يتم فيه تحديد المراكز الاجتماعية والأدوار التي يضطلع بها أعضاء هذا المجتمع ،

وتوفير إمكانية تحقيق منافع أو مكافآت أو قيم لا تكون متاحة للآخرين ، إذ يلاحظ أن المراكز والأدوار الاقتصادية توفر لأصحابها قيماً ومنافع اقتصادية في عمليات الانتاج والتبادل أما المؤسسات التعليمية والدينية وغيرها فهي تساعد على توزيع القيم ومزايا ومنافع أخرى ، ويستخدم مفهوم التكامل السياسي للإشارة إلى نمط من التفاعلات ينشأ بين مجموعة عناصر تحلل أسباب التقارب ، فتصير نواة لبناء واحد أو كيان مشترك تغليباً لأوجه التشابه على غيرها المعتبرة كواحدة من الخصائص التي تتعلق بتحديد النظام ومكوناته والعلاقات بين هذه المكونات وللتكامل وجوه متعددة منها الثقافي لغرض توافق المعايير الثقافية السائدة ، والقيمي في التجانس بين المبادئ المعلنة والسلوك المتبع ، والاتصالي لغرض تطويق شبكة الاتصالات للنظام القائم والوظيفي وغرضه التركيز على الاعتماد المتبادل ،

أما التكامل القومي فالغرض منه إبراز الدولة ككيان يستقطب ولاءات الأفراد ويجذبها عن جماعات بعضها ضمن حدود الدولة ، بعضها يتخطاها ، في حين أن التكامل الإقليمي يتغلغل إلى سلطة الدولة وإلى مختلف أنحائها والبعض يختزنها في التكامل القومي والقيمي ومن هذا نستنتج أهمية المركز السياسي في تكوين الدولة ، فهو يتضمن كافة عناصر النظام السياسي لتلك الدولة من عملية اتخاذ القرارات السياسية الاجتماعية ، والى سياسة التوظيف للوظائف السياسية من خلال ما تحدده الثقافة السياسية ، فهو يتمتع بالسلطة والنفوذ ويقع على عاتقه القيام بالتكامل السياسي والقومي والقيمي للنظام بفضل قوته الاقتصادية أو بفضل تملكها لايديولوجية معينة ، للوقوف على العديد من العوامل الأساسية المعرقلة لهذه العملية ، في أغلبية مجتمعات عالم الجنوب وخاصة مجتمعنا العربي والتي يمكن حصرها بما يلي {{ ضعف المركز السياسي للدولة الى درجة غيابها ، وذلك بسبب خصوصية تكوينها الاجتماعي والثقافي من جهة ، والدور الذي شكلته صراعات القوى الدولية والإقليمية في العالم الغربي من جهة أخرى ، فالمجموعات النخبوية التي تواجدت داخل المجتمع أما أنها كانت مندمجة مع الإدارة الاستعمارية وتعمل في إطار خدمتها ،

أو كانت منفصلة عن هذه الإدارة ، ولكن بقيت تعمل داخل الإطار الديني لإحدى القوتين وهذا بدوره أثر على تطور قواها السياسية بشكل لم يسمح لها العمل على إفراز نفسها كقوة قادرة على تجميع الطاقات في إطار تكوين المركز السياسي على غرار ما حدث في العالم الغربي ، أوضعف المؤسسات وعدم قدرتها على فرض سيطرتها بشكل فعال على كل أجزاء المجتمع ، لا انقسامه بين مجموعات قبيلة وعنصرية مختلفة ومتصارعة مع تواجد شعور اللامبالاة تجاه سلطة المركز، مما أوقعت المركز في وضعية حرجة كسلوك سياسي تعني عدم الثقة بسلطة المركز، فغيابها يعني افتقاد المركز للشرعية أو أنه لم يفلح بضمانها بشكل دائم، ويعود سبب ذلك إلى أن أي ممارسة للقوة في بيئة الانقسامات تثير لدى العناصر المكونة للمجتمع رد فعل مباشر، إذا ما شعرت بأن هناك إضراراً بوجودها في استمرارية حاكميه المركز كما هو عليه فيتحول شعور اللامبالاة إلى شعور تمردي فتتعمق أواصر الانقسام وتتوسع في النهاية وتنعكس أثارها على فعالية المركز في التحرك ، وإن ارتباط وجود المركز السياسي بوجود قاعدة اقتصادية يستند عليها ، لم تتحقق أيضاً بالشكل الذي تم حدوثه في المجتمعات الأوروبية ، لأن غياب الأسس الطبقية بالمعنى الحرفي لها هو وراء ضعف التكوين الطبقي للمركز فالطبقات التي يقال أنها وجدت في عالم الجنوب لم تشكل فعلاً طبقة بمساهمة المركز السياسي في بناء ودعم الدوله ، وفشل آليات التغيير و التعامل السياسي في المجتمع العربي عموماً و المجتمع العراقي تحديداً و تأثيراتها على ســير عمل الديمقراطية و التي تعود الى عوامل متعددة لاانجاز هذا التغير في بناء دولة }}

يتبع بالحلقة السادسة






السبت ١٩ شعبــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / حـزيران / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة